نذير صالح خلف

في 17 أيار من عام 1639م تمَّ التوقيع على معاهدة قصر شيرين شرق كركوك في سهل زوهاب بقضاء كرمانشاه في كردستان الشرقية بين الإمبراطورية الصفوية الإيرانية والإمبراطورية العثمانية وانتهت الحرب بموجبها بين الدولتين والتي استمرت بين الطرفين حوالي مائة وخمسين عاماً في عهد السلطان العثماني مراد الرابع والإيراني عباس شاه و تم َّ بموجب هذه الاتفاقية تقسيم منطقة الشّرق الأوسط حيث ألحقت مدينه يريفان الأرمينية إلى الإمبراطورية الفارسية كما تمَّ منح جميع بلاد ما بين النهرين بالإضافة إلى مدينة بغداد للإمبراطورية العثمانية حيث وقع الطرفان على ما لا يقل عن 18 معاهدة وذلك بين عام 1555م وعام 1918م من أجل معالجة النزاع الحدودي بينهم والذي تكلل بتقسيم كردستان في مناطق شهرزور وقارص وبايزيد وغيرها بعد توقيع كل من اتفاقية أماسيا 1555م ومعاهدة قصر شيرين بين السلطتين.

واستمرَّ الوضع على هذه الشاكلة وهذا النمط بين الطرفين إلى أن خسرت الإمبراطورية العثمانية حصتها في الشرق الوسط بعد هزيمتها في الحرب العالمية الأولى من عام 1914-1918و تمَّ ترسيم الحدود بين إيران والعراق وتركيا وبدأت عملية التطبيع بين الأطراف المتنازعة بشأن الحدود الإقليمية لكل دولة وكيان آنذاك، سيما أن الإمبراطورية العثمانية كانت هي المنتصرة في هذه الحرب الضروس ضد الفرس، صحيح أن الحرب انتهت وعمَّ السلام ولكن على حساب شعب عريق أصيل من شعوب الشرق ألا وهم الكرد سكان البلاد الأصليين حيث تم تمزيق بلاد الكرد وتقسيمه بين إيران وتركيا دون وجه حق فكانت المعاهدة بداية لقصة آلام ومآسي الكرد والتي لازالت فصولها التاريخية مستمرة إلى اليوم .

لذا يعتبر الباحثون والمؤرخون ورجالات القضاء والقانون (معاهدة قصر شيرين) بمثابة أول معاهدة أو اتفاقية بين الإمبراطوريتين المتصارعتين الصفوية والعثمانية لتقسيم كردستان ونهب خيراتها وثرواتها.

ولسوء الحظّ والطالع تلتها اتفاقية سايكس –بيكو عام1916 والتي نصت على اقتسام منطقة الهلال الخصيب ” ميزوبوتاميا” بين وحوش الاستعمار الغربي والتي بموجبها تمّ تشكيل الدول القومية التابعة لها وعلى أساسها وللأسف الشديد تمَّ تقسيم كردستان من جديد وبشكلٍ فجٍ ومجحف بين تركيا وسوريا والعراق وإيران دون أدنى مراعاة لحقوق وخصوصية الشعب الكردي ودون أن يرفَّ جفن لسايكس الإنكليزي أو بيكو الفرنسي ولا زال الكرد وإلى اليوم يتعرضون للمجازر وحروب الإبادة كأخوتهم من الأرمن والسريان والكلدان والآشوريين، و سيبقى الكرد يناضلون للحصول على حقوقهم التاريخية رغم السياسات العنصرية الحربية في تركيا وغيرها من بلاد الكرد ….. وإنَّ من ألحق الهزيمة الميدانية الشنعاء بداعش في آخر معاقله في الباغوز، قادرة على انتزاع حقوق شعبه وإن طال المدى.

المصدر: مركز روج آفا للدراسات الاستراتيجية

شارك هذه المقالة على المنصات التالية