ملخص تنفيذي:

مساء 20 آذار/مارس 2023، أطلق ثلاثة عناصر من فصيل “جيش الشرقية” المنضوي تحت لواء “حركة التحرير والبناء” التابعة للجيش الوطني السوري/المعارض، النار على أفراد عائلة كردية، لإشعالهم النار في حي صلاح الدين ببلدة جنديرس، بريف منطقة عفرين، احتفالاً برأس السنة الكردية، نوروز. قتلت نيران العناصر المدعومة من تركيا أربعة أفراد، وأصابت الخامس بجروح خطرة.

والضحايا الأربعة هم الإخوة: فرح الدين عثمان وابنه محمد، ونظمي عثمان ومحمد عثمان. توفي الأخير خلال فترة لاحقة من تلك الليلة، فيما قتل الأفراد الثلاثة الآخرون مباشرةً أمام منزلهم جراء الرصاصات التي أصابتهم في مناطق مختلفة من القسم العلوي من الجسد.

في اليوم التالي للحادثة، 21 آذار/مارس، أعلنت الشرطة العسكرية، التابعة للجيش الوطني أيضاً، إلقاء القبض على المتهمين، لتتوالى بعدها البيانات الرسمية لجهات عدة مرتبطة بالجيش الوطني، من بينها “حركة التحرير والبناء”، تنفي انتماء المتهمين لفصيل “جيش الشرقية” وتروج للإعتداء على أنه “نتيجة لشجار بين الضحايا وأفراد مسلحين.”

اعترت السكان في عموم منطقة عفرين، التي تتبع لها بلدة جنديرس إدارياً، موجة غضبٍ عارمة إثر الجريمة، حيث انتفض سكان المنطقة الكرد ضد محاولات التهرب من المسؤولية التي طغت على خطاب سلطات الأمر الواقع في المنطقة؛ فنظمت مظاهراتٍ حاشدة، لاسيما خلال تشييع القتلى. طالب المتظاهرون بخروج فصائل “الجيش الوطني السوري” من المنطقة وبمحاسبة القتلة، ورفعوا لافتاتٍ حملت شعارات: “لا لقتل الكرد” و”خمس سنين حاجة ظلم” و”خمس سنوات من الظلم والقهر والتغيير الديموغرافي” و”عفرين كردية”.

وفي بيانٍ مشترك، نددت 155 منظمة مجتمع مدني سورية بالاعتداء، خصوصاً وأنّ عناصرالفصيل لم يتورعوا عن قتل مدنيين عزل في وقت كانت لا تزال فيه بلدة جنديرس، ومناطق أخرى شمال سوريا، تعاني من الآثار الكارثية لزلزال شباط/فبراير 2023 المدمّر، الذي خلّف، في البلدة وحدها، حوالي 1100  ضحية، وسبب أضراراً متراوحة الشدة لآلاف المباني، مما ترك ألفي عائلة على الأقل دون مأوى وبمواجهة شحّ حاد بالموارد المنقذة للحياة، حيث عملت العديد من الجماعات المسلّحة على تسييس وتحويل وجهة المساعدات وحرمان العديد من السكان المحليين منها.

هذا وواجهت الجريمة استنكاراً دولياً محدوداً، حيث نشرت السفارة الأمريكية في سوريا تغريدة على حسابها الرسمي، تقول فيها: “إن أعمال العنف مثل تلك التي شهدتها جنديرس يوم 20 آذار/مارس تهدد استقرار سوريا. نحثّ جميع الأطراف على وقف الهجمات المدنية والدعوة إلى المساءلة.”

بدوره نشر المبعوث الألماني الخاص لسوريا، شتيفان شنيك، تغريدةٍ على حسابه الرسمي، قال فيها: “تدين ألمانيا الخسارة المأساوية في الأرواح خلال إشعال شعلة النوروز في جنديرس.  نتقدم بأحر التعازي لأسر الضحايا وندعو إلى إجراء تحقيق فوري في تصرفات فصيل أحرار الشرقية. لا مكان للعنف في احتفالات الأمل والتجدد.”

وفي تقريرٍ نشر بتاريخ 22 آذار/مارس عن الاعتداء، أشارت “هيومن رايتس ووتش” أن هذه الجريمة تقع ضمن “سلسة من انتهاكات حقوق الإنسان” التي تواصل فصائل “الجيش الوطني السوري” ارتكابها منذ سيطرتها على المنطقة؛ مضيفةً أن تركيا “بصفتها قوة محتلة وداعمة للفصائل المحلية العاملة في المناطق الخاضعة لسيطرتها في شمال سوريا … ملزمة بالتحقيق في عمليات القتل هذه وضمان محاسبة المسؤولين عنها. ينبغي لتركيا أيضا قطع كل دعمها لفصائل الجيش الوطني المتورطة في انتهاكات حقوق الإنسان المتكررة أو الممنهجة وانتهاكات القانون الإنساني الدولي.”

هذا وتخضع عدة أحياء، ومنها الحي الذي شهد الجريمة، في بلدة جنديرس لسيطرة فصيل “جيش الشرقية”، وهو أحد فصائل المعارضة التي شاركت الجيش التركي في غزو منطقة عفرين واحتلالها عسكرياً من خلال عملية “غصن الزيتون” في آذار/مارس 2018. حيث هجرت الأعمال العسكرية وقتها 137,000 شخصاً على الأقل من المنطقة ذات الأغلبية الكردية سابقاً، وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة.

من الجدير بالذكر، أن منطقة عفرين، ومن ضمنها بلدة جنديرس، باتت ساحةً لانتهاكات حقوق إنسان لا حصر لها، حيث تواصل فصائل “الجيش الوطني السوري” ارتكاب أنماط متكررة وممنهجة من الانتهاكات، دون رقابة أو محاسبة من الجيش التركي الذي يدعم هذه الفصائل ويمارس السيطرة الفعلية في المنطقة. فمنذ احتلال المنطقة عام 2018، وثقت العديد من المنظمات الدولية والمحلّية المستقلة واللجان الأممية انتهاكات واسعة تضمنت القتل، والاعتقال التعسفي والإخفاء القسري، وسوء المعاملة والتعذيب والنهب ومصادرة الممتلكات، إضافة إلى إجبار السكان الكُرد على ترك منازلهم، وعرقلة عودة السكان الأصليين، وممارسات التتريك والتغيير الديمغرافي.

في هذا التقرير الخاص، تحيط “سوريون” بملابسات جريمة جنديرس، لتسلط الضوء على تفاصيل الاعتداء، وكيف تم التعامل معه من قبل سلطات الأمر الواقع في المنطقة، التي تعاملت مع فاجعة العائلة الكردية كأداة تنافس واستقطاب سياسي وبسط نفوذ.

يستند التقرير في منهجيته على 6 مقابلات معمّقة أجراها الباحثون في “سوريون” مع شهود، تواجدوا عند حدوث الجريمة ومطلعون على ما تلاها من مجريات التحقيق مع العائلة؛ بالإضافة إلى مقربين من العائلة، ومصادر عسكرية من داخل “الجيش الوطني السوري”، أحدهم شرعي من فصيل “أحرار الشرقية” الذي كشف عن “التوجهات الداعشية” ضمن “جيش الشرقية” وأثرها على التعامل مع الكرد ومظاهر احتفائهم بهويتهم الإثنية، بما فيها نوروز. كما واطلعت “سوريون” على العشرات من المواد المكتوبة والبصرية (مفتوحة المصدر) والتي نشرت حول الحادثة وتحققت من العديد من المعلومات الواردة فيها، واستعانت بالعديد منها.

لقراءة التقرير كاملاً (29 صفحة) بصيغة ملف PDF يرجى الضغط هنا.

المصدر: سوريون من أجل الحقيقة والعدالة

شارك هذه المقالة على المنصات التالية

تابعونا على غوغل نيوز
تابعونا على غوغل نيوز