الأربعاء 06 آب 2025

بعد نداء أوجلان.. برلمان تركيا يطلق لجنة جديدة وسط جدل سياسي حول تسميتها ومهامها

كوردأونلاين – وكالات

بدأ البرلمان التركي، اليوم الثلاثاء 5 آب، أولى جلسات لجنة برلمانية جديدة مؤلفة من 51 نائباً من مختلف الأحزاب، بهدف وضع أساس قانوني للعملية السياسية المرتبطة بنداء “السلام والمجتمع الديمقراطي” الذي أطلقه زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان نهاية شباط الماضي، وترافق لاحقاً مع مراسم رمزية لحرق الأسلحة من قبل مقاتلي حركة التحرر الكردستانية.

ويترأس اللجنة رئيس البرلمان نعمان كورتولموش، الذي لن يشارك في التصويت على قراراتها، والتي ستُتخذ بأغلبية ثلاثة أخماس الأعضاء. وتضم اللجنة ممثلين عن أحزاب البرلمان، وفقاً لحصص تمثيلية تعكس عدد نواب كل حزب، بينما مُنحت الأحزاب التي لا تمتلك كتلًا برلمانية مقعدًا واحدًا لكل منها. ورفض حزب “الجيد” (İYİ) المشاركة رغم تخصيص ثلاثة مقاعد له.

وتوزع التمثيل داخل اللجنة كالتالي: حزب العدالة والتنمية (AKP) بـ21 نائباً، حزب الشعب الجمهوري (CHP) بـ10، حزب الحركة القومية (MHP) بـ4، حزب المساواة وديمقراطية الشعوب (DEM) بـ4، وتكتل الطريق الجديد (أحزاب المستقبل، الديمقراطية والتقدم، السعادة) بـ3، فيما حصل كل من أحزاب هدى بار، الرفاه من جديد، حزب العمال التركي، حزب العمل، الحزب الديمقراطي، والحزب الديمقراطي اليساري، على نائب واحد.

خلافات حول اسم اللجنة ومهامها

لم يُحسم بعد اسم اللجنة رسمياً، رغم تداول عدة اقتراحات أبرزها “تركيا خالية من الإرهاب”، الذي يلقى دعماً من حزبي “العدالة والتنمية” و”الحركة القومية”، لكنه يلقى معارضة قوية من بقية الأحزاب، وعلى رأسها حزب المساواة وديمقراطية الشعوب (DEM) وحزب الشعب الجمهوري (CHP).

وأكدت النائبة غولستان كيلج كوجيغيت، عن حزب DEM، أن تسمية اللجنة يجب أن تنبع من داخلها، مشيرة إلى رفض حزبها للمقاربات الأمنية، ودعت إلى مقاربة قائمة على “السلام والمجتمع الديمقراطي”. وأضافت: “يجب أن تكون هذه العملية خطوة نحو التحول الديمقراطي، ولا يمكن تحقيق حل للقضية الكردية دون منظور ديمقراطي”.

من جانبه، شدد رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزيل، على أن الاسم يجب أن يُعبّر عن أهداف ديمقراطية وحلول جذرية للقضية الكردية، وليس مجرد شعار أمني. وهدد حزبه بالانسحاب من اللجنة إذا كان هدفها التمهيد لوضع دستور جديد يفتح الباب أمام ترشح الرئيس رجب طيب أردوغان مجدداً.

وكان رئيس البرلمان نعمان كورتولموش قد وصف اللجنة بأنها “ليست ساحة صراع للأحزاب السياسية”، داعياً إلى تجاوز الخلافات في أولى جلساتها التي ستُحدد أيضاً أسلوب العمل وآليات اتخاذ القرار.

المهام والمرجعية القانونية

اللجنة أُسست بقرار من رئاسة البرلمان دون إصدار قانون خاص بها، لكنها ستتمتع بصلاحية إعداد مقترحات تشريعية تُحال إلى اللجان المختصة. وتعد هذه المرة الأولى التي يتم فيها اعتماد إطار قانوني رسمي، كما كان قد طالب به عبد الله أوجلان خلال مفاوضات السلام السابقة، عبر إنشاء لجنة برلمانية أطلق عليها اسم “لجنة الحقيقة أو لجنة التفاهم”.

وبحسب وفد حزب DEM الذي زار أوجلان في سجن إمرالي، فإن الأخير شدد على أهمية أن تكون أعمال اللجنة برلمانية واسعة النطاق، بما يساهم في بناء السلام والديمقراطية.

مطالب حزب DEM من اللجنة

أعرب حزب DEM عن أمله أن تُدرج اللجنة ضمن أولوياتها ملفات إطلاق سراح المعتقلين السياسيين والمرضى، وإنهاء التمييز داخل السجون، والدفع نحو ديمقراطية الجمهورية وإعادة تأسيسها على مبدأ المواطنة المتساوية. كما شدد ممثلو الحزب على ضرورة صياغة دستور ديمقراطي لضمان نجاح العملية.

وأكدت النائبة كوجيغيت في تصريحات صحافية أن الشفافية عنصر أساسي في عمل اللجنة، مع ضرورة إطلاع الرأي العام على المعلومات المتفق على إعلانها، رغم وجود معلومات أمنية قد تحول دون بث الجلسات بالكامل.

عملية استخباراتية

تزامناً مع بدء اجتماعات اللجنة، كشفت مصادر استخباراتية عن تنفيذ عملية سرية في شمال العراق أدت إلى استعادة ضابط تابع لجهاز المخابرات ورفات آخر، كانت تحتجزهما عناصر حزب العمال الكردستاني. واعتُبرت العملية، بحسب الكاتب عبد القادر سيلفي المقرب من السلطة، “إحدى ثمار مبادرة تركيا خالية من الإرهاب”.

ترقّب لمسار اللجنة

من المتوقع أن يصدر رئيس البرلمان بياناً يوضح اسم اللجنة، وأسس عملها ومدتها، عقب انتهاء الجلسة الافتتاحية. ومع تباين مواقف القوى السياسية، تُعقد آمال على أن تلعب اللجنة دوراً محورياً في وضع أسس لمرحلة جديدة من الحوار، فيما يبقى نجاحها مرهوناً بتوافق وطني يتجاوز الأجندات الحزبية.