الجمعة, نوفمبر 22, 2024

“الحزام العربي” العنصري بين الأمس واليوم ودور الحكومات الغاصبة

بير رستم

تركيا باحتلالها لعفرين وتغيير ديموغرافيتها استكملت ما قام به نظام البعث الشوفيني العروبي وذلك عندما طبقت في حزيران/يونيو عام 1974م مشروعها العنصري والذي عرف لاحقاً ب”الحزام العربي” وذلك إثر اقتراح تقدم به ضابط الاستخبارات السورية حينذاك، المدعو محمد طلب هلال، حيث تفتق ذهنية هذا العنصري عن مشروع شبيه ب”الغيتوات الإسرائيلية”؛ أي المستوطنات مع فارق أن اليهود عادوا لأرض الأجداد؛ أرض الميعاد، بحسب الرواية التوراتية، بينما محمد طلب هلال ونظام البعث العروبي وجد انبعاث العروبة يجب أن تكون من خلال مستوطنات تقام على أرض الكرد وعلى الطريقة الإسرائيلية وهو يشبهها بها بالمناسبة وذلك في التقرير الذي تقدم به للقيادة في دمشق.

طبعاً المشروع؛ أي مشروع “الحزام العربي” وباختصار هو تغيير ديموغرافية المناطق الكردية في الجزيرة وذلك عبر جلب عوائل عربية وإسكانهم في المناطق الكردية مع سلب الأراضي من الكرد واعطائها للعرب الذين تم جلبهم للمنطقة، ونفذ المشروع بحزيران عام 1974م، كما أسلفنا، وفعلاً تم جلب حوالي (4000) عائلة ما مجموعها بأكثر من أربعين ألف نسمة؛ أي حوالي 6% من سكان المنطقة، بينما تركيا جعلتها أضعاف مضاعفة في عفرين.. وهكذا نجد بأن هذه الأنظمة الغاصبة ومهما كانت خلافاتهم الأيديولوجية، إلا إنهم يتفقون على قضية واحدة؛ ألا وهي معاداة الكرد ومحاولة إفنائهم من الوجود وليس فقط إلغاء أي دور ومشاركة سياسية تكون لهم بالمنطقة ولذلك قلت؛ بأن صراعنا مع هؤلاء وبالأخص تركيا، هو صراع وجود وليس صراع حدود وسياسة وجغرافيا، بل إنهم يريدون إفناء الوجود الكردي.

وبالمناسبة أنا أطلقت هذا الاصطلاح وبات متداولاً على منصات التواصل الاجتماعي يستخدمها العديد من المثقفين والكتاب الكرد، مثلها مثل مصطلح؛ أين هم “مناضلي الفنادق” من مناضلي الخنادق؟! وأيضاً وبهذه المناسبة ندعو أولئك “المناضلين” في الفنادق أن يقفوا عند ما تقوم بها تركيا واستكمالها ل”مشروع الحزام العربي” العنصري وأين هم اليوم منها كطرف وموقف سياسي وأينما كانوا سابقاً حيث من خصم وعدو للمشروع في سبعينيات القرن الماضي حينما بدء البعث الشوفيني بتطبيقه، نجدهم اليوم حلفاء للتركي السلجوقي العثماني الاخواني وهم يستكملون ذاك المشروع السياسي.. فهل عرفتم لم انقلبنا ضدكم من صديق لخصم، لكونكم أنتم من أنقلبتم على منهجكم وسياساتكم الكردبرورية إلى العثمنلرية وللأسف.

وللمفارقة فقد دخلت في جدال مع أحد مثقفينا وكتابنا من جماعة الآبوجية عام 20-8م في نهاياته وذلك ونحن نتوجه من ديريك لقامشلو لحضور كونفرانس حول التغيير الديموغرافي حيث أرسلوا لنا سيارة لتأخذنا من المعبر إلى الفندق وفي الطريق تطرقنا لقضية “الحزام العربي” وعندما طرحت بأن على الإدارة أن تجد حلاً لهذه المشكلة؛ كأن تعيد تلك العوائل العربية لمناطقهم الأصلية مع تعويض يمكن لهم أن يشتروا أراض أو عقارات وربما ببناء مشاريع سكنية لهم وخاصةً إنهم وخلال عقود استفادوا من تلك المناطق الشاسعة التي منحت لهم مجاناً، أو على الأقل تعويض الفلاحين الكرد وملاكي تلك المساحات التي سلبت منهم وذلك من خلال اقتطاع جزء من هذه الأراضي التي منحت ل”عرب الغمر”، وهي التسمية التي أطلقت عليهم لاحقاً!

وهكذا وعندما سمع مني ذاك الاقتراح، فإن أخونا الآبوجي والمشبع ب”ديمقراطية أخوة الشعوب” ثار في وجهي كبركان محموم وهو يكيل الاتهامات لي وأهونها كان اتهامي ب”القومية البدائية” وكأن المطالبة بإعادة الحقوق كفر وخاصةً كونهم كرد وعلى الكردي الديمقراطي الثوروي أن يفني نفسه وحقوقه في سبيل الآخر لكي نثبت للعالم بأننا من أنصار “الأمة الديمقراطية وأخوة الشعوب”.. يعني وباختصار الكردي وعلى أي صفة تجده يحاول أن يقدم نفسه وشعبه وقضيته قرباناً للآخر لكي لا يقولوا عنه؛ إنه “عنصري”، وهذه جزء من إنهزامية الشخصية الكردية التي تحاول أن تنفي عن نفسها تهمة يطلقها الآخرين عليه جوراً وظلماً مع أن الواقع هو معكوس تماماً حيث الكرد هم من يعانون من عنصرية الآخرين وحكوماتهم العنصرية الفاشية، فهل سيأتي ذاك اليوم ليفكر الكرد بمصالحهم أولاً قبل أن يحاولوا إرضاء الآخر والإثبات له؛ بأنهم “كيوت” على قولات المتأوربين.

 

شارك هذه المقالة على المنصات التالية