الأربعاء, ديسمبر 18, 2024

تركيا أمام المعضلة الكردية في سوريا

بعد سقوط الرئيس السوري بشار الأسد، تسعى أنقرة إلى إضعاف القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة في شمال شرق سوريا، ما قد يضعها على خلاف مع حلفائها الغربيين وعلى رأسهم واشنطن التي وصل وزير خارجيتها الخميس إلى تركيا.

وأعلنت فصائل مدعومة من تركيا هذا الأسبوع السيطرة على مدينة دير الزور (شرق) وعلى منبج (شمال) بعد “معارك عنيفة” مع قوات سوريا الديموقراطية (قسد) التي يهيمن عليها الأكراد، وذلك بعدما سيطرت الأسبوع الماضي على مدينة تل رفعت (شمال) وطردت منها القوات الكردية.

وسمحت وساطة أميركية بالتوصل الأربعاء إلى وقف إطلاق نار في منبج بعدما أوقعت المعارك 218 قتيلا.

ورأى عرفان أكتان الصحافي الذي صدرت له كتب كثيرة حول المسألة الكردية في تركيا، أن “تركيا تبذل كل ما بوسعها لضمان خروج الأكراد في موقع ضعيف من هذه العملية”.

وتابع أن “أنقرة تعبئ الفصائل الموالية لتركيا في سوريا للقضاء على الإدارة شبه الذاتية الكردية، لكن تم وقف هذا الهجوم في الوقت الحاضر بفضل تدخل من الأميركيين”.

– رموز مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية –

وتسيطر قوات سوريا الديموقراطية، وعمودها الفقري وحدات حماية الشعب الكردية، على مساحات كبيرة في شمال سوريا، أقامت فيها إدارة ذاتية.

خاض المقاتلون الأكراد بدعم أميركي معارك عنيفة لطرد تنظيم الدولة الإسلامية.

وتعتبر أنقرة الوحدات الكردية امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه منظمة “إرهابية” ويخوض تمردا على اراضيها منذ عقود.

وأعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الثلاثاء أنه “سيتم سحق المنظمات الإرهابية في أقرب وقت ممكن” في سوريا.

ويرى خبراء أن أنقرة قد تواجه معارضة حلفائها الغربيين إن كان الهدف من تحركاتها القضاء على الإدارة الذاتية الكردية بالكامل أو ضرب المدن الكردية التي باتت رمزا لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية مثل كوباني في شمال شرق سوريا.

وحضت برلين الثلاثاء تركيا على عدم تقويض إمكان حصول انتقال سلمي في سوريا، تحت شعار “المصالح الأمنية”.

وأكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الخميس أن دور مقاتلي قوات سوريا الديموقراطية “حيوي” لمنع عودة تنظيم الدولة الإسلامية إلى الظهور في سوريا بعد الإطاحة بالأسد.

وكان مسؤول كبير في الإدارة الأميركية قال الإثنين إن الولايات المتحدة ستواصل حماية مواقعها في شمال شرق سوريا “للتصدي لجهود تنظيم الدولة الإسلامية وحفاظا على سلامة قوات سوريا الديموقراطية”.

وقال موتلو تشفير أوغلو المحلل المتخصص في المسألة الكردية، ومقره واشنطن، إن بلينكن سيحاول إقناع تركيا بحصر تحركاتها.

ولفت إلى أن “زيارة رئيس القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) الثلاثاء لقوات سوريا الديموقراطية هي رسالة مهمة إلى تركيا”.

وأوضح أن “المنطقة التي تسيطر عليها القوات الكردية هي المنطقة الأكثر استقرارا في سوريا، تضمن حقوق النساء والأقليات. أما هيئة تحرير الشام التي سيطرت على السلطة في سوريا، فهي مجموعة إسلامية متطرفة. حل الإدارة الذاتية الكردية قد يكون عامل انعدام الاستقرار”.

– موقع قوة –

لفت فايق بولوت خبير المسألة الكردية، إلى أن أنقرة تريد إبعاد القوات الكردية لمسافة 30 إلى 40 كلم عن حدودها الغربية.

وتابع أن “إردوغان يريد اغتنام الفراغ قبل وصول (الرئيس الأميركي المنتخب) دونالد ترامب إلى السلطة، والسيطرة على هذه المنطقة حتى يكون في موقع قوة في المفاوضات مع الرئيس الأميركي حول سوريا”.

وأكد الرئيس التركي في مطلع تشرين الثاني/نوفمبر أنه يريد البحث مع ترامب في وجود القوات الأميركية في شمال شرق سوريا دعما للقوات الكردية.

وقال بولوت إنه بعد “تطهير” المنطقة من قوات سوريا الديموقراطية، تود أنقرة استبدالها بالمجلس الوطني الكردي، وهو حزب قريب من الحزب الديموقراطي الكردستاني العراقي الذي يقيم علاقات جيدة مع تركيا.

وأضاف “هكذا يمكن لإردوغان طرح نفسه في موقع حامي الأكراد، وهو ما يتفق أيضا مع تطلعاته العثمانية الجديدة”.

– اليد الممدودة –

لكن هذه الخطط قد تقوض أيضا عملية “اليد الممدودة” التركية للأكراد التي باشرتها الحكومة التركية في تشرين الأول/أكتوبر بدعوة الزعيم التاريخي لحزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان إلى إعلان حل تنظيمه.

وقال مصدر غربي طالبا عدم كشف اسمه “أتساءل حول عواقب التطورات الجارية في سوريا على المسألة الكردية في تركيا”.

وأشار موتلو تشفير أوغلو إلى أن “أكراد تركيا يتابعون من كثب أعمال أنقرة في سوريا التي يعتبرون أنفسهم قريبين جدا منها” موضحا أن “الأكراد من جانبي الحدود يرتبطون بصلات قربى”.

واعتبر عرفان أكتان أن “بإمكان تركيا الخروج من المأزق الحالي إن تمكنت من إحلال سلام واسع مع الأكراد، بما في ذلك مع أكراد تركيا”.

المصدر: أ ف ب

شارك هذه المقالة على المنصات التالية