البيان الختامي للمؤتمر الموسع للشخصيات والاحزاب السورية المنعقد بتاريخ 15 و 16 شباط/فبراير 2025
يا شعب سوريا العظيم،
يا شعب التضحية والفداء، ويا عنوان الحضارات الأولى في التاريخ،
يا شعبنا الذي لا يزال يعاني من الحرمان والقهر والدم، وخطر التقسيم والاقتسام والانقسام الاجتماعي الذي يهدد وحدة البلاد ووحدة الشعب.
من أجل الكفاح لرفع هذه المعاناة عن شعبنا، وردّ كل هذه المخاطر عبر إرساء قواعد العمل الوطني الحر، والكفاح لاستعادة الوحدة الوطنية بين جميع أبناء الشعب، ورفع الظلم عن الجميع، ورفض استئثار أيّة جهة بالسلطة، حتى لا نقع مرة ثانية في أتون نظام أحادي شمولي فتتكرر المأساة الوطنية، وتحت شعار:
(الدين لله والوطن للجميع) و(المواطنة المتساوية) و(الكرامة الإنسانية)،
ومن أجل كل هذه الأهداف:
انعقدت في سوريا وفي مدينة جنيف السويسرية أعمال الاجتماع الوطني السوري الموسع بتاريخ 15/16 شباط / فبراير 2025م، ولقد جاءت الدعوات لعقد هذا الاجتماع الموسع بالنظر إلى الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية التي لا يزال يعاني منها شعبنا السوري.
لقد كان هدف ثوار سوريا إسقاط نظام الإجرام الأسدي الذي عاث فسادًا وتنكيلاً وقتلاً بالشعب السوري لنصف قرن ويزيد، حيث دفع شعبنا السوري أثمانًا باهظة من أجل إسقاطه منذ انطلاقة الثورة السورية في 18/آذار/2011م، وقبل انطلاقتها أيضًا، فلقد دفع الكثير من المناضلين السوريين حياتهم ثمنًا من أجل الكفاح ضد عائلة الأسد المجرمة ونظام المزرعة الشمولي الاستبدادي.
ولقد جاء يوم الثامن من كانون الأول عام 2024م ليعطينا جرعة من الأمل ليلة سقوط الطاغية بشار الأسد وزبانيته، فهذا هو اليوم الذي كنا نريده، كما تقول الأهزوجة الوطنية الشعبية: “هذا اليوم اللي كنا نريده”.
ولكن ما إن طلعت الأيام الأولى والتي تلت حتى بدأت تتبدّى لنا، كوطنيين سوريين، أمور مقلقة وسلوكيات لم تكن يومًا من أهداف ثورة الحرية والكرامة.
فلقد أعلنت الإدارة الجديدة، ومن طرف واحد، وبأسلوب يستأثر بالقرار الوطني، دون أن يحترم نضالات كل من ضحّوا من أجل نجاح الثورة، قرارات تدعو إلى القلق العميق مما يجري، وتُشي بأن الإدارة الجديدة، برغم خطاب رئيس غرفة عمليات ردع العدوان السيد أحمد الشرع وخطابه المعسول إلى وسائل الإعلام المختلفة، تقوم بتأسيس نظام شمولي جديد أحادي لا تعددي.
فلقد أعلنت الإدارة الجديدة عن تعيينات في قيادة الجيش ووزارة الدفاع دون أن تحترم كفاح وتضحيات ستة آلاف ضابط منشق عن نظام الأسد، وكأنهم غير موجودين، وأقدمت على منح رتب عسكرية في الجيش السوري لأفراد غير سوريين، وتم تجاهل النسبة الأعظم من أبناء الثورة من الضباط وصف الضباط والجنود.
أما على الصعيد المدني، فلقد تم تعيين حكومة لون واحد بحجة التجانس والتماسك، وهي نفس الحجة التي كان يسوقها الديكتاتور المخلوع. ومن هذه التعيينات تعيين وزير للعدل كان يقوم بيده بتنفيذ أحكام قطع الرؤوس في ساحات مدينة إدلب، في مشهد يسيء ويضر بدين العدل والرحمة والإنسانية أمام العالم أجمع، وهو الدين الإسلامي السمح المعتدل، ناهيك عن انتهاكات حقوق الإنسان وغياب الضابطة العدلية والمحاكم، وظلم النساء.
ولقد امتلأت مناصب الدولة والحكومة بالأقارب والأصدقاء والأنسباء، وهم رجال عرفناهم ونعرفهم من حكم مدينة إدلب العزيزة على قلوبنا حين كانت تحكمها حكومة الإنقاذ، وكان الشعب في إدلب يتظاهر يوميًا ضد السجن التعسفي والظلم وشتى صنوف الانتهاكات.
يا شعبنا السوري العظيم،
لا يمكن لأي نظام سياسي في التاريخ أن يتصف بالعدل إذا مارس الاستئثار بالسلطة، وما هي إلا أيام وأشهر حتى يبدأ عسسه وعملاؤه بزجّ الناس في السجون، لأن من يستأثر بالسلطة لا يتحمل النقد ولا الحرية.
لكل هذا، تسارع عدد من السيدات السوريات والسادة السوريين لعقد هذا الاجتماع الموسع، للنظر فيما يجب على أبناء البلاد فعله قبل أن تترسخ أساسات نظام شمولي جديد، فنكون أمام نصف قرن جديد من القهر والاستبداد.
وبعد المداولات في لجان الاجتماع، قرر المجتمعون ما يلي:
أولاً: قرر الاجتماع الموسع للقوى والشخصيات المدنية والسياسية تشكيل لجنة باسم:
(اللجنة الديمقراطية الوطنية لبناء الجسم الوطني المواطنِي الديمقراطي السوري الموحد).
كما قرر الاجتماع الموسع تشكيل لجنة المتابعة الإنسانية وحقوق الإنسان لرصد الانتهاكات الجسيمة، وإعداد التقارير الموثقة، ومتابعة قضية العدالة الانتقالية وقضية السلم الأهلي.
كما قرر الاجتماع الموسع تأسيس لجنة إعلامية.
ثانيًا: قدم الاجتماع مقترح إعلان دستوري مؤقت للبلاد، وهو أهم ما تحتاجه سوريا في الواقع الذي تعيشه الآن.
ثالثًا: قدم الاجتماع مشروع إنقاذ اقتصادي للبلاد، قام به عدد من المختصين في العلوم الاقتصادية من الكوادر السورية المشهود لها بالمعرفة والكفاءة.
رابعًا: قدم الاجتماع إحاطة كاملة حول الظلم الذي تتعرض له النساء السوريات، ومنعهن من ممارسة أبسط أنواع الحريات الطبيعية التي لا تتناقض مع قيم المجتمع السوري نفسه، هذا المجتمع الذي كان أول مجتمع في الشرق أعطى للمرأة مكانة محترمة، فكانت الطبيبة والمهندسة والمربية وأستاذة الجامعة، والآن يُراد لها أن تعود إلى أقنان المجتمع الذكوري القاهر، وهو ليس من الإسلام في شيء.
خامسًا: قدم الاجتماع إحاطة كاملة حول الانتهاكات والجرائم داخل سوريا، وواقع حقوق الإنسان السوري في كافة مناطق البلاد.
سادسًا: قدم الاجتماع دراسة تتعلق بأفضل السبل لإعادة بناء جيش وطني مهني محترف، تكون مهمته الأولى حماية البلاد وعدم التدخل في الحياة السياسية.
سابعًا: قدم الاجتماع مشروع نهضة تربوية شاملة في سوريا بعد سنوات الحرب القاسية، ومن أجل تخريج أجيال قادرة وواعية، تبني الحياة والحرية والتقدم، وتمُد يدها للعالم من أجل الازدهار والسلام.
ويعتبر الاجتماع السوري الموسع كافة هذه الوثائق جزءًا لا يتجزأ من البيان الختامي، وستُقدّم للشعب السوري ونُخبه الفاعلة والمناضلة، وسوف تُطرح في كتيب مستقل مع رؤى اللجنة ونظامها الأساسي خلال الفترة القريبة القادمة.
الاجتماع الوطني السوري الموسع
من سورية و جنيف في 16/02/2025
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=63033