التصنيفات
أخبار رئيسي 1 سوريا

إسقاط نظام الأسد.. حقبة جديدة في تاريخ سوريا

– أعلنت المعارضة السورية المسلحة في بيان على التلفزيون الرسمي يوم الأحد أنها أطاحت بالرئيس بشار الأسد منهية حكم أسرته الذي دام نحو 50 عاما في تقدم خاطف أثار مخاوف من موجة اضطرابات جديدة في الشرق الأوسط الذي تعصف به الحروب.

وورد في البيان “تم بحمد لله تحرير مدينة دمشق وإسقاط الطاغية بشار الأسد”. وأضافت أنه تم إطلاق سراح جميع المعتقلين.

وقال ضابط سوري اطلع على أحدث التطورات لرويترز إن قيادة الجيش أبلغت الضباط بأن حكم الرئيس بشار الأسد انتهى.

لكن الجيش السوري قال في وقت لاحق إن قواته تواصل عملياتها العسكرية ضد “تجمعات الإرهاب” في أرياف حماة وحمص ودرعا.

وورد في بيان الجيش “جيشنا يواصل تنفيذ عملياته النوعية “ضد تجمعات الإرهاب بوتائر عالية على اتجاه أرياف حماة وحمص وريف درعا الشمالي… تشدد القيادة العامة على أهمية الوعي لحجم المخطط المرسوم ضد وطنا الحبيب”.

وفي وقت سابق، قال ضابطان كبيران في الجيش السوري لرويترز إن الأسد غادر دمشق على متن طائرة إلى وجهة غير معلومة يوم الأحد، فيما أعلنت قوات المعارضة دخولها العاصمة دون وجود أي مؤشر على انتشار الجيش. وسحق الأسد كل أشكال المعارضة في البلاد وقت حكمه.

وقالت قوات المعارضة “نزف إلى الشعب السوري نبأ تحرير أسرانا وفك قيودهم، وإعلان نهاية حقبة الظلم في سجن صيدنايا”. وصيدنايا سجن عسكري كبير على مشارف دمشق حيث كانت الحكومة السورية تحتجز الآلاف.

وذكر شهود أن الآلاف من السوريين في سيارات وعلى الأقدام تجمعوا في ساحة رئيسية في دمشق وهتفوا للحرية، بعد سقوط حكم أسرة الأسد الذي استمر نحو خمسين عاما.

والانهيار المفاجئ لحكم الأسد لحظة مزلزلة للشرق الأوسط إذ ينتهي بذلك حكم الأسرة التي أحكمت قبضة حديدية على سوريا مما وجه ضربة أيضا لروسيا وإيران بخسارة حليف أساسي في قلب المنطقة وفاقم الغموض الذي يكتنف الأوضاع في الشرق الأوسط وسط استمرار الحرب في قطاع غزة.

وفاجأت وتيرة الأحداث المتسارعة في سوريا العواصم العربية وأثارت مخاوف من موجة جديدة من الاضطرابات في المنطقة.

كما تشكل نقطة تحول لسوريا التي مزقتها الحرب الدائرة منذ 13 عاما وحولت مدنا لركام وقتلت مئات الآلاف وأجبرت الملايين على النزوح واللجوء.

وستكون هناك مهمة أساسية وهي إعادة الاستقرار للمناطق الغربية من سوريا التي سيطرت عليها قوات المعارضة. أما الحكومات الغربية، التي عزلت الدولة تحت قيادة الأسد لسنوات طويلة، فعليها أن تقرر كيفية التعامل مع إدارة جديدة يبدو أن هيئة تحرير الشام، المصنفة جماعة إرهابية، سيكون لها نفوذ فيها.

وارتبطت هيئة تحرير الشام في السابق، التي قادت تقدم قوات المعارضة في أنحاء غرب سوريا، بتنظيم القاعدة وكانت تعرف باسم جبهة النصرة إلى حين أن قرر زعيمها أبو محمد الجولاني قطع العلاقات مع التنظيم المتشدد في 2016.

وقال جوشوا لانديس الخبير في الشأن السوري ومدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما “السؤال الجاد هو إلى أي مدى سيكون هذا الانتقال (للسلطة) منظما وسلسا.. يبدو بوضوح أن الجولاني يتطلع بشدة إلى أن يكون انتقالا منظما”.

وأضاف أن الجولاني لا يرغب في إعادة الفوضى التي شاعت في العراق بعد أن أسقطت قوات تقودها الولايات المتحدة صدام حسين في 2003. وقال “سيكون عليهم إعادة الإعمار… سيريدون من أوروبا والولايات المتحدة رفع العقوبات”.

وهيئة تحرير الشام هي أقوى جماعة معارضة مسلحة في سوريا حاليا ويخشى بعض السوريين من أنها ستفرض حكما إسلاميا ديكتاتوريا أو تحرض على عمليات انتقامية.

وقال أحمد الشرع المعروف باسم أبو محمد الجولاني زعيم هيئة تحرير الشام يوم الأحد إنه “يُمنع منعا باتا الاقتراب من المؤسسات العامة، والتي ستظل تحت إشراف رئيس الوزراء السابق، حتى يتم تسليمها رسميا، كما يُمنع إطلاق الرصاص في الهواء”.

وحاول الجولاني طمأنة الأقليات بأنه لن يتدخل في شؤونهم والمجتمع الدولي بأنه يعارض هجمات المتشددين في الخارج. وفي حلب، التي سيطر عليها مقاتلو المعارضة قبل أسبوع، لم ترد تقارير عن أعمال انتقامية.

وقال ائتلاف المعارضة السورية يوم الأحد إنه سيواصل العمل من أجل “إتمام انتقال السلطة إلى هيئة حكم انتقالية ذات سلطات تنفيذية كاملة”.

وأضاف في بيان “انتقلت الثورة السورية العظيمة من مرحلة النضال لإسقاط نظام الأسد إلى مرحلة النضال من أجل بناء سوريا بناء سويا يليق بتضحيات شعبها”.

وتعتبر دول مثل الإمارات ومصر، وهما حليفتان للولايات المتحدة، أن الجماعات الإسلامية المتشددة تشكل تهديدا وجوديا وهو ما يعني أن هيئة تحرير الشام قد تواجه مقاومة من قوى في المنطقة.

وقال أنور قرقاش المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات يوم الأحد إن سوريا ليست في مأمن بعد ولا يزال وجود التطرف والإرهاب يشكل مصدرا أساسيا للقلق وأضاف أنه لا يعلم إن كان بشار الأسد في الإمارات أم لا.

وأدلى قرقاش بتلك التصريحات للصحفيين على هامش منتدى حوار المنامة الأمني في البحرين. وقال قرقاش إن الأسد لم يستغل ما وصفه بشريان حياة قدمته له العديد من الدول العربية من قبل ومن بينها الإمارات.

وقال قرقاش إنه لا ينبغي السماح للجهات غير الحكومية باستغلال الفراغ السياسي في سوريا. وأضاف في أول تعليقات رسمية من الإمارات بشأن الوضع السوري “الأحداث المتكشفة في سوريا هي أيضا مؤشر واضح على الفشل السياسي والطبيعة المدمرة للصراعات والفوضى”.

وأشارت بيانات من موقع فلايت رادار إن طائرة تابعة للخطوط الجوية السورية أقلعت من مطار دمشق في نفس الوقت الذي وردت فيه أنباء عن سيطرة مقاتلين من المعارضة على العاصمة.

وحلقت الطائرة في البداية باتجاه المنطقة الساحلية السورية وهي معقل للطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد لكنها بعد ذلك غيرت مسارها فجأة وحلقت في الاتجاه المعاكس لبضع دقائق قبل أن تختفي عن الخريطة.

ولم يتسن لرويترز التأكد بعد من هوية من كانوا على متن الطائرة.

وقال مصدران سوريان إن هناك احتمالية بأن يكون الأسد قد لقي حتفة في تحطم طائرة لأن الغموض يكتنف سبب تحويل الطائرة لمسارها بهذا الشكل المفاجئ قبل أن تختفي من على الخريطة وفقا لبيانات فلايت رادار.

وقال مصدر سوري “إذا اختفت من على الرادار فربما تم إغلاق جهاز إرسال الموقع لكنني أعتقد أن الاحتمالية الأكبر هو إسقاط الطائرة” دون أن يدلي بمزيد من التفاصيل.

كما أعلن زعيم تيار المعارضة السوري الرئيسي في الخارج هادي البحرة يوم الأحد أن دمشق أصبحت الآن “بدون بشار الأسد”.

وقال رئيس الوزراء محمد غازي الجلالي إنه مستعد لدعم استمرار تصريف شؤون الدولة وللتعاون مع أي قيادة يختارها الشعب السوري.

وأضاف في مقابلة مع قناة العربية يوم الأحد أن سوريا يجب أن تشهد انتخابات حرة للسماح للشعب باختيار قيادته.

لكن ذلك سيتطلب انتقالا سلسا في بلد يتسم فيه المشهد بالتعقيد وبتضارب المصالح بوجود جماعات إسلامية وجماعات لها صلات بالولايات المتحدة وأخرى بتركيا وغيرها بروسيا.

وأشار الجلالي إلى أن تواصلا جرى مع الجولاني لبحث إدارة الفترة الانتقالية الراهنة، وهو ما يمثل تطورا ملحوظا في الجهود الرامية إلى تشكيل المستقبل السياسي لسوريا.

وأكد الأردن يوم الأحد أهمية الحفاظ على أمن واستقرار سوريا ونقلت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية عن مصادر حكومية قولها “يجري العمل على تعزيز حالة الأمن والاستقرار في المنطقة”.

وقال البيت الأبيض إن الرئيس جو بايدن وفريقه يراقبون “الأحداث غير العادية في سوريا” وعلى اتصال مع الشركاء في المنطقة. وقال الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إن الولايات المتحدة لا ينبغي أن تتورط في الصراع.

واجتذبت الحرب الأهلية السورية التي اندلعت في 2011 كانتفاضة على حكم الأسد قوى أجنبية عظمى وتركت مساحة لجماعات متشددة للتخطيط لهجمات حول العالم وأرسلت الملايين من اللاجئين لدول الجوار.

وظلت جبهات الحرب الأهلية المعقدة في سوريا خاملة لسنوات. ثم تحرك المقاتلون، الذين كانوا متحالفين في وقت ما مع تنظيم القاعدة، على نحو خاطف وسريع ليشكلوا التحدي الأكبر للأسد، الذي صمد على مدى سنوات من الحرب المنهكة والعزلة الدولية بمساعدة روسيا وإيران وجماعة حزب الله اللبنانية.

لكن حلفاءه ركزوا على أزمات أخرى أضعفتهم، الأمر الذي ترك الأسد فجأة تحت رحمة معارضيه مع جيش لم يكن مستعدا للدفاع عنه.

ومن المرجح أن تحتفي إسرائيل، التي أضعفت بشدة جماعة حزب الله في لبنان وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) المدعومتين من إيران، بسقوط الأسد أحد حلفاء طهران الرئيسيين في المنطقة. لكن احتمالات أن تحكم سوريا جماعة متشددة سيثير مخاوف على الأرجح.

وقال الجيش الإسرائيلي يوم الأحد إنه نشر قوات في المنطقة العازلة الخاضعة لمراقبة الأمم المتحدة مع سوريا وفي عدد من النقاط المهمة بغرض الدفاع في ضوء الأحداث في سوريا.

وأفاد باراك رافيد المراسل بموقع والا الإخباري يوم الأحد بأن الإسرائيليين أبلغوا مقاتلي المعارضة السورية بعدم الاقتراب من الحدود وحذروا من أن إسرائيل سترد بالقوة إذا انتهكوا اتفاق فصل القوات.

وقبل ساعات من وصولها إلى دمشق، أعلنت قوات المعارضة السورية سيطرتها الكاملة على مدينة حمص المهمة في وقت مبكر يوم الأحد بعد يوم واحد فحسب من القتال.

وخرج الآلاف من سكان حمص إلى الشوارع بعد انسحاب الجيش من المدينة، ورقصوا وهتفوا “رحل الأسد، حمص حرة” و”تحيا سوريا ويسقط بشار الأسد”.

وأطلق مقاتلو المعارضة أعيرة نارية في الهواء للاحتفال، ومزق شبان صورا للرئيس السوري الذي انهارت سيطرته على البلاد مع الانسحاب الصادم للجيش على مدى أسبوع.

ومنح سقوط حمص مقاتلي المعارضة السيطرة على قلب سوريا الاستراتيجي ومفترق طرق رئيسي، مما أدى إلى فصل دمشق عن المنطقة الساحلية التي تعد معقل الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد حيث يوجد لحلفائه الروس قاعدة بحرية وأخرى جوية.

والاستيلاء على حمص هو أيضا رمز قوي لعودة قلبت الموازين لحركة المعارضة المسلحة في الصراع المستمر منذ 13 عاما. وشهدت مساحات شاسعة من حمص دمارا بسبب الحرب والحصار قبل سنوات.

ووصف الجولاني السيطرة على حمص بأنها لحظة تاريخية وحث المقاتلين على عدم التعرض بأذى لمن يلقون أسلحتهم.

وحرر مقاتلو المعارضة آلاف المعتقلين من سجن المدينة. وغادرت قوات الأمن على عجل بعد حرق وثائق لها.

وقال مظلوم عبدي زعيم قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد يوم الأحد على إكس “نعيش في سوريا لحظات تاريخية ونحن نشهد سقوط النظام الاستبدادي في دمشق. هذا التغيير فرصة لبناء سوريا جديدة قائمة على الديمقراطية والعدالة تضمن حقوق جميع السوريين”.

المصدر: swissinfo.ch

شارك هذه المقالة على المنصات التالية

Exit mobile version