بيار روباري: أسباب التلاسن التركي – الإيراني وأهدافه

فجأة وبشكل غير معتاد، أطلق الرئيس التركي أردوغان وبعض وزرائه، تصريحات شديدة اللهجة ضد النظام الإيراني وإتهامه بالطائفية. والسؤال، هل إكتشف اردوغان الأن طائفية النظام الفارسي، وماذا عن عنصريته المقية وطائفيته؟

رغم إجرام نظام الملالي الطائفي كما يدعي اردوغان،ة إلا أن تركيا حافظت على علاقات ودية وإقتصادية وسياسية مميزة مع إيران، وخرقت الحصار الغربي عليها، قبل توقيع إيران الإتفاق النووي مع الغرب. والعلاقة الإيجابية بين الجانبين، إستمرت طوال الأزمة السورية، رغم دعم إيران القوي للنظام السوري، الذي كانت تركيا تحاربه وتسعى لإسقاطه منذ سنوات. وأخيرآ شكل الطرفين مع الروس ما يشبه بالتحالف الثلاثي لحل الأزمة السورية، وعلى هذا الأساس عقدوا مؤتمر أستانة. فما الذي إستجد حتى خرج اردوغان عن طوعه، وأطلق وابل من التصريحات المعادية لطهران بشكل مفاجئ؟

كما هو معلوم، إن النظامين التركي والفارسي، لا يجمعهما أي جامع، سوى العداء ضد الشعب الكردي، والعمل معآ لقمع الكرد وعدم منحهم أية حقوق قومية وسياسية، سواءً أكان في إيران وتركيا أو سوريا. والتقارب الأخير بين الطرفين كان تقارب الضرورة، والجميع يعلم بمدى الكراهية التي يكنها كل طرف للأخر، والسباق بينهما حول النفوذ والسيطرة على المنطقة على أشده.

أعتقد ما حدث كان نتيجة الإتصال الهاتفي، الذي جمع بين اردوغان ورونالد ترامب، والذي أيد خلاله ترامب فكرة إقامة مناطق آمنة في سورية، لكن دون تحديد شكل هذه المناطق ومكان إقامتها. وتم الإتفاق بينهما على ضرورة مواجهة الخطر الإيراني سويآ، الذي يهدد المنطقة برمتها، وبالتعاون مع دول الخليج، وبشرط أن تقوم السعودية ودول الخليج بتمويل هكذا مشروع في حالة إقامته؟ من هنا جاء زيارة أردوغان الأخيرة للسعودية، قطر والبحرين، لتشكيل حلف يوازي تحالف ايران والنظام السوري والعراقي.
برأي هذا التصعيد الكلامي بين الجانبين، يعكس إختلاف المصالح بين البلدين في كل من سوريا والعراق، فضلا عن ذلك رغبة أردوغان في الإصطفاف خلف سياسية إدارة الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب في المنطقة، والتي ترتكز إلى نقطتين. النقطة الأولى، هي محاربة تنظيم داعش الإرهابي، والنقطة الثانية، هي تحجيم دور إيران السلبي في المنطقة. ويأمل اردوغان من هذا الإصطفاف الجديد، أن تمنحه أمريكا دورآ أكبر في سوريا، خاصة في معركة تحرير الرقة، ولجم المارد الكردي، الذي تحاول تركيا أن تضع حد لتطلعاته بأي شكل كان.
والخلاف التركي الإيراني كان متوقعا، خاصة إن التقاءهما في سوريا لم يكن سوى نوع من تحالف الضرورة، وبضغط من روسيا، التي فرضت تسوية على الجميع وفق مقاسها وألزمتهم به. و إيران كانت في الأساس، ضد إتفاق وقف إطلاق النار في سوريا. وكانت مع النظام تسعى لحسم الأمر عسكرين، إلا أن الروس أجبروا الإيرانيين والأسد على قبول الإتفاق، والعودة لمفاواضات جنيف، لإيجاد حل سلمي للأزمة السورية.

وفي الختام، لا أظن أن التوتر الحالي بين الطرفين سيتجاوزا التلاسن الكلامي، وخاصة هذه ليست المرة الأولى، التي تمر العلاقة بينهما بمثل هذا التوتر. ففي النهاية المصالح، هي التي تحكم العلاقة بين الدولتين، وليس الأهواء الشخصية. ولا يجوز للكرد، البناء على هذا الخلاف نهائيآ، وخاصة إن البلدين عدوين للكرد، ويحكم كليهما نظام عنصري طائفي بغيض، ويرعيان الإرهاب في المنطقة.

أضف تعليق