تصاعد الانتهاكات الممنهجة ضد الأقليات في سوريا: جرائم قتل وخطف وتهجير قسري

شهدت مناطق مختلفة من سوريا خلال شهري آب وأيلول 2025 موجة جديدة من الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان، ارتكبتها مجموعات مسلحة تابعة لـ”الأمن العام” وفصائل مدعومة من تركيا، إلى جانب مجموعات تابعة لهيئة تحرير الشام. واستهدفت هذه الانتهاكات بالدرجة الأولى أبناء الأقليات الدينية والقومية، من علويين وشيعة ومسيحيين ومرشديين وأكراد، في مشهد يؤكد اتساع نطاق الجرائم الممنهجة التي ترقى إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

استهداف في عفرين

في ريف حلب، وتحديداً ناحية معبطلي – عفرين، اختطفت ميليشيات “الحمزات – العمشات” الشابين الكرديين أحمد إبراهيم جلو (26 عاماً) وحسن إبراهيم جلو (27 عاماً) بعد عودتهما مع أسرتهما إلى قرية قنطرة، حيث ما زالا رهن الاعتقال القسري. وتأتي هذه الحوادث في سياق استمرار سياسة الترهيب والضغط على السكان الأصليين بهدف تهجيرهم.

جرائم متكررة في ريف حمص وطرطوس

تركزت الانتهاكات الأكبر في ريف حمص الغربي، حيث شهدت قرى كقنية العاصي وكفرنان والزهراء عشرات الجرائم خلال أسابيع متقاربة. ففي الرابع من آب، قُتلت الطفلتان دلع (14 عاماً) ونتالي (7 أعوام) محمد الأسعد، وأصيبت شقيقتهما بيسان (4 أعوام)، جراء هجوم مسلحين تركمان على منزلهم. وبعد أيام قليلة، اغتيل مازن سليمان عيدة (48 عاماً) في القرية نفسها.

لاحقاً، تكررت عمليات الخطف والقتل بحق رجال مسنين وتجار ومزارعين. ففي 8 أيلول خُطف عزت شاويش (67 عاماً) من حي الزهراء بحمص، وقتل كمال علي الأشقر بعد اختطافه في شارع القاهرة. كما عُثر على جثة حسين أحمد مرعي (شيعي) مقتولاً بعد اعتقاله من حاجز شنشار.

الانتهاكات طالت أيضاً قرى ريف طرطوس، حيث قُتل ماهر حمود في عين الجاجة، وأعدم كمال عبد اللطيف صبح (66 عاماً – بائع متجول) برصاص حاجز للأمن العام. وفي 30 أيلول، اغتيل الدكتور المهندس حيدر شاهين في قرية معيار شاكر بريف طرطوس.

المسيحيون في مرمى الاستهداف

المسيحيون لم يسلموا بدورهم من الاستهداف. ففي 8 أيلول استشهد ميلاد عزيز الفرخ من بلدة كفرا – وادي النصارى تحت التعذيب في سجن البالونة. كما خُطف عبد الرزاق حبابة (65 عاماً) من بلدة زيدل بريف حمص. وفي الأول من تشرين الأول وقعت مجزرة في قرية عناز – وادي النصارى، حيث قُتل الشابان وسام جورج منصور وشفيق رفيق منصور، وأصيب بيير حريقص بجروح بليغة جراء هجوم مسلحين ملثمين.

استهداف الشيعة والمرشديين

كما سجلت حالات اغتيال وخطف لأبناء الطائفة الشيعية، من بينها مقتل حسين أحمد مرعي في أيلول بعد اعتقاله، واستشهاد علي فرج السيد من بلدة الزهراء بريف حلب. أما المرشديون فدفعوا بدورهم ثمناً باهظاً، حيث استشهد الشاب أمجد راكان سويد (24 عاماً) برصاص مسلحين تركمان في قرية كفرنان.

سياسة ممنهجة

تظهر هذه الحوادث، التي تكررت خلال فترة قصيرة وفي مناطق متفرقة، نمطاً واضحاً يهدف إلى ترهيب الأقليات ودفعها إلى النزوح القسري. فعمليات القتل الميداني، التعذيب حتى الموت، الخطف مقابل الفدية، ونهب الممتلكات، كلها ممارسات باتت شبه يومية في حمص وطرطوس ووادي النصارى وعفرين.

صمت رسمي وخطر متصاعد

اللافت أن هذه الانتهاكات تجري وسط صمت رسمي وتواطؤ واضح من سلطات النظام السوري وسلطات الأمر الواقع في الشمال، ما يضاعف المخاوف من تفريغ هذه المناطق من سكانها الأصليين. ويؤكد مراقبون أن ما يجري لم يعد مجرد أحداث متفرقة، بل جرائم منظمة ترقى إلى مستوى جرائم حرب تستوجب تدخلاً دولياً عاجلاً.

​المصدر: مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا

 

Scroll to Top