تاريخ ووجود الكرد في حماة (1)

كورد أونلاين |

برادوست ميتاني

تقع مدينة حماة في القسم الممتد باتجاه الغرب من سوريا، نحو الشمال قليلاً وعلى نهر العاصي الشهير. اسمها الأصلي “إيماتا” هذا الاسم الذي تشترك فيه ثقافات تاريخ سوريا القديم، الذي هو قيد التأويل في الثقافات الحديثة وخاصة الكردية والسريانية.

تعرف مدينة حماة باسم مدينة (أبي الفداء) نسبة إلى الملك الأيوبي عماد الدين إسماعيل بن علي الملقب بأبي الفداء الذي حكمها من عام 710هـ – 1310م، حتى عام 732هـ (1331م) الذي كان ملكاً عليها حتى وفاته، حيث دفن في المسجد المعروف باسمه تحت قبة تقع في الطرف الشمالي من المسجد. (1)

  تاريخ الكرد في حماة

 ينتشر الكرد في جميع بقاع سوريا ويؤكد ذلك العديد من المؤرخين والباحثين منهم المستشرق الفرنسي “رينية دزود” في كتابه “طبوغرافيا تاريخ سوريا” الصادر سنة 1927م فيقول: كان سهل العمق ومنطقة إدلب وحارم وجسر الشغور وسهل الغاب وجبال الأكراد في اللاذقية وحماة وحمص حتى حلب ودمشق والرقة ودير الزور مأهولة بالكرد وتحت سيطرتهم وذلك قبل غزو الإسكندر المقدوني للمنطقة.

نعم والدليل على ما يقول هو أن الكرد حتى الآن مازالوا موجودين بكثرة في تلك المناطق وخاصة منطقة حماة التي هي موضوع بحثنا اليوم عن الوجود الكردي في سوريا.

يمتد تاريخ الوجود الكردي في حماه إلى ما قبل الميلاد، حيث عهد الخوريين (الهوريين) في الألف الثالث قبل الميلاد والميتانيين في الألف الثاني قبل الميلاد خاصة في ظل مملكة آلالاخ وأيضاً في فترات حكم الهيتيين.

يقول مؤرخ حمص الخوري عيسى أسعد الذي كتب تاريخ حمص 1940عن الميتانيين: أن بعض المستندات المأخوذة من أوائل الألف الثالث قبل الميلاد، دلت على وجود شعب قوي، كان في شمال الجزيرة ورث الحضارة السومرية وشاد حضارته على أنقاضها، وظهرت قوة هذا الشعب في الألف الثانية قبل الميلاد، إذ وجدت عدة أسماء مأخوذة من لغته الصعبة (2).

وفي أثناء الامبراطورية الساسانية كانت حمص وحماه تحت الحكم الساساني، والمعروف أن الساسانيين كانوا كردا. (3)

لم ينقطع الوجود الكردي في سوريا عبر التاريخ خاصة عندما  ظهروا باسمهم القومي في سوريا بصورة جلية أدق، في عهد الأيوبيين، ففي عام 570 هـ / 1175 م  دخلت البلاد في حوزة صلاح الدين الأيوبي وولى على حماة خاله شهاب الدين محمود بن تكش الحارمي، وفي عام 573 هـ / 1178م. سار الصليبيون بجموعهم إلى حماة وكان عاملها مريضا فشددوا عليها الحصار واجتمعوا حول السور حتى كادوا يفتحونها قهرا ولكن سكانها استطاعوا أن يخرجوا الصليبيين من المدينة ويبعدونهم عنها، فرحلوا إلى بلدة حارم (نلاحظ هنا أن اسم بلدة حارم مأخوذ من اسم خال صلاح الدين الأيوبي) ثم توفي عامل حماة شهاب الدين الحارمي فأرسل صلاح الدين إلى حماة ابن أخيه الملك المظفر تقي الدين عمر، وأمره بحفظ البلاد وقد استطاع أن يهزم قوات قليج أرسلان. ثم توفي الملك المظفر في رمضان عام 587 هـ / 1191 م. وتسلم الأمر فيها بعده ابنه الملك المنصور محمد وفي سنة 657 هـ / 1259م. دخل التتار بلاد المسلمين حيث وصل هولاكو بعساكره في العشر الأخير من ذي الحجة إلى حلب، وكان حاكمها توران شاه بن صلاح الدين، فخرج عسكر حلب لقتالهم ولكنهم انهزموا أمام التتار. (4)

يقول الأستاذ إبراهيم أحمد: يقول الباحث أحمد الصابوني (ملاحظة: الكنية لم ترد إلى أسماعنا من الفيديو بصورة دقيقة لذا ربما ثمة خطأ في كتابتها) أن وجود الكرد في حماة منذ قبل الميلاد، بينما السيد علي ممدوح الكردي وهو من كرد حماة يقول إن وجود الكرد ظهر في حماة أبان العهد الأيوبي إذ قدموا مع حملات صلاح الدين الأيوبي حيث منهم ملوك حماة الملك أبي الفداء الأيوبي والملك المظفر تقي الدين بن أيوب. (5)

إن البحث المحايد عن استمرار تاريخ الوجود الكردي في سوريا بما فيها مدينة حماة التي غلبها ويغلبها العنصر الكردي، في جميع الفترات المتلاحقة ومنها العثمانية، يظهر حقائق دامغة وموثوقة عن الدور القوي والكبير للكرد.

في بداية العهد العثماني، اعتماداً على دفاتر التحرير التي يرد فيها ذكر عام 1526، أن 62 منزلاً للكرد الشافعية، مسجلة في قرية آتلين بعرين. وبعرين تقع حالياً في مركز المثلث المكونة رؤوسه من كلٍ من حماه وحمص وطرطوس.

تذكر السجلات بأنه في عام 1551، كان عدد جماعة الكرد هو 69 أسرة، و16 عدد المجردين (مصطلح ضريبي عثماني، يطلق على الأسرة الفقيرة غير القادرة على دفع الضرائب، أو غير المالكة لأرض، أو على غير المتزوجين).

عندما ننظر إلى عام 1562 نرى أن هذا العدد قد ارتفع إلى 151 أسرة و34 مجردين. في عام 1594 زاد عددهم في بعرين إلى 227 أسرة و65 مجرد.

مع ذلك من الواضح أنه ليس بالإمكان تحديد عدد السكان الحقيقيين للكرد في حماه بالضبط، كون قسم من السجلات مفقود، وما هو مذكور هو المتوفر حصراً في السجلات. هذه الأرقام تعتبر كبيرة إذا ما قورنت بأعداد الجماعات الأخرى في سنجق حماه، فهي تفوق أعداد كل من التركمان (206 أسرة و18 مجردين) والعرب (179 أسرة و48 مجردين) في سنة 1594(6)

وهكذا تعزز الوجود الكردي في حماة ومنطقتها في الفترات التالية للعثمانيين حتى الوقت الحالي بسبب تنقل العشائر والعائلات والأشخاص الكردية لممارسة الدور السياسي والإداري والوظيفي والمعيشي، وذلك من مناطق سوريا عامة ومن كوباني وعفرين والجزيرة خاصة.

المراجع

1-ويكيبيديا -الموسوعة الحرة.

2-3ـ 4ـ بحث بعنوان موجز عن تاريخ الكرد في حماة وحمص في موقع ولاتي مة للباحث أ.علي شيخو برازي –الأربعاء 11 آب 2021م.

5- من هم كرد حماة ومتى سكنوها –برنامج زووم كرد من إعداد وتقديم فاروج حسين وتنسيق مروان الخليل -3-3-2019م  –فضائية أورينت –يوتيوب.

6- أ. لهنك إبراهيم وأ. فخري عبدو لمحةٌ عن كرد سنجق حماه، في بداية العهد العثماني-الموقع الرسمي لمنظمة الجيوستراتيجي من صفحة أ. إبراهيم كابان. المعلومات مستمدة من ورقة بحثية (باللغة التركية) للأستاذ في جامعة باطمان التركية، مهتاب ناصر أوغلو، بعنوان: الرّحل في سنجق حماه في القرن السادس عشر

​المصدر: صحيفة روناهي

 

شارك هذه المقالة على المنصات التالية