السبت, مارس 15, 2025

آلدار خليل: لا حل إلا بإشراك شامل لصياغة الحل

من المنطلق الوطني وباعتبارنا نجهد ونكدُّ من أجل الحل الذي سيساهم في لملمة الجرح السوري كانت الإدارة الذاتية والمكونات الفاعلة في ظلها تبدي استعدادها على الدوام للمشاركة في صناعة الحل الوطني وفق نهج ديمقراطي مبدِّد للحكم الجاثم المستبد القابع على نفس السوريين، إذ أنَّ مكونات روج آفا- شمال سوريا تمثل جزءاً مهماً من المكون السوري الساعي نحو الحل الوطني الكفيل بضمان الاستحقاقات الوطنية لكلِّ الأطياف والشرائح السورية، وقد برهنت المكونات في الشمال السوري مساعيها الحقيقية من خلال الجهود التي قدمتها على مدار سنوات في منع تطور ونمو حال التطرف أو خضوع الحل الوطني السوري لقرارات الدول التي تريد من الحل أن يكون مناسباً لأطماعها في سوريا، وكذلك من خلال برامج ديمقراطية تخطت حدود الطرح المحدود وتمثلت في مجالات الحياة السياسية والمجتمعية والعسكرية كواقع قابل للقياس، وفي ظل هذه الواقع لا يمكن لأي حوار أن ينجح في الوصول إلى الحل بتجاوز هذا النموذج الديمقراطي المقدم من روج آفا – شمال سوريا وغض الطرف عن المساعي والجهود التي ساهمت بصياغته، وبالتالي فإن المشاركة من قبل مكونات روج آفا ضرورة حتمية لإنتاج حل وطني لأنها- أي المكونات- تمثل القاعدة الأساسية للحل الذي يخدم عموم السوريين، وإن هذه الجهود تتوحد مع جميع الرؤى التي تطرحها الأطراف المعارضة في دمقرطة الحياة السورية، إلا أنَّها – أي الأطراف المذكورة- تطرح الأفكار النظرية على الدوام ولا تريد العملية منها لأنها إذا كانت جادة ومصرة في إيجاد الحل لوجدت أن الحل يكمن في صورته النهائية بالجانب العملي في مناطق روج آفا – شمال سوريا وبهذه التجربة النموذج الساعي لإبقاء سوريا موحدة بكل أطيافها ومكوناتها لذا فهم لا يريدون ولا يسعون حتى إلى الجزء الأصغر من طرحهم لشكل الحل – إذا وجد – وتحويله إلى واقع عملي.

سوريا بتركيبتها الفريدة تحتوي على مكونات متعددة وإن هذه الحالة التنوعية لا يمكن فرض الحلول عليها أو اتخاذ القرارات دون الرجوع إلى تلك المكونات وإلا فإننا لن نختلف عن العقلية المركزية التي جردت عموم الشعب السوري من أبسط حقوقه، حيث قدم أبناء الشعب السوري الآلاف من أجل إسقاط ذلك الفكر وتبديله بنظام أو بشكل إداري مغاير للسلف، وفي هذا السياق لابد من أن ننوه إلى أن المحاولات التي تقدم عليها الأطراف التي تريد عقد المفاوضات أو جلسات الحلول التي لازالت تهمش المكونات السورية، فإن لم تكن تلك المفاوضات بمشاركة مختلف المكونات لا يمكن لها أن تنجح وقد جاءت البرهنة على ذلك في الكثير من المراحل والجولات التفاوضية، فلماذا هذا التعنت والإصرار على التمسُّك بنفس المنطق الذي لم يجلب معه أي حل مناسب للسوريين، بل زاد في إراقة الدم السوري، واليوم أيضا في جنيف يتم العمل بنفس العقلية الإقصائية وتجاوز تام لرؤية أهم الأطراف في إنتاج الحل الوطني وهم الكرد والمكونات التي اتحدت تحت مظلة الإدارة الذاتية الديمقراطية، بهذا المنطق لا يمكن أن يكون هناك حل شامل وشافٍ ما دام هناك أطراف أقصيت تمشياً مع أجندات إقليمية وهي التي تعتبر مفصل الحل ونموذجه الأنقى وتمتلك واقعاً وتجربة على الأرض في رسم بوادر الحل الوطني سواء بالحفاظ على الجغرافية السورية كي لا تكون ملاذاَ لتوسيع الفكر المتطرف أو من خلال بناء مجتمع ديمقراطي منظم على أساس الارتباط العضوي مع التي تتمم فيه المكونات بعضها ضمن كيان واحد وكذلك إيمانهم بأن المصلحة الوطنية أمر لا نقاش فيه وأنَّ الحل الديني أو القومي غير مرغوب فيه بتاتاً، وكذلك الإيمان التام بضرورة إشراك كل السوريين في اتخاذ القرار حول صناعة مستقبلهم ومستقبل هذا البلد الذي ذاق الكثير ولازال مما يحتم يقظة الأخلاق الوطنية.

في روج آفا الأرضية الحقيقية مهيئة للحل ومن الواجب الوطني التفكير في كيفية تطوير الحل وولادته بنظرة تكون أقرب إلى الواقع المثبت عملياً، لذا أي جهد في عرقلة هذا المسار هو إضعاف ومنع إنقاذ سوريا ومجتمعها من أنياب التطرف وسفك الدماء والانعتاق من المركزية.

لا يمكن لأي حل النجاح دون مشاركة الجميع في صياغته أما الارتهان للخارج الإقليمي فهو تهميشٌ للداخل السوري ولا يمكن أن يصنع حلاً وروج آفا عملت على إثبات الحل عملياً ونجحت في تجاوز العراقيل والعقبات والمخططات الإقليمية. وهي لن تقبل ولن تلتزم بمكوناتها المتعددة بأي قرار يصدر دون مشاركة هذه المكونات بشكل مطلق لأن أي حل دون مشاركتهم يفتقر إلى عنصر الوطنية، فالمعيار الوطني وعدم الارتهان للأجندات الإقليمية في الحل هو أولى الأولويات وأهمها لدينا، إذ لا يمكن القبول بأي حل لا يتضمن هذا الهدف.

نحن نسعى ونجهد للحل، لكننا على يقين بأنه لو كانت الأطراف التي تبحث عن الحل الحقيقي جادة في نواياها فلن تتردد في مشاركتنا، وإن كانت تحاول إقصاءنا فهو إيذان مسبق بمنع الحل الوطني أولاً وكذلك مساهمة جادة في منع الاستقرار ثانياً، وهو إشارة إلى أنهم لا يعتبروننا سوريين وكأن لسان حالهم يقول: أنتم انفصلوا عن سوريا، ومن نافلة القول التأكيد على أن نموذجنا المطروح على الأرض هو لوحدة سوريا بعكس الاتهامات المشبوهة والتي تحيلنا أحيانا إلى اليقين أن أصحاب تلك الاتهامات يسعون إلى ما يتهموننا به.

عنوان الحل لا يضيعه أحد إلا إذا كان يريد التجاهل بقصد وإصرار أو كان مرتهناً وراضخاً لإرادة غير السوريين وعنوان الحل في سوريا يمر بجميع مكوناتها ولا حل إلا بإشراك شامل لكل السوريين لصياغة الحل.

“روناهي”

شارك هذه المقالة على المنصات التالية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *