جواد ملكشاهي
تعرض الشعب الكردي خلال القرن الماضي وحتى اليوم لجرائم وحشية من اعتقالات وإعدامات واستخدام الأسلحة الكيميائية والجرثومية المحرمة دولياً، بالإضافة إلى الحصار الاقتصادي، فضلاً عن استخدام سياسة الأرض المحروقة التي دمرت البنى التحتية في الريف والمدن، لا لذنب سوى أن هذا الشعب يريد العيش على أرض آبائه وأجداده ضمن نطاق كيان مستقل إلى جانب شعوب المنطقة.
أنظمة الدول التي تتقاسم أرض كردستان، والتي تختلف فيما بينها على كل صغيرة وكبيرة، متفقة من دون شروط على وأد التطلعات الكردية في نيل الحقوق المشروعة، ولم يتوانوا عن ارتكاب أبشع الجرائم لتحقيق هدفهم المشترك.
عندما نتصفح صفحات تاريخ العراق المعاصر، نستذكر أسماء قيادات سياسية وعسكرية وأمنية أجرمت بحق الشعب الكردي، حيث قتلوا النساء والأطفال، ودفنوا الآلاف من المدنيين العزل أحياء في مقابر جماعية، وأعدموا الشباب ودمروا مقومات الحياة الإنسانية في هذه البقعة الجغرافية من الشرق الأوسط.
جميع الأنظمة التي توالت على حكم العراق، رغم جرائمها البربرية الوحشية وقساوتها في مواجهة الشعب الكردي، نأت بنفسها عن استخدام جريمة التجويع واللجوء إلى قطع رواتب الموظفين وحرمان الأطفال من الحليب والمرضى من الدواء، وهي جرائم تترك آثاراً مدمرة على الأسرة الكردية والمجتمع الكردستاني بأكمله.
اليوم يعيد التاريخ نفسه ويكشف عن وجود نفس العقلية العنصرية الشوفينية والطائفية السابقة التي تحاول، وبشتى الوسائل، إبادة الشعب الكردي ومسخ هويته القومية، إرضاءً لنزوات غير إنسانية بعيدة عن جميع القيم والمبادئ.
وزارة المالية، وعلى رأسها الوزيرة طيف سامي، التي جاء بها نظام المحاصصة المقيت لتتربع على أعلى الهرم في الوزارة الغارقة في الفساد وتبديد ثروات البلاد، ما تزال تستخدم سياسة التجويع وقطع رواتب موظفي إقليم كردستان، رغم التزام حكومة إقليم كردستان بجميع قرارات المحكمة الاتحادية وما تم فرضه من شروط غير قانونية وغير دستورية على الإقليم، ضاربة بذلك جميع القوانين والأعراف والمبادئ الإنسانية عرض الحائط.
إنَّ التعامل الجائر وغير الإنساني لوزارة المالية مع مستحقات شعب كردستان وتجويع الملايين من الطبقات الفقيرة والمتوسطة من المجتمع الكردستاني، يدل على أحقاد دفينة تجاه الشعب الكردي، وإلا فما معنى استمرار تأخير صرف رواتب موظفي إقليم كردستان لشهرين متتاليين بحجج وذرائع واهية، رغم التزام حكومة الإقليم بجميع تعهداتها القانونية والدستورية وما فرضته عليها قرارات المحكمة الاتحادية.
ليعلم المقصرون أنَّ المنصب والكرسي لن يدوما، وأنهم مسؤولون أمام الله وسيحاسبون على دمعة كل طفل كردي يئن من الجوع والألم، وعلى آهات الأمهات اللاتي يعجزن عن توفير الحليب لأطفالهن الرضع، والمرضى وكبار السن العاجزين عن تأمين دوائهم، واليتامى من عوائل الشهداء الذين ينتظرون راتبهم الشهري البسيط لتأمين حاجياتهم اليومية. كما أنه مسؤولون عن كل ما يعانيه ذوو الاحتياجات الخاصة والأسرة الكردستانية بشكل عام من مشاكل اجتماعية ومعيشية، والله يمهل ولا يهمل، والأيام بيننا، وسنرى أن مصيرهم لن يكون أفضل من أزلام البعث، الذين رغم ارتكابهم أبشع الجرائم ضد الإنسانية ورغم أنهم عاثوا في الأرض فساداً، إلا أنهم لم يسمحوا لأنفسهم بقطع قوت المواطنين وتجويعهم.
المصدر: إيلاف
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=49173