إننا ومن خلال تصفح تاريخ الدولة السورية وبالأخص في مرحلة نشوئها الحديث منذ قرن تقريباً، أي في منتصف القرن الماضي سنجد بأن عدد من الشخصيات والزعامات السياسية ذات الأصول الكردية مثل حسني الزعيم ورئيس وزرائه محسن البرازي وكذلك رئيس سوريا فوز السلو وزميله وصديقه أديب الشيشكلي الذي قاد انقلابين في سوريا وهو الوحيد الذي استفرد بهذه الخاصية، أن يقود انقلابين في البلد، نجد بأن هؤلاء ورغم جذورهم الكردية لم يفعلوا شيئًا لكرديتهم، بل ربما كانوا أكثر عروبةً من الكثيرين من العرب الأصلاء، بدليل أن الشيشكلي وبعد أن قرر إلغاء نشاط الأحزاب السياسية في البلد، قام بتأسيس حركة التحرير العربي وذلك زيادة في التأكيد على ولائه وانتمائه للعروبة.. طبعاً هذه الظاهرة سنجدها عند الكثير من القادة في مختلف الدول التي تغتصب أجزاء من كردستان، تركيا مثالاً حيث اليوم نجد عدد من قادتها من جذور كردية ولكنهم الأكثر تطرفًا وتشدداً بخصوص الكرد وحقوقهم الوطنية، مما يعزز ويؤكد من تلك القناعة التي تقول؛ بأن الدخيل الغير أصيل ولكي يثبت انتمائه للإطار السوسيواجتماعي تجده يزايد على أبنائها الأصلاء وطبعًا لها جذورها النفسية من قضية عقدة النقص لدى الدخيل أمام الأصيل.
بالمناسبة منذ أيام وأنا أتابع برنامجًا سعودياً أعتقد كان بعنوان فنجان وكان الضيف مفكرًا سعوديًا صدمني باعترافاته وهو يقول: سوريا والعراق ومصر متى كانت عربية، فهي لم تصبح كذلك إلا بعد هجرة بعض القبائل ولاحقًا الغزوات والفتوحات الإسلامية لها! ما أردت إيصاله هو عقدة النقص لدى الكثيرين من “كردنا” -والتي لها أسبابها السياسية والتاريخية المتعلقة بظروف كردستان واحتلالها وتقسيمها، مما شكل هذه الشخصية المهزومة ليس فقط من أنتقل للحواضن الاجتماعية أو السياسية الأخرى “الغاصبة”، بل حتى تلك التي تدعي الكردايتية حيث تجد الأغلبية من قادة الأحزاب الكردية يتلعثمون أمام ليس أصغر ضابط وعنصر أمني، بل حتى أمام أتفه سياسي من المكونات الأخرى -الأغلبية- بحيث يجعله ينسى كل تاريخ الحركة السياسية الكردية وهو يحاول أن يبرئ نفسه من “تهمة الانفصال” والتي نرفضها -للمصطلح ولعقدة النقص- كوننا لا نطالب بالانفصال، بل بالحرية والكرامة والمشاركة التامة وإذا استحال فبالاستقلال وهو حق من حقوق الشعوب ونحن الكرد لسنا الاستثناء.. نأمل أن تصل قيادات تثق بنفسها وشعبها لقيادة المرحلة، طبعاً لا نقصد حزب وجهة محددة ولا في جزء من كردستان، بل في عموم ومختلف الأجزاء قيادة كفأ وتعتز بثقافتها وهويتها وشخصيتها التاريخية الوطنية
نعم بالتأكيد أن لثقافة الخنوع والخضوع أو ما قلناه ب”عقدة النقص” في الشخصية الكردية، لها أسبابها السياسية والتاريخية مع الاحتلالات والتقسيم والحرمان الطويل من ممارسة الهوية الوطنية ثقافياً سياسياً قد أفرزت لنا هذه الشخصية، ولكن وبقناعتي فقد حان الوقت وخاصةً مع بداية نشوء كيانان كرديان بالمنطقة وأيضاً لتوفر البديل من النخب الأكاديمية الشابة والمؤهلة لأن يستلم هؤلاء الراية من أولئك الذين نشؤوا على ثقافة الخنوع والخضوع للغاصب المحتل وإلا فإن السياسات الكردية الحزبية ستعاني من العرج والاستعطاف والاستجداء لدى أبواب الظالمين الطغاة والتي لن توصلنا للكرامة والحرية يوماً حيث فاقد الشيء لا يعطيه ومن لا يحترم ذاته ولا يعتز بنفسه وبكرامته لن يحقق لأمة وشعب حريته وكرامته.. سياسات جديدة تحتاج لقيادات جديدة بثقافة وشخصية ورؤية جديدة تماماً
بير رستم
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=14747