الإثنين, فبراير 3, 2025

الكورد بين لهيب التاريخ ونور الحرية: ملحمة إرادة لا تنكسر

بوتان زيباري

في أروقة القدر ودهاليز الزمن، حيث تتكسر الأمواج على صخور التاريخ، يقف شعب كُتب عليه التيه بين الخرائط، وتنازعته الأهواء بين العروش والممالك. الكورد، أمة تشظّت حروف اسمها بين صمت السنين، وامتزجت أحلامها بتراب الجبال، فكانت لغتهم نشيدَ الريح، وكانت قضيتهم سيفَ الفجر في وجه ليلٍ طويل.
أما آن للريح أن تهدأ، وللجبال أن تستكين؟ أما آن لليل أن يطوي بردَ غربته، وتشرق شمس العدالة على قممٍ لطالما احتضنت أنين المُهجَّرين؟
ليس الوطن رقعةً ترسمها يد الساسة، ولا خريطةً تنسجها معاهدات الطامعين، بل هو نغمٌ يسري في الدماء، وشعلة لا تنطفئ في أرواح العاشقين. في كل وادٍ سُفحت فيه دموع الأحرار، وفي كل صخرة نقشت عليها الأحلام، هناك كوردستانُ الموعودة، ليست أرضًا فحسب، بل فكرةٌ ترفض الانكسار، ورايةٌ لا يسقطها الزمن.
أيتها الجبال الشاهقة، اخبري النجوم أن أبناءك لم ينسوا قسم الحرية، وأخبري التاريخ أن هناك من يكتبونه بدماء الأوفياء. فالأمم العظيمة تُبنى على العدل، والسيادة تولد حين تعانق الإرادةُ الحقَّ، وحين يصبح الحلم قانونًا لا يخضع لمقايضة المصالح.
أما العالم، فيقف في مفترق طرق، بين أن يكون شاهد زورٍ على مأساة تتكرر، أو أن يكون شاهد حقٍّ يُنصفُ من عانى دهورًا من النسيان. في ركام المدن، وبين أنقاض الأوطان، يولد مستقبل جديد، فإما أن يكون مسكونًا بأشباح الظلم، أو أن ينهض على أعمدة الحق والنور.
والكورد، أبناء الشمس، لن ينطفئ ضياؤهم، ولن تذبل أغصانهم، ففي جذورهم ماء البقاء، وفي عروقهم نشيد الحياة. فليكتب التاريخُ سطوره من جديد، وليشهد أن الحرية ليست منحة تُعطى، بل حقٌّ يُنتزع، ورايةٌ تُرفع، حتى وإن تعاقبت على وأدها قرونٌ من الخذلان.

شارك هذه المقالة على المنصات التالية