الدكتور محمد علي الصويركي
الدور الكردي يتجدد في مصر مرة أخرى خلال القرن التاسع عشر
أولاً: الهجرة الكردية الى مصر
كانت مصر- إضافة إلى بلاد الشام- المهجر المحبَّب إلى الكرد منذ عهد الدولة الأيوبية (1171 – 1250 م)، إذ هاجر إليها خلال تلك الفترة آلاف الأسر الكردية، وانتشروا فيها من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال، وكانوا بين حاجب، وجندي، وموظف، وعالم، وتاجر، وإقطاعي، وبرز منهم نوابغ لعبوا دورا بارزا في تاريخ مصر السياسي والثقافي والفني(40).
وبقي الكرد يتوافدون على مصر طوال العصور اللاحقة أيام المماليك والعثمانيين على هيئة جند وقادة عسكريين وحكام إداريين ، وشهد القرن التاسع عشر أيام العهد العثماني نزوح عناصر مختلفة من الترك والأكراد والأرمن إلى مصر من بلاد الأناضول الجبلية من مدن ارضروم وسيواس وأورفا ومرعش وعينتاب وقيصرية وملطية، وكانوا حريصين على الانتساب إلى المناطق التي نزحوا منها، فنجد أسماء الأورفلي والمرعشلي والوانلي والمورلي…ولا زالت هذه الأسماء مقرونة إلى اليوم ببعض العائلات المصرية، وان فترة حكم محمد علي باشا شهدت زيادة ملحوظة في عدد المهاجرين الترك إلى مصر وخصوصا من منطقة ( قوله) موطن رأس محمد علي، وكانوا أكثر اتباعه إخلاصاً له، وأكثرهم زهواً وصلفاً.
كما وجدت في مصر عناصر كردية تمتعت بمكانة متميزة، هاجرت إلى مصر من مدن كردستان مثل أورفا ووان وديار بكر وماردين وارضروم، وقامت بدور بارز خلال وجودهم فيها، فكان لهم دور كبير في الحياة الاجتماعية والسياسية والعسكرية، وتلقبوا بالكردي نسبة إلى مناطق نزوحهم الأصلية، وتولى بعضهم مناصب عليا في الإدارة والجيش، وإن محمد علي باشا كان يرحب بهم في مصر، واعتمد عليهم في تثبيت أركان دولته، كما خصص الأزهر الشريف رواقاً للأكراد تخرج منه العديد من العلماء الكرد الذين رجعوا إلى كردستان حاملين معهم العلوم الأزهرية وساهموا في نشر الإسلام واللغة العربية..وقد ظلت الأقليات العرقية في مصر من الأتراك والأرمن والشركس والأكراد يتمتعون بامتيازات كبيرة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ردحا طويلا من الزمن وخصوصا أيام حكم محمد علي باشا وأحفاده من بعده (1800-1952م)، وكانت هذه الأقليات العرقية تشعر بأنها بدون جذور محلية من الناحية الاجتماعية، وانعكس ذلك على سلوكها الاجتماعي، فأصاب أفرادها الشعور بالاستعلاء والتكبر، فتمتعت بمكانة اجتماعية متميزة، وكان ينتابهم القلق خشية الذوبان في الأغلبية، لذا بقوا متسلطين على الأغلبية المصرية حتى زحف الأوروبيون من الفرنسيين والإنجليز إلى مصر وزاحموهم على مواقعهم البارزة، وفي نهاية المطاف انتزعوا منهم أغلب امتيازاتهم السياسية والاقتصادية والإقطاعية، ثم ظهرت بعد ذلك عناصر محلية مصرية تعلمت وتثقفت وتمكنت من السيطرة على قيادة مصر بعد ثورة يوليو عام 1952م، وانتهجت هذه القيادة نهج الإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي، فقضت على الإقطاع والملكيات الواسعة وانتزعت الوظائف العليا من هذه الأقليات التي كان أحفاد محمد علي يعتمدون عليهم في إرساء حكمهم وتثبيت سيطرتهم، وفي نهاية المطاف ذابت هذه الأقليات العرقية في الأغلبية المصرية ولم يبق لها من جذورها سوى الاسم العائلي، وبعض من الملاحم الجسمانية التي تشير إلى أصولهم الأولى(41).
الوجود الكردي في مصر اليوم
يعيش العديد من الكرد اليوم في مصر، وهم منتشرون في أماكن مختلفة تمتد من الإسكندرية شمالا إلى إسوان جنوباً، وقد انصهر القسم الأكبر منهم في البوتقة المصرية، ولا يزال الكرد القاطنون في المدن المصرية معروفين بأصولهم الكردية، ومنهم من يشغل مواقع بارزة، ومنهم الحكام والمحامون والصحفيون والمدراء والفنانون….وهناك عائلات كردية استقرت في صعيد مصر تمارس حياة عادية لا تتميز عن بقية الشعب المصري، وهناك جمعية في حي شبرى بالقاهرة باسم ” الجمعية الكردية” أسسها أكراد الصعيد(42)،كما يوجد العديد من الطلبة الكرد في كافة بلاد كردستان ممن تلقوا تعليمهم الجامعي في جامعات مصر وخاصة جامعة الأزهر الشريف.ومن العائلات الكردية المعروفة في مصر عائلة ” تيمور باشا” التي ينتسب إليها الكاتب احمد تيمور باشا، والشاعرة عائشة التيمورية، والأديب محمود تيمور. وعائلة بدرخان، والأورفلي، ظاظا، الكردي، وانلي، عوني، الكردي، الاباضية، خورشيد، آغا….فعلى سبيل الذكر سكنت عائلة من آل بدرخان بمدينة الفيوم وعرفوا باسم (والي) لأنهم كانوا ولاة على هذه المدينة، لذلك اصبح لقب الوالي تسمية لهم ويعرفون بها، وعرفنا منهم سيد بك والي( بدرخان) الذي أرسل برقية تعزية من الفيوم يوم وفاة جلادت بدرخان بدمشق سنة 1951 ، وسكن بعض من آل بدرخان في القاهرة، وهؤلاء البدرخانيون من أحفاد أمير بوتان الكردي بدرخان باشا.وهناك العديد من أعلام مصر يعودون إلى أصول كردية أمثال أمير الشعراء احمد شوقي، والأديب محمود تيمور، والإمام المصلح محمد عبده، والمخرج احمد بدرخان، وعلي بدرخان، ومحرر المرأة قاسم أمين، والأديب عباس محمود العقاد، وعامر العقاد، احمد أمين، الدكتور حسن ظاظا، الشيخ عبد الباسط محمد عبد الصمد، احمد رمزي، درية عوني…كما أن بعض القرى المصرية تحمل لفظ الأكراد، مثل ” كفر الأكراد”، و” منية الكردي”، و” قرية الكردي” مركز دكرنس بمحافظة الدقهلية بالوجه البحري. وتقول درية عوني: وهل يعلم سكان الزمالك، أن كلمة” الزمالك” هي كلمة كردية تعني مصيف الملوك، ويقال بأنها كانت المكان الذي يصيف به الملوك الأيوبيين أيام حكمهم لمصر، حيث كانت هذه المنطقة تعج بالحدائق الغناء في ذلك الحين.
ثانياً: سليمان الحلبي الكردي يقتل كليبر في القاهرة 1800م
في شهر حزيران من عام 1800 قام البطل الكردي سليمان الحلبي بقتل كليبر قائد الجيش الفرنسي والحاكم العام بمصر بعد عودة نابليون إلى فرنسا.ولد هذا البطل الكردي المدعو سليمان محمد أمين أوس قوبار من عائلة عثمان قوبارو المشهور بلقب سليمان الحلبي عام1777 في قرية كـُوكـَانْ فوقاني ” الجَزْرُونِيَّة ” ( التابعة لمنطقة عفرين في الشمال الغربي من مدينة حلب ) .نشأ بحلب، ثم أرسله والده عام 1797م إلى القاهرة ليتلقى تعليمه بالأزهر الشريف . وهناك توطّدت صلته بأستاذه الشيخ أحمد الشرقاوي .. الذي رفض الاستسلام للغزوة الفرنسية .. مساهماً في إشعال فتيل ثورة القاهرة الأولى يوم 21 أكتوبر 1798. وكان سليمان الحلبي بجانب أستاذه الشيخ الشرقاوي عند اقتحام جيش نابليون أرض الجيزة ، ثم أرض ( المحروسة ـ القاهرة ). وراح الغزاة الفرنسيون يذيقون الشعب المصري الويلات .. لذلك أججوا (ثورة القاهرة الأولى) ضد الغزاة انطلاقاً من منطقة الجامع الأزهر . ورَدَّ عليهم الغزاة بقذائف مدافعهم التي نالت من قدسية ( المسجد الأكبر )، ودنسته خيول الغزاة باحتلاله .. وحكموا على ستةٍ من شيوخ الأزهر بالإعدام ” منهم الشيخ الشرقاوي أستاذ سليمان الحلبي “، واقتيدوا إلى القلعة، حيث ضربت أعناقهم .. ثم انتشلت أجسادهم إلى أماكن مجهولة .. وبعد تمكن الغزاة من إخماد ثورة القاهرة الأولى، تضاعفت مظالمهم، ولوحق كل مشبوه باسم الجهاد أو المقاومة الشعبية الوطنية المصرية. فاختفى من اختفى ، وهرب من مصر من هرب. وكان سليمان الحلبي .. ممن غادروا أرض مصر إلى بلاد الشام بعد غياب ثلاث سنوات ، وتوجه إلى مسقط رأسه ( قرية كوكان /عفرين )، فيلتقي بأحد قادة العثمانيين في حلب ( أحمد آغا / وهو من انكشارية إبراهيم بك )، فيأمره بالتوجه إلى مصر لأداء واجبه الإسـلامي الجهادي .. وكلفـه بمهمة اغتيال خليفة بونابرت الجنرال كليبر ..تابع سليمان الحلبي مسيره حتى وصل إلى القدس، وصلى في المسجد الأقصى في مارس (آذار) عام 1800 ، ثم توجه إلى الخليل حيث إبراهيم بك ورجاله في جبال نابلس . وبعد عشرين يوماً من إقامته في الخليل، سار في أبريل (نيسان) 1800 إلى غزة في استضافة: ياسين آغا ” أحد أنصار إبراهيم بك ” في الجامع الكبير، وسلمه سليمان رسالة من أحمد آغا المقيم في حلب .. تتعلق بخطة تكليفه بقتل الجنرال كليبر .. نظراً لكون سليمان عنصراً من عناصر المقاومة.. التي تناضل في سبيل تحرير مصر من الغزاة .وفي غزة .. سَلَّمَ ياسين آغا 40 قرشا إلى سليمان الحلبي .. لتغطية نفقات سفره برفقة قافلة الجمال التي تحمل الصابون والتبغ إلى مصر، وليشتري سـكينة من محلةٍ في بلدة غزة ( وهي السكينة التي قتل بها سليمان، الجنرال كليبر ). استغرقت رحلة القافلة من غزة إلى القاهرة ستة أيام، وانضم سليمان ثانية إلى مجموعة طلاب الأزهر الشوام المقيمين في ( رواق الشوام ) ، وكان منهم أربعة مقرئي القرآن من فتيان فلسطين أبناء غزة، هم: محمد و عبد الله و سعيد عبد القادر الغزي، وأحمد الوالي. وأعلمهم عزمه على قتل الجنرال كليبر، وأنه نذر حياته للجهاد في سبيل تحرير مصر من الغزاة .. وربما لم يأخذوا كلامه على محمل الجد . وفي صباح يوم 15 يونيو 1800 .. توجه سليمان الحلبي إلى ( بركة الأزبكية )؛ حيث يقيم الجنرال كليبر، وبعدما فرغ كليبر من تناول الغداء في قصر مجاور لسكنه ومعه كبير المهندسين الفرنسيين قسطنطين بروتاين .. وكان سليمان قد دخل حديقة القصر، وتمكن من طعن الجنرال كليبر بسكينته أربع طعنات قاتلة. وتمكن كذلك من طعن كبير المهندسين ست طعنات في أماكن مختلفة من جسمه ..شاء القدر أن يقبض عليه، وأجريت له محاكمة عسكرية فرنسية قضت بإعدامه صلبا على الخازوق، بعد أن تحرق يده اليمنى، ثم يترك طعمة للعقبان، ونفذ فيه ذلك، في تل العقارب، يوم 18 حزيران 1800م . وبقي جثمانه على الخازوق عدة أيام .. تنهشه الطيور الجوارح، والوحوش الضواري، وعلقت إلى جانبه رؤوس ثلاثة من علماء الأزهر- أصلهم من غزة – كان قد أفضى إليهم بعزمه على القتل، ولم يفشو سره، وتم حرق أجسادهم حتى التفحم. وكان ذلك بعد دفن الجنرال كليبر في موضع قريب من ( قصر العيني ) بالقاهرة .. باحتفال رسمي ضخم .. ثم وضع جثمانه في تابوتٍ من الرصاص ملفوفٍ بالعلم الفرنسي، وفوق العلم سكين سليمان الحلبي المشتراة من غزة. وقد حمل إلى باريس، عظام الجنرال كليبر في صندوق، وعظام سليمان الحلبي في صندوق آخر. وعند إنشاء متحف ( انفاليد ـ الشهداء ) بالقرب من ( متحف اللوفر ) في باريس، خصص في إحدى قاعات المتحف اثنان من الرفوف: رف أعلى .. وضعت عليه جمجمة الجنرال كليبر ، ورف أدنى تحته .. وضعت عليه جمجمة سليمان الحلبي ، وإلى جانبها لوحة صغيرة مكتوب عليها : جمجمة المجرم سليمان الحلبي. والجمجمتان لا تزالان معروضتين في ذلك المتحف إلى اليوم. ولا زال الخنجر الذي طعن به كليبر محفوظا في مدينة كاركاسون بفرنسا.
وهكذا قدم الحلبي حياته رخيصة من أجل الأخوة العربية – الكردية، وكان بطلاً حقيقيا ً، وفتى من شهداء الإسلام والحرية والوطنية (43). ـــــــــــــــــــــ
(40) احمد الخليل: مشاهير الكرد في التاريخ الإسلامي، احمد أمين، على موقع سما كرد الالكتروني.
(41) حلمي احمد شلبي:الأقليات العرقية في مصر في القرن التاسع عشر، القاهرة: مكتبة النهضة المصرية، 1993.ص11، 12،13، 14، 18
(42) صلاح بدر الدين: موضوعات كردية،109.
(43) المعجم الجغرافي السوري المجلد الثاني صفحة 668 . 2 – آهالي قرية كوكان ( أحفاد عمومة الشهيد سليمان محمد أمين أوس قوبار ( الحلبي ). الجبرتي:3/116-134، تاريخ الحركة القومية للرافعي:2/193، محمد مسعود وعزيز خانكي، في الأهرام 4و 5 يولية 1939، والكافي لشاروبيم: 3/263، الأعلام: 3/133، ربحان رمضان في الحوار المتمدن( الإنترنت)، ع(1091)، 27/ 1/2005 ، انظر موقع: www.Syria kurds.com الإلكتروني.
محمد علي باشا الكبير يؤسس مصر الحديثة
إن أغلب المصادر التي تناولت سيرة محمد علي باشا الكبير تذكر بأنه من جذور تركية أو ألبانية؟ لكن الحقيقة التاريخية الصائبة تؤكد كردية هذا القائد الكبير، من خلال ما اعترف به أحفاده فيما بعد، ففي عام 1949 صرح حفيده الأمير محمد علي – ولي عهد الملك الفاروق ملك مصر آنذاك- لمجلة ” المصور” المصرية في مقابلة أجراها معه أديب مصر الكبير عباس محمود العقاد بقوله : بأن جدهم محمد علي باشا كردي الأصل تعود جذوره إلى مدينة ديار بكر عاصمة كردستان تركيا، وأكد ذلك أيضا الأمير حليم أحد أحفاد محمد علي باشا، وقد نشرت هذه الاعترافات تحت عنوان” ولي العهد حدثني عن ولي النعم…” في مجلة ( المصور) المصرية عام 1949 وذلك بمناسبة مرور مائة عام على وفاة مؤسس مصر الحديثة محمد علي باشا، وقد جاء في متن المقال ما نصه: ” … وقال سموه في أمانة العالم المحقق: لا أعلم ولا أبيح لنفسي الظن فيما لا اعلم، ولكني أحدثكم بشيء قد يستغربه الكثيرون عن نشأة الأسرة العلوية ( المنسوبة لمحمد علي)، فان الشائع أنها نشأت على مقربة من قولة في بلاد الارناؤوط ( ألبانيا )، ولكن الذي اطلعت عليه في كتاب ألفه قاضي مصر على عهد محمد علي أن أصل الأسرة من ديار بكر في بلاد الأكراد، ومنه انتقل والد محمد علي وإخوانه إلى (قولة)، ثم انتقل أحد عميه إلى الآستانة، ورحل عمه الثاني في طلب التجارة، وبقي والد محمد علي في قوله. وقد عزز هذه الرواية ما سمعناه منقولا عن الأمير حليم ( أحد أحفاد محمد علي) انه كان يرجع بنشأة الأسرة إلى ديار بكر في بلاد الأكراد” (44).ويعلق العقاد على هذا الكلام بقوله: “حسب بلاد الأكراد شرفاُ أنها أخرجت للعالم الإسلامي بطلين خالدين: صلاح الدين ومحمد علي الكبير، وقد تلاقيا في النشأة الأولى، وفي النهضة بمصر، وفي نسب القلعة اليوسفية إليهما ( قلعة القاهرة)، فهي بالبناء تنتسب إلى صلاح الدين، وبالتجديد والتدعيم تنسب إلى محمد علي الكبير”.وفيما يلي لمحة موجزة عن حياة محمد علي باشا باني مصر الحديثة :وهو محمد علي باشا ابن إبراهيم آغا (1769-1849م): والي مصر، وباعث نهضتها المعاصرة، ومؤسس الأسرة الخديوية بها، ولد في قوله من أعمال الرومللي ( اليونان) سنة 1769م، توفي والده وهو فتى، فكفله عمه طوسون آغا، ثم قتل، فكفله رجل من أصدقاء والده، فربي أميا لا مرشد له إلا ذكاؤه الفطري وعلو همته، وكان يجاهر بذلك ويفاخر به.كان محمد علي وكيل الفرقة العسكرية التي حشدت من ( قوله) مع الجيش العثماني الذي جاء إلى الديار المصرية لإخراج الفرنسيين منها ( 1798-1801)، ولما انهزم الجيش العثماني في موقعة أبي قير سنة 1799، سافر رئيس تلك الفرقة إلى بلاده، وأقام محمد علي مقامه، ورقي إلى رتبة بكباشي.بعد خروج الفرنسيين من مصر 1801م، طلب العسكر توليته على مصر حينما ضاق المصريون ذرعا بحكم الوالي خورشيد باشا، فبعث السلطان العثماني بفرمان بتوليته على الديار المصرية وكان ذلك سنة 1805م.قام أولاً بإنهاء سطوة المماليك في مصر، فدعاهم إلى القلعة لتوديع ابنه طوسون باشا الذي سيره لقتال الوهابيين في الحجاز، وبعد أن اجتمعوا في القلعة، أغلق الأبواب، وقتلهم عن بكرة أبيهم إلا واحدا تمكن من الفرار. واستطاع استأصل شأفتهم في اليوم التالي سنة 1811م، ولما انقضى أمر المماليك وجه عنايته إلى إصلاح القطر المصري، واسترضاء الدولة العثمانية، ففتح السودان 1821-1823م، واخمد ثورة الوهابيين في الحجاز بقيادة ابنه طوسون إلى الجزيرة العربية عام 1811، وحملة ابراهيم باشا التي قضت عام 1818 على الدولة السعودية الأولى ( 1774-1818).، وساعد العثمانيين على إخماد ثورة اليونان. وقام ببناء جيش نظامي، وبناء السفن الحربية، وتحسين ميناء الإسكندرية، وبناء الجسور، وعمل الأسلحة الحربية، وترقية الزراعة والصناعة والتجارة والتعليم، واستعان بالأجانب وخاصة الفرنسيين، وعمل المصانع لنسج القطن والحرير، وإيصال المياه إلى الإسكندرية، وبناء سد أبي قير، والقناطر الخيرية لتي لولاها لما أمكن زراعة القطن في الوجه البحري، وإرسال البعثات العلمية لأوروبة، وتأسيس المدارس.ولم يكتفي بما ناله من الملك في مصر، بل طمح إلى الاستيلاء على سورية، وجهز جيشاً بقيادة ابنه إبراهيم باشا للاستيلاء عليها، وكان له ذلك، وطمع بفتح الأناضول، ففتح أضنه وقونية وكوتاهية 1833، وصارت أبواب استانبول مفتوحة أمام إبراهيم باشا، وهددت عاصمة الخلافة في تركيا، لكن الدول الأوروبية وقفت أمام طموحاته، فقام بالجلاء عن جميع فتوحه بمقتضى معاهدة لندن1841، وقررت أن تكون ولاية مصر له ولذريته من بعده، ويخرج من بقية سورية، وعاد ابنه إبراهيم باشا إلى مصر، وصرف همه إلى إصلاح البلاد المصرية والنهوض بها، وادخل بها إصلاحات كثيرة في جميع نواحي الحياة. لكن دماغه كان قد كل وتولاه الاختلال، وصار يحسب الذين حوله خونه يقصدون الإيقاع به، فأعطيت السلطة لابنه إبراهيم باشا سنة 1848م. حتى توفي بالإسكندرية سنة 1849م، ودفن بجامع القلعة، ولم تطل ولاية إبراهيم باشا سوى سبعين يوماً فتوفي قبل أبيه وهو في الستين من عمره، وخلفه في الولاية حفيده عباس الأول.وفيما يلي أعضاء الأسرة الخديوية العلوية التي حكمت مصر( أبناء وأحفاد محمد علي باشا ) من عام 1805-1952م:
-محمد علي باشا 1805 -1849
–ابراهيم باشا بن محمد علي باشا 1848 ( من يونيه إلى نوفمبر)
-عباس الأول بن طوسون باشا 1848-1854
-سعيد باشا بن محمد علي 1854 -1863
-إسماعيل باشا بن محمد علي 1863-1879
-توفيق1879 -1892
-عباس حلمي الثاني1892-1914
-السلطان حسين كامل 1914- 1917
-السلطان احمد فؤاد 1917- 1922
-ثم اصبح الملك فؤاد الأول 1922- 1936
-الملك فاروق الأول 1936- 1952 (44) .
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=42469