تصرفات الرئيس التركي اردوغان الرعناء الأخيرة، وتهجمه بتلك الطريقة البذيئة على قادة بعض الدول أوروبا الغربية، تذكرني بتصريحات قادة بريطانيا بغد غروب شمس الإمبراطورية البريطانية وإنحصارها، بحق قادة الدول المستقلة حديثآ.
أردوغان شخص يعاني من مرض جنون العظمة، ويتصرف كسلطان عثماني، من دون أن يمتلك أدوات السلطنة وإمكانياتها. فالكلام الذي تفوه به أردوغان بحق القادة رئيس وزراء هولندا لا يمكن أن يصدر عن شخص سوي وفي منصب رئيس دولة بحجم تركيا.
إن الغطرسة والفوقية التي تحدث بها اردوغان عن غيره من القادة، بدءً برئيس النظام السوري بعد خلافه معه، ومرورآ برئيس وزراء العراقي العبادي، وإنتهاءً بقادة كل من هولندا وألمانيا لا مثيل لها، ولم نجد لها مثيل لدى أكثثر سلاطين آل عثمان عنجهية. فأردوغان يتعامل مع البلدان الأوروبية، كأنها ولايات تابعة لسلطنته، وعلى ولاتها تقديم واجب الطاعة والولاء لمقامه الرفيع.
المتتبع لمسيرة هذا الطاغية، يدرك أن اردوغان شخص مستعد لفعل أي شيئ من أجل الوصول للسلطة والبقاء فيها. وإفتعاله لهذه المسرحية الأخيرة مع هولندا، كان الهدف منها كسب أصوات الجالية التركية المقيمة في اوروبا، لصالح الإستفتاء الذي يجريه على التعديلات الدستورية، التي ستمكنه إن إقرت، من تحويل نظام الحكم االتركي الحالي، إلى نظام حكم رئاسي وبصلاحيات شبه مطلقة. وليس لحماية كرامة الوزراء الأتراك، وتلقين الهولنديين درسآ قاسيآ، بعدما رفضت هولندا السماح لوزير الخارجية التركي جاويش اوغلوا، من الهبوط في أمستردام، والإجتماع بالجالية التركية بمدينة روتردام. لو كان الأمر كذلك كما ادعى اردوغان لكان قطع صلاته الإقتصادية والمالية والسياسية مع كلا البلدين هولندا والمانيا، ومنع مواطنيهم من دخول تركيا، وهم بالملايين على فكرة. حيث يزورون تركيا كل سنة ملاين الهولنديين والألمان كسواح.
اردوغان شخص انتهازي وليس له أي علاقة بالمبادئ والقيم نهائيآ، فقد إنقلب ضد كل من إختلف معه من رفاقه. وتصعيده للهجة الخطابية ضد قادة هولندا والمانيا، وإستخدمه الكلام البذيئ بحقهم والتقليل من شأنهم، هو من طبيعة هذا الشخص. الى جانب ذلك فهو سياسي برغماتي، وبدليل عدم تعرضه للمصالح الإقتصادية والمالية والسياسية، لهذين البلدين الأوروبيين في تركيا. إن الإستثمارات الهولندية والألمانية مجتمعة، يشكلان أكثر من نصف الإستثمارات الأجنبية في هذا البلد. وأي تعرض لهذه الإستثمارات يعني انهيار الإقتصادي التركي دون أدنى شك. وأنا واثق بأن اردوغان سيلحس كلامه، كما فعل لحسس كلامه ضد الروس بعد اسقاط القاذفة الروسية فوق الأجواء السورية، من قبل الطيران التركي الحربي، وسيتصالح مع الغرب، الذي تقف دولته عند بابه منذ أكثر اربعين عامآ.
لقد الحق اردوغان بخطابه السوقي هذا ضد قادة هولندا والمانيا، الكثير من الأذى بالجاليات المسلمة المقيمة في الدول الأوروبية، ورفع من موجة العداء للأجانب. وبهذا الخطاب قدم اردوغان خدمة مجانية للأحزاب اليمينية المتطرفة، ومنحهم مبررآ قويآ لإقناع الناخب الأوروبي بمنح صوته لهذه الأحزاب المتطرفة، والتي لا تختلف بشيئ عن اردوغان وحزبه الإخواني المتطرف بشيئ.
وسوف أختم مقالتي بما يردده المواطن الأوروبي هذه الأيام: “إذا كان اردوغان الذي يمثل الإعتدال الإسلامي بهذا السوء، فكيف الحال ببقية الإسلاميين؟”.
21 – 03 – 2017
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=2277