بيار روباري: أسباب هجوم قوات البرزاني على وحدات حماية شنكال وأهدافها

شخصيآ لم أتفاجأ بهجوم قوات البرزاني صباح اليوم على مقرات وحدات حماية شنكال، ومعهم بيشمركة المجلس الوطني الكردي (أنكسا). لقد هدد البرزاني علنآ وقبل عدة أشهر بنفسه، وعلى لسان نجل شقيقيه نجيرفان، رئيس وزراء الإقليم الدائم، بأنهم سيخرجون عناصر (ب ك ك) من شنكال بالقوة، إن لم يقوم الحزب بسحب قواته من شنكال طواعية والعودة إلى قنديل. ولهذا ما أقدم عليه البرزاني اليوم كان متوقعآ، لأنه صرح بذلك علنآ.

وحسب المعلومات المتوفرة لدينا، بأن القوة التي شكلها البرزاني من العرب السنة، وبدعم مالي وسياسي وعسكري من تركيا، وأطلق عليها اسم البيشمركة العرب، التابعين لقيادة الزيرفاني التي تتبع بدورها لعائلة البارزاني بشكل مباشر، تشارك في هذا الهجوم. وهذا يؤكد صحة ما أشرنا إليه قبل عدة أسابيع في مقالات سابقة، بأن تشكيل هذه القوة لها أهداف خبيثة، وليس للكرد أية مصلحة في إنشائها. وإذا كان الإخوة السنة يرغبون في محاربة تنظيم داعش فعليهم بالإنضمام إلى صفوف الجيش العراقي والقوات الأمنية، أو تشكيل صحوات خاصة بهم، ولكن بعيدآ عن هيمنة تركيا ومخطاطتها المعادية لشعوب المنطقة، وفي مقدمتهم الشعب الكردي.

ويأتي هذا الهجوم المخطط له بعناية، بعد زيارة مسعود بارزاني الى الباب العالي، وسيده اروغان. حيث تسرب عن اللقاء بين الطرفين، بأنههم إتفقوا على أن تقوم قوات البرزاني بمهاجمة وحدات حماية شنكال، وطردها من المنطقة، بدعم ومساندة من الجيش التركي.

ولكن ما هي الأسباب والأهداف، التي دفعت البرزاني وتركيا للإقدام على مثل هذه الخطوة التصعيدية ضد قوات حماية شنكال سويآ؟

بالتأكيد لكل من البرزاني وأردوغان، له أسبابه وأهدافه الخاصة من هذه الحملة العسكرية القذرة، التي قاموا بشنها اليوم على قوات حماية شنكال، ولنبدأ أولآ بالبرزاني رجل تركيا بامتياز.

البرزاني يجد في حزب العمال الكردستاني، القوة الكردية الوحيدة القادر على تهديد عرشه، وإمارته العائلية ومصالحها، ويستطيع منافسته على الزعامة الكردية على مستوى كل كردستان. هذا عندما كان وجوده حزب العمال محصورآ فقط في تركيا، فما بالكم بعد إمتداده وجوده إلى كل من غرب وجنوب كردستان. إن البرزاني يرى في وجود (ب ك ك) في شنكال تهديدآ مباشرآ لعرش عائليته المافيوية، التي نهبت ثروات الإقليم وبعثت في الأرض الفساد.

المستبد مسعود، يتحسس جدآ من سيطرة حزب العمال على غرب كردستان، لأنه بات محاصرآ من الغرب والشمال من قبل قوات حزب العمال، ومن الجنوب بات محاطآ بقوات الإتحاد الوطني وقوات (ب ك ك) المتواجدين في شنكال، ولا يخفي قلقه من أن يتمكن حزب العمال من السيطرة على شرق كردستان، في حال حدوث أي تطور في ايران. ولهذا دفع ببعض القوى الكردية الإيرانية الموالية له، والتي تأخذ من الإقليم مقرآ لها، قبل عدة أشهر للإصطدام مع عناصر حزب حرية كردستان (ب ز ك)، فرع حزب العمال الكردستاني بايران، داخل المناطق الحدودية في شرق كردستان.

لا شك أن للبرزاني وتركيا أهداف مشتركة، تدفعهما لمحاربة حزب العمال الكردستاني معآ، مثلما فعلوا ذلك قبل الأن بسنوات طويلة، فالطرفان يجدون في (ب ك ك) عدوآ مشتركآ، يهدد أمنهم وإسقرارهم ومصالحهم، ولهذا يقومون بمحاربته، وعلى جميع الأصعدة وبكل السبل. لكن هدف مسعود النهائي يختلف عن هدف تركيا، فالملا مسعود هدفه إخراج (ب ك ك) من جنوب كردستان، وإضعافه إلى أبعد مدى في كل من سوريا وتركيا، وليس القضاء عليه، كما ترغب بذلك الدولة التركية.

كما قلنا تركيا لا تريد فقط إخراج حزب العمال، من سوريا ومنطقة شنكال وكركوك، وإنما القضاء عليه قضاءً مبرمآ. ولكن حلم مسعود واردوغان، كحلم الشيطان بالجنة، أي أنه لن يتحقق. لو كان بامكان تركيا القضاء على حزب العمال، لفعلت ذلك منذ أمدٍ بعيد، ولم تنتظر حتى يسيطر على إقليم غرب كردستان.

أما أهداف تركيا من وراء هذه العدوان، هو تحقيق عدة إمور دفعة واحدة منها:

1- إشغال حزب العمال الكردستاني، وحزب الإتحاد الديمقراطي (ب ي د)، من خلال فتح جبهة جديدة ضدهم. وذلك بهدف تشتيت قواهم، وزيادة الضغط عليهم، من أجل التخلي عن إنشاء ثاني كيان كردي، وهذه المرة على الحدود الجنوبية لتركيا.

2- حصار إقليم غرب كردستان من الشرق والجنوب، مثلما هو محاصر من الغرب والشمال.

3- اغلاق الممر الذي يربط منطقة شنكال بغرب كردستان، وبهذا تمنع التواصل المباشر بين العراق العربي وغرب كردستان.

4- عدم اعطاء المجال لإيران، بفتح ممر بري، يمتد من طهران إلى بيروت مرورآ بدمشق، يمر عبر المناطق الكردية السورية. ومن هنا كان إصرار تركيا على المشاركة في معركة تحرير الموصل، ولذا رفضت سحب قواتها من منطقة بعشيقة، رغم طلب الحكومة العراقية بذلك.

5- عزل جنوب كردستان عن غربها، وعدم السماح للكرد في هذا الجزء من إعلان إستقلالهم عن الدولة العراقية، وخاصة بعد سيطرة الكرد على مدينة كركوك الغنية بالنفط.

6- التشويش على تحرير معركة الرقة، الجارية الأن، والتي يخوضها الكرد بالتعاون مع قوات الحلفاء بقيادة أمريكا.

7- الضغط على الولايات المتحدة، والقول بأنها قادرة على خلق مشاكل لها في المنطقة، إن هي رفضت دعم سياستها في سوريا، وسمحت لها بالمشاركة في معركة الرقة.

وختام لا بد من القول، بأن سياسة تركيا الخبيثة، التي تستهدف الكرد في كل مكان، وعلى وجه الخصوص في غرب كردستان، مصيرها الفشل. ومشاركة البرزاني في هذه العملية القذرة، ستضاف إلى جملة جرائمه بحق الشعب الكردي الكثيرة، من نهبٍ وسرقة للأموال، وقتل الكرد في حرب داخلية، والإستعانة بقوات صدام لإخراج قوات الإتحاد الوطني من هولير، وترك الكرد الإيزيديين لقمة صائغة لقتلة تنظيم داعش، قبل أكثر من عام ونصف العام.

وبالتأكيد إن الشعب الكردي لن يرضخ للأتراك وإملاأتهم، وسوف يدافع عن نفسه ووجوده بكل السبل، حتى يحصل على حقوقه السياسية والدستورية، والخلاص من العبودية وحكم المستبدين والفاسدين من أمثال اردوغان والبرزاني.

03 – 03 – 2017

أضف تعليق