الثلاثاء, أبريل 16, 2024

آلدار خليل: اللاجئون، ضحايا آخرون لإرهاب الدولة التركية..

آراء

من بين مفرزات الحرب في سوريا الهروب الجماعي لآلاف من أبناء الشعب السوري هرباً من بطش النظام وكذلك القوى الإرهابية في كل من سوريا والعراق مع أنهم لم يريدوا شيئاً سوى الوصول إلى أماكن آمنة ليتجبنوا الموت على الأرصفة وفي الطرق العامة، بالرغم من التراجيديا التي تعيشها هذه الفئات المغلوبة على أمرها وبالرغم من الصعوبات التي تلاقيها بشكل يومي إلا أن شبح الإرهاب وآلة القتل لا تدع لهم جفن يهدأ، بل ويلاحقونهم حتى في مخيماتهم التي يفضل الأطفال فيها النوم بالرغم من تدني خدامتها على القتل أو الذبح على سيوف ليس لها الحق في أن تتواجد مع غمدها على التراب السوري.

لقد عملت روج آفا وبكل إمكاناتها على العمل ولاعتبارات إنسانية على تجهيز عدة مخيمات لعلها وبالرغم من الحرب الضروس عليها وحالات الحصار من أن تكون موضع أمان وراحة لأولئك الذين قطعوا المسافات بحثاً عن فرصة للبقاء على قيد الحياة، وما حدث في مخيم رجم صليبي في منطقة الهول على الحدود ما بين روج آفا والعراق وقيام المجموعات الإرهابية بالهجوم على المخيم وقتل وذبح الأطفال والنساء والشيوخ دون تفريق لهو عمل لا يمت للأخلاق بصلة، بالرغم من أن تبني وحماية أولئك اللاجئين هو من صلب مسؤولية ومهام عموم دول المنطقة والمنظمات الإنسانية، وهنا نلاحظ تقصيراً واضحاً بواجباتهم ومسؤوليتهم تجاه اللاجئين، والتقربات الموجودة تتنافى مع المعايير والقيم الإنسانية.

لقد خّلفت الحرب الآلاف من القتلى الذين لم يكن ذنبهم إلا البقاء في بيوتهم أو الهرب نحو مناطق أخرى لعلها تكون مناطق نجاة، والحرب القائمة على الإرهاب لاقتلاعه كونه يمثل خطراً يهدد عموم المجتمعات له ثمنه ونحن نعلم أنه لا يمكن الانتصار دون تضحيات، لكن إن كان الأبرياء والأطفال واللاجئون والفقراء هم الثمن فهذا لا يمكن أن يكون بوارد القبول، إذ لا يمكن أن يموت الفقراء هاربين من ويلات الحرب في مناطق أخرى شعروا بأنها ستكون موطئ قدم يحقق لهم راحتهم ويبعد عنهم شبح الموت، وفي روج آفا ونتيجة لعنجهية ومساندة الدولة التركية للمتطرفين والإرهابيين هناك اعتداءات يومية على مخيمات اللجوء فبعد مخيمات عفرين ومناطق الشهباء جرى الاعتداء على مخيم رجم الصليبي في تحدٍ واضح للأعراف والمواثيق الدولية وحقوق الإنسان وفي تجاوز واضح لمعايير وشروط الحرب.

إن هذه الاعتداءات والهجمات لم تحدث بالصدفة إنما هي مساعٍ تركية واضحة يريد أردوغان من خلالها إقناع العالم وخداعه بأن مناطق الشمال السوري تشهد صراعات دموية بالرغم من أنه يتحمل مسؤوليتها محاولاً الترويج بأنها لا تصلح لأن تكون مناطق آمنة للحظر الجوي ليستفيد من ذلك ويقوم بقصف المناطق التي يريدها على الخط الحدودي في إطار مساندة داعش وإنقاذ الإرهابيين من الهزيمة التي يتعرضون لها على يد قوات سوريا الديمقراطية، فهو يخشى تماماً من أن تكون روج آفا منطقة حظر جوي لأن في ذلك سيكون فناء التنظيمات الإرهابية والمرتزقة التابعين لها، وبالتالي يسعى لخلق القلاقل والتخريبات وزعزعة الاستقرار كي يوجه الأنظار عن تلك الضرورات التي لابد منها من أجل الحظر، فهو يريد ومن خلال تعاونه مع الإرهابيين على إقامة مناطق حظر في إدلب ومحيطها وبالتالي ضمان بقاء المجاميع التابعة لها وجعل منطقة إدلب كقاعدة نفوذ للدولة التركية، لذا لن يتوانى لحظة عن اللعب بعامل الأمان الذي تشهده مناطقنا، ومجزرة رجم الصليبي عمل لا يمكن وصفه بأنه صدفة بل هو اعتداء واضح وبشكل علني على عموم المعايير الإنسانية ورسالة إلى جميع المنظمات المسؤولة عن حجم تقصيرها، وجاء بأمر وتوجيهات من أردوغان.

ولمنع تكرار المأساة التي حدثت في رجم الصليبي لابد من الإحساس بالمسؤوليات والمهام الإنسانية والأخلاقية لعموم الدول المجاورة ولابد من أن يكون هناك تعاون عراقي لتأمين تلك النقاط الحدودية، كما أنه من الضروري أن يكون هناك استجابة دولية جدية للمطالب الشعبية من أجل حماية وتأمين اللاجئين وكذلك الوقوف ضد السياسات التركية وتكثيف الجهود من أجل إفشال المشروع المتطرف في المنطقة، الأمر الذي يحتاج أيضاً لجهود مضاعفة ومسؤولية ترتقي إلى حجم الآمال التي تُعلقها تلك النساء وأولئك الأطفال والشيوخ وعموم الشعب السوري على الجهات المسؤولة.
“روناهي”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *