تقرير عن الحركة الكردية في الجزيرة عام 1940- 2- خالد عيسى

كوردأونلاين |

لقد كان من دواعي العجب أن يشارك المطران حبى في وفد يطالب باستبدال الموظفين المحليين الكرد بموظفين معينين من قبل حكومة دمشق و من خارج الجزيرة، لاسيما و كان قد سعى بكل إمكانياته، وساهم إلى جانب القوميين الكرد في أغلب النشاطات الشعبية و السياسية من أجل إقامة حكم ذاتي في الجزيرة.
و عزّز الموقف الجديد لقداسة المطران حبى موقف التيار الفرنسي الذي كان لا يثق بجدية إرادة و بمدى قدرة حلف المطالبين بالحكم الذاتي للجزيرة في المتابعة في مطالبهم.
فما أن بدأت بوادر ضعف الفرنسيين في الحرب العالمية الثانية، و ما أن وقع حاجو آغا مريضاً، حتى انقلب موقف قداسة المطران، و أصبح يطالب الحكومة بتشديد الإجراءات المركزية في الجزيرة، و يحذر دمشق من الحركة الكردية التي طالما ساندها.
في هذه الحلقة نترجم لكم الكتاب السري الذي أرسله، في التاسع عشر من شهر آذار عام 1940، السيد هوتوكلوك، مستشار السفارة، ممثل المفوض السامي لدى الحكومة السورية، إلى السيد غبرائيل بيو، السفير، المفوض السامي للجمهورية الفرنسية في سورية و في لبنان – المكتب السياسي – بيروت.(1)
****
ممثلية المفوضية السامية
للجمهورية الفرنسية
– المكتب السياسي
رقم: 396/م.س
دمشق في التاسع عشر من شهر آذار عام 1940
سري
من مستشار السفارة، ممثل المفوض السامي لدى الحكومة السورية
إلى السيد غبرائيل بيو، السفير، المفوض السامي
للجمهورية الفرنسية في سورية و في لبنان
– المكتب السياسي – بيروت
إشارة إلى إحالتكم رقم 2960 المؤرخة في الرابع عشر من هذا الشهر، ليَ الشرف أن أرسل لكم ربطاً صورة عن مذكرة تمت تقديمها في الثالث عشر من هذا الشهر إلى بهيج بك الخطيب (2)، من قبل المطران حبى، و الياس مرشو، و عبد الأحد قريو، و هم أعضاء وفد من الجزيرة مرّ بدمشق.
لقد وصلت إليّ هذه المذكرة بشكل سري تام. و أرى إذاً المصلحة في عدم ذكرها للموقعين عليها.
إن تصرف هذا الوفد القادم من الجزيرة يؤكد، على كل حال، رأياً سبق و أن عبرتُ عنه عدة مرات، مفاده أنه في حالة وقوع أية صعوبة كانت، حتى الإقليميين (المطالبين بالحكم الذاتي – المترجم) الذين يعلنون أنفسهم كأكثر الناس ولاءً لنا، لن يترددوا في التوجه نحو الحكومة السورية لكي يجدوا لديها دعماً، أليس بالفعل من العجب قليلاً بالنسبة للذي يتذكر الحالة الفكرية في الجزيرة قبل أقل من عام، عندما يرى الآن المطران حبى يطلب من دمشق بأن يستبدل في الجزيرة الموظفين المحليين الكرد بالموظفين السوريين المعينين من خارج المحافظة؟
توقيع هوتوكلوك
– مسجل في واردات الأمانة العامة لدى المفوضية السامية – الإدارة السياسية
برقم: 9533، و بتاريخ العشرين من شهر آذار عام1940.
– مسجل في الشؤون السياسية
برقم 5620، و بتاريخ الثاني و العشرين من شهر آذار عام 1940.
****
ملاحظة من المترجم:
(1)- نشكر كل القرّاء الذين اتصلوا معنا سواء هاتفياً أو عن طريق البريد الالكتروني، نشكر الجميع على ما تلقيناه من تشجيع أو من آراء أو انتقادات حول الجهد المتواضع الذي نبذله، بإمكاناتنا الفردية المتواضعة، في سبيل المساهمة في إلقاء الضوء على بعض الجوانب من تاريخ الشعب الذي ننتمي إليه، و المنطقة التي ولدنا فيها.
نكرر شكرنا الخاص للعاملات و العاملين في إدارة المواقع الالكترونية الكردية، على جهودهم الإعلامية و كفاءاتهم الفذة.
(2)- استلم الرئيس بهيج بك الخطيب رئاسة الدولة مع رئاسة مجلس المدراء (مجلس الوزراء) في سورية في فترة 1939 و 1941 ، و كانت لفخامته علاقات ودية مع الزعامات الكردية في دمشق. كان حلفاء الانكليز و الأتراك و الألمان من الكتلة الوطنية يعتبرونه خصماً سياسياً لهم، و رفض العديد منهم التعاون مع حكمه، مثل إحسان الجابري، و نسيب بكري و غيرهما الكثير. كان عضواً في لجنة التحقيق في أحداث الجزيرة عام 1937، و كان قد سبق و أن تمّ اقتراح تعيينه محافظاً على الجزيرة، إلا انه تم الاعتراض على التعيين من قبل أقطاب الكتلة الوطنية و خاصة من قبل السيد لطفي الحفّار (لقراءة هذا الاقتراح ، الذي جاء ضمن عدة اقتراحات إصلاحية للإدارة الحكومية في منطقة الجزيرة و غيرها من المناطق، يمكن مراجعة مذكرات لطفي الحفار) .
يتبع

شارك هذه المقالة على المنصات التالية