الأربعاء, سبتمبر 18, 2024
القسم الثقافي

الكرد في إدلب-3

برادوست ميتاني
لعبت سياسة التعريب الظالمة من الأنظمة المتعاقبة، والبعد الجغرافي النسبي عن “روج أفا” وكذلك الفكر الأيديولوجي الديني على اضمحلال الثقافة الكردية التي أثرت على الحس القومي الكردي المنصهر إلى حد فظيع في بوتقة الثقافة العربية، لذا لم يشهد الوضع القومي بين الكرد في إدلب ظهور منظمات أو أحزاب كردية بمعنى الكلمة، وكذلك لشخصيات قومية سياسية كردية ذات منبع فكر قومي صرف بسبب عدم تبلور ذلك الفكر على هيئته الكردية بالرغم من ظهور تلك الجماعات أو الشخصيات في مضمار السياسة تارة باسم الوطنية، وتارة أخرى باسم الدين، مثلما ظهر إبان الاحتلال الفرنسي في ثورة الحقوقي الثائر الكردي “إبراهيم هنانو” وغيرهم.
– الثائر الحقوقي إبراهيم هنانو:
كردي من بلدة كفر تخارين (تخاريم) وكالعادة حاول العديد من العنصرين طمس أصله الكُردي، وعدم ذكرِ ذلك مثلما حدث مع صاحب أحد مصادرنا لهذا البحث وهو (أ. ف. ق) الذي لم يقترب من ذكر أصل الثائر هنانو الكردي في كتابه كله، والسيء في ذلك أيضاً ذكر عنوان كتابه عن ثورة هنانو باسم عنصري لا يمت لأهداف تلك الثورة الوطنية، /ولن نورد الاسم رغم أنه معروف للغالبية/ علماً أننا لا نقصد بأن نسميها ثورة كردية لانخراط الكرد فيها إلى جانب المكونات الوطنية الأخرى، أو أن قائدها كردي، فالعنوان المناسب للثورة هو الثورة الوطنية في الشمال السوري، كما أن العديد من أمثال ذهنية ذلك الكاتب ينكرون على الرجل أي الثائر أصله الكردي فيجعلونه تركياً وأحياناً عربياً.
لقد قامت الثورة ضد الاحتلال الفرنسي لسوريا من منطقة إدلب في الشمال السوري، وقد خاضت 121 معركة معظمها في منطقة إدلب، وكانت أُولى مجموعة ثورية تشكلت في “كفر تخاريم” مسقط رأس “إبراهيم هنانو” بينما كانت العاصمة هي بلدة  “أرمناز”،  وقد قاد القائد هنانو بنفسه 25 معركة، وأولى معركة هي معركة (المرد) شمالي “سلقين”، ومن معاركها معركة ((حارم، ودويلا، وكوتي بيوك، وجبال حفسرجة، وإسقاط، وجسر الشغور، والشيخ خطاب في سهل الروج،  ومعركة الحمام في دشتا أمك (سهل العمق) عند الريحانية، ومعركة معرة الإخوان، وكللي، ومريامين، وجسر الحديد، ودركوش، وسرجة، وجبل الزاوية، وشير القاق، وكورين ….إلخ).
أسماء شخصيات ثورية كردية وأخرى ذات دلالات كردية 
لقد استمرت الثورة سنتين 1919-1921 ولعبت فيها شخصيات وطنية منها كردية دوراً ثورياً وشاركت في معارك عديدة جاهدت وجرحت، واستشهدت لم تر النصر بالحرية وأخرى ظلت تقاوم حتى نهايتها منها:
“الرقيب محمد ممو، وعزة هنانو، والقائد نجيب عويد، ومصطفى عويد، وإبراهيم عويد، ويحي بك آل بكباشي، ومحمد الزردي، وكنجو الشيخ عمرو آل رستم، وإسماعيل لاطة وغيرهم…..
الجدير بالذكر، أن أقلاماً عنصرية متعصبة ونفوساً ضعيفة مازالت تنكر علناً الوجود الكردي في منطقة إدلب، أو مشاركة الكرد في تلك الثورة، وسنورد بعض الأمثلة التي تدحض ذلك:
في معارك تخاريم شارك لواءان كرديان من إدلب، وهما يحملان اسم لواء الكرد وكذلك لواء باسم الكرد من جبل الأكراد، كما أنه في قرية أبين فوجئ الثائر مصطفى حاج حسين بالمتطوعة من الشراكسة، والكرد البالغ عددهم خمسمائة خيالة (أ.قوصرة). ويُذكر أن الثائر الكردي (فوزي قاوقجي) أيضاً اشترك بالثورة بمتطوعين من حماة.
ــ من مواقف الثائر هنانو:
هنا أذكر موقفاً سجله التاريخ السوري للبطل إبراهيم هنانو: قال المبعوث الفرنسي لإبراهيم هنانو عندما فاوضه على إيقاف الثورة، وليثنيه عن الاستمرار بها: لماذا أنت كردي، وتحاربنا إلى جانب العرب؟ أجاب هنانو: إن الحرية لبلدي من حقنا، وكيف طردكم (صلاح الدين الأيوبي) أنا أيضاً سأطردكم – لقد شاهدت ذلك في مسلسل أخوة التراب، الذي عُرض على التلفزيون السوري قبل قرابة عشرين سنةـ
وأن الفرنسيين منحوه الحكم الذاتي، وجعلوه حاكماً على مناطق شمال حلب وعفرين وحولهما ولكنه رفض وأبى إلا الاستقلال.
ــ إدلب حالياً:
لقد ظهرت في الآونة الأخيرة فصائل مسلحة باسم الدين، وقد اشتركت في الأحداث التي عصفت بسوريا، وحملت في البداية اسم ثورة 2011م قبل أن تنخرط فيها أجندات سياسية غريبة وخاصة (الاحتلال التركي) والفكر المتطرف.
كما يطلق على هذه الجماعات الكردية المسلحة اسم الجماعات السلفية، منها جماعة أنصار الإسلام، وحركة مهاجري أهل السنة الكردية، التي يتزعم الحركة فيها أبو صفية الكردي، وحركة صلاح الدين الكردي ذات الطابع الديني، وهي تحاول اللعب على أوتار التفرقة والفتنة المذهبية والطائفية والقومية، كما الكثير من الجماعات الأخرى التي تتستر خلف أسماء ذات طابع ديني أو قومي، وتلك الأسماء والصفات براء منها براءة الذئب من دم يوسف.
تعيش إدلب حالياً وضعاً جغرافياً منفصلاً عن سوريا تحت سيطرة منظمات وجماعات متطرفة، وهي معادية للحقوق القومية الكردية لأنها تعمل بأجندات تركية وفكر أيديولوجي عنيف ذات صلة بالقاعدة، وفي مقدمتها هيئة تحرير الشام.

المراجع:
https://alrai.com/article/29367/1- موقع الرأي تصحيح-وايضاح-من-الدكتور-الصويركي-إبراهيم-هنانو-كردي-لا-تركي5-7-2005م
2-أعلام الزركلي الجزء الأول ص41-423-
3-مقالة بعنوان : هل يمكن تعريب هوية إدلب الكردية؟- للأستاذ بيار روباري – صوت كردستان-21-9-2021م
4-موسوعة أعلام سوريا ص392
5-الثورة العربية في الشمال السوري –ثورة إبراهيم هنانو-فايز قوصرة
6-السلفيون الأكراد والعلاقة الشائكة بهيئة تحرير الشام https://almejas.net/detilaspro.aspx?id=174
من كتاب “الوجود الكردي في سوريا منذ فجر التاريخ”

المصدر: صحيفة روناهي

 

الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين

شارك هذه المقالة على المنصات التالية