برادوست ميتاني
صلة الوجود التاريخي للكرد بحلب
تظهر بدايات الأثر الوجودي والثقافي الأدبي والعمراني الكردي في حلب منذ أكثر من خمسة آلاف سنة مضت، وذلك من خلال تاريخ أسلافهم الخوريين 3000 ق.م، والميتانيين 1550ق.م بالإضافة إلى الهيتيين.
كانت الكتابة الخورية مستخدمة حينها في النصوص الدينية لحلب، ومنتشرة إلى جانب لغة بني جلدتهم الهيتيين في الأناضول، وقد عدَّت الكتابة الخورية الهيروغليفية عنصراً جمالياً في المنطقة.
بسبب تجاور مملكة يمحاض (حلب) والإمبراطورية الميتانية الخورية إلى جانب بعضهما؛ كان الصراع حتميا ً بينهما، ففي عهد ملك مملكة “يمحاض” المدعو “أدريمي” الذي حاول الوقوف في وجه الميتانيين، ولكنه لم يتمكن من الاستمرار في ذلك، إذ هرب أمامهم تاركاً حلب إلى البادية حيث قبائل “سوتو” وثم اضطر إلى توقيع صلح معهم لقاء اعترافه بحكمهم على حلب دون دخولها من قبله ثانية. ولكنهم فيما بعد عينوه ملكاً باسمهم على آلالاخ في منطقة عفرين.
لقد كانت حلب المركز الديني الأساسي لعبادة إله الخوريين الميتانيين تيشوب. وفي الصراع الميتاني الهيتي، قام الملك الميتاني “بارشاتار” بحملة، وغزا حلب في القرن الخامس عشر قبل الميلاد، وأخذها من الهيتيين، ليقع بعد ذلك واجب الدفاع عن حلب في وجه الفراعنة المصريين على عاتق الكرد الميتانيين، وبعد انهيار دولة الميتانيبن في ١٢٥٠ق.م انتقلت حلب إلى يد الهيتيين (الحثيين) مجدداً، فقد كانت لحلب أهمية مقدسة لدى الهيتيين أيضاً، وغدت مركز عبادة إله العاصفة المقدس تيشوب.
الوجود الكردي في حلب عموماً قديم وتاريخي، كما أسلفنا آنفاً، لكن وجودهم بشكل أكبر يعود إلى الحقبة الأيوبية والأموية، عندما سكنت عوائل أمراء وضباط الكرد في الجيوش الإسلامية هناك، واستمر هذا الوجود إلى اليوم؛ لاسيما في حيي الشيخ مقصود والأشرفية، وبالرغم من أنه لا توجد إحصائية دقيقة لعدد السكان الكُرد في الحيين المذكورين؛ لكن بعض الدراسات التقديرية تشير لوجود أكثر من 60 ألف كردي يسكنون الشيخ مقصود والأشرفية وبعض الأحياء الأخرى في مدينة حلب، وكان لهم دور مهم لاسيما في صناعة وتجارة المدينة، وجبل الأكراد ومدينة دمشق نفسها تحتوي على عدد غير قليل من الكرد، حيث يرد ذلك في كتاب (“كرد وكردستان” الجزء الأول للعلامة “محمد أمين زكي – ص74).
يقول العلامة “محمد أمين زكي” في كتابه خلاصة تاريخ كرد وكردستان –ج1- ص 53: يذكر د. فريج في كتابه (كوردلر) بانه يوجد 27 عشيرة كردية في ولاية حلب قبل الحرب العظمى، وأن مدينة حلب نفسها يوجد فيها عدد غير قليل من الكرد. هذا وتوجد عشائر كردية أخرى في بلاد حارم وجبل الوسط، وبيلان وحوض نهر العاصي وفي جبل الأكراد أيضاً.
في العصر الحديث وخاصة في الفترات التالية للاستقلال وفي ظل الأنظمة العنصرية خلال فترة حكم حزب البعث، وبسبب تضييق الخناق على الشعب الكردي في سوريا عامة، وريف حلب خاصة، حدثت هجرات كبيرة للكرد باتجاه المدن الكبرى، منها “حلب” بحثاً عن لقمة العيش والسكن في معظم الأحياء وخاصة الأشرفية والشيخ مقصود.
معنى اسم حلب: خولابا أو خالابا ـ حلبا.
كان ظهور اسم حلب بصيغة “خولابا” في عهد الكرد الخوريين (الهوريين ـ الحوريين) ٣٠٠٠ق.م، وأن اسم الخوريين واسم “خولابا” مشتقان من بعضهما (أي خور ـ خولابا)، وظل الاسم في زمن الهيتيين (الحثيين) ١٦٥٠ ق.م أحد أجداد الكرد من العرق الآري، كما هو “خولابا”.
استمر الاسم بتلك الصيغة “خولابا” مع الهيتيين (الحثيون) ١٦٥٠ ق.م، والميتانيين حتى ١٢٥٠ق.م، كذلك مع الكرد الميديين في بلاد خورو (سورو) ٥٥٠ق.م، ودخل إلى اللغة العربية باسم حلب.
خلب (خا-إيل- با) = “خا” أو – (سا- شار، أي مدينة). (إيل، أي إله). (با، أي إعصار، أي تصبح بما معناه مدينة “إله الإعصار”.
كما يوجد هذا الرأي أيضاً لمعنى اسم حلب ــ خال (نقطة أو مركز). ايل (إله). (با) رياح أو إعصار ــ وبذلك وبالرغم من مرور قرابة خمسة آلاف سنة سيكون معنى اسم حلب، الذي هو “مركز إله الإعصار” قريب جداً من اللغة الكردية الحالية.
بعض الآثار الكردية في المدينة
ظهر ذلك الوجود التاريخي لأسلاف الكرد الخوريين الميتانيين كما هو الحال في مناطق حلب، ففي بلدة السفيرة التي تبعد ثلاثة كيلومترات شرقي حلب؛ اكتشف تمثال حجري، وهو يدخل في عداد الآثار الميتانية أيضاً. أما في قلعة حلب اكتشف عام 1930م معبودان مجنحان يرفعان على قبضتهما قرص شمس داخل هلال وهو من الآلهة الميتانية.
من المعروف أن القرص المجنح هو من المعتقدات الكردية القديمة، وتجسد في رمز الإله (آهورامزدا) وخاصة الزردشتي.
ـ المدرسة الكاملية 1237م أنشأتها “فاطمة خاتون” زوجة الملك العزيز محمد وابنة خامس سلاطين الأيوبيين الملك الكامل السلطان ناصر الدين محمد الثاني، لذلك سميت المدرسة بالكاملية.
ـ خانقاه الفرافرة الرباط الناصري في مدينة حلب 1237م في قلب مدينة حلب القديمة في حي الفرافرة وهو مسجد صوفي أيوبي بُني بجهود الأميرة “ضيفت خاتون” بنت السلطان سيف الدين أحمد الأيوبي. وكذلك مدرسة الفردوس وجامع الأتروش والمدرسة الظاهرية.
المصادر
ـ خلاصة تاريخ كرد وكردستان ج1 للعلامة محمد أمين زكي
ـ فيديو للأركولوجي السوري الأستاذ عبد الرزاق محمد
ـ حضارة الميتانيين – مجلة المقتطف العدد الصادر في 1 يوليو 1938م
“The Electronic Text Corpus of Sumerian Literature”- etcsl.orinst.ox.ac.uk. مؤرشف من الأصل في 2021-03-10. اطلع عليه بتاريخ 2021-05-12
ـ ويكيبيديا مقالة بعنوان تاريخ حلب.
ـ كتاب عفرين عبر العصور للأستاذ مروان بركات.
المصدر– صحيفة روناهي
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=42596