هل لأحدكم اعتراض على “بارزانيتي”؟

كورد أونلاين |

هناك بعض الأخوة المتابعين يأخذون على كلامي وذلك عندما أطالب البارتي بتطهير صفوفه للعودة إلى نهج البارزاني الصحيح حيث في رأيهم -وهو صحيح لدرجة ما- بأن هؤلاء مدعي النهج لم يفعلوا ما فعلوا بالانبطاح لتركيا والإخوان، إلا بأوامر من أصحاب النهج في أربيل. طبعاً الرأي السابق وكما قلت هو صحيح لدرجة ما حيث مصالح البارزانيين مع تركيا جعلت من هؤلاء -وأقصد المجلس الوطني الكردي عموماً- ملحقاً وتابعاً للائتلاف، بالأحرى لتركيا ومشروعها السياسي في سوريا! وبالمناسبة الآبوجيين والجلاليين يتحملون قسط كبير من هذا المآل وانزياح البارزانيين تجاه تركيا وقد نبهت لذلك سابقاً في عدد من مقالاتي حيث قلت: لا تغلقوا كل المنافذ على أربيل، فمن جهة تم إغلاق أبواب إيران ومنافذها مع حلفائها في بغداد والحشد الشعبي وجماعة السليمانية ومن جهة أخرى أبواب الآبوجية في شنكال وروجآفا! فلم يبقى أمامهم من خيارات إلا تركيا!

طبعاً هذا ليس مبرراً للبارزانيين حيث كان أمامهم فرصة تاريخية للتوافق مع الاتحاد الوطني وعمل شراكة حقيقية ومن ثم الذهاب لبغداد كشريك في الحكومة الفيدرالية. وربما حينها ما كنا خسرنا ما خسرنا، لكن وللأسف وبدل تلك السياسة في الشراكة الحقيقية مع السليمانية، فإن الديمقراطي الكردستاني لعب على وتر الخلافات الداخلية في الاتحاد وجعله ينقسم على نفسه أكثر من مرة، وفي كل مرة كان يدعم القسم أو الطرف الذي أنشق عن الحزب الأم، وآخرها دعمهم ل”لاهور شيخ جنكي” في مواجهة بافل، صحيح إنني أفضل لاهور، لكن سياسة البارتي لا تعتمد على مقياس أفضلية أي طرف، بل يعتمد على إضعاف الاتحاد الوطني حتى يصبح هو صاحب القرار السياسي بالإقليم، مما دفع الاتحاديين إلى الحذر من البارزانيين، مع العلم أن الإقليم ومنذ اليوم الأول ذو إدارتين وكأنهما إقليمان ولكل منهما حكومته وآسايشه وحت بيشمركته وهي إدارات حزبية عائلية وللأسف.

نعم ورغم كل ما سبق، فإنني ما زلت أدعو إلى تنظيف صفوف البارتي ليعود الحزب لنهج البارزاني الصحيح، على الأقل كما أعرفه، أو كما تربيت عليه أدبياً وسياسياً حيث أعرف البارزانية وبمقولة بسيطة هو أن تعمل لصالح قضايا شعبك حتى وإن كنت ستقدم التنازلات الحزبية، كما فعلها السيد مسعود بارزاني حينما قبل ب”الفيفتي” والشراكة مناصفةً مع الاتحاد الوطني، بالرغم من أنه حقق نتائج انتخابية أعلى من الاتحاد، وكذلك حينما أصدر “قرار المسامحة والمصالحة” مع أولئك الذين كانوا جزء مما كانوا يسمون بالجحوش في زمن الطاغية صدام من عملاء ومرتزقة له حيث دون ذلك كان يمكن أن يمتد الانتقام والصراع الداخلي إلى يومنا هذا في كردستان.

ربما يأتي أحدهم ويقول لي؛ يا أخي أنت راح تزايد على البارزانيين وتصبح “ملكياً أكثر من الملك” أو بارزانياً أكثر من البارزانيين بحيث تقول بأن أصحابها في أربيل وبعظمة لسانك؛ بأنهم دفعوا بالمجلس للانبطاح لتركيا والاخوان لأجل مصالحهم في أربيل، وبالتالي لم يفكروا بالمصالح القومية الكردية، كما يزعمون، بينما حضرتك تقول؛ أن البارزانية تعني التضحية والوفاء للقضية ولكردستان؟! إن جوابي لهؤلاء الأخوة وببساطة هو التالي: نعم ربما للبارزانيين في أربيل مصالحهم التي تجعلهم يرضخون لسياسات تركيا -وهي بقناعتي ضد مفاهيم البارزانية على الأقل كما أفهم البارزانية وكما مارستها في حياتي- لكن أعلم بأن كل بارزاني حقيقي، بمن فيهم رفاقي السابقين في البارتي، ليس مع تلك السياسة التي تتبعها أربيل في قرارة نفسه أو في ضميره ووجدانه كفرد تربى على نهج البارزانية، ويتمنون لو تراجع أربيل سياساتها ويخرج عليهم السيد مسعود بارزاني ويعلن عن بدء الحوار مع مختلف الأحزاب الكردستانية، وبالأخص الجلاليين والآبوجيين، وذلك للتوافق على مشروع سياسي كردي توحد البيت الداخلي، بل والخروج من العباءة التركية مع مراعاة مصالح الإقليم طبعاً!

بعبارة مختصرة أقول بخصوص منهج البارزانية؛ إنني أعتبر نفسي أمثل في جزء من شخصيتي ذاك النهج وفق قراءتي ومفهومي له، فمن كان له اعتراض على “بارزانيتي” فليتفضل ويبدي رأيه على ما يكون الاعتراض، بالرغم إنني أعتبر ذلك -أي بارزانيتي- جزء أو أحد الأرومة التي شكلت شخصيتي، كوني لا أعتبر نفسي -حالياً على الأقل- تابعاً لأي طرف ومنهج سياسي، بل أحاول قدر الإمكان أن أمارس كينونتي الإنسانية، لكن بالتأكيد هذه الكينونة تشكلت من أرومة وينابيع ثقافية، سياسية ومجتمعية عدة ومنها جزء كبير تعود للبارزانية ولذلك أجدد وأسأل؛ هل لأحدكم اعتراض على بارزانيتي؟ طبعاً وبنفس الوقت أرى في باقي الأطراف والتشكيلات والأحزاب الكردية تلك البصمة السياسية وبأن بالأخير الجميع يخدم القضية، لكن لكل منهم منهجه السياسي وقراءاته النظرية الفلسفية حيث لا خيانات حزبية، بل هناك عملاء وخيانات لأشخاص؛ أي ليس من حزب سياسي خائن وإنما هناك بعض الأشخاص يقعون في الخيانة ولذلك نأمل أن يكف الجميع عن تخوين بعضهم البعض ومحاولة التلاقي والتوافق على الحدود الممكنة من المشتركات الوطنية الكردستانية.

​ 

بير رستم

شارك هذه المقالة على المنصات التالية