الأحد, أكتوبر 6, 2024
حقوق الإنسانرئيسي

تآزر: رأس العين/سري كانيه وتل أبيض.. أربع سنوات من الاحتلال، وسجل حافل من الانتهاكات الحقوقية

مقدمة:

وثقت رابطة “تآزر” للضحايا، مقتل 59 مدني/ة، واعتقال ما لا يقل عن 592 آخرين، بينهم ستة أشخاص قضوا نتيجة التعذيب، في مناطق رأس العين/سري كانيه وتل أبيض، منذ احتلالها من قبل تركيا، في تشرين الأول/أكتوبر 2019، نتيجة الغزو العسكري الذي أطلقت عليه “أنقرة” اسم “نبع السلام”.

وبحسب “تآزر”، فقد شهدت مناطق رأس العين/سري كانيه وتل أبيض، خلال أربع سنوات، ما لا يقل عن 79 تفجيراً، راح ضحيتها 146 مدني على الأقل، بينهم نساء وأطفال، وأكثر من 300 جرحى، فضلاً عن نشوب 65 حالات اقتتال/اشتباك داخلي بين فصائل “الجيش الوطني السوري”، قُتل نتيجتها 5 مدنيين على الأقل، وجُرح أكثر من 36 آخرين.

تشير المعلومات والأدلة التي تحققت منها “تآزر”، إلى أنَّ تركيا تهدف إلى تغيير الهندسة الديموغرافية للمنطقة المحتلة، عبر تهجير عشرات الآلاف من سكانها الأصليين، وتوطين آخرين من مناطق سوريّة أخرى مكانهم، فضلاً عن اتباع سياسة التتريك كنهج رسمي في جميع مناطق نفوذها شمال سوريا.

تخضع مناطق رأس العين/سري كانيه وتل أبيض، لسيطرة القوات المسلحة التركية وفصائل من “الجيش الوطني السوري” المُعارض، إذ أنشأ الجيش التركي قواعد عسكرية ونقاط تفتيش لقواته، كما تزود الحكومة التركية قوات الشرطة المحلية في المنطقة المحتلة بالتدريب والدعم اللوجستي، وتنسّق معهم عن كثب على أعلى المستويات، بما في ذلك توجيه الأوامر التنفيذية للقادة رفيعي المستوى.[1]

تتعامل تركيا مع هذه المناطق كجزء من بلادها، حيث تُتبع منطقتيّ رأس العين/سري كانيه وتل أبيض، من الناحية الخدمية والإدارية إلى ولاية “شانلي أورفا” التركية، ويقدم “مركز الدعم والتنسيق”، وهو قسم تابع لمكتب والي “أورفا”، خدمات عامة، بما فيها المياه، وجمع القمامة، والنظافة، وخدمات الرعاية الصحية، والمساعدات الإنسانية.[2]

وعلى عكس الرواية التركية بأنَّ عمليتها العسكرية ستنشئ منطقة آمنة، فشلت تركيا في تحمّل مسؤولياتها إزاء المناطق التي تحتلها في شمال سوريا، حيث لم تتخذ أي إجراءات حقيقية لضمان الأمن والسلامة العامة، في حين ترتكب قواتها وقوات “الجيش الوطني السوري” المُعارض انتهاكات ضد المدنيين وتُميز على أُسس عرقية، ذلك في ظل غياب المساءلة واستمرار الإفلات من العقاب.

كل ما سبق، مع غياب المساءلة واستمرار الإفلات من العقاب، يجعل المناطق الخاضعة للاحتلال التركي غير آمنة البتّة، ولا تتوافق مع معايير العودة الطوعية التي حددتها الأمم المتحدة.

مناطق رأس العين/سري كانيه وتل أبيض حافلة بالانتهاكات الحقوقية:

تشهد مناطق رأس العين/سري كانيه وتل أبيض، التي تحتلها تركيا، منذ تشرين الأول/أكتوبر 2019، انتهاكات لحقوق الإنسان، لا حصر لها، من قبل القوات التركية وفصائل “الجيش الوطني السوري” التي تقودها وتدعمها “أنقرة”. تشمل الانتهاكات الموثقة، القتل، والاعتقال التعسفي والإخفاء القسري، وسوء المعاملة والتعذيب والنهب ومصادرة الممتلكات، إضافة إلى إجبار السكان الكُرد على ترك منازلهم، و عرقلة عودة السكان الأصليين، وممارسات التتريك والتغيير الديمغرافي.

اعتمدت الرابطة في توثيقاتها التي جمعتها في قاعدة البيانات الخاصة بها على شبكة باحثيها/باحثاتها الميدانيين/ات، والمعلومات التي حصلت عليها من الضحايا والناجين/ات وعائلاتهم/ن وشهود عيان، فضلاً عن التحقق من معلومات المصادر المتاحة للعموم (المصادر المفتوحة).

قابلت “تآزر” مئات الضحايا والناجين/ات المدنيين/ات، ووثقت قصصهم/ن وشهاداتهم/ن، إذ ندرك حجم مسؤوليتنا تجاه الضحايا، وتُركز استراتيجيتنا على تجارب ووجهات نظر وأولويات الضحايا والناجين/ات وعائلاتهم/ن، كجزء أساسي من عملنا اليومي، إلى جانب البحث عن وجهات نظر متعددة لتطوير فهم معمق وتحليلي للأحداث، والالتزام بأعلى درجات الدقة والنزاهة.

وتُنوّه “تآزر” إلى الانتهاكات التي ترتكبها تركيا وفصائل “الجيش الوطني السوري” في مناطق رأس العين/سري كانيه وتل أبيض هي أكثر بكثير مما يتسنَ لنا توثيقها والتحقق منها، إذ نؤكد أنّ حجم الانتهاكات الفعلية أكبر من الأرقام الواردة في هذه الإحصائية.

 

القتل والاعتقال التعسفي:

منذ احتلال مناطق رأس العين/سري كانيه وتل أبيض في تشرين الأول/أكتوبر 2019، وطوال أربع سنوات، وثقت “تآزر” مقتل 59 مدني/ة، بينهم خمسة نساء، واعتقال 592 آخرين، بينهم 73 امرأة و53 طفل/ة، من قبل القوات التركية وجماعات “الجيش الوطني السوري” التي تدعمها.

وبحسب توثيقات “تآزر” فأن 163 شخصاً من المحتجزين/ات تمَّ اخفائهم/ن قسراً، حيث لا تزال عائلاتهم/ن لا تعلم شيئاً حول مصيرهم/ن، في حين تعرض 492 شخصاً للتعذيب في مراكز الاحتجاز التي تديرها فصائل المُعارضة السورية في رأس العين/سري كانيه وتل أبيض، بينهم 6 معتقلين على الأقل قضوا تحت التعذيب.

وأكدت “تآزر” تورط تركيا في جريمة إخفاء مواطنين من شمال شرق سوريا، ونقلهم إلى داخل أراضيها، حيث تمَّ توثيق نقل ما لا يقل عن 92 محتجز/ة سوري/ة إلى داخل الأراضي التركية، خلال وعقب عملية “نبع السلام”. حُكم 55 شخصاً منهم/ن بأحكام تعسفية تتراوح بين السجن 13 عاماً وحتى السجن المؤبد.

التهجير القسري والاستيلاء على الممتلكات:

كنتيجة لاحتلال تركيا لمناطق رأس العين/سري كانيه وتل أبيض، لا يزال أكثر من 150 ألف شخص من السكان الأصليين لتلك المناطق نازحين ومهجرين قسرياً، في حين قامت تركيا وفصائل “الجيش الوطني السوري” التي تدعمها “أنقرة”، بتوطين أكثر من 2815 عائلة نازحة من مناطق سوريّة أخرى في منازل المُهجرين والنازحين قسرياً.

وتحققت “تآزر” من توطين 72 عائلة على الأقل، من نساء وأطفال مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية – داعش، معظمهم عراقيين، في منازل تمَّ الاستيلاء عليها ضمن رأس العين/سري كانيه وتل أبيض، كما وثقت الرابطة استيلاء القوات التركية والجيش الوطني السوري على أكثر من 5650 منزل سكني و1200 محل تجاري وصناعي، ونحو مليون دونم (100 ألف هكتار) من الأراضي الزراعية في مناطق رأس العين/سري كانيه وتل أبيض، فضلاً عن إفراغ 55 قرية من سكانها الأصليين.

 

فوضى السلاح وانعدام الأمان:

خلافاً للرواية التركية بأنّها ستُنشئ منطقة آمنة، فشلت تركيا في تحمّل مسؤولياتها إزاء المناطق التي تحتلها في شمال شرق سوريا، ولم تتخذ أي إجراءات حقيقية لضمان الأمن والسلامة العامة، كما غضت البصر عن حالات الاقتتال بين فصائل “الجيش الوطني السوري” التي تقودها وتدعمها، وعن تفشي ظاهرة انتشار السلاح واستخدامه بين المدنيين، ذلك في ظل غياب المساءلة واستمرار الإفلات من العقاب.

شهدت مناطق رأس العين/سري كانيه وتل أبيض، منذ 9 تشرين الأول/أكتوبر2019 وحتى 9 تشرين الأول/أكتوبر 2023، ما لا يقل عن 79 تفجيراً، راح ضحيتها 146 مدني/ة، بينهم نساء وأطفال وأكثر من 300 جريح/ة، و65 حالات اقتتال/اشتباك داخلي بين فصائل “الجيش الوطني السوري”، قُتل نتيجتها 5 مدنيين على الأقل، وجُرح أكثر من 36 آخرين.

[1] Turkey restores water supply network for 35 Syrian villages, DAILY SABAH, 30 Dec 2020.

[2] Turkey’s AFAD, Şanlıurfa governorate distribute aid in northern Syria, DAILY SABAH, 27 Nov 2020.

 

الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين

شارك هذه المقالة على المنصات التالية