سابقاً ضحك علينا الأتراك باسم “أخوة الدين”، فلا تدعوهم يضحكوا علينا هذه المرة باسم “أخوة الشعوب”.
بير رستم
عدد من الوكالات ومنها الجزيرة-تركيا، نقلت عن “رئيس حزب الحركة القومية؛ دولت بهجلي”، تصريحاً جديداً بشأن المسألة الكردية وهو يقول: “إن الجمهورية التركية لا تعاني من مشكلة كردية ولن تعاني منها أبدا، المشكلة القائمة هي مشكلة الإرهاب الانفصالي، وهذه الخيانة سيتم استئصالها بالتأكيد، مشيرا إلى أن الفوضى عمت الدول المحيطة بتركيا”.
هذه هي حقيقة الموقف التركي، وليس فقط العنصري؛ بهجلي، وتنظيمه القومي الفاشي، بل الحكومة التركية التي تتشكل من تحالف الفاشيتين الدينية والقومية، وكذلك كل الحكومات التركية السابقة وبالأخص بعد تأسيس الدولة التركية الحديثة والعهد الكمالي، إن لم نقل بأنها حقيقة أغلب الأتراك وموقفهم من القضية الكردية. ولذلك عندما نقول: بأن عداء تركيا -والأتراك عموماً لنا- هو وجودي وليس حقوقي أو حدودي، وبأن القضية لا تتعلق بالصراع بين الحكومة التركية وطرف سياسي حزبي كردي؛ العمال الكردستاني، يأت من معرفتنا بمواقف هؤلاء من قضايا شعبنا حيث نكران وجود “مشكلة كردية” في تركيا، طبعاً مع رفض مصطلح قضية كردية وكذلك مصطلح كردستان.
بالمناسبة موقف بهجلي والقول؛ عدم وجود مشكلة كردية في تركيا، يذكرني بموقف شبيه حصل معي في يوم انعقاد المؤتمر التأسيسي للمجلس الوطني السوري بدمشق نهاية عام 2007م وذلك عندما ألتم عدد من الحاضرين حولي في فترة الإستراحة، وكان أغلبهم من جماعة حسن عبدالعظيم؛ الأمين العام للحزب الإشتراكي “الناصري”، وهم يستنكرون عليّ ما طرحته في مداخلتي حول القضية الكردية، بل وصل الأمر بأحدهم، وإن لم تخني الذاكرة فقد كان العضو القيادي؛ رجاء الناصر، وهو يردد على مسامعي والحاضرين قائلاً؛ بأن ليست هناك قضية كردية في سوريا، بل حتى مشكلة كردية، وإنما كل ما هنالك بعض الكرد اللاجئين الغير مجنسين وبتجنيسهم ينتهي كل شيء!!
ما نود قوله بالأخير؛ بأن العنصرية القومية تجاه الكرد لدى الأغلبية المطلقة لهذه الحكومات والدول الغاصبة لكردستان وسياسييها وقادتها وحتى أغلبية مثقفيها ونخبها الفكرية هي ثقافة متأصلة لديهم بحيث تمنعهم من تناول قضايا الشعوب الأخرى والمتعايشة معهم في الجوار الجغرافي دون فكر إلغائي وإستعلائي حيث قلما تجد مفكراً وسياسياً حراً يطالب بحق تلك المكونات العرقية الأخرى وفي المقدمة شعبنا الكردي حيث الجميع، بمن فيهم شعوبهم -ع الأقل الغالبية العظمى- على أن الكرد جاؤوا مهاجرين لبلدانهم مع أن التاريخ والجغرافيا واللقى التاريخية الأثرية وحتى المقابر والأهم الواقع على الأرض، يؤكد بأن هؤلاء الكرد هم أصحاب هذه الأرض.. وبالرغم من ذلك تجدهم يصفوننا بالمهاجرين ولا نعلم من أين حيث الجميع يردد هذه المقولة السخيفة.
باختصار؛ لا حل للقضية الكردية مع هذه الذهنيات العنصرية، بل هناك طريق واحد ليتحرر شعبنا من ظلم وجور واستعباد هذه الحكومات العنصرية الفاشية، وهو النضال بكل السبل وبدعم خارجي دولي لإسقاط هذه الأنظمة الفاشية وبأن الرهان على مفاوضات، أو بالأحرى إملاءات، هذه الحكومات لن تحل أي “مشكلة كردية” ولذلك ندعو كل الأطراف الكردستانية إلى عدم الوقوع مجدداً في فخ الوعود الكاذبة لهذه الدول، وإن كان من مفاوضات فلتكن تحت رعاية دولية ويسبقها عدد من الإجراءات والخطوات لتكون مقدمة حقيقية لتلك المفاوضات، منها وعلى رأسها؛ وقف الإعتداءات المتكررة على شعبنا ومناطقنا وإنهاء احتلالات تركيا وإطلاق الحريات وفي المقدمة معتقلي الرأي من مناضلي شعبنا وتشكيل وفود أكاديمية ومن ثم البدء في دخول تلك المفاوضات وتحت إشراف ورعاية دولية حيث دون ذاك يعني الضحك على الكرد المهابيل إلى أن تمر العاصفة ليعودوا بعدها التنكيل بنا مجدداً!
ولذلك قلنا ونكررها هنا أيضاً ونقول؛ بأن العاصفة قادمة لتقتلع هذه الحكومات الفاشية، فلا تجعلوا من أنفسكم ومن أحزابكم وقضيتكم دُشم وسواتر تحمي تلك الحكومات وبذلك تعيدوا تعيدوا حماقات أجدادنا في القول: نحن إخوة في وطن واحد وليضحكوا علينا مرة باسم “أخوة الدين” ومرة باسم “أخوة الشعوب”.. سابقاً ضحك علينا الأتراك باسم “أخوة الدين”، فلا تدعوهم يضحكوا علينا هذه المرة باسم “أخوة الشعوب”.
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=54203