الجمعة, نوفمبر 22, 2024

الجزء السادس.. بارزان في المصادر اليهودية والغربية

ب. د. فرست مرعي

1- في سنة 1855م أقيمت دعوى من قبل أهالي مدينة الموصل على الحاخام “سلوم بارزاني” بسبب اهانته لاحد مسلمي المدينة في احدى محاكم المدينة؛ وتقرر بناءً على الشكوى نفي الحاخام اليهودي الكردستاني الى دير ساديت في منطقة استنبول، ومن ثم الى مدينة سالونيك اليونانية. ووفقاً لبيان وزارة خارجية الدولة العثمانية المحفوظ في الارشيف العثماني، تمت الموافقة على العريضة التي قدمها الحاخام اليهودي الأكبرفي مدينة استنبول في 29 فبراير/ شباط عام 1856م بسبب أن الحاخام (سلوم البارزاني) غير مرتاح في مدينة سالونيك، وأن اطفاله يعانون من أمراضٍ نفسية نتيجة بعد ولي أمرهم عنهم، لذا وافقت الحكومة العثمانية على طلب الحاخام الاكبر في 11 أبريل/ نيسان عام1856م، وتم ترحيل الحاخام سلوم بارزاني إلى إحدى مستوطنات اليهود في مدينة القدس في 20 أبريل/ نيسان عام 1861م. https://bilgeturkhaber.com/barzani-ailesi-yahudi-mi

 

2- في سنة 1905م وعند زيارة الكاهن الاسكتلندي ” دبليو. أي. ويكرام وشقيقه إدغار. تي. ويكرام، لاحظا أن الشيخ (= عبدالسلام البارزاني) في نظر أتباعه ليس مجرد زعيم قبلي كبير، فهم يعتقدون بقداسته الموروثة. ورجال عشيرته هم أتباعه الروحيون مريدون وهذه الحقيقة تؤكدها حادثة جرت في وقت سابق على هذا بقليل قصها علينا مار شمعون جاثاليق(= بطريرك) الأثوريين الذي يتمتع بمكانة مماثلة للشيخ البارزاني بين أتباعه. كان أحد الأرتال العسكرية تأخر عن الجماعة الفارين. فطلبوا منه يعقب الشيخ وفي أثناء ذلك قبض على صبي مهددين أن يدلهم على الجهة التي سلكها شيخه إلا أن الصبي كان أصلب من الحديد وأجابهم : “أقسم باسم الشيخ المبارك أني لن أخبركم!” وكان هذا كل ما استطاعوا انتزاعه منه بعد صنوف الترغيب والتهديد وتشاء الصدف أن يكون قائد الرتل التركي طيب القلب فلم يسيء معاملة الأسير الصغير، لكنه لم يتردد في استخلاص حكمة من سلوكه بعد أن أخلى سبيله فقد قال لضباطه وهو يبتسم – لن نربح من هذه الحرب شيئاً. وبإمكانكم أن تحكموا من هذه الواقعة على طبيعة الرجال الذين نقاتلهم. فهذا الطفل كان تحت رحمتي تماماً ولن يحاسبني أحد عن قتله لو شئت ذلك، ومع معرفته هذه الحقيقة فقد تحداني وحلف باسم شيخه كأنه يحلف باسم الله. في مساء اليوم التالي من مغادرتنا بارزان وصلنا مشارف قرية (سورايي) ” سيريى”وهي تقع عند زاوية الدخول التي تتألف من تلاقي نهر الزاب بنهر اورامار(= رويى شين) – قرية بائسة صغيرة تضم حوالي عشرين كوخاً، انتشرت على سفح الجرف ولا تبعد كثيراً عن النهر. وفي مرتفع من الضفة تقوم قلعة آغا القرية وهي بناية ساذجة الهندسة محصنة بالأسوار كأنها برج مراقبة حدود من الدرجة الثانية. وكان متوقعاً لنا ملاقاة الشيخ هنا لأنها موضع الاستراحة المتفق عليه عموماً بين العمادية وبارزان فقطعنا نهر اورامار وعرجنا إلى القلع، كانت الساعة تقارب الخامسة مساءً عندما بلغنا أول بيوت القرية وكان حشد الرجال والخيول والجياد المجتمع حول القلعة دليلاً على وصول الشيخ وحاشيته قادماً من العمادية. وسبقتنا أنباء وصولنا واستقبلنا وفد من لدن (قداسته) ينقلون لنا دعوة منه أو بتعبير آخر أمراً منه تحت الظروف الراهنة كيما ننعم بضيافته تلك الليلة. فترجلنا عند باب القلعة بين حلقة من الأتباع الغلاظ الشداد. واستقبلنا الشيخ على رأس درج حجري خشن المرتقى محيياً مرحباً وقادنا بنفسه إلى (بيلايي- كبره) كان يستخدمها بمثابة قاعة استقبال مؤقتة ورجانا أن نجلس على المطارح التي بسطت لنا حالاً قبالته. وكان تنازلاً عظيماً من رجل عظيم أن يخرج للقائنا على رأس الدرج، إن أغلب الشيوخ البارزين يتعمدون أن يكونوا خارج الغرفة عندما يدخلها الزوار الأوروبيون كيلا ينهضوا في استقبالهم مؤكدين بذلك تقدمهم عليهم. لكن الشيخ البارزاني كان يدخر لنا تكريماً اسمى من هذا بتنازله إلى تناول طعامه معنا وهذا ما أصاب أتباعه بتردد واضح : كيف يمكن أن يأكل قداسته مع اثنين من الكفار (الكاور)؟.

ينظر: دبليو. أي. ويغرام وإدغار. تي. ويغرام، مهد البشرية الحياة في شرق كردستان، ترجمة: جرجيس فتح الله، ص154 – 155.

 

3- في سنة 1906م لاحظ السياسي والرحالة البريطاني “مارك سايكس” أن البارزانيين قبيلة اشتهرت ببأسها وشدة مراسها، ثم إنهم كانوا يعدون في ذلك الحين سبعمائة وخمسين أسرة لا غير، تقف بمواجهة ألف أسرة من الزيباريين وثلاثة آلاف من الهركيين. وما لبثت كنية (البارزاني) حتى شملت قبائل أخرى عندما اتخذت شيخ بارزان ((دليلها)) الروحي وسيدها المطاع. وهؤلاء هم الشيروانيون الذين كانوا في العام 1906م يعدون ألفا وثمانمائة أسرة. والمزوريون وهي (قبيلة صغيرة مستقرة) تعد مائتي أسرة. والبروش التي تصغرها، و ((الدولة مري)) التي تساوي الأخيرة في الحجم. وبهذا تمكن البارزانيون من الصمود أمام أعدائهم الكثيرين : الزيباريين والبرادوستيين والهركيين، وأحيانا أوليائهم الاصليين سادة شمزينان، الذين كانوا مرة يتسامحون مع محدثي النعمة هؤلاء، ومرة يضيقون بهم ذرعاً، بعد أن صاروا ينافسونهم في السلاح وإن لم يستطيعوا منافستهم في الغنى. وبحلول 1945 كان في وسع شيوخ بارزان الاعتماد على ألف وثمانمائة أسرة، أو قرابة 9000 نفس. وليام إيغلتن الابن، جمهورية مهاباد – جمهورية 1946 الكردية، ترجمة وتعليق: جرجيس فتح الله، ص86.

 

4- في نهاية شهر تشرين الاول عام1919م وصل الكولونيل(= العقيد) بيل إلى عقرة وطلب من الكابتن (= النقيب) اسكوت معاون الحاكم السياسي في عقره مرافقته إلى منطقة الزيبار وبالذات إلى قرية بيراكبره، وقد رافقهم أحد المترجمين ويدعى عبد الكريم … وهو مسيحي من قرية (بيدار) القريبة من مدينة زاخو، إضافة إلى أربعة من الدرك (= الشبانة- معناها شبه جندي) للحماية. وقرية (بيرا كبره) هي مركز ناحية الزيبار وتقع في المنطقة الواقعة بين نهر الزاب الكبير شرقاً وجبل بيرس غرباً، وقد نقل مركز الناحية سنة 1953م إلى قرية (دينارته) الواقعة في الوادي الذي يفصل بين جبل بيرس وجبل سرعقره. وتعود هذه القرية إلى بابكر آغا إبن عم فارس آغا رئيس عشيرة الزيبار. وعند وصول الكولونيل بيل إلى هذه القرية طلب مثول كل من فارس آغا بن محمد آغا الساكن في قرية (هوكي) وأخاه محمود آغا الساكن في قرية (نباخي). وعندما حضر الإثنان تباحث معهم بيل بحضور بابكر آغا، وتطرق إلى التجاوزات التي يقوم بها أتباع عشيرتهم ضد أفراد الدرك وضرورة الإلتزام بالهدوء وعدم تعكير الأمن في هذه المنطقة، وقد هددهم بأقصى العقوبات في حالة قيام أي حركة من شأنها الإخلال بالأمن والنظام، واعتبرهم مسؤولين عنها باعتبارهم زعماء المنطقة، وأخيراً طلب منهم بعد رجوعه من رحلته إلى قرية بارزان غرامة نقدية بمبلغ 4000 روبية ودفع الضرائب المترتبة عليهم سابقاً إضافة إلى تسليم جميع ما لديهم من أسلحة. وقد أثارت هذه التهديدات والمطالب التعزيزية سخط هؤلاء الزعماء وتذمرهم الشديد ولكنهم كظمو غيظهم ولم يمسوه بسوء هو ومرافقيه باعتبارهم ضيوفاً عليهم، باعتبار أن ذلك يخالف العرف العشائري السائد. واعتباراً من تلك اللحظة صمموا القضاء عليه. ولكن قيامهم بمثل هذه العملية سوف يكلفهم غالياً وسيكون لها عواقب وخيمة عليهم وعلى عشيرتهم باعتباره الحاكم السياسي لمنطقة الموصل. لذا قرروا الاتصال بزعماء العشائر القريبة لاطلاعهم على هذا الأمر. لذا رأوا من الأفضل إطلاع الشيخ أحمد البارزاني على هذه الخطة بسبب قوة عشيرته وصلة المصاهرة التي تربطهم به، حيث كان الشيخ أحمد متزوجاً بأخت بابكر آغا، وتم إرسال رسول خاص إلى الشيخ أحمد لطلب موافقته بجانب المساهمة في هذه العملية، وفعلاً لبى الشيخ أحمد طلبهم وأرسل في الحال شقيقه محمد صديق مع عدد من الرجال الذين التحقوا بالزيباريين في قرية (بيرا كبره) أما الكولونيل بيل فقد ترك المكان وتوجه حالاً نحو بله مركز قضاء الزيبار لمقابلة الشيخ أحمد البارزاني، ولكن أخبار مجيئه إلى منطقة الزيبار وتهديداته لزعمائها كانت قد سبقت زيارته إلى (بله)، لذا لم يوافق الشيخ أحمد على مقابلته ولم يرسل أحداً لاستقباله أو مصاحبته وهذا مما ترك أثراً عميقاً على نفسية بيل الذي سرعان ما قرر العودة من حيث أتى حيث عبر نهر الزاب عن طريق شريعة دلان (بوري دلان) في طريقه إلى عقره عن طريق (بيرا كبره). أما الزيباريون والبارزانيون البالغ عددهم حوالي مائة ثائر فقد كمنوا بين أشجار المقبرة العائدة لقرية بيراكبره خلف القشلة (مركز الشرطة)، وعندما اقترب بيل ومرافقوه من هذا المكان في 2 تشرين الثاني 1919م، أطلق الثوار من عشيرة الزيباري بقيادة فارس آغا الزيباري وبابكر آغا الزيباري والثوار من عشيرة بارزان بقيادة الشيخ محمد صديق البارزاني النار عليهم من كل مكان، فكان الكابتن سكوت أول القتلى، أما الكولونيل بيل فقد التجأ مع أحد رجال الدرك إلى صخرة كبيرة وأشهر مسدسه لكي يدافع عن نفسه، ولكن مسدسه لم ينطلق لخلل أصابه فناوله الدركي المرافق له وهو كردي من أهالي عقره بندقيته، فأطلق عدة إطلاقات باتجاه الثوار دون جدوى وأخيراً قتل، كما قتل معه الدركي المذكور ودركي آخر من الطائفة الآثورية (النسطورية). أما الدركيان الآخران الكرديان من عشيرة الزيباري فقد انحازوا إلى جانب الثوار، بينما لاذ المترجم عبد الكريم بالفرار باتجاه بارزان، ولما عبر الزاب وجد جماعة من البارزانيين يحتطبون، وعندما أخبرهم بمقتل الحاكم السياسي ومرافقيه هجموا عليه وقتلوه بالفؤوس الحديدية التي كانوا يقطعون بها الأخشاب. بعد ذلك تحرك الثوار نحو ناحية بيرا كبره وسيطروا على مركز الشرطة إضافة إلى استيلائهم على خزينة الحكومة المحتوية على 15000 روبية، أما مدير الناحية المدعو عبد القادر فلم يعثر عليه، وتبين بأنه قد هرب إلى قرية سوسنة التي تبعد عن مركز قضاء عقرة 5 كيلو مترات حيث التجأ إلى قادر آغا بن عثمان آغا الشهير بقادر آغا شوش وكان من الموالين لحكومة الإحتلال البريطاني، وبالنسبة لمأمور مركز الشرطة المدعو جلال مرزا الفارسي الأصل ومن مواليد مدينة الموصل فقد كان قد أساء التصرف مع أغوات الزيبار لذا أراد بابكر آغا قتله، ولكن عثر عليه ملتجئاً في دار شوكت آغا ومستجيراً بوالدته فأجارته وأنقذت حياته. وفي اليوم الخامس عشر من شهر تشرين الثاني 1919 دخل الثوار من عشيرتي الزيباري والبارزاني إلى مدينة عقرة بقيادة زعمائه، وقتلوا جمبع أفراد حاميتهم من النساطرة (الآثوريين)الذي كان عددهم يتراوح بين 30-40 جندياً، واستولوا على الخزينة حيث كان يبلغ محتوياتها زهاء 40.000 روبية. ينظر: سير أرنلد تي. ويلسون: بلاد ما بين النهرين بين ولائين، خواطر شخصية وتاريخية، نقله إلى العربية، قدم له، وعلق عليه: فؤاد جميل، ج3، ص51 – 52.

المصدر: كردستان 24

شارك هذه المقالة على المنصات التالية