الجمعة, نوفمبر 22, 2024

وطن للجميع

بقلم د. محمود المسلط

‏السوريون دائما يولدون مرتين؛ مرة في الحياة ومرة في المِحن لأنهم أصحاب حضارات وتاريخ وثقافات متعددة.

في التاريخ المعاصر حدثت حروب وأحداث جسام، أحد أبعاد التاريخ الرئيسية هي محاولة فهم الحاضر عبر الماضي وإن التاريخ الحقيقي لا يظهر إلا بعد زوال صاحبه، فماذا سوف يكتب التاريخ عن وطن بحجم سوريا.

في غياب التفاهمات الدولية وانسداد الأفق أمام الحلول المتعلقة بسوريا تتفاقم مشاكل السوريين يوما بعد يوم ويصبح الحوار السوري السوري ضرورة قصوى لا بديل عنه أمام السوريين بكافة مكوناتهم وانتماءاتهم ومعتقداتهم .

الحقيقة لا نملك أي خيارات أخرى سوى الحوار. الحوار هو السبيل الوحيد لترميم الجروح ووقف نزيف الوطن وبناء الوعي والسلم المجتمعي، الحوار هو فرصة حقيقية وليس تنازل .

الحوار هو قوة وحكمة وليس انكسار. أكثر ما يسمعه المرء حول الملف السوري، هو مؤتمرات السوريين التي عُقدت خارج سوريا أو يجري التحضير لها ولكن هذه اللقاءات تعكس رغبةً عند جميع السوريين على أن يجلسوا مع بعضهم في مؤتمر وطني شامل يُناقش فيه الحالة السورية ووضع تصورات وحلول للأزمة السورية .

وهذه مبادرات مبررة ومشروعة وضرورة لا بدّ عنها على طريق أي حل للأزمة السورية.

أي مؤتمر وطني يجمع السوريين؛ معارضة وموالاة من الداخل والخارج هذا بحد ذاته خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح تحيي الأمل في نفوس السوريين الذين فقدوا الأمل بأي حلول ومبادرات.

جلوس السوريون على طاولة الحوار هو قوة ومصلحة وطنية، وإن التنازلات والمكاسب يجب أن تكون لسوريا الوطن وخطوه حقيقية نحو مستقبل واحد بعيداً عن المصالح الضيقة والشخصية.

الجميع يبحث عن وطن ديمقراطي بمفهوم الديمقراطية التي غابت عن سمائنا سنين وسنين ودفعنا أثماناً باهظة لأجلها . الديمقراطية التي نؤمن بها هي فعل جماعي عميق لمفهوم التشاركية.

لا يمكن أن نبني ديمقراطيةً منطلقة من مفهوم الأنا بحجة عدم قدرة الجماعة على وعي ومفهوم الديمقراطية .

الحرية هي الرغبة بأن نكون مسؤولين عن أنفسنا وتصرفاتنا وخياراتنا، وهي الحق في أن نجد لأنفسنا بدائل اختيارات ضمن الحدود والمفاهيم المشروعة.

فالحرية تعيش في كرامة كل فرد فينا ‏ضمن حدود ومسؤولية واحترام لحقوق الآخرين.

الجميع يبحث عن وطن موحّد أرضاً وشعباً بعيداً عن التدخّلات الخارجية ويحافظ على حقوق جميع المكونات وينبذ العنف بكافة مستوياته وأشكاله، وطنٌ يسوده القانون من خلال دستور يخطّه السوريون بأيديهم .

‏في العصر الحديث تقدمت وسائل ‏الاتصال وتقاربت الثقافات مما أدى إلى صراعات بسبب الاختلافات الثقافية والاجتماعية، لذا يتعين علينا كسوريين تعزيز الحوار والتسامح واحترام حقوق الإنسان لضمان تحقيق الحرية في وطن عانى الكثير من الانتهاكات.

إن هذا الوطن هو حكاية شعب والزمن خير معلم والتاريخ يقص الحكايات للأجيال قادمة .

فما هي حكايتنا التي طال سردها وعصي حلّها وأصبح السوريون ‏في غربة الوطن، والجسد حكاية العالم وملفٌّ ثقيل ضاع بين الأدراج.

بعد ذلك العنوان الكبير الذي كان مليئاً بالحضارات والثقافات والإبداع والتميز، ذلك العنوان هو قصة وطن يحلم به السوريون .

تعالوا لنكتب صفحة جديدة عنوانها وطنٌ للجميع.

د. محمود دحام عبد العزيز المسلط
الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية

شارك هذه المقالة على المنصات التالية