للأسف كنا بنظام ديكتاتوري مستبد متمثلًا في حكم النظام الأسدي البعثي؛ أي ديكتاتور استخدم أيديولوجية قوموية بعثية كغطاء سياسي لحكمه الفردي البغيض ولكن على أساس أن هناك تيار قومي أيديولوجي يدير البلاد، بالرغم أن واقع الأمر كأن نظامًا مافيوياً أمنيًا لرجالات يدورون في أفلاك حول نواة المركز والمتمثلة بشخصية الديكتاتور؛ الأسد بالاستعانة، كما قلنا بمافيات المال ورجال الأعمال وعسسه من رجالات الأمن مع نكهة طائفية لدرجة ما حيث كان لحرف القاف دلالاتها السيادية في الخطاب اللفظي حتى على مستوى الخطاب الشعبي حيث يعطي لصاحبه القوة والنفوذ على الآخرين
وهكذا استمر بنا الحال لعقود ليتفجر ما سمي بالربيع العربي وصولاً لسوريا وخروج المظاهرات مطالبة بالحرية والكرامة وبعدها باسقاط النظام؛ نظام الاستبداد المافيوي، لكن سيتم حرق ذاك الربيع سريعًا وذلك بعد استيلاء الاخوان والجماعات الاسلامية الراديكالية على ذاك الحراك الجماهيري محولةً إلى خريف اخواني اسلاموي راديكالي بعد أن ركبوا الموجة وقادوها لاتجاهات بعيدة عن مطالب السوريين وبموافقة من العديد من الجماعات والشخصيات المحسوبة على التيارات الماركسية واليسارية وحتى الكثير من العلمانيين والديمقراطيين وصولًا لم نحن عليه اليوم من سلطات أمر واقع ولكل منه أيديولوجيته ورؤيته السياسية وكانتوناته الخاصة به حيث على المواطن أن يكون وفق مقاساتهم البروكروستية.
طبعاً قد تختلف المساطر والاستبداد من منطقة لأخرى بحسب اختلاف تلك الجماعات والأيديولوجيات، لكن بالأخير لا نظام اداري سياسي ديمقراطي وفق المفاهيم المدنية الحديثة للديموقراطية بحيث الجميع بدرجة ما يفتقرن لتلك الآلية الديمقراطية لإدارة هذه المناطق، طبعاً قد ينحاز أحدنا لهذه الجهة أو تلك وفق الانتماء العقائدي الأيديولوجي أو العرقي الأثني والمذهبي الديني “الطائفي”، لكن بالأخير وكما قلنا؛ لا نظام أو بالأحرى “سلطة أمر واقع” ديمقراطية بالمعنى العلمي والسياسي للديموقراطية، بل مجموعات أيديولوجية راديكالية من أقصى اليمين الديني المتطرف “هيئة تحرير الشام في أدلب” إلى أقصى اليسار الماركسي “الديمقراطي” في مناطق الإدارة الذاتية، مرورًا بما تبقى من نظام متآكل متهالك تحت هيمنة روسية إيرانية مع ربيبته بما تسمى بمرتزقة جماعات المعارضة السورية تحت الهيمنة التركية ومشاريع الاخوان المسلمين مع أفضلية جماعة الإدارة الذاتية كرديًا وسورياً، مما جعلنا نؤيدها أكثر من الآخرين.
بما معناه؛ إننا كنا بنظام استبدادي واحد وها نحن اليوم وبعد أكثر من عقد من الزمن وخراب وتدمير البلد وتشريد أهلها، ناهيكم عن الضحايا والمغيبين والمعتقلين والخسائر المادية بمليارات الدولارات، فها إننا نستفيق على عدد من التنظيمات والإدارات الاستبدادية، يعني كنا بديكتاتور فبتنا بالعديد من المستبدين والديكتاتوريات.. طيب وفي ظل سلطات الأمر الواقع هذه مع استبدادتهم المتعددة بعدد ألوان أيديولوجياتهم، كيف لنا نحن السوريين أن ننتقل إلى نظام سياسي ديمقراطي وخاصةً في ظل غياب ثقافة ديمقراطية بالبلد والدور السلبي للدول المتدخلة في الشأن السوري؟!
بقناعتي الحل الوحيد هو قرار دولي باجبار الجميع الجلوس حول طاولة الحوار والمفاوضات وفرض نظام سياسي ديمقراطي فيدرالي لا مركزي مع دستور يتضمن مواد فوق دستورية تتعلق بحقوق مدنية وسياسية وقانونية للجميع بحيث يكون حقوق كل المكونات مضمونة في دستور البلاد القادم، أما دون ذلك كانتظار طرف يقضي على أطراف أخرى أو نضوج فكر ديمقراطي ليبرالي حر ومن ثم الذهاب لانتخابات برلمانية ودستورية فهي ليست إلا ضحك على الذقون وامداد في عمر الصراع الداخلي وفي أحسن الأحوال تقسيم سوريا لعدد من الكانتونات والدويلات تحت نفوذ دول عدة إقليمية وغيرها!
بير رستم
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=33984