​​​​​​​استوطنوا منزلها بعد تهجيرها ويستفزونها عبر الرسائل

وصلها مقطع فيديو مصّور لمنزلها في مدينة سري كانيه المحتلة تظهر فيه آثار التخريب والنهب التي تعرض لها المنزل، وليتصل بها بعد فترة مستوطنون سكنوا منزلها ممن جلبتهم تركيا إلى المدينة، وهم يستهزؤون بها ويستفزونها.

منذ أن احتلت تركيا ومرتزقتها مدينة سري كانية /تل أبيض وهم يمارسون سياسة التغيير الديمغرافي فيها بعد تهجير السكان الأصليين للمدينة جراء القصف الوحشي الذي تعرضت له المدينة، وبينما يقطن غالبية المهجرين اليوم في مخيمات النزوح، يجلب الاحتلال التركي أسر المرتزقة  من مناطق متفرقة في سوريا ويسكنها في منازل الأهالي المهجرين.

المواطنة هيفين عبدو البالغة من العمر 41 عاماً، أم لثلاثة أولاد، من أهالي مدينة سري كانيه، هُجّرت مع أولادها وزوجها وأقاربها في 9 تشرين الأول 2019، أي في اليوم الأول من هجمات الاحتلال التركي على المنطقة، الذي تسبب قصف طائراته وسقوط صواريخه ومدافعه في حركة نزوح وتهجير جماعي للأهالي نحو المناطق الأخرى.

تروي هيفين قصة نزوحها وماحل بمنزلها، وما جمعته فيه من شقاء سنوات من عمرها، وتقول :”في 9 تشرين الأول، كان التوقيت الرابعة عصراً، وكان بضيافتي في المنزل بعض المعارف نجلس ونحتسي القهوة، وفجأة سمعنا أصوات قصف وانفجارات قوية، أسرعت إلى الخارج ورأيت الناس يركضون في الشوارع، وعلى وجوههم حالة من الفزع، وآخرون يجمعون أولادهم وينزحون، لم أكن أعرف حينها ما الذي حصل حتى استنفر الناس وبدأوا بالنزوح”.

وأضافت هيفين :”في ذلك الوقت، اتصل أخي الذي يعيش في الخارج بعد أن رأى الأخبار العاجلة على التلفاز عن بدء تركيا بشن هجمات عسكرية على مدينتي سري كانيه وكري سبي، والذي بدأ بقصف القرى الحدودية والمدينة بالصواريخ والمدافع وغارات الطائرات”.

تقول هيفين :”لم أصدق الأمر، وقلت في نفسي إن تركيا كعادتها ستقصف عدة قذائف ثم يهدأ الوضع، وقلت لأخي لا.. لا يوجد شيء، كل الأمور بخير، قلت ذلك رغم أني كنت أسمع أصوات قصف عنيفة”.

وتتابع هيفين السرد وقد تغيرت نبرة صوتها من استذكار أحداث ذلك اليوم المشؤوم، وقالت :”مع اشتداد أصوات القصف وسماع هدير الطيران الحربي بدأنا نشعر بالهلع لما يجري، حتى ضيوفي خرجوا ونزحوا وطلبوا أن أخرج أيضاً، ولكني بقيت مع أسرتي في المنزل، ولم يمضِ وقت قصير حتى شعرت أنه لم يبق أحد في الحي، ولم يعد أمامنا حل سوى الخروج في ظرف لا تعرف فيه متى سيقع السقف فوق رأسك، فابتعدنا عن أماكن القصف والضرب إلى ريف المدينة، انتظرنا لعله يهدأ أو يتوقف لنعود إلى منازلنا، وبعد ساعات توقفت الأصوات، وتوقعنا أن الأمور ستتوقف عند هذا الحد، فعدت أنا وزوجي إلى المنزل مرة أخرى، كانت ما تزال فناجين القهوة في مكانها، ولكن المنزل كان مليئاً بالغبار، فرتبت منزلي ونظفته وكأنني سأبقى فيه مثل كل يوم”.

وأردفت هيفين: “ومع حلول الليل عادت أصوات القصف وباتت وكأنها تقترب رويداً رويداً مع اشتداد أصوات إطلاق الرصاص، وبات الوضع أشبه بكابوس مرعب، وفي حوالي الساعة 23:00 ليلاً خرجنا من المنزل، وتوجهنا إلى مدينة تل تمر دون أن نحمل معنا أية قطعة من المنزل، على أمل أننا سنعود في الصباح”.

صمتت هيفين قليلا، وقد غرقت عيناها بالدموع ثم قالت :”ومنذ خروجنا ذلك اليوم وحتى الآن لم نرجع إلى منزلنا ومدينتنا ولازلنا نترقب يوم العودة”.

تقطن هيفين وأسرتها منذ نزوحهم في مخيم واشو كاني في الحسكة، وبعد مرور عدة أشهر من التهجير تصل رسالة نصية على تطبيق واتس آب في هاتف هيفين من رقم مجهول، مكتوب فيها “مرحبا، أنت هيفين، أريد التعارف”.

تقول هيفين :”لم أعر تلك الرسالة أية أهمية وحظرت ذلك الرقم مباشرة”، ولكن بعد عدة ساعات تصلها رسالة SMS من نفس الرقم على رقمها، يقول فيها “لماذا لا تعودين إلى منزلك، عودي، نحن بانتظارك”.

تشير هيفين إلى أن هذه الرسالة المستفزة دفعتها للرد لتعرف من هو هذا الشخص الذي يراسلها.

وتضيف إنها بعد أن تحدثت إليه، عرفت بأنه أحد المستوطنين الذين سكنوا منزلها، وهو من مدينة حمص السورية، وقد حصل على رقمها من دفتر الهواتف التي تركوه في المنزل.

تقول هيفين إنه كان قد أخبرها بعض المعارف ممن ظلوا في المدينة بأن هناك أسر لعناصر المرتزقة قد دخلوا منزلها، وأنهم كتبوا على جدران المنزل اسم “أبو فراس الجمجمي” ونفس المعارف كانوا قد أرسلوا لها مقطعاً مصورا لمنزلها بعد احتلال المدينة، يظهر فيه المنزل وقد نُهب كل ما فيه من أثاث، وأغراض جمعته هيفين بشقاء وتعب سنوات من عمرها، ولم يبق فيه سوى بعض الخردوات وآثار الحرب والدمار.

في ختام حديثها أشارت هيفين عبدو إلى أن كل ما تتمناه هو العودة مرة أخرى إلى مدينتها والجلوس تحت ظلال منزلها، والعيش بأمان كما كانوا يعيشون قبل الاحتلال.

ANHA

شارك هذه المقالة على المنصات التالية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *