الأربعاء, سبتمبر 11, 2024
القسم الثقافي

لمحة موجزة عن تاريخ الكورد قبل الاسلام ” 4″

ب. د. فرست مرعي

ثالثا : تاريخ الكرد فى العصر الساساني

كان الكرد قبل الفتح الاسلامى لبلادهم تابعين للامبراطورية الساسانية التى تنسب الى ساسان الذى كان سادنا لبيت النار الخاص بالالهة ( أناهيتا ) وهو جد اردشير الاول (224ـ 241م) قد اسس الدولة الساسانية الذى تمكن من قتل آخر ملك فرثى أرتبان(= أردوان) الخامس فى 28ابريل / نيسان224م، بعدها دخل العاصمة تيسفون (المدائن ) وتلقب ابتداء من هذا التاريخ بلقب (شاهنشاه) ملك الملوك.

وقد استغل سكان المقاطعات الكردية الفوضى التى سادت الدولة الفرثية فى اخريات ايامها فقاموا بحركات تمرد، في سنة 220م التى قادها الملك الكردي (مادك) .

وبعد ان استتب الامر للملك الساساني أردشير بن بابك قام باخماد حركات الميدين الجبلين (الكرد) وهزمهم فى معركة حامية، وقضى على تمرد ملك مادك واخضع المناطق الكردية للحكم الساسانى مرة اخرى .

وفي عهد الملك شابور الاول (241ـ272م) ثار الكرد مرة اخرى فى مناطق كوردوئين واستاطاعوا ان ينالوا استقلالهم بمساعدة سكان مناطق الجزيرة الغربية من ديارهم ، الا ان شابور اجتاح مناطقهم واستولى على نصيبين وحران ،واضطر بعد ذلك الى عقد اتفاقية سلام مع الامبراطور الرومانى فيليب العربى (244ـــــ249م)الذى تصدى له كان من شروطها ترك مقاطعات ارمنيا وكوردئين للساساني .

وفي عام 297هاجم الجيش الرومانى بقيادة كالريوس مناطق ارمينيا وكوردوئين حيث تصدى له الملك الفارسى نرسى (293 ـ302م)، وكانت نتيجة المعركة انتصار الجيش الرومانى وجرح الملك نرسى وأسر افراد عائلته، حيث اضطربسب ذلك الى عقد الصلح تاركا خمسا من ولاياته الغربية الواقعة على الساحل الايمن من نهر دجلة فهى مناطق كردية للرومان مع شروط قاسية اخرى مثل انشاء الرومان لدولة فى ارمينيا تضم الاقسام الشمالية من مناطق كوردوئين تحت حكم الملك مثيردات الثالث (298-330م)، وبذلك اصبحت المناطق الكردية تخضع لثلاث قوى اساسية تحيط بهم من كل الجوانب . وفى عام 338م هاجم الملك الساسانى شابور الثانى (309-379م) بلاد ارمينيا وكوردوئين وسيطر عليها دون مقاومة تذكر ، بحجة ان هذه البلاد قد اخذها الرومان من جده الامبراطور نرسى غصبا

وفي سنة 348م اشتبك الجيش الساسانى بقيادة شابور الثانى مع الجيش الرومانى بقيادة الامبراطور قسطنطنوس الثانى (337ـــ361م)على ابواب مدينة سنجار، مما ادى الى هزيمة الجيش الساسانى واسر ولى عهدهم؛ ولكن بتوالى وصول الامدادات التى حركها الامبراطور شابور انهزم الرومان وطلبوا اجراء المفاوضات، ولكن فشل محاولات الصلح استؤنف القتال بهجوم شنه الملك شابور على منطقة كوردوئين وحاصر قلعة آمد ( دياربكر) . وكان الامبرطور قسطنطنيوس قد حصن هذه القلعة تحصينا عظيما وانشأ فيها دار للصناعات الحربية ، وقد دام الحصار الساسانى لها 73يوما، لاقى فيها المدافعون الكثير من الاهوال والمشقات حتى ان احد افراد الحامية الرومانية- الضابط (اميانوس مركلينوس) وصف الدفاع المجيد الذى ابداه المدافعون والهجمات العنيفة التى شنها المقاتلون الفرس للسيطرة عليها وبالفعل سقطت عام 360، ثم استولى شابور بعد ذلك على منطقة بازبدة ( الجزيرة الكردية) التى عرفت فى العصر الاسلامى بجزيرة ابن عمر .

وفي عهد الملك بهرام الخامس (420ـ438م) اصبحت المنطقة الكردية مسرحا للاضطرابات وحركات العصيان التى لم يستطيع الساسانيون من اخمادها الا ان الملك قباد الاول (488ـ498م) (499ـ531م) اغار عليها عام 502م فى طريقه لمحاربة الروم البزنطين وتمكن من احتلال مدينة آمد التى قاومت الغزو لمدة ثلاثة اشهر حيث ابيحت للقتل والاسر لمدة ثلاث ايام ذهب ضحيتها الالاف من سكانها الكرد والجنود الرومان المرابطين فيها .

وقد ارسل الامبرطور الرومانى اناستاسيوس الاول (491ـــ518م) جيشا كبيرا لاستردادها حيث حاصرها حصارا شديدا كان من نتيجتها سقوط المدينة، وقد استمرت المناوشات بين الدولتين لغاية سنة 506م كان من اثرها ان نقل الساسانيون عام 502م سكان مدينة (تيكرا نوكرتا (ميافارقين الكردية) الواقعة على بعد 70 كم شرق مدينة آمد واسكنوهم فى اقليم خورستان(= عربستان).

وفي سنة 605م زحف الملك خسرو ابرويز(590ـ628م) على المناطق الكردية واستولى على مدينة آمد (= دياربكر) وواصل مسيرته فى بلاد الروم البيزنطيين حيث سيطرعلى مدن: الرها وانطاكية ودمشق وإيليا كابيتولينا(= بيت المقدس)، وبعث الساسانيون بالصليب المقدس الى تيسفون العاصمة. ولكن الامبرطور البيزنطى هرقل (610ـ641م) استطاع اخر الامر ان يوقف الهجوم الساسانى ويستعيد المبادرة بالسيطرة الكاملة على آسيا الصغرى، ثم التقدم نحو الشرق حيث دخل المناطق الكردية وارمينيا واذربيجان حيث تمكن من هزيمة الجيش الساسانى واستولى سنة 623م على معبد بيت نار(اذركُشناسب ) الواقع قرب مدينة شيز في إقليم أذربيجان وحرقه انتقاما على انتزاع الصليب المقدس من مدينة إيليا كابيتولينا (= بيت المقدس)، ثم واصل سيره عن طريق ( شنو – رواندوز) الى نينوى حيث اشتبك مع الجيش الساسانى فى معركة كبيرة كان من نتيجتها مقتل القائد الفارسى؛ مما ادى الى فرار خسرو أبرويز وسيطرة هرقل على قصره سنة 628م في مدينة (دستكرد- منطقة ديالى الحالية) الواقعة شمال شرق العاصمة (تيسفون) واستعد لحصار تيسفون العاصمة نفسها؛ لذلك خُلع خسرو الثاني عن العرش وقُتل على يد ابنه شيرويه (أو قباذ الثاني) الذي استعان بأحد القادة من الحرس الملكي للإستيلاء على العاصمة تيسفون واحتجاز والده في أحد المنازل. وأَمَرَ شيرويه قائد الجيش (أسباد) بتجهيزِ لائحة تحتوي على تُهم ضد والِدِه الشاه المخلوع ثم قام لاحقاً بإعدامِه؛ أدت هذه الحادثة إلى اندلاع حربٍ أهلية في الإمبراطورية الساسانية تسببتْ في ضياعِ جميعِ المكاسب الساسانية في الحرب ضد البيزنطيين.

وكانت منطقة شهرزور الكردية قد تعرضت جراء هذه المعارك الى تخريب ونهب واسعين واستمرت تحت السيطرة البيزنطية لغاية سنة 633م لان الامبراطور البيزنطي هرقل كان يتعقب الملك خسرو أبرويز (= كسرى الثاني) في هذه المنطقة وقد قضى شهر شباط سنة 628م فيها ولم يترك مدينة او قرية في هذه المنطقة إلا ودمرها، ثم توجه نحو منطقة اردلان في شرق كردستان .

وقد اضطربت الامور بعد خسرو – كسرى الثاني حتى كانت نهاية الساسانيين في عهد ملكهم يزدجرد الثالث الذي قتل على يد طحان فارسي في مدينة مرو في إقليم خراسان سنة651م.

المصدر: كردستان 24

الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين