التصنيفات
حقوق الإنسان رئيسي

منظمة حقوقية توثق الهجمات التركية على مصادر الطاقة في شمال شرق سوريا

وثقت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” في تقرير الهجمات التركية على مصادر الطاقة في شمال شرق سوريا عندما شن الجيش التركي بتاريخ 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2022، سلسلة هجمات عسكرية ضد العشرات من المواقع وأطلق على العملية اسم “المخلب-السيف” ونفّذت في مناطق داخل الأراضي السورية والعراقية.

وأسفر القصف التركي بواسطة طائرات حربية ومسيّرة، عن تدمير محطات ومخازن للنفط وخروج العديد من مصادر الطاقة في شمال شرق سوريا عن الخدمة، فضلاً عن مقتل وجرح عدد من المدنيين بينهم صحفي.

وقالت تركيا إن العملية جاءت رداً على هجوم “شارع تقسيم” الإرهابي، فيما نفت قوات سوريا الديمقراطية صلتها بالهجوم، وقالت في بيان مؤرخ في الـ20 من تشرين الثاني/نوفمبر أن “تركيا تُحضّر منذ فترة طويلة لشَنِّ هجومٍ واسعٍ على مناطق شمال وشرق سوريا، بالأخصِّ بعد أن اختلقت مؤامرة التفجير هي بنفسها في إسطنبول، واتَّخذتها ذريعةً لتُهدِّدَ بها مناطقنا…”. وقالت القوات أن الهجمات شملت مناطق “ديرك/المالكيّة والدِّرباسيّة وزركان/أبو راسين وكوباني/عين العرب وتل رفعت ومناطق الشَّهباء”.

هذا وقد أدانت 200 منظمة سوريّة، من بينهم “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” في بيان مشترك الهجمات العسكرية التركية، وطالبت المجتمع الدولي بالتدخل لوقفها، ودعت مجلس الأمن الدولي عقد اجتماع طارئ بخصوص الاعتداءات الأخيرة والضغط من أجل وقفها وحماية المدنيين والبنى التحتية إنفاذاً لأحكام القانون الدولي.

وخلال الساعات الأولى من العملية، قتل 11 مدنياً بينهم صحفي، وجرح ستة آخرون في استهداف محطة كهرباء بقرية “تقل بقل/كنانة” بريف المالكية/ديريك، حيث كانت قد تعرضت للقصف مرتين، قبل ذلك.

وكانت المديرة العامّة لليونسكو (Audrey Azoulay) قد أدانت مقتل الصحفي “عصام عبد الله” في غارة جوية شمال سوريا، ودعت إلى ضمانة حماية وسلامة الصحفيين من قبل السلطات المختصة. فيما أكّدت “هيومن رايتس وتش” بأنّ استهداف البنية التحتية الحيوية من قبل الجيش التركي وعرّض الحقوق الأساسية للخطر، وفاقمت الأزمة الإنسانية الكارثية القائمة والتي تؤثر على الأكراد، والعرب، والمجتمعات الأخرى في المنطقة.

 وتصاعد الهجوم بالطائرات الحربية والمسيرة والقصف المدفعي في اليوم الثالث والرابع من العملية، ما تسبب بحرمان مئات آلاف السكان من الطاقة وتضرر ملايين آخرين في عموم الجغرافية السورية، جراء خروج العديد من المنشآت الحيوية ومصادر النفط والغاز والكهرباء عن الخدمة، في أرياف محافظة الحسكة.

لغرض هذا التقرير التقت “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” مع ثمانية أشخاص منهم اثنين كانا شاهدي عيان على المجزرة التي وقعت في قصف محطة الكهرباء في قرية “تقل بقل” بريف المالكية، وخمسة آخرون شهدوا قصف عدد من المنشآت الحيوية بمنطقة القحطانية/تربسبيه، إضافة إلى عامل إغاثة في مخيم الهول الذي تعرّض هو الآخر لقصف تركي.

وبخلاف العمليات العسكرية التي أطلقتها تركيا في السنوات الماضية والتي أسفرت عن احتلال مناطق شمالي سوريا، أكتفت الحكومة السورية بالصمت إزاء إعلان أنقرة إطلاق عمليتها “المخلب-السيف”، واكتفت بالإعلان عن مقتل عدد من جنودها واصفة إياه بـ “الاعتداء”. وباستثناء خبر عن “خروج منشأة توليد كهرباء السويدية عن الخدمة بعد استهدافها من قبل طيران الاحتلال التركي”، تجاهلت وكالة سانا الحكومية الرسمية استهداف المحطات النفطية في أرياف الحسكة، فيما كرر الرئيس التركي بعيد إطلاق عملية المخلب-السيف، إمكانية حصول لقاء بينه وبين الرئيس السوري، بشار الأسد حتى قبل الانتخابات البرلمانية التركية القادمة في حزيران/يونيو 2023.

  1. قصف تركي يخلّف مجزرة بريف ديريك:

في حوالي الساعة الثالثة فجراً بتوقيت سوريا، يوم 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2022، استهدف الطيران الحربي التركي محطة الكهرباء الرابعة في قرية “تقل بقل” بريف ديريك/المالية، بثلاث غارات جوية على الأقل، فصل بين كل ضربة حوالي ساعة على الأقل، فيما تمّ قصف المكان لأربع مرات متتالة في الغارة الثالثة والأخيرة، وهو ما أسفر عن مقتل وجرح العديد من المدنيين الذي هرعوا إلى المكان لإسعاف الجرحى والمصابين.

التقت “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” يوم 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2022، في مدينة المالكية/ديريك بالرئيس المشترك للمجلس المحلي في المدينة، السيد “محمد عبد الرحيم عبدو”، والذي أفاد في شهادته بما يلي:

“جرى القصف على محطة الكهرباء في قرية “تقل بقل” أول مرة في حوالي الساعة الثانية عشرة وبضع دقائق من بعد منتصف ليلة 19 من تشرين الثاني/نوفمبر. حيث استهدف القصف المحطة الرابعة التي تعتبر مصدر للكهرباء لمجموعة قرى في منطقة “الكوجرات” بريف المالكية، ويقع بالقرب منها مضخة نفطية، وقد أسفر القصف عن سقوط شهيد من حراس المحطة وتدمير كامل للمحطة وتضرر المضخة النفطية. بعدها حاولت مجموعة من المدنيين الوصول إلى المكان لتفقد وجود جرحى، لكن ما أن وصلوا إلى هناك  في حوالي الواحدة بعد منتصف الليل، حتى قصفت الطائرة مرة أخرى، فاستشهد شخص وجرح آخر، بعدها قصدنا مع مجموعة من المدنيين برفقة سيارة إسعاف المكان لتفقد وجود جرحى وقراءة بيان لإدانة القصف التركي على منشأة خدمية متصلة بمصادر معيشة السكان، لكننا توقفنا في قرية بروج (البتراء/قره جوخ/كراتشوك) مدّة من الوقت إلى أن وصلت دورية أمريكية مكونة من 4 مدرعات، حيث كان صوت طائرات الاستطلاع مسموعاً بوضوح في الأجواء. لذا كنا حريصين على عدم الاقتراب من المكان خشية تعرضنا للاستهداف، إلا أنه وبعد وصول المدرعات الأمريكية قررنا التوجه إلى مكان القصف برفقتهم، متيقنين من أن الطائرات التركية لن تجرؤا على استهدافنا، إذا أنه من الطبيعي أن يهرع الناس لنجدة الجرحى في مثل هذه الحالات، كما أردنا أن نسمع صوتنا للعالم، فألقينا بياناً مع نحو عشرين مدنياً، ولم تمرّ ربع ساعة حتى قصفت الطائرة الحربية قريباً من تجمعناً، بعدها بدقائق ومع مغادرة المدرعات الأمريكية جرى القصف للمرة الثانية، وفي النتيجة قصفنا لأربع مرات بالصواريخ؛ وخلال القصف للمرة الأولى والثانية وقعت إصابات خفيفة بيننا، أما في المرة الثالثة والتي كان يفصل بينها وبين المرة الثانية فاصل زمني، حيث حاول المدنيون خلاله ركوب سياراتهم، استهدفت الطائرة فيها سيارة مدنية كانت تسير وراء المدرعات الأمريكية، ما أسفر عن استشهاد 7 مدنيين في السيارة و اثنين آخرين بالقرب منها.”

وختم “عبدو” في شهادته لـ”سوريون” بما يلي:

“استهدف الطيران الحربي الموقع على ثلاث دفعات في تلك الليلة، وفي النتيجة وقع 11 شهيداً وخمسة جرحى، كانوا جميعهم مدنيين، من بينهم الصحفي عصام عبدالله، وصاحب السيارة نذير جويل 65 عاماً المعروف في المنطقة كمربي ماشية، وقد استغربنا من أن القصف جرى أمام قوات التحالف الدولي، كما كان مستغرباً استخدام كمية كبيرة من الذخيرة في قصفنا حيث أنها كانت تتسبب بحفر عميقة في الأرض، وتدمير في الموقع ما أسفر عن قطع الكهرباء عن ما لا يقل عن 15 قرية، وكان من الواضح أن تركيا تستخدم الطريقة الروسية في استهداف البنية التحتية الأوكرانية التي تتصل بالناحية المعيشية للسكان.”

وحول ذات الحادثة قالت شيرين فرحو (46 عاماً) من سكان مدينة المالكية-ديرك في شهادتها لـ”سوريون” ما يلي:

 “توجهت رفقة هدية عبدالله والصحفي عصام عبدالله (مراسل وكالة هاوار ANHA) بسيارة الشاب حسين خلتو إلى موقع القصف بقرية “تقل بقل”، وفي الطريق التقينا بدورية أمريكية كانت تقصد الموقع ذاته، وكنا قد سمعنا بوقوع جرحى واحتمال وجود حاجة للتبرع بالدم، وقد وجدنا مجموعة من المدنيين غالبيتهم من الآباء والأمهات وكبار السن ممن أرادوا الوصول إلى المكان للاطمئنان على ذويهم، وهناك كان صوت الطائرات الحربية مسموعاً، حينما نزل مترجم الدورية الأمريكية للحديث معنا، إلا أنه وبعد دقائق من الوقوف معنا حذرنا بشكل مفاجئ، بعد وروده اتصال من جهة ما عبر جهازه اللوحي، من أن الطيران التركي سيقوم باستهدافنا وطلب، باللغة الكردية، أن نتفرق على الفور، وقد سبق ذلك سطوع وميض من السماء من جهة الطائرة، ولا ندري إن كانت تلك إشارة للدورية الأمريكية للمغادرة أم لا، وبعدها بلحظات استهدفت الطائرة مكانا قريباً من تجمعناً، ومن ثم تتالى قصف الطيران علينا مع مغادرة الدورية الأمريكية، حتى أن سيارة كانت تقل مدنيين تعود للمدني (أبو جويل) الذي يعمل مربياً للماشية وكان قد قصد المنطقة للاطمئنان على أبنه الذي يعمل حارساً في تلك المنطقة، حيث تعرضت سيارته للقصف بعد تحركها نحو 100 متر من الموقع، فقتل كل من فيها مع مدنيين اثنين كانا على مقربة منها، بينما أصيب آخر إصابة بالغة.”

وزودت المصادر “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” بصورة ملتقطة من الخلف لسيارة قالت إنها السيارة التي قصفت، حيث يظهر في صندوقها جثث متفحمة، كما تظهر على جسم السيارة ثقوب تشبه آثار قصف قريب، وفي مقطع مصور لذات السيارة لضحايا ذلك القصف، بدت النار مشتعلة في الجثث بصندوق السيارة، كما لا تزال النار مشتعلة في كبينها الأمامي، فيما تناثرت الأشلاء مع جثة متضررة بشكل كبير بالقرب منها.

  وختمت السيدة شهادتها بالقول:

“الاستهداف كان متعمداً من قبل الطيران الحربي  بصواريخ خلفت تدميراً كبيراً، وقد نجوت بأعجوبة مع عدد قليل من المدنيين من القصف بعدما تفرقنا في المنطقة المحيطة ولجأت بعدها إلى عائلة من قرية بروج (كراتشوك) المجاورة حيث قضيت ليلتي هناك.”

لقراءة التقرير كاملاً وبصيغة ملف PDF اضغط هنا. (22 صفحة).

أو على الرابط التالي:

شمال-شرق-سوريا_اعتداءات-تركية-غير-مسبوقة-على-مصادر-الطاقة

شارك هذه المقالة على المنصات التالية

Exit mobile version