تتواصل المحاولات بين ممثّلي الحكومة السورية وممثّلي «قسد» لإعادة إحياء المفاوضات على خطهما، وتجاوز الخلافات التي أدّت إلى تجميد تطبيق اتفاق العاشر من آذار، والموقّع بين الرئيس الانتقالي، أحمد الشرع، والقائد العام لـ»قسد»، مظلوم عبدي. وعليه، تسود توقّعات بانعقاد جلسات جديدة خلال الأسبوع الجاري، خصوصاً بعد التطورات الأخيرة، وأهمها قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، رفع العقوبات عن سوريا، وقرار حزب «العمال» الكردستاني حلّ نفسه.
وظهرت بوادر لإمكانية إحياء مسار الاتفاق، بعد تعطّل استمرّ شهراً، وأدّى إلى توقّف عملية تبادل الأسرى والمعتقلين في حيَّي الشيخ مقصود والأشرفية في مدينة حلب، وتأجيل دخول قوات «الأمن العام» إلى سد تشرين في ريف حلب الشمالي الشرقي، مقابل خطوتين ناجحتين تمثّلتا بوقف إطلاق النار في سد تشرين، وانتشار قوات «الأمن العام» إلى جانب «قسد» في الحييْن المذكوريْن. وسرّبت وسائل إعلام كردية معلومات عن لقاء جمع عبدي بممثّلين عن الحكومة في مدينة الحسكة، لبحث الأسباب التي أدّت إلى تجميد الاتفاق، والعمل على تجاوزها، وتحديد الخطوات المقبلة لتطبيقه.
وتختلف الحكومة و»قسد» على أولويات تطبيق الاتفاق، بين محاولة الأولى استعجال تسلّم آبار وحقول النفط والغاز وسجون ومخيمات تنظيم «داعش»، ومطالبة «قسد» بفتح طريق الـm4 والسماح بعودة أهالي عفرين في ريف حلب ورأس العين وتل أبيض في ريفَي الحسكة والرقة، مع إعادة ضخ المياه من محطة علوك، وتجديد النظر في صياغة «الإعلان الدستوري» بما يضمن اعتبار الطرف الكردي شريكاً وطنياً في حكم البلاد.
ويعتبر الأكراد أن الاتفاق يعني أن تُمثَّل «الإدارة الذاتية» في الأجسام الحكومية والإدارية والسياسية، إلى جانب بقية المكوّنات الأخرى، والتخلّي عن سياسة اللون الواحد والتي لا تزال الحكومة تتمسّك بها حتى في التعيينات الأخيرة، المتعلّقة بهيئتي «العدالة الانتقالية» و»المفقودين».
دمشق تحاول أن تتّبع مع «قسد» سياسة «العصا والجزرة»
ولعل تصريح وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، في كلمته في القمة العربية في بغداد، وكشفه عن صدور قرار قريب، بتشكيل لجنة لصياغة دستور سوري دائم، خلال الفترة القادمة، كل ذلك أعطى أملاً في إمكانية أن تثمر الضغوط الإقليمية على الحكومة، البدء في إشراك المكوّنات السياسية في إدارة البلاد، وذلك انطلاقاً من لجنة الدستور الدائم، والتي يمكن أن تكون مفتاحاً لإحياء المفاوضات مع «قسد» في الشرق، وحتى مع «الدروز» في الجنوب. ومع ذلك، لمّح الشيباني إلى أن «الحكومة السورية تتصدّى لأطراف انفصالية تحاول إشعال الفوضى والنزاعات الطائفية»، مشدّداً على أن «أي محاولة لاقتطاع أجزاء من الأراضي السورية مرفوضة تماماً من قبل الشعب السوري».
ومن الواضح أن دمشق تحاول أن تتّبع مع «قسد» سياسة «العصا والجزرة»، من خلال إظهار المرونة في بعض الملفات، والتلويح باستخدام القوة في حال إصرار الأكراد على بعض المطالب الأخرى، ومن بينها «الفيدرالية» أو «الإدارة الذاتية». وفي هذا السياق، تقول مصادر مطّلعة، لـ»الأخبار»، إن «قسد والإدارة الذاتية تنظران إلى قرار رفع العقوبات عن سوريا وإمكانية البدء بعلاقات دبلوماسية أميركية مع حكومتها، باعتبارهما خطوة في صالح الجميع»، مشيرة إلى «إمكانية أن تلعب واشنطن دور الوسيط في المفاوضات، والضامن لتطبيق مخرجاتها».
وترى المصادر أن «عودة السفارة الفرنسية إلى دمشق واحتمالية التمثيل الدبلوماسي الأميركي سيكونان من بين عوامل الضغط الإضافية على دمشق لتطبيق تعهّدها بإشراك كلّ مكوّنات البلاد في الحكم، والتخلّي عن الفكر الجهادي بالتدريج»، مضيفة أن «الفرصة للوصول إلى تفاهمات مهمة بين قسد والحكومة وتطبيق بنود اتفاق 10 آذار باتت أفضل بعد التطورات الأخيرة»، محذّرة «من دور إقليمي سلبي في المفاوضات، من شأنه أن يؤثّر عليها أو يعرقلها»، في إشارة إلى الموقف التركي.
المصدر: الأخبار اللبنانية
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd-online.com/?p=69169