الأحد, نوفمبر 10, 2024

مساهمة مشتركة حول الإعلان الوزاري للدورة السادسة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة

كُتبت النسخة الأساسية من هذه المساهمة باللغة الإنكليزية

نرحب نحن منظمات المجتمع المدني غير الحكومية الموقعة أدناه، والعاملة على رصد العلاقة بين النزاعات والبيئة والمناخ، بتركيز الدورة السادسة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة على الإجراءات متعددة الأطراف الفعالة والشاملة والمستدامة والتي تهدف إلى معالجة قضية الاختلال المناخي وفقدان التّنوع البيولوجي والتلوث.

نقدر جدياً الاعتراف بالحاجة الملحة إلى اتخاذ إجراءات دولية منسقة للتصدي لهذه الأزمات الثلاث التي تواجه كوكبنا والتي تشكل تهديداً للأمن والتنمية البشرية، على النحو المبين في المسودة الأولى للإعلان الوزاري.

في الواقع، لن يكون من الممكن مكافحة مشكلات الاختلال المناخي وفقدان التّنوع البيولوجي والتلوث دون معالجة أسبابها، بما في ذلك النزاعات العنيفة والأعمال العسكرية في جميع أنحاء العالم، والتي تؤدي إلى تفاقم أزمة الكوكب الثلاثية بشكل كبير.

ونشير مع الأسف إلى أنَّ المسودة الأولى للإعلان الوزاري في نسخته الحالية لا تعترف بآثار النزاع والأنشطة العسكرية على المناخ العالمي والتحديات البيئية، وذلك في الوقت الذي يساهم فيه الأثر المدمر للحرب في أوكرانيا في إحداث بؤر تلوث خطيرة وفقدان مناطق طبيعية ثمينة، الأمر الذي يتزامن مع تَسبُّب الأنشطة العسكرية في سياق النزاعات المستمرة في سوريا واليمن بآثار مدمرة على التنوع البيولوجي واتباع آليات غير مستدامة لمواجهة الحالة.

وعلاوة على ذلك فقد أسفرت حالات الجفاف المتزايدة ونقص هطول الأمطار وموجات الحر عن عمليات نزوح في جنوب العراق، وجنوب السودان، وسوريا، وتشاد، وبوركينا فاسو، وبنين، ونيجيريا، وغيرها، الأمر الذي أجج توترات اجتماعية وسياسية، لا سيما في صفوف المزارعين والرعاة.

نحن على اقتناع بأنَّ اعتراف الدورة السادسة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة بالروابط بين أزمة الكوكب الثّلاثية والنّزاع والسّلام لن يساهم فقط في تحليل أفضل لطبيعة هذه التحديات العالمية بل سيوفر أيضاً حلولاً أكثر فاعلية واستدامة لمعالجتها.

إنَّ معالجة التدهور البيئي السريع الذي يهدد الأجيال الحالية والمستقبلية على حدٍّ سواء يتطلَّب من الدول الاتباع الجدي لنهج استجابة صارم، وشامل، ومتكامل.

وعليه، ندعو وزراء البيئة في جميع بلدان العالم إلى تضمين منظور السّلام والنّزاع في لغة الإعلان الوزاري للدورة السادسة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة وتعميم مُراعاة حساسية النّزاع في المناقشات المتعلقة بالسياسات ونواتج الدورة السادسة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة. إنَّ ذلك من شأنه أن يؤدي إلى تعزيز الجهود الدولية في الاستجابة لقضايا الحماية الناشئة عن العلاقة بين البيئة والمناخ والنزاعات، وتمكين التّعاون والتآزر بين مُختلف مُنتديات السياسة – بما في ذلك الجهود المبذولة في نيويورك في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولجنة بناء السّلام، ومجلس الأمن، وكذلك الجهود في جنيف بشأن الحقوق البيئية في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة- وتعزيز الجهود الدولية في الاستجابة لقضايا الحماية الناشئة عن العلاقة بين البيئة والمناخ والنّزاع.

الرابط بين النزاعات وأزمة الكوكب الثلاثية:

على الرغم من أنَّ العلاقة بين النزاعات وأزمة الكوكب الثلاثية المتمثلة في الاختلال المناخي، وفقدان الموارد الطبيعة والتنوع البيولوجي هي علاقة معقدة، إلا أنها تتسم بالوضوح في الوقت نفسه. تتسبب النزاعات العنيفة في تدهور البيئة وتأجيج حالة الطوارئ المناخية وذلك من خلال التدمير المباشر للطبيعة، والتلوث الناتج عن الانبعاثات العسكرية الكثيفة، وتشريد البشر واستراتيجيات التكيف غير المستدامة. إنَّ هشاشة الواقع البيئي مضافاً إليها النزاعات وعوامل أخرى، يمكن أن تسفر عن انهيار الحوكمة البيئية، مما قد يفاقم التحديات البيئية الكامنة ويضعف أنظمة الحماية والاستخدام المستدام للموارد، كما أنه من شأن الأعمال العدائية المستمرة أن تعرقل قدرات الدول على التكيف مع المناخ، وأن تترك المجتمعات الضعيفة أفقر وأقل مرونة وغير مجهزة للتعامل مع آثار التغير المناخي. وعلاوة على ذلك، فإنَّ ذلك له أبعاد جنسانية حيث غالباً ما تكون النساء والفتيات أكثر عرضة لخطر عدم الاستقرار المجتمعي والظروف البيئية المتدهورة في مناطق النزاع. ومن ناحية أخرى، يمكن أن يؤدي تدهور وبالتالي ندرة الموارد الطبيعية نتيجة تغير المناخ، إلى توترات وصراعات على الوصول إلى تلك الموارد. وفي الحقيقة،  فإنَّ هذه الحلقة التكرارية من النزاعات والتدهور البيئي المرتبط بها تؤدي إلى دوام حالة عدم الاستقرار وإعاقة جهود التنمية المستدامة. وبالمقابل، فإنَّ مراعاة الاعتبارات البيئية في الاستجابة للنزاعات يمكن أن يخفف من أزمة الكوكب الثلاثية.

هناك عدد كبير من الاتفاقات البيئية المتعددة الأطراف تحت تصرف المجتمع الدولي، والتي يمكن أن تساعده في تحديد مسارات عمل فعالة وشاملة ومستدامة لمعالجة التدهور البيئي المرتبط بالنزاعات وتداعيات أزمة المناخ على المناطق المتأثرة بالنزاعات. ولتحقيق هذه الغاية يجب تنفيذ هذه الاتفاقات على نطاق واسع.

وفي صدد الاستجابة للازمة الثلاثية، يعد تحديد شكل التدهور البيئي المرتبط بالنزاع ورصده في الوقت المناسب عاملاً جوهرياً لوضع خطط وتدابير ناجعة للوقاية من هذا التدهور والتخفيف من آثاره وبالتالي حماية الناس والنظم الإيكولوجية. كما أنَّ تعزيز السياسات التي تهدف إلى حماية التنوع البيولوجي في النزاعات المسلحة والتي تتناولها المنتديات السياسية متعددة الأطراف من شأنه أن يساعد في منع المزيد من فقدان التنوع البيولوجي، ويمكن لإدارة جيدة للمواد والنفايات الخطرة الناتجة عن النزاعات في المناطق المتأثرة بالحروب أن تخفف من المخاطر على البيئة وصحة الإنسان. وفضلاً عن ذلك، فإنَّ تدخلات بناء السلام القائمة على الحلول التي تستند إلى الطبيعة إلى جانب حماية التنوع البيولوجي والإدارة المستدامة والعادلة لخدمات النظم الإيكولوجية تساعد المجتمعات التي تتعافى من الصراع على المضي قدماً نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

وعلى ضوء ذلك، لن يكون إعمال حق الإنسان في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة ممكناً ما لم تتم معالجة الترابط بين النزاعات وأزمة الكوكب الثلاثية.

إدراج حساسية النزاع في جدول أعمال الدورة السادسة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة:

لقد كان لقرارات جمعية الأمم المتحدة للبيئة حول حماية البيئة في أوقات النزاع المسلح، والتلوث المرتبط بالنزاع المسلح فائدة ملحوظة في تعزيز الاستجابات الدولية، ونرى أنَّه سيكون لهذه القرارات فرصاً جيدة في المشروع المقبل المتمثل في اتخاذ إجراءات متعددة الأطراف لمعالجة أزمة الكوكب الثلاثية، لدعم الدول وطموحاتها لمواجهة التحديات ذات الصلة بهذه الأزمة.

على ضوء ما سبق تقدم المُنظمات غير الحكومية المُوقعة على المُساهمة التّوصيات التالية إلى وزراء الدّول الذين يتفاوضون بشأن الإعلان الوزاري للدورة السادسة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة:

الاعتراف بالعلاقة المُتأصلة بين النّزاع وأزمة الكوكب الثّلاثية، فضلاً عن الرّبط الأوسع بين البيئة والمناخ والسلام والأمن، وتضمين إشارات قوية إلى ضرورة اتخاذ إجراءات متعددة الأطراف تهدف للتصدي لتداعيات هذه الصلة في جدول أعمال الدورة السادسة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة.
إبراز الحاجة إلى إدراج حساسية النّزاع في الاتفاقات البيئية الدّولية ذات الصّلة، من أجل استجابة مُتعددة الأطراف أكثر تماسكاً وفعالية للتحديات المُلحة المُتعلقة بتغير المناخ، وفقدان التّنوع البيولوجي والتّلوث في حالات النزاع.
تشجيع الدول على اعتماد المبادئ التوجيهية العسكرية المُحدثة الصادرة عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بشأن حماية البيئة الطّبيعية في النّزاعات المُسلحة، ومبادئ لجنة القانون الدولي لحماية البيئة فيما يتعلق بالنّزاعات المسلحة التي تشرح كيفية حماية البيئة قبل وأثناء وبعد النزاعات المسلحة كإحدى طرق التخفيف من أزمة الكوكب الثلاثية.
تعزيز الإجراءات الفعَالة المُتعددة الأطراف للرصد والتقييم البيئيين في برمجة وتخطيط منع نشوب النزاعات، وذلك من أجل تحديد شكل ودرجة تدهور الموارد الطبيعية والأضرار البيئية أثناء النزاعات وفي مرحلة الانتعاش بعد انتهاء النزاع وبناء السلام.
دعم برنامج الأمم المتحدة للبيئة في العمل على الأبعاد البيئية للنزاع المسلح، وتقديم خطة واضحة، ومنح الولاية، وتوفير الموارد اللازمة للتأكد من الالتزام بإدراج حساسية النزاع في العمل الهام الجاري لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة بشأن البيئة والسلام والأمن.
تضمين لغة حساسة للنزاع عند الإشارة إلى قدرة المجتمعات على التكيف مع تغير المناخ، وإعطاء الأولوية للمشاركة المجتمعية وبناء القدرات في تطوير وتمويل وتنفيذ تدابير الوقاية والتّخفيف والاستجابة.
تسليط الضوء على دور البيئة كعنصر حاسم لبناء السلام واستدامته، بما يتماشى مع أهداف التنمية المُستدامة وأجندة استدامة السّلام، وتوضيح أهمية إدراج بناء السلام البيئي كأولوية ضمن جدول أعمال الأمم المتحدة الجديد المقبل لبناء السلام.
تشجيع الحكومات الوطنية والشّركات (الدّولية) العاملة في بيئات (ما بعد) النّزاع، على تنفيذ لوائح وطنية قوية بشأن حماية البيئة، ولا سيما فيما يخص صناعة الوقود الأحفوري وأنشطة استخراج الموارد الطبيعية الأوسع.
ضمان التّحليلات والسّياسات التي تراعي الفوارق بين الجنسين، لإدراجها في تقييمات (ما بعد) النّزاع البيئي والأمن المناخي، ولتصبح جزءاً من آليات تنفيذ الإجراءات المتعددة الأطراف الحالية والمستقبلية لمعالجة أزمة الكوكب الثلاثية

 

المنظمات غير الحكومية الموقعة:

المنظمات المعتمدة لدى جمعية الأمم المتحدة للبيئة:
Interecocentre (أوكرانيا).
مرصد الصراع والبيئة (المملكة المتحدة).
باكس (هولندا).
الرابطة الدولية لأخوات المحبة (المملكة المتحدة).
شبكة Zoï البيئية (سويسرا).
المنظمات الداعمة:
جمعية النهوض بالتنمية المستدامة (الهند).
مؤسسة بيرغوف (ألمانيا).
حركة السلام النسائية الكاميرونية (CAWOPEM) (الكاميرون).
Club Génération Consciente du Gabon (CGCG) (الغابون).
جمعية Eco-TIRAS الدولية لحراس الأنهار (مولدوفا).
التمكين مع الطبيعة (Doga Ile Guclen Dernegi) (تركيا).
المعهد الأوروبي للسلام (بلجيكا).
Hope Advocates Africa (HADA) (الكاميرون).
ICO “البيئة – الناس – القانون” (EPL) (أوكرانيا).
المركز البيئي الوطني لأوكرانيا (أوكرانيا).
مبادرة شباب الغابة الواحدة (غابون).
مؤسسة (PeaceNexus) (سويسرا).
بيل – الأمواج المدنية (سوريا).
جمعية السلام الأخضر الصومالية (الصومال).
Stichting Mission Lanka (سريلانكا).
وكالة سُد للبيئة (جنوب السودان).
سوريون من أجل الحقيقة والعدالة (سوريا).
جمعية حماة نهر دجلة (حماة دجلة) (العراق).
رابطة المحامين الوطنية الأوكرانية (أوكرانيا).

 

المصدر: سوريون من أجل الحقيقة والعدالة

شارك هذه المقالة على المنصات التالية