تمّ إنجاز هذا العمل بدعم من قبل الاتحاد الأوروبي. إنّ محتويات هذا العمل هي مسؤولية “مركز سيسفاير لحقوق المدنيين” و منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” وحدَهمها، ولا تعكس بالضرورة آراء الاتحاد الأوروبي.
1. مقدمة:
لم تتوقف أفعال التعذيب وسوء المعاملة بعد سقوط نظام الأسد، بل استمرت بأساليب مختلفة. فمنذ 8 كانون الأول/ديسمبر 2024 انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي عشرات من مقاطع الفيديو التي توثق ممارسات تعذيب وضرب ومعاملة مهينة في مناطق متفرقة من سوريا،[1] بما في ذلك ضد أفراد ينتمون إلى أقليات دينية وطائفية، كالمجتمعات العلوية والدرزية والمسيحية، الأمر الذي يثير مخاوف جدّية لدى “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” بشأن تكرار أنماط الانتهاكات السابقة.
ورغم هذه المؤشرات المقلقة، لم تعتمد الحكومة السورية الانتقالية تدابير تشريعية أو إدارية فعالة لمكافحة التعذيب أو لمنع انتهاكات حقوق الإنسان أثناء عمليات الاحتجاز أو الحملات الأمنية و”تمشيط” المناطق. كما لم تتخذ خطوات جادة لمساءلة المسؤولين عن الضرب وسوء المعاملة المصاحبَين لعمليات الاعتقال، الأمر الذي يضع علامات استفهام حول مدى التزامها بمبادئ العدالة الانتقالية.
ويزداد هذا التناقض وضوحاً في ضوء مدوّنة السلوك والانضباط العسكري الصادرة عن وزارة الدفاع في الحكومة الانتقالية في نيسان/أبريل 2025، والتي تؤكد على حظر إهانة الموقوفين أو المعتقلين أثناء العمليات، وتشدد على ضرورة احترام المدنيين، ومعاملتهم بكرامة، وعدم التعدي عليهم بأي شكل من الأشكال أو ممارسة أي نوع من أنواع التمييز بحقهم. ومع ذلك، فإن استمرار الانتهاكات على يد عناصر مرتبطين بالوزارة نفسها يُظهر فجوة خطيرة بين الالتزامات النظرية والممارسات الفعلية، ويقوّض مصداقية أي مسعى حقيقي لبناء مؤسسات تحترم الكرامة الإنسانية وتجسّد مبادئ المرحلة الانتقالية.
تُصدر “سوريون” هذا التقرير بمناسبة اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب في 26 حزيران/يونيو2025 ، لتسليط الضوء على مؤشرات جدية حول استمرار ارتكاب جرائم التعذيب في سوريا بعد سقوط النظام السابق، والمطالبة بوضع حدّ فوري لهذه الانتهاكات ومحاسبة جميع المسؤولين عنها دون تمييز.
2. خلفية:
يُعدّ التعذيب من الانتهاكات الجسيمة التي تُحرّمه بشكل قاطع المواثيق الدولية كافة، دون استثناء أو تقييد، حتى في حالات الطوارئ أو النزاعات المسلحة. تنص اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (1984) في مادتها الأولى على تعريف التعذيب وتؤكد حظره المطلق. وقد انضمت سوريا إلى هذه الاتفاقية بتاريخ 1 آب/أغسطس 2004، ما يجعلها ملزمة قانوناً بمنع التعذيب والتحقيق في مزاعم ارتكابه ومحاسبة المسؤولين عنه. كما ينص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (1966)، الذي صادقت عليه سوريا عام 1969، في مادته السابعة على أنه: “لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة”.
كذلك تؤكد اتفاقيات جنيف الأربع (1949)، ولا سيما المادة 3 المشتركة، على الحظر المطلق للتعذيب، حتى في حالة النزاع المسلح غير الدولي، وتُلزم أطراف النزاع باحترام الأشخاص غير المشاركين في الأعمال العدائية، بما في ذلك المعتقلين. ومع ذلك، فقد ظل التعذيب ممارسة ممنهجة وواسعة النطاق في مراكز الاحتجاز الرسمية والسرية التابعة لأجهزة الأمن السورية طيلة فترة حكم النظام السابق (نظام الأسد).
أما في التشريع السوري، فبالإضافة للمادة 391 من قانون العقوبات السوري على عقوبة الحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات لكل من يمارس التعذيب أو الشدة على الغير، أصدرت الحكومة السورية السابقة القانون رقم 16 لعام 2022 بشأن منع التعذيب، الذي تضمن تعريفاً موسّعاً لجريمة التعذيب، فبحسب المادة 1 منه يُعرف التعذيب بأنه:
“كل عمل أو امتناع عن عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد جسدياً كان أم عقلياً يلحق بشخص ما قصداً للحصول منه أو من شخص آخر على معلومات أو اعتراف أو معاقبته على عمل ارتكبه أو تخويفه أو إكراهه على القيام بعمل ما أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب بشخص لأي سبب يقوم على التمييز أياً كان نوعه، أو عندما يحرض عليه أو يوافق عليه صراحة أو ضمناً موظف أو أي شخص يتصرف بصفته الرسمية كما يشمل الأفعال التي تقع من قبل شخص أو جماعة تحقيقاً لمآرب شخصية أو مادية أو سياسية أو بقصد الثأر أو الانتقام”.
وبالرغم مما سبق، ظلّ هذا القانون دون تنفيذ فعلي،[2] إذ لم تُسجل “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، ولا أي جهة مستقلة أخرى، أية حالات جرى فيها محاسبة مرتكبي التعذيب استناداً إلى هذا القانون. ونظراً لعدم احترام سوريا لالتزاماتها بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب، من المرجح أن يكون إصدار القانون خطوة شكلية فقط بهدف التخفيف من الضغوط الدولية، لا سيما في ضوء الدعٍوى القضائية التي رفعتها كندا وهولندا ضد سوريا أمام محكمة العدل الدولية.[3]
ففي الواقع لم يقتصر استخدام التعذيب على حالات فردية أو ظرفية، بل شكّل سياسة ممنهجة استهدفت بصورة أساسية المعارضين والمعارضات السياسيين للنظام. خلال سنوات النزاع، تم توثيق عشرات الآلاف من حالات التعذيب من قبل منظمات دولية[4] ومحلية[5]، إضافةً إلى لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا[6] والآلية الدولية المحايدة والمستقلة،[7] دون أن تقابلها أية إجراءات جادة للمساءلة أو منع التكرار.
وثقت عدة منظمات حقوقية، من بينها “سوريون”، عشرات الحالات الجديدة من التعذيب وسوء المعاملة والإهانة، ارتُكبت في ظل السلطة الحالية، من قبل أفراد ومجموعات عسكرية مرتبطة بالحكومة الانتقالية.[8] وشملت هذه الانتهاكات ممارسات تعذيب وإذلال لأشخاص على خلفيات طائفية أو دينية أو اجتماعية أو سياسية. وستتطرق هذه الورقة إلى عرض بعض هذه الحالات كمؤشرات على استمرار هذه الممارسات، دون أن تدّعي الحصر أو الشمول.
لأجل هذا التقرير، أجرت “سوريون” 7 مقابلات معمّقة عبر الإنترنت، عن طريق تطبيقات تواصل آمنة. خلال أخذ موافقاتهم المستنيرة، اطلع جميع من قابلناهم على الطبيعة الطوعية للمقابلة وسبل استخدام المعلومات التي شاركوها، بما في ذلك نشر هذا التقرير، فآثر 5 منهم إخفاء هوياتهم أو أي معلومات قد تدل عليها، خوفاً من أية أعمال انتقامية قد تطالهم أو تطال عائلاتهم. وعليه تم استخدام أسماء مستعارة للدلالة على الأشخاص الذين يقتبس التقرير أجزاء من إفاداتهم.
3. تعذيب مستمر بعد سقوط نظام الأسد: شهادات عن الانتهاكات في الشوارع وداخل مراكز الاحتجاز:
توثق الشهادات التالية التي وثقتها “سوريون” حالات من الانتهاكات الجسيمة التي ارتُكبت بحق مدنيين سوريين عقب سقوط النظام، على أيدي مجموعات تابعة للحكومة الانتقالية، بما في ذلك الأمن العام أو فصائل مسلحة وجهات عسكرية تابعة لوزارة الدفاع. تشمل هذه الانتهاكات الاعتقال التعسفي، والتعذيب النفسي والجسدي، والمعاملة المهينة، والحرمان من الضمانات القانونية الأساسية. رغم التزامات سوريا الدولية، تشير الشهادات إلى ممارسات مناهضة تماماً للقانون الدولي لحقوق الإنسان، لا سيما فيما يتعلق بحظر التعذيب، وحماية الأشخاص من الاختفاء القسري، وضمان كرامة المحتجزين.
تسرد هذه الشهادات، حكايات من وُضعوا في قلب دائرة العنف والتمييز، وتُسلّط الضوء على مسؤولية السلطات الجديدة في فتح تحقيقات نزيهة، ومحاسبة المسؤولين، ومنع تكرار هذه الجرائم.
3.1. “أُجبرونا على العواء وضربونا بالكبل” – شهادة عن التعذيب في مخفر بلدة جب الجراح في حمص – حزيران/يونيو 2025:
في مساء 6 حزيران/يونيو 2025، أوقف عناصر من الأمن العام خمسة شبّان من أبناء بلدة جب الجراح في حمص، بينهم الشاهد “نور”، وهو من الطائفة العلوية ويبلغ من العمر حوالي 25 عاماً. قام العناصر بتفتيش هواتفهم بذريعة أمنية، ثم انهالوا عليهم بالضرب والإهانات. يروي “نور” أن عناصر الأمن أجبروهم على “العواء كالحيوانات”، في مشهد مهين ومذل، مضيفاً:
“ضربنا العناصر وعذبونا، وأُجبرونا على العواء في انتهاك صارخ لكرامتنا الإنسانية.”
وبحسب الشاهد، عندما رفض أحد الشبان الانصياع، انهالوا عليه ضرباً حتى نزف، مستخدمين أداة حديدية وأخمص بندقية استهدفوا به رأسه. ثم أُجبروا جميعاً على المشي حفاة في الشوارع. وقبل الإفراج عنهم، فرض عليهم العناصر عدم مغادرة القرية لحين “تعافيهم جسدياً”، ما يُظهر نية واضحة في الإذلال ومنع تقديم شكوى أو توثيق.
بعد يومين، في صباح 8 حزيران/يونيو، اقتحمت مجموعة جديدة تابعة للأمن العام البلدة على متن سيارات سوداء، وداهمت منزل “نور” بعد أن اتهموه بأنه من “الفلول” ويخفي سلاحاً، واقتادوه إلى المخفر، حيث تعرّض للتعذيب الشديد باستخدام كبل رباعي، استُخدم لضرب قدميه ومناطق متفرقة من جسده. يقول “نور”:
“ضربوني بالكبل حتى شعرت أن أقدامي تتقطع، وكان الألم لا يُحتمل.”
في الوقت ذاته، قام عناصر الأمن بتفتيش منزله وتخريبه، وسرقوا مبلغاً مالياً ومصاغاً ذهبياً يعود لزوجته، دون أي مذكرة قانونية أو إجراءات رسمية.
3.2. “ضربونا حتى فقدنا كرامتنا” شهادة عن التعذيب في مخفر في حلب – 1 حزيران/يونيو 2025
تحدث الشاهد “اسماعيل”، وهو رجل أربعيني عاد إلى سوريا مؤخراً في زيارة لعائلته، عن تعرّضه في 1 حزيران/يونيو 2025 للاعتقال والضرب المبرح في مدينة حلب على يد عناصر يرتدون زي الأمن العام، على خلفية خلاف بسيط في أحد شوارع المدينة، بالقرب من مبنى الإذاعة. بدأت الواقعة بمشادّة حول موقف للسيارات، ثم تطورت إلى استدعاء مجموعة من الأشخاص المسلحين، بعضهم يستقل سيارة تحمل لوحة من إدلب، وأظهروا لاحقاً ارتباطهم بجهاز أمني بحسب الشاهد.
طلب أحدهم من “اسماعيل” إبراز هويته، لتبدأ بعد ذلك عملية اعتداء عنيف عليه وعلى شقيقه، شملت تهديداً مباشراً باستخدام السلاح، حيث قال أحدهم موجّهاً فوهة بندقيته إلى رأس الشاهد:
“سوف نرسله إلى إدلب ولن يعود.”
أُجبر الشاهد وشقيقه على تغيير المركبة أثناء النقل، وهناك تعرّضا لضرب وحشي باستخدام أخمص البنادق، مع توجيه إهانات مهينة مثل:
“أنتم شبيحة وخنازير.”
واستمر الضرب داخل السيارة، حيث أُجبر الشاهد وأخاه على الانبطاح أرضاً وتعرّضا للضرب المستمر كلما حاولا رفع رأسهما أو التحدث. يقول “اسماعيل” عن ذلك:
“انهالوا علينا بالضرب أكثر مما شاهدت في أي من مقاطع شبيحة الأسد عندما كانوا يعتقلون شخصاً”
لاحقاً، نُقلا إلى مخفر جانب جامع الحسن، حيث وُجّهت إليهما اتهامات ملفّقة، منها “الاعتداء على عنصر أمن” و”الإساءة إلى هيبة الدولة”. تعرّضا هناك للضرب والشتم، وتجريدهما من أوراقهما وأغراضهما الشخصية، قبل أن يُودعا في غرفة مكتظة بالموقوفين.
رغم نفي الشاهد لجميع التهم، وتأكيده أنه ناشط إعلامي وثّق الانتهاكات منذ عام 2015، قوبلت أقواله بالسخرية والتهديد، حيث قال أحد المحققين له:
“خراس ولاك.. هذا واجبك، ما تمنّنا. لو كنتُ معهم بالسيارة، لكنتُ كسرت السلاح على رأسك.”
وحين طالب الشاهد بتحويله إلى قاضٍ محايد لينظر في قضيته بشكل عادل، جاءه الرد:
“أنتم شعب لا يردعه إلا الدعس.”
أُطلق سراح الشاهد وشقيقه لاحقاً، بعد سلسلة من الإهانات والانتهاكات الجسيمة لكرامتهم، ووسط تدخل من أحد معارف والدهما. يقول الشاهد في نهاية شهادته:
“كان في عيني دموع كأنها ستغرق سوريا، وفمي مملوء بالدم، وكل جسدي يؤلمني.”
قال “اسماعيل” للمحقق أنه سيغادر سوريا فور إطلاق سراحه، وأضاف:
“ما الفرق بين معاملة النظام السابق ومعاملتكم؟ بعد أن أصبحنا بنظركم خنازير وشبيحة، كيف يُمكن أن نعود؟”
ليجيبني أحد العناصر بتهديد واضح:
“كأن رحيلك سيحزننا؟ إلى الجحيم، ارحل ولا تعد، وإن عدت سأتصرف معك”.
3.3. “يريدون أن نعترف بأي شيء” شهادة عن التعذيب والانتهاكات في قرية قرفيص في جبلة – نيسان/أبريل 2025
يُظهر توثيق “سوريون” لشهادات في قرية قرفيص، الواقعة ضمن ريف محافظة اللاذقية، أن فصيلاً عسكرياً تابعاً للأمن العام، ارتكب انتهاكات جسيمة بحق مدنيين في نيسان/أبريل 2025، شملت التعذيب الجسدي والنفسي، بحق رجال وشبّان لا علاقة لهم بأي نشاط عسكري أو سياسي. يُعرف هذا الفصيل باسم “الفرقة 400″، وقد اتخذ من فندق “جار القمر” ومن مبانٍ سكنية أخرى في القرية مقرات له.
وفق الشاهد “زياد”، وهو رجل في منتصف الأربعينات من سكان المنطقة، بدأت الانتهاكات مع إلقاء القبض على شاب مدني في 17 نيسان،[9] بواسطة عناصر في سيارة تابعة لفصيل “الفرقة 400”. نُقل الضحية إلى مقر الفرقة في فندق “جار القمر”، حيث تعرّض للتعذيب الوحشي لساعات طويلة:
“كانوا يريدونه أن يعترف بأنه من الفلول، أو يُقر بأسماء من كان منهم، أو من حمل السلاح… تعرّض للتعذيب من الساعة الثالثة بعد الظهر حتى الساعة الحادية عشرة صباحاً من اليوم التالي.”
ورغم عدم وجود أي صلة بين الضحية وأي طرف مسلح، تم نقله لاحقاً إلى مقرّ آخر للفصيل داخل الكلية البحرية في جبلة، حيث استُكمل تعذيبه. وعُثر عليه لاحقاً في منطقة “العسالية” وهو مكبّل، وعليه آثار ضرب مبرح، في حالة جسدية ونفسية يُرثى لها.
لاحقاً، تعرّض مدير مدرسة في قرفيص للاختطاف لساعتين من قبل نفس الفصيل، رغم عدم ارتباطه بأي نشاط عسكري، وخلال احتجازه، تعرض للضرب المبرح وجرى استجوابه بأسئلة مشابهة:
“ماذا تعرف عن مقداد فتيحة؟”، “ماذا تعرف عن الفلول؟”
وفي حادثة أخرى وثقتها الإفادة، أوقف عناصر من الفصيل رجلاً وابنه (طفل في الصف الثالث)، واقتادوهما بشكل منفصل، ووجهوا إليهما سلسلة من التهديدات أثناء التحقيق، على سبيل المثال:
“إن لم تتكلم، سنقتل ابنك”، “من من جيرانك حمل بندقية؟”، “أين الشبيحة؟”، “هل حمل أبوك سلاح؟”، “هل أنت سني أم علوي؟”
وفي 27 نيسان 2025، تعرّض الشاب حسن عبد الهادي يوسف، ويعمل في صيانة الدراجات النارية، للاختطاف وكانت آخر مشاهدة له قرب مقر الفصيل في الساعة السابعة مساءً. عُثر على جثمانه في اليوم التالي على بعد 500 متر من مقر الفصيل وعلى جسده آثار تعذيب شديدة. أفاد الطبيب الشرعي، بحسب الشاهد، أنه توفي نتيجة الخنق أو صدمة ألمية:
“كانت عيناه منتفختان، دامعتان، يخرج الدم من فمه وأنفه، وعلى رأسه آثار دماء، وكان قد سُحل وعضّ على لسانه، وكان لسانه ظاهراً بين أسنانه.”
ورغم محاولات ذويه البحث عنه فور اختفائه، رفض عناصر الفصيل السماح لهم بذلك، وقال قادتهم:
“لا.. ممنوع أن تتحركوا بالليل.”
تشير إفادة الطبيب إلى أن الوفاة حصلت ما بين الساعة 1:30 و2:00 ليلاً، ما يُشير إلى تعرض الضحية للتعذيب لما يقارب 6 ساعات متواصلة.
3.4. “ضربوني حتى تصورت أنني لن أخرج حيّاً” – شهادة عن تعذيب وفد من السياسيين من حاجز الأمن العام في حمص حتى سجن حارم في ادلب – 5 نيسان/أبريل 2025
في مقابلة مع “سوريون”، وثّق “رجا الدامقسي”،[10] الأمين العام لحزب الانتماء السوري الديمقراطي، تفاصيل اعتقاله مع وفد حزبي مكوّن من 21 شخصاً، بينهم نساء، أثناء توجّههم إلى شمال شرق سوريا لتقديم تدريب هناك. وأفاد أن الوفد كان في طريقه لتنفيذ نشاط مدني إداري لا علاقة له بأي نشاط عسكري أو تحالف سياسي.
“اعتقالنا لم يكن على أساس سياسي، لم يسألونا عن الحزب، ولا عن الانتماء، ولا صودر أي شيء له علاقة به… بل جرى الاعتقال تحت شعار أننا دروز وعلويون متجهون نحو الأكراد – وكأن هذا التكوين الطائفي هو الجريمة.”
تم توقيف الوفد على حاجز في حمص، وهناك بدأت سلسلة من الانتهاكات، كان أعنفها التعذيب الجسدي الذي تعرّض له الدامقسي على مدار أكثر من تسع ساعات:
“بدأ الضرب منذ اللحظة الأولى عند الحاجز، وتواصل حتى وصلنا إلى سجن حارم في إدلب. كان تعذيباً حتى حدود الموت، ضرب مبرح وإهانات متواصلة… كل مجموعة كانت تتسلمنا على الطريق تبدأ جولة جديدة من التعنيف.”
أكّد الدامقسي وجود توثيق مرئي لبعض آثار التعذيب الذي تعرّض له، بما في ذلك صور ومقاطع فيديو تُظهر الإصابات الجسدية:
“كان الضرب شديداً لدرجة لم يعد معها الألم يحتمل وقد تحملت الجزء الأكبر من التعنيف لأنني حاولت حماية النساء في الوفد من التعرض للضرب القاسي.”
وبحسب ما قال الشاهد فقد وُجهت للنساء إهانات لفظية وتعرّضن للضغط النفسي والجسدي، خاصة أثناء التنقل القسري بين مراكز الاحتجاز.
يروي الدامقسي أيضاً تفاصيل التحقيق في سجن إدلب، حيث اقتيد إلى المحقق معصوب العينين، وهناك طُلب منه التحدث “بصفته سياسياً”. رفض بدايةً، مشيراً إلى الظروف المهينة التي اعتُقل فيها، لكنه أُجبر لاحقاً على تسجيل مقطع فيديو يشيد فيه بـ”حسن المعاملة”، بعد تلقّيه تهديدات مبطّنة، رغم محاولة المراوغة وإعادة التصوير مراراً.
جاء الإفراج عن الوفد بعد وساطات وضغوط مارسها عدد من معارف الشاهد في مختلف المحافظات، مستفيداً من علاقاته الواسعة نتيجة نشاطه السياسي السابق. ويُرجّح أن هذه التدخلات حالت دون استمرار الاحتجاز أو تصعيد الانتهاكات بحقهم.
أضاف الشاهد:
“لم يُترك لنا شيء: لا نقود، لا أدوية، لا حتى زجاجة ماء واحدة. سُرقت ملابسنا، مقتنياتنا، حتى نظارتي وساعة والدي التي ورثتها عنه سُلبت.”
أثناء رحلة العودة، تنقّل الوفد من إدلب إلى دمشق بصعوبة شديدة، اعتماداً على مساعدة أصدقاء قدموا لهم الوقود وبعض النقود. وبحسب الشاهد، بقي أثر التعذيب النفسي والجسدي حاضراً، خاصة مع التهديدات التي وردت خلال الاحتجاز، منها ما فهمه الدامقسي بأنه تهديد بالتصفية على أساس طائفي:
“قالوا: سنقتل الدروز الساعة السادسة صباحاً، والعلويون الساعة الرابعة والنصف… عندما استدعوني في الواحدة والربع بعد منتصف الليل، ظننت أنهم سيعدمونني.”
لاحقاً، التقى أعضاء الوفد بمحافظ السويداء “مصطفى البكور” حيث قدّموا إفادة علنية حول ما تعرضوا له من اعتقال وتعذيب وسرقة، وتم توثيق شهاداتهم وتداولها عبر منصات التواصل الاجتماعي. وفي السياق ذاته، أفادت الناشطة غادة رسلان الشعراني -أحد أعضاء الوفد- أن منظمات المجتمع المدني رفعت دعوى قضائية أمام محكمة السويداء، وتم إخضاع المتضررين لفحوص من قبل الطبابة الشرعية لتوثيق التعذيب. ولكن حتى تاريخ إعداد هذا التقرير، لم يُنشر أي تقرير رسمي أو نتائج علنية بشأنها، ولا توجد إشارات إلى خطوات لاحقة مثل إحالة للمساءلة أو متابعة قانونية واضحة.
3.5. “ضرب وحشي باستخدام أخمص البنادق، وعصيّ الخيزران، والأحزمة” مخفر مدينة سلحب ومركز احتجاز في قرية صقلية في حماة – 7 آذار/مارس 2025
تحدثت “سوريون” مع الشاهد “بهاء”، وهو مدني من حماة ويبلغ من العمر حوالي 25 عاماً، وقد روى أن قوات من “الأمن العام” ومقاتلي فصائل مسلحة دخلوا مدينة سلحب بتاريخ 7 آذار/مارس 2025، أثناء ذهابهم إلى قرية الدالية، وشرعوا مباشرة بحملة تفتيش عن السلاح. وبحسب الشهادة، ارتُكبت خلال هذه الحملة أكثر من 200 حالة اعتقال تعسفي، إضافة إلى قتل العشرات خارج إطار القانون. وصف الشاهد عمليات الاعتقال بأنها ترافقت مع “الإهانة، والضرب، والشحط، والركل”، في سياق من العنف والإذلال الجماعي.
من بين المعتقلين، كان ابن عم “بهاء” الذي نُقل إلى قرية الصقلية في حماة حيث وُضع في سجن تابع لها، وتعرّض هناك لضرب مبرح، شمل رأسه وجسده، وصفه “بهاء” بأنه “وحشي”.
وأشار “بهاء” إلى أنه عرف من المعتقلين بعد الإفراج عنهم الكثير من حيثيات الاعتقال، فقد أُودعوا في مخفر مدينة سلحب، وهو مبنى يتكوّن من خمسة طوابق، واحتُجزوا فيه لمدة خمسة أيام، خضعوا خلالها لتعذيب شديد. تم استخدام أخمص البنادق، وعصيّ الخيزران، والأحزمة في تعذيبهم، قبل الإفراج عنهم. قال الشاهد:
“عندما عاد ابن عمي لم يكن قادر على المشي من شدة الضرب.”
3.6. “ضربوه حتى لم يعد يستطيع المشي” – شهادة عن التعذيب في دمشق بحق رجل وابنه القاصر – كانون الأول/ديسمبر 2024
في 24 كانون الأول/ديسمبر 2024، تعرض “حسين”، وهو مدني مقيم في حي القدم بدمشق وينتمي للطائفة العلوية، لاعتقال تعسفي وعنيف على يد مجموعة مسلّحة ضمت عناصر بلباس الأمن العام. وفق إفادة أحد معارف المعتقل، كانت عائلته قد استأجرت منزلاً في حارة العنازة/العنازي داخل حي القدم، ولم تسجل أي مشاكل سابقة مع المالك. وبحسب المصدر بدأت الحادثة عندما جاء صاحب المنزل برفقة مجموعة مسلحة داهمت البيت فجأة، وبدأ العناصر بتوجيه الشتائم والعبارات الطائفية لسكانه، واتهموا العائلة بأنهم “علويون شبيحة”. ثم انهالوا على “حسين” بالضرب واقتادوه بالقوة، ووضعوه في صندوق السيارة.
أكد المصدر أن أحد المشاركين في الاعتقال كان يرتدي بدلة عسكرية زيتية اللون، بينما كان آخرون يرتدون زي الأمن العام. كما أفاد بأن ابن “حسين” البالغ من العمر 16 عاماً اعتُقل أيضاً في مخفر المهاجرين بدمشق، ليتم الإفراج عنه في وقت لاحق من اليوم ذاته وقد ظهرت عليه بوضوح آثار التعذيب:
“عاد حافي القدمين. كان خائفاً ومصدوماً، وروى أنهم… ضربوه بأخمص البندقية وهددوه بالقتل.”
وبحسب المصدر، عندما قابلت عائلة “حسين” المعتقل في مخفر المهاجرين، بدت عليه آثار واضحة لتعذيب شديد:
“كان بالكاد قادراً على الوقوف من شدة الضرب، وجهه كان متورماً بشكل لا يصدق.”
وذكر المصدر أن “حسين” نُقل إلى مركز احتجاز آخر داخل مبنى كان يُستخدم سابقاً كفرع للأمن السياسي، إلا أن إدارة المركز أنكرت وجوده، ما يُشير إلى تعرضه للاختفاء القسري.[11]
3.7. “اقتلني وريحني” – تعذيب رجل خمسيني في حي الرمل الشمالي في اللاذقية، 7 آذار/مارس 2025
أفاد “باسل”، رجل في الخمسينات من عمره من سكان حي الرمل الشمالي في اللاذقية، بتعرضه للتعذيب على يد عناصر يتبعون للأمن العام، أثناء توجهه صباح 7 آذار/مارس 2025 لشراء حاجات منزله. قال باسل:
“بمجرد ابتعادي 200 متر عن منزلي، ناداني أحدهم: ‘تعال أيها الخنزير’، فوجدت أربع سيارات مليئة بعناصر مسلحة طلبوا مني الانبطاح. ضربوني بأخمص البنادق على ظهري وكتفي ورأسي دون توقف.”
أوضح الشاهد أن العناصر المسلحة قاموا بنزع قميصه أثناء الضرب، ولاحظوا آثار عملية جراحية سابقة في ظهره، فظنوا أنه مقاتل سابق:
“كثفوا الضرب على مكان العملية، وبدأوا يصرخون ويشتمون العلويين”.
خلال الاعتداء، دار نقاش بين العناصر والمسؤول عنهم وينادونه “الشيخ” بشأن قتل “باسل”، بحسب الشاهد:
“قال أحد العناصر هل نصفيه يا شيخ؟ فأجبته بسرعة اقتلني وريحني”.
لاحقاً اقتادوه إلى منزله لتفتيشه بحثاً عن السلاح. فتشوا المكان وضربوه أمام زوجته وابنه، وسرقوا منه 200 ألف ليرة سورية، دون أن يجدوا أية أسلحة.
بعد يومين من الحادثة، راجع “باسل” الطبيب وتبين أنه بات نتيجة الضرب المبرح يعاني من ثلاثة كسور في الأضلاع اليسرى، وكسر في الجهة اليمنى، وأذية في الكتف سبّبت تكلساً في المفصل والتهاباً في الوتر.
تشير الشهادات الواردة في هذا التقرير إلى مؤشرات مقلقة على وقوع انتهاكات داخل بعض مراكز الاحتجاز الرسمية الخاضعة لجهات أمنية أو عسكرية، شملت الاعتقال دون مذكرات قانونية، والتعذيب الجسدي والنفسي، والإخفاء القسري، واحتجاز قاصرين في ظروف لا تراعي المعايير الإنسانية، إلى جانب محاولات للتأثير على حقيقة ما جرى من خلال تسجيلات مشكوك في مصداقيتها. وتُنفذ هذه الممارسات في ظل غياب الرقابة القضائية والضمانات القانونية الواجبة، الأمر الذي يتعارض مع أحكام القانون السوري والتزامات سوريا الدولية بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. كما تُظهر الشهادات استمرار حالات التعذيب بعد سقوط النظام، ما يطرح تساؤلات جدية حول احترام مبادئ العدالة والكرامة، ويُبرز الحاجة إلى تحقيق مستقل وشفاف لمحاسبة المسؤولين، خاصة في ظل ارتباط بعض الجهات المشتبه بتورطها بهياكل وزارة الدفاع أو الأمن العام.
4. تأكيد المصادر المفتوحة لاستخدام التعذيب من قبل الأمن العام والفصائل العسكرية:
علاوةً على الشهادات المباشرة التي وثقتها “سوريون “، انتشرت خلال الأشهر الماضية عشرات من مقاطع الفيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي تُظهر حالات ضرب وتعذيب ومعاملة مهينة بحق محتجزين في مناطق مختلفة من سوريا. تشكّل هذه الحالات مؤشرات خطيرة على استمرار ممارسات الإهانة والتعذيب حتى اليوم، سواء من قبل عناصر في جهاز الأمن العام أو مجموعات تابعة لوزارة الدفاع. وبناءً عليه، تورد “سوريون” فيما يلي أمثلة إضافية مستندة إلى مصادر مفتوحة، مع التأكيد على أنها لا تعكس حجم الانتهاكات بالكامل ولا تُحيط بجميع الحالات. ويُعد التحقيق الجدي والشفاف في هذه الوقائع، ومحاسبة المسؤولين عنها، واجباً قانونياً وأخلاقياً لضمان عدم الإفلات من العقاب واستعادة ثقة المواطنين بمؤسسات الدولة.
في 5 حزيران/يونيو 2025، توفي الشاب “حافظ يوسف الطويل”، المنحدر من قرية باروحة التابعة لمنطقة تلكلخ في ريف حمص، بعد خمسة أيام فقط من احتجازه على يد عناصر أمنية تتبع للحكومة السورية. وبحسب مصادر محلية،[12] تعرّض الطويل للتعذيب أثناء فترة احتجازه، ما أدى إلى وفاته داخل أحد مراكز الاحتجاز. وقد سُلّمت جثته لاحقاً إلى ذويه، في ظل إجراءات أمنية مشددة، شملت منع أفراد العائلة والجيران من تداول أي معلومات حول ملابسات الوفاة أو الإدلاء بتصريحات لوسائل الإعلام، ما يعزز مناخ الخوف ويشير إلى محاولة التستر على الجريمة وحرمان العائلة من حقها في معرفة الحقيقة وتحقيق العدالة.
وفي حادثة أخرى، قُتل كل من “ربيع الشعشاع”[13] و”مهران السلامي”[14] تحت التعذيب في أيار 2025، وذلك بعد اعتقالهما في منطقة صحنايا بريف دمشق على يد عناصر من الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة السورية الانتقالية. وبحسب مصادر محلية وحقوقية، فإن الشابين نُقلا إلى مركز احتجاز غير معلن، حيث تعرّضا لسوء معاملة جسيمة وتعذيب أدى إلى وفاتهما، دون أي إجراءات قضائية تسبق احتجازهما أو إشعار رسمي لعائلتيهما بمكان وجودهما أو أسباب توقيفهما. وتُعدّ هذه الحادثة من أبرز الأمثلة الحديثة على استمرار الإفلات من العقاب، واستخدام التعذيب كوسيلة للترهيب والتصفية، خارج إطار القانون.
وفي سياق آخر، تعرض الناشط السوري “عبد الرحمن كحيل” للتوقيف التعسفي في 2 أيار/مايو 2025، على يد عناصر من جهاز الأمن العام والأمن الجنائي، أثناء تواجده مع خطيبته في شارع خالد بن الوليد بمدينة حمص. وقد رافق اعتقاله غير القانوني اعتداء جسدي ونفسي يرتقي إلى مستوى التعذيب، بحجة عدم حيازته وثائق تثبت طبيعة العلاقة بينه وبين الفتاة. وأسفر ذلك عن إصابات جسدية بالغة، منها ثقب في غشاء الطبل وكدمات في الوجه واليدين، إضافة إلى توجيه عبارات مهينة بحق الفتاة.[15]
كما وثّقت “سوريون” تسجيل مصور نُشر في أوائل أيار/مايو 2025، يظهر فيه عنصر أمني مُقنّع، يُشتبه بانتمائه إلى جهاز الأمن العام، وهو يُجبر أحد المواطنين على تقليد صوت الخروف مستخدماً تعبيرات مهينة من بينها “مَعّي ولاك”، وذلك في سياق أحداث شهدت انتهاكات بحق أفراد من الطائفة الدرزية في دمشق وريفها، في انتهاك فاضح للكرامة الإنسانية والحماية من المعاملة الحاطّة بالكرامة.[16]
وفي 24 نيسان/أبريل 2025، بثّ الإعلامي “جميل الحسن”، المعروف بقربه من السلطة السورية الانتقالية، تسجيلاً مصوراً عبر منصة “X” يظهر فيه وهو يستجوب محتجزاً يدعى أبو محمد تيسير، المتهم بارتكاب انتهاكات سابقة بحق مدنيين. وقد بدا على المحتجز آثار واضحة للتعذيب الجسدي، ما يثير شكوكاً قوية بشأن ظروف احتجازه وسلامة الإجراءات المتبعة بحقه، ويؤشر إلى احتمالية تعرّضه لسوء المعاملة أثناء التوقيف أو التحقيق.[17]
إضافة لما سبق، وثّق تسجيل مصور من مدينة محردة بمحافظة حماة، بتاريخ 30 نيسان/أبريل 2025، قيام عناصر من جهاز الأمن العام بحلق رؤوس عدد من الشبان المسيحيين وتوجيه إهانات طائفية بحقهم، من بينها وصفهم بـ”النصارى الخنازير”، بزعم اختلاطهم بفتيات.[18] وأفادت مصادر إعلامية، منها موقع “المدن“، بأن هذه الواقعة ليست معزولة، بل تأتي في سياق سلسلة من الانتهاكات المشابهة، شملت مناطق أخرى كدمشق، حيث تم توقيف شبّان لمجرد مرافقتهم لنساء في الأماكن العامة، دون وجود أي إجراء قانوني معلن. وبحسب “المدن” تم توثيق حالات أخرى تم فيها حلق شعر مراهقين في الشارع بتهمة “تلطيش الفتيات” في حي ركن الدين، إلى جانب نشر منشورات في كلية الطب بجامعة دمشق تحضّ الذكور على تجنّب الاختلاط أو مصافحة النساء.
وفي آذار الماضي، تحققت “سوريون” من مقطع مصور يوثّق حالات إذلال ذات طابع طائفي خلال أحداث الساحل السوري في 8 آذار/مارس 2025، يُظهر أفراداً يُعتقد بانتمائهم للسلطات الانتقالية وهم يُجبرون معتقلين على تقليد أصوات الكلاب، وسبّ الطائفة العلوية، وترديد عبارات طائفية مُهينة من قبيل: “بني أمية أسيادنا”، في سلوك ينطوي على تحقير طائفي وانتهاك صارخ للكرامة الإنسانية.[19]
5. تجربة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” في توثيق التعذيب ودعم الضحايا:
منذ عام 2021، أولت “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” اهتماماً خاصاً بتوثيق جرائم التعذيب التي تُعد من أخطر انتهاكات حقوق الإنسان، وواحدة من الجرائم التي لا تسقط بالتقادم بموجب القانون الدولي. وقد وثّقت المنظمة، حتى منتصف عام 2025، ما يقرب من 340 حالة تعذيب جسدي ونفسي، ارتُكبت على يد أطراف متعددة في النزاع السوري، بما في ذلك الجهات الحكومية السابقة، وفصائل مسلحة معارضة، وقوى أمر واقع، وهو ما يعكس الطابع الواسع والممنهج لهذه الجريمة عبر مختلف المناطق وخطوط السيطرة.
لا تنظر “سوريون” إلى التوثيق بوصفه عملية أرشفة رقمية فقط، بل كمسار إنساني وأخلاقي يستهدف حفظ ذاكرة الضحايا، وتثبيت سردياتهم في وجه النسيان والإنكار، ووضع الأساس لأي مسار جاد للمساءلة وجبر الضرر والعدالة الانتقالية. وتُشكّل قاعدة البيانات الناتجة عن هذا العمل المرجعي أداة مركزية يمكن الاستناد إليها في المرافعة القانونية، وفي دعم جهود التقاضي المحلي والدولي.
5.1. التزام صارم بمنهجيات التوثيق الدولية
تعتمد “سوريون” سياسة صارمة في توثيق التعذيب، تستند إلى مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية لتوثيق الانتهاكات الجسيمة. يلتزم الفريق بمبدأ “عدم التسبب بضرر” كقاعدة أساسية، ويخضع جميع الباحثين والباحثات لتدريبات متخصصة حول آليات المقابلة الآمنة، حماية البيانات، وتقييم عوامل الخطورة. كما يُخضَع كل توثيق لعملية مراجعة وتحقق متعددة المستويات قبل إدراجه في قاعدة البيانات المركزية.
تتم مقابلة الضحايا بشكل طوعي وسري، وفقاً لبروتوكولات موافقة مسبقة واعية، مع احترام كامل لكرامتهم وخياراتهم. ويُراعى في كل مرحلة السياق الشخصي والاجتماعي للضحية، بما يشمل النوع الاجتماعي، الخلفية الدينية أو الإثنية، والفروقات النفسية الناتجة عن طبيعة التجربة.
5.2. من التوثيق إلى الاستجابة الشاملة
انطلاقاً من قناعة راسخة بأن العدالة لا تكتمل دون التعافي، تعمل “سوريون” على توفير استجابة متكاملة للناجين والناجيات من التعذيب. يشمل الدعم المقدم استجابة متكاملة تُراعي مختلف أوجه المعاناة الناتجة عن الانتهاك. يُوفَّر الدعم الطبي من خلال تقييم دقيق للاحتياجات الصحية لكل حالة، مع إحالات لأطباء مختصين وتغطية كاملة لتكاليف العلاج، بما في ذلك الرعاية المزمنة، الطب الفيزيائي، وطب الأسنان. أما الدعم النفسي، فيُقدَّم عبر جلسات فردية وجماعية بإشراف مرشدين نفسيين متخصصين، مع إمكانية الإحالة إلى أطباء نفسيين عند الحاجة. وعلى المستوى القانوني، تُقدَّم المساعدة في استعادة الوثائق المدنية المفقودة بسبب الاعتقال أو النزوح، مما يمكّن الضحايا من استعادة وضعهم القانوني وممارسة حقوقهم الأساسية. كذلك، يتم تقديم دعم اجتماعي ومالي لتأمين احتياجات المعيشة الأساسية بطرق تحفظ الكرامة وتخفف الأعباء اليومية في مرحلة التعافي، إلى جانب توفير فرص تدريب مهني تساعد الناجين والناجيات على اكتساب مهارات جديدة، والاندماج في سوق العمل، وتحقيق استقلالهم الاقتصادي.
يتم تقديم هذا الدعم بناءً على تقييم فردي دقيق، مع مراعاة حساسية كل حالة وخصوصيتها، بما يضمن استجابة آمنة، مرنة، وفعالة.
6. حظر التعذيب في الإعلان الدستوري:
ينص الإعلان الدستوري الصادر عن الحكومة السورية الانتقالية بتاريخ 13 آذار/مارس 2025 في مادته 18 على واجب الدولة بضمان كرامة الإنسان وحرمة الجسد ومنع التعذيب، وعلى عدم سقوط جرائم التعذيب بالتقادم. وفي مادته 49 على عدم سقوط جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية -ومن بينها التعذيب- بالتقادم إذا ارتُكبت من قبل النظام البائد.
ورغم أن هذه النصوص تُشكّل خطوة أولية نحو الاعتراف بخطورة جريمة التعذيب، إلا أنها تبقى غير كافية من منظور حقوقي، لافتقارها إلى ضمانات إجرائية واضحة، مثل الحق في الانتصاف، وبطلان الأدلة المنتزعة تحت التعذيب، وضمانات الوقاية أثناء الاحتجاز. كما أن ربط عدم التقادم بالجرائم المرتكبة من قبل النظام السابق فقط يطرح مخاوف جدية حول إمكانية إفلات الجناة الآخرين –بمن فيهم من ينتمون إلى السلطة الحالية– من المحاسبة، وحصول تمييز ضد فئة من الضحايا، وهو ما يتعارض مع المبادئ الأساسية للقانون الدولي التي تحظر التمييز في تطبيق العدالة وتُقرّ بعدم تقادم هذه الجرائم بغضّ النظر عن هوية مرتكبيها. وعليه، فإن أي إطار دستوري يُعالج التعذيب يجب أن يتضمن التزامات شاملة ومحددة تضمن الوقاية والمساءلة وعدم الإفلات من العقاب، دون انتقائية سياسية أو زمنية.
تنص المادة 49 من الإعلان الدستوري على إنشاء هيئة خاصة تُعنى بالعدالة الانتقالية، تضطلع بمهام الحقيقة والمساءلة وجبر الضرر. وقد أصدر رئيس الجمهورية المؤقت أحمد الشرع المرسوم رقم 20 بتاريخ 17 أيار/مايو 2025 القاضي بإنشاء “الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية”، في خطوة تبدو رمزية أكثر منها فعلية، نظراً لغياب أي آلية تشاركية في تشكيلها، وانعدام الضمانات المتعلقة باستقلاليتها وصلاحياتها. كما لم تُرفق الهيئة بأي استراتيجية وطنية شاملة أو خارطة طريق واضحة، مما يمكن أن يُقوّض فعاليتها كمؤسسة يفترض أن تقود مسار العدالة والمساءلة. وتؤكد “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” أن إنشاء هيئة تابعة للسلطة التنفيذية، من دون إشراك الضحايا والمجتمع المدني، يعمّق المخاوف من تمييع مفهوم العدالة الانتقالية وتحويله إلى أداة سياسية. وقد فاقم هذا القلق فشل الهيئة في الالتزام بالمهلة المحددة في المرسوم لوضع نظامها الداخلي. وفي السياق ذاته، ورغم أن تجريم “تمجيد نظام الأسد” أو إنكار جرائمه في الإعلان الدستوري يمثل تحوّلاً في الخطاب القانوني، إلا أن حصر المساءلة بجرائم النظام السابق دون الإشارة إلى انتهاكات الأطراف الأخرى يكرّس مقاربة انتقائية تُقوّض أسس العدالة الشاملة.
إضافة لما سبق، ينص الإعلان الدستوري صراحة على استمرار سريان القوانين السابقة ما لم تُعدّل أو تُلغ، وعليه، فإن قانون مكافحة التعذيب رقم 16 لعام 2022 لا يزال نافذاً. ويترتب على ذلك التزام واضح على الحكومة الحالية بتطبيق أحكامه. إلا أن عدم اتخاذ أي إجراءات فعلية لتنفيذه، بالتوازي مع استمرار ارتكاب انتهاكات واسعة النطاق، يُظهر بوضوح غياب الإرادة السياسية الجدية لمكافحة التعذيب ووضع حد لهذه الممارسات.
7. التوصيات:
تشير الشهادات والمواد الموثقة في هذا التقرير إلى مؤشرات على استمرار التعذيب، مما يتطلب تحركاً عاجلاً من السلطات المحلية والجهات الدولية المعنية. وفي هذا السياق، تقدم “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” لهم التوصيات التالية:
- فتح تحقيقات عاجلة ومستقلة وشفافة في جميع الانتهاكات الواردة في هذا التقرير، وعلى رأسها جرائم التعذيب والمعاملة اللاإنسانية أو المهينة، مع تشكيل آلية تحقيق مستقلة، للنظر في جميع الانتهاكات المرتكبة منذ 8 كانون الأول/ديسمبر 2024.
- الالتزام الفوري وغير المشروط بحظر التعذيب، وتفعيل القانون رقم 16 لعام 2022، والالتزام بجميع المعاهدات الدولية التي تحظر التعذيب، والعمل على تكييف التشريعات الوطنية بما يتوافق مع هذه الالتزامات، بما في ذلك الانضمام إلى البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب.
- ضمان المساءلة وعدم الإفلات من العقاب، من خلال إحالة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة، بما فيها التعذيب، إلى قضاء عادل، ووقف كل أشكال الحماية عنهم، بما يشمل وقف تعيين أي شخص متورط في مناصب رسمية أو قيادية.
- الكشف الفوري عن مصير المحتجزين والمختفين قسراً، لا سيما في حالات الاعتقال التعسفي، وضمان تمكين جميع المحتجزين من المثول أمام القضاء مع احترام حقهم في محاكمة عادلة.
- اتخاذ تدابير فعّالة لحماية الممتلكات الخاصة أثناء العمليات الأمنية والاحتجاز، بما في ذلك منع السرقات أو أعمال التخريب، والتحقيق في الانتهاكات الموثقة بهذا الصدد، مع ضمان إعادة الحقوق لأصحابها ومحاسبة المتورطين.
- ضمان العودة الآمنة والطوعية والكريمة للاجئين والنازحين، من خلال تهيئة بيئة قانونية وإنسانية خالية من التهديد والتمييز، بما يكفل احترام الحق في الأمان وعدم التعرض للإهانة، وبما يتفق مع نص المادة 8 من الإعلان الدستوري التي تقضي بواجب الدولة باتخاذ خطوات عملية لتذليل العقبات أمام العودة.
- ضمان وصول المنظمات الحقوقية المستقلة والآليات الدولية ذات الصلة إلى أماكن الاحتجاز، وتمكينهم من تقييم الأوضاع والالتقاء بالضحايا، دون عوائق. ودعوة المقرّرة الخاصة المعنية بمسألة التعذيب لزيارة سوريا، لتقييم الوضع ميدانياً وتقديم التوصيات اللازمة، كخطوة ضرورية نحو تعزيز الشفافية والمحاسبة.
[1] مقطع فيديو منشور على فيسبوك. درج ميديا. 5 أيار/مايو 2025. https://www.facebook.com/darajmedia/videos/617684041300752
[2] “طلب تصريح من المقررة الخاصة المعنية بالتعذيب حول أمر محكمة العدل الدولية بشأن أمر التدابير المؤقتة في قضية هولندا وكندا ضد سوريا”. سوريون من أجل الحقيقة والعدالة. 17 أيلول/سبتمبر 2024. https://stj-sy.org/ar/%d8%b7%d9%84%d8%a8-%d8%aa%d8%b5%d8%b1%d9%8a%d8%ad-%d9%85%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%82%d8%b1%d8%b1%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ae%d8%a7%d8%b5%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b9%d9%86%d9%8a%d8%a9-%d8%a8%d8%a7/
[3] “محكمة العدل الدولية تعلن قبول الطلب المقدم من كندا وهولندا ضد الحكومة السورية”. المركز السوري للإعلام وحرية التعبير. 13 حزيران/يونيو 2023. ttps://scm.bz/the-international-court-of-justice-announces-dutch-canadian-application-against-the-syrian-government/
[4] على سبيل المثال، أنظر: “أقبية التعذيب”. هيومان رايتس واتش. 3 تموز/يوليو 2013. https://www.hrw.org/ar/report/2012/07/03/256336 . أنظر أيضاً: “سوريا: المسلخ البشري: عمليات الشنق الجماعية والإبادة الممنهجة في سجن صيدنايا بسوريا”. منظمة العفو الدولية. 7 شباط/فبراير 2014. https://www.amnesty.org/ar/documents/mde24/5415/2017/ar/
[5] على سبيل المثال، أنظر: جراح خفية: التعذيب في سوريا وتبعاته القانونية والاجتماعية والاقتصادية. المركز السوري للإعلام وحرية التعبير. آذار/مارس 2021. https://scm.bz/invisible-scars-torture-in-syria/
أنظر أيضا: “في اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب وثَّقنا مقتل 15383 سورياً تحت التعذيب منذ آذار/ 2011 وما زال 157287 معتقلاً أو مختفٍ قسرياً يعانون من التعذيب”. الشبكة السورية لحقوق الإنسان. 26 حزيران/يونيو 2024. https://snhr.org/arabic/2024/06/26/%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d9%8a%d9%88%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%88%d9%84%d9%8a-%d9%84%d9%85%d8%b3%d8%a7%d9%86%d8%af%d8%a9-%d8%b6%d8%ad%d8%a7%d9%8a%d8%a7-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b9%d8%b0%d9%8a%d8%a8/
[6] على سبيل المثال، أنظر: “شبكة عذاب: تقرير لجنة الأمم المتحدة يكشف النقاب عن عمق جرائم الاعتقال التي ارتكبتها الحكومة السابقة خلال العقد الأول من الحرب السورية”. لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية. 27 كانون الثاني/يناير 2025. https://reliefweb.int/report/syrian-arab-republic/web-agony-un-commissions-report-unveils-depths-former-governments-detention-crimes-during-first-decade-syrian-war-enar?utm_source=chatgpt.com
أنظر أيضاً: “لا نهاية تلوح في الأفق”. لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية. 10 تموز/يوليو 2023. https://www.ohchr.org/sites/default/files/documents/hrbodies/hrcouncil/coisyria/A-HRC-53-CRP5-Syria-Torture-AR.pdf
[7] على سبيل المثال، أنظر: “نظام احتجاز الحكومة السورية كأداة قمع عنيف”. الآلية الدولية المحايدة والمستقلة. حزيران/يونيو 2024. https://iiim.un.org/ar/%D9%86%D8%B8%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D8%AC%D8%A7%D8%B2-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%88%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%83%D8%A3%D8%AF%D8%A7%D8%A9-%D9%82%D9%85%D8%B9/
[8] “سوريا: تأبيد الإذلال وامتهان الكرامة” درج ميديا. 3 أيار/مايو 2025. https://daraj.media/سوريا–تأبيد–الإذلال–وامتهان–الكرامة/
[9] لم يكن الشاهد متأكداً من التاريخ حيث ذكر أنه قد يكون 18 نيسان/أبريل 2025.
[10] أكد الشاهد “رجا الدامسقي” في المقابلة التي أجرتها معه “سوريون” على عدم ممانعته في استخدام اسمه الصريح ضمن هذا التوثيق.
[11] للمزيد من التفاصيل عن حوادث مشابهة في حي القدم بمدينة دمشق، انظر تقرير “سوريا: توثيق حالات اختفاء قسرية واعتقالات تعسفية في حي القدم الدمشقي”. سوريون من أجل الحقيقة والعدالة. 23 حزيران/يونيو 2025. https://stj-sy.org/ar/%d8%b3%d9%88%d8%b1%d9%8a%d8%a7-%d8%aa%d9%88%d8%ab%d9%8a%d9%82-%d8%ad%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d8%ae%d8%aa%d9%81%d8%a7%d8%a1-%d9%82%d8%b3%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d8%b9%d8%aa%d9%82%d8%a7/
[12] منشور على منصة فيسبوك. الإعلامي وحيد يزبك. 5 حزيران/يونيو 2025. https://www.facebook.com/alahteatea/posts/-%D8%AA%D9%84%D9%83%D9%84%D8%AE-_-%D9%88%D8%AD%D9%8A%D8%AF-%D9%8A%D8%B2%D8%A8%D9%83%D9%85%D9%82%D8%AA%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A7%D8%A8-%D8%AD%D8%A7%D9%81%D8%B8-%D9%8A%D9%88%D8%B3%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%88%D9%8A%D9%84-%D9%85%D9%86-%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D9%88%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%A8%D8%B9%D8%A9-%D9%84%D9%85%D9%86%D8%B7%D9%82%D8%A9-%D8%AA%D9%84%D9%83%D9%84/1289369793188962/
أنظر أيضا: “وسط اتهامات بتعذيبه.. وفاة شاب من ريف تلكلخ بعد نحو أسبوع من اعتقاله”. المرصد السوري لحقوق الإنسان. 5 يونيو 2025. https://www.syriahr.com/%d9%88%d8%b3%d8%b7-%d8%a7%d8%aa%d9%87%d8%a7%d9%85%d8%a7%d8%aa-%d8%a8%d8%aa%d9%80-%d9%80%d8%b9%d9%80-%d9%80%d8%b0%d9%8a%d9%80-%d9%80%d8%a8%d9%87-%d9%88%d9%81%d8%a7%d8%a9-%d8%b4%d8%a7%d8%a8-%d9%85/764372/
[13] “أكثر من 137 قتيلاً خلال عشرة أيام وسط استهداف مباشر للطائفة الدرزية”. مركز معلومات روج آفا. 15 أيار/مايو 2025. https://rojavainformationcenter.org/ar/2025/05/%D8%A3%D9%83%D8%AB%D8%B1-%D9%85%D9%86-137-%D9%82%D8%AA%D9%8A%D9%84%D8%A7%D9%8B-%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%84-%D8%B9%D8%B4%D8%B1%D8%A9-%D8%A3%D9%8A%D8%A7%D9%85-%D9%88%D8%B3%D8%B7-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%87/
[14] منشور على منصة ×. السويداء 24. 21 أيار/مايو 2025. https://x.com/suwayda24/status/1925210948052107594
[15] منشور على فيسبوك. 7 أيار/مايو 2025. https://www.facebook.com/story.php?story_fbid=10171850531895232&id=802160231&rdid=SPz0pusnkltNVtDP
[16] مقطع ريل على فيسبوك، ، تاريخ الاطلاع: 9 أيار/مايو 2025. https://www.facebook.com/reel/671390225784004
[17] منشور على منصة ×. جميل الحسن. 24 نيسان/أبريل 2025. https://x.com/Jamil_Alhasaan/status/1915176341298626734
[18] منشور على فيسبوك، مقطع فيديو. إيفان حسيب. 30 نيسان/أبريل 2025. https://www.facebook.com/Ivan.Hassib/videos/665312246112058/
[19] منشور على تلغرام. قناة كابوس تل رفعت. 8 آذار/مارس 2025. https://t.me/KabosTelRifat/22208
المصدر: سوريون من أجل الحقيقة والعدالة
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd-online.com/?p=71195