في سياق الانتهاكات المستمرة والجرائم التي ترتكبها فصائل ما يُسمى بـ ”الجيش الوطني السوري” في عفرين، شهدت المنطقة مؤخراً تصاعداً في ممارسات الابتزاز والقمع ضد السكان الأصليين من الكرد، ما أدى إلى زيادة معاناة المدنيين في ظل تجاهل تام من قبل السلطات المعنية.

احتكار وابتزاز في بلدة “بعدينا”
خلال الأسبوع الماضي، قام المدعو “عبسي الحمد/عباس”، أحد قادة “اللواء 112″، بافتتاح محل لبيع الخضروات والفاكهة بالجملة في بلدة “بعدينا” التابعة لناحية راجو. في خطوة لفرض سيطرته على السوق المحلي، منع الحمد أصحاب المحلات في البلدة وقرية “دمليا” المجاورة من الذهاب إلى سوق الهال في راجو وعفرين، مجبراً إياهم على شراء المنتجات من محله حصراً، ما تسبب في تضييق الخناق على أصحاب المحلات المحليين.

ولم تقتصر ممارسات الابتزاز على احتكار السوق، فقد فرض “أسامة رحّال” الملقب بـ”أبو حسن أوباما”، نائب قائد “اللواء 112″، إتاوات جديدة على السكان الكرد في “بعدينا” و”دمليا”، بحجة جمع الأموال لصيانة الطرقات الإسفلتية. حيث تم فرض مبلغ 1000 ليرة تركية على كل صاحب محل أو آلية، ومن ثم فرض مبلغ إضافي قدره 500 ليرة تركية، ليصل إجمالي المبالغ التي تم جمعها في المرتين الأخيرتين إلى حوالي 600 ألف ليرة تركية، ما يعادل 18 ألف دولار أمريكي. وتجاوزت هذه المبالغ الكلفة الحقيقية للإصلاحات، بينما لم تُفرض أي مبالغ على المستوطنين العرب الذين يستخدمون نفس الطرقات.

استيلاء على المنازل في “بعدينا”
إلى جانب الابتزاز المالي، يواصل عناصر “اللواء 112” الاستيلاء على منازل في بلدة “بعدينا” منذ عام 2018، حيث يرفضون إخلاء هذه المنازل لأصحابها العائدين إلى ديارهم. من بين هؤلاء، “أحمد محمد إيبش” المعروف بـ”حجي”، و”عبد اللطيف بكر شقينو”، و”عزت رشكيلو”، الذين أُجبروا على الإقامة لدى أقربائهم بعد فشلهم في استعادة منازلهم.

تهديد بالخطف والتعذيب في قرى عفرين
وفي تطور خطير آخر، قام مئات المسلحين الملثمين التابعين لميليشيات “سليمان شاه” التركمانية بمداهمة القرى والبلدات الخاضعة لسيطرتهم في منطقة عفرين، حيث طرقوا أبواب المنازل وهددوا الأهالي بالسلاح، مطالبين بدفع جبايات جديدة تحت طائلة الخطف والتعذيب. تضمنت الجبايات مبالغ فدية كالتالي:

100 دولار أمريكي عن كل منزل.
200 دولار أمريكي عن كل صاحب محل أو بقالة.
300 دولار أمريكي عن كل صاحب بئر ماء.
1000 دولار أمريكي عن كل من يحفر بئر ماء جديد.
أعطى المسلحون الأهالي مهلة أسبوع لدفع هذه المبالغ، مهددين بفرض ضريبة مضاعفة في حال عدم الامتثال، ما أدى إلى حالة من الخوف والرعب بين المدنيين.

التجاوزات المستمرة منذ عام 2018
منذ سيطرة ميليشيات “سليمان شاه” على بلدة “شيح/شيخ الحديد” والبلدات والقرى المجاورة في عام 2018، ارتكبت هذه الميليشيات بقيادة “محمد حسين الجاسم” المعروف بـ”أبو عمشة”، العديد من الانتهاكات والجرائم ضد السكان الأكراد المحليين، من دون أي محاسبة أو عقاب. ورغم فرض عقوبات غربية على “أبو عمشة” وميليشياته، فإن هذه الجرائم استمرت تحت رعاية ودعم مباشر من المخابرات التركية.

حرائق مفتعلة في جبل هاوار
تشهد منطقة جبل هاوار، الواقعة في الجزء الجنوبي المحاذي لقرية آفرازه التابعة لناحية المعبطلي، حرائق مستمرة تهدد الغطاء النباتي المتبقي في المنطقة. ووفقًا لشهود عيان، يقوم أفراد مجهولون يومياً بإحراق ما تبقى من أشجار السنديان بهدف بيع الحطب أو استخدامه في صناعة الفحم. ورغم استمرار هذه الحرائق، لا توجد أي جهة تمنع هذه الممارسات، ما يثير تساؤلات حول دور السلطات المحلية في حماية البيئة والغابات.

يعاني سكان عفرين من انتهاكات ممنهجة وابتزاز مستمر من قبل ميليشيات “الجيش الوطني السوري” المدعومة من تركيا والتابعة للحكومة السورية المؤقتة والائتلاف، في ظل غياب أي تدخل دولي حقيقي لوقف هذه الممارسات. إن الوضع الراهن يتطلب تحركاً عاجلاً من المجتمع الدولي لحماية المدنيين ووضع حد لهذه الجرائم والانتهاكات التي تهدد حياة الكرد وبقية السوريين في المنطقة.

​المصدر: مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا

 

شارك هذه المقالة على المنصات التالية

تابعونا على غوغل نيوز
تابعونا على غوغل نيوز