الثلاثاء 12 آب 2025

حزب العمال الكردستاني: استشهاد القياديين نور الدين صوفي وكوجرو أورفا

أعلن قوات الدفاع الشعبي (HPG) الجناح العسكري لحزب العمال الكردستاني فقدان القياديين نور الدين صوفي وكوجرو أورفا لحياتهما بغارات تركية في سنوات سابقة.

وقالت القوات في بيان ” استشهد الرفيق نور الدين صوفي في هجوم للعدو بتاريخ 6 نيسان 2021، أثناء زيارته لمقر مركز الدفاع الشعبي واستشهاد الرفيق كوجرو أورفا في 4 نوفمبر 2019، في غارة جوية نفذتها الدولة التركية الغازية عن طريق الاغتيال”.

وجاء في بيان للقوات “الرفيق نورالدين صوفي، بانضمامه إلى نضال حرية كردستان، خاض كفاحاً متواصلاً دون انقطاع، لمدة 24 عاماً من عام 1990 حتى 2013 في صفوف حزب العمال الكردستاني، ثم 8 سنوات أخرى بعد مغادرته صفوف الكريلا وانضمامه إلى ثورة حرية روجافا، ليبلغ مجموع نضاله 32 عاماً. تولى أعلى المسؤوليات في صفوف كريلا حرية كردستان، من مقاتل حتى قيادة المقر العام لـ HPG. لم يتردد عن أي تضحية من أجل نضال حرية شعبنا، مسارعاً بحب إلى كل مهمة صغيرة أو كبيرة، مؤدياً واجباته الثورية. ومع اتساع ثورة حرية روجافا واشتداد الهجمات عليها، ترك صفوف الكريلا بإرادته وانضم إلى قوات حرية روجافا، حيث تولّى هناك أيضاً مسؤوليات عسكرية وسياسية مهمة وقاد العمل. وفي 6 نيسان 2021، أثناء زيارته لمقر قيادة مركز الدفاع الشعبي في جبال كردستان التي قضى فيها 24 عاماً، بهدف لقاء رفاقه القدامى، استشهد في هجوم العدو”.

نورالدين صوفي
نورالدين صوفي

 

إلى ذلك أصدرت القيادة العامة لوحدات حماية الشعب (YPG)، اليوم، بياناً للرأي العام، حول فقدان القيادي نور الدين صوفي لحياته، ووصفته “قائد ثورة روج آفا “، جاء فيه:

بكل احترام وإجلال نستذكر الرفيق نور الدين صوفي، القائد العظيم ورائد ثورة روج آفا

نُحيي ببالغ الاحترام ذكرى الرفيق نور الدين صوفي، قائد رائد ثورة روج آفا، الذي استشهد نتيجة هجوم شنه جيش الاحتلال التركي على منطقة برغاري التابعة لمنطقة غاري في 6 نيسان 2021، أثناء زيارته لرفاقه في النضال السابقين. نُقدم تعازينا لجميع أهالي شمال وشرق سوريا وكردستان، وخاصةً عائلته الوطنية الكريمة.

مع انطلاق الربيع العربي عام 2011، بدأت تغييرات تاريخية في منطقتنا، وكان سكان سوريا ضمنها. كانت المنطقة تتجه نحو مرحلة تغيير جذري؛ إما أن يقود الشعب إلى نظام حرّ وديمقراطي حقيقي، أو أن يغرقه في فوضى أعمق.

سوريا بلد ذو بنية متعددة الأطياف تضم مجتمعات عربية وكردية وآشورية وأرمنية وتركمانية وشركسية كانت بحاجة إلى نظام ونموذج جديدين.

خلال هذه الفترة، اندلعت ثورة شعبية في روج آفا، قادتها حركة الحرية الكردية. نظّم شعب روج آفا نفسه في البداية باسم (YXK)، ثم باسم وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة (YPG-YPJ)، ليصبح بذلك القوة الدفاعية الرئيسة في المنطقة. وسرعان ما انضم آلاف الرجال والنساء إلى قوات دفاع روج آفا، المكونة من بنية الشعب، وبدؤوا بالدفاع عن منطقتهم، وفي وقت قصير، تحولت ثورة روج آفا إلى ثورة أممية، لم تدافع فقط عن منطقتها، بل عن البشرية جمعاء، لا سيما من خلال كفاحها ضد الجماعات الجهادية مثل جبهة النصرة وداعش.

انطلقت ثورة روج آفا، التي أُعلنت في 19 تموز 2012، لتؤسس نظامها وتصبح رائدة للحرية والديمقراطية. وأصبحت نظاماً بديلاً للفوضى التي تعمّ سوريا والمنطقة بأسرها، وبتحولها إلى ثورة مشتركة للشعب السوري، أصبحت ثورة روج آفا المنطقة الأساسية التي يشعر فيها الشعب بالأمان. لقد كانت ثورة شعبية ضد الدول الرجعية في المنطقة من جهة، وضد الجماعات الجهادية من جهة أخرى. ومن خلال تأسيس وتنظيم قوة دفاعية خاصة بها وبديناميكياتها الخاصة، أسهمت ثورة روج آفا في بناء نظام حرّ وديمقراطي، وهذا ما كان خيال شعوب المنطقة على مرّ القرون.

ثورة روج آفا كانت ثمرة بطولة وجهودٍ جبارة، لقد خلقت تضحية آلاف الشهداء ثورةٌ من الرماد، وأعادت كتابة التاريخ بقادةٍ عظماء، ومحاربين أبطال، وشعبنا المُضحّي. ولا شك أن أحد رواد ثورتنا هو قائدنا العظيم، رفيقنا نور الدين صوفي.

في عام 2013 وصل القائد نور الدين صوفي إلى موطنه روج آفا، وقاد الثورة. اكتسب خبرة واسعة في النضال من أجل الحرية الكردية، وبخبرته العسكرية والسياسية، أسهم إسهاماً كبيراً في تنظيم ثورة روج آفا واستمرارها.

كانت لروج آفا مكانة خاصة عند الرفيق نور الدين صوفي، لأنها كانت الأرض التي نشأ فيها. وُلد عام 1970 في قرية مشيرفة في قامشلو، التي كانت مختلطة بين الكرد والعرب، وكانت عائلته وطنية حافظت على تقاليدها الدينية، كما امتلكت تقاليد عائلية قوية من الأخلاق الاجتماعية. كانت معروفة ومقبولة داخل المجتمعات العربية والسريانية، وشارك العديد من الشباب من منطقته في النضال من أجل الحرية.

ترعرع صوفي في ظل هذه الثقافة الاجتماعية القوية، وكان يتمتع بصفات وطنية واجتماعية قوية، نشأ على شعور قوي بالهوية الكردية، لقد تشكلت لديه الثقافة والأدب الكردي، لذلك، كان لديه اهتمام كبير بالأدب الكردي.

نشأ صوفي في مجتمع رزح تحت قمع نظام البعث لسنوات عديدة. كان يسعى بحثاً عن حل للقمع الدولتي منذ سن مبكرة. لقد تعرّف على الاشتراكية منذ شبابه، وكان بطبيعته شخصاً مولعاً بالقراءة والبحث، فقد قرأ العديد من الكتب، لا سيما في الفلسفة الاشتراكية والاشتراكية العلمية، وكوّن صداقات. درس الفيزياء والرياضيات في جامعة حلب، وخلال سنوات دراسته الجامعية، تعرّف على الفكر الآبوجي (APOCÎ)، ورأى الآبوجيين يمارسون الاشتراكية العلمية التي كان يبحث عنها باستمرار.

على هذا الأساس، انضم إلى حركة الحرية الكردية عام 1990. على مدار 24 عاماً، اكتسب خبرة عسكرية وسياسية واسعة في حركة الحرية الكردية.

منذ عام 2013 وما بعد، تولى دوراً مسؤولاً في بناء العملية الثورية، وشارك في قيادة الأنشطة السياسية والأيديولوجية والدبلوماسية والعسكرية على نحو متعدد الأوجه، وكان موجهاً لتنسيق الجهود في جميع أنحاء شمال شرق سوريا لتأسيس “TEV-DEM” ونظام المقاطعات. سافر من مدينة إلى أخرى، لتنظيم عمل الكومونات والبرلمان، وشارك في جميع المؤسسات. في جميع أنشطته، عمل من كثب مع الشعب، وقد اعترف الشعب بروحه المؤيدة للعمال وتقبّلها.

عالج شخصياً جميع القضايا المؤسسية والعامة، ولم يتعالَ على الشعب أبداً وسعى جاهداً لإيجاد حلول لمشكلاته وكأنه واحد منهم. كان لطبيعته الشعبية والاجتماعية تأثير عميق على كل من قابله. كان طفلاً مع الأطفال وكبيراً مع كبار السن، يتمتع بروح خطابية قوية. أثرت شخصيته الفكرية الفلسفية والتاريخية والعلمية والأيديولوجية العميقة بعمق على كل من قابله، وأشركتهم في الجهود الثورية. ازدهرت العلاقات الاجتماعية بحضوره. كان يفهم لغة الجميع، ويعرف تماماً ما يتحدث عنه ومع من يتحدث.

لعب دوراً مهماً في تأسيس (مسد) وجهود الإدارة الذاتية، وإذا كانت الإدارة الذاتية تُعدّ نموذجاً أساسياً في جميع أنحاء سوريا اليوم، فهذا بإسهام الرفيق نور الدين صوفي الكبير. لقد توقع ذلك ودافع عن هذه الجهود، ولم يتوقف لحظة، وحرص على توحيد المجتمع؛ الكردي والعرب والآشور، والأرمن والتركمان في إطار نظام الأمة الديمقراطية.

كما قاد جهود الدفاع، التي تعدّ أحد أهم ركائز جهود البناء، وكان له دور فعال بشكل خاص في تطوير وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة، التي تعدّ قوة دفاع شعبنا. لقد نسق المجهود الحربي، لا سيما خلال الفترات التي كثّفت فيها عصابات داعش والنصرة هجماتها الإرهابية.

وبفضل خبرته العسكرية الطويلة ومهاراته القيادية، كانت لجهوده دور في تطوير الدفاع، ومع تكثيف هجمات داعش والنصرة، قامت قوات وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة بالعديد من الحملات رداً عليه. وتولى المسؤولية المباشرة وتوجيه معارك تل حميس وتل براك التي تطورت خلال تلك السنوات، ومعركة جزعة، وحملة تل حميس الانتقامية، وحملة غضب الفرات في الرقة، وحملة باجيرا الجزيرة في دير الزور، وحملة القضاء على داعش في الباغوز.

كما لعب دوراً فعالاً في استمرارية المقاومة خلال هجوم داعش على كوباني. كما نسّق ووجّه بشكل مباشر جهود المقاومة التي تطورت ضد هجمات العصابات في حلب وعفرين. وكذلك نسّق الحرب على مستوى القيادة خلال هجمات غزو الدولة التركية على عفرين وسري كانيه وتل أبيض (كري سبي).

كان للقائد نور الدين صوفي دورٌ محوريٌّ في جهودٍ حثيثةٍ لإنشاء منظومة دفاعٍ مشتركةٍ لجميع شعوب هذه المنطقة. وعلى هذا الأساس، لعبَ شخصياً دوراً في تأسيس قوات سوريا الديمقراطية، قوة الدفاع المشتركة لشعب شمال شرق سوريا، عام 2025.

تولى المسؤولية الأساسية عن العمليات العسكرية، بصفته قائداً لوحدات حماية الشعب (YPG) في عام 2016، خلال فترة تزايدت فيها هجمات العصابات الإرهابية والدولة التركية المحتلة. أسهمت خبرته التكتيكية وخبرته العسكرية بشكل كبير في هزيمة داعش في شمال شرق سوريا. كان قائداً متعدد المهارات في المعركة. اجتمع وعيه وخبرته العميقة مع ثروته التكتيكية. أينما كان، كان المقاتلون يشعرون بالأمان. حتى في أصعب اللحظات، كان الرفيق صوفي يجد حلاً. لم يبقَ أبداً دون حل أو بديل. في كل نقاش، كان يستشير زملاءه ويتخذ قراراً بنّاءً عليه. كان واضحاً وشجاعاً في قراراته. كان قائداً ومقاتلاً فذاً، لم يتردد أبداً.

برزت شخصية صوفي الاشتراكية في نهجها تجاه تحرير المرأة، وعاش مع النساء رفاقية حقيقية ووطيدة في كل لحظة، ورسّخ مبدأه في الاعتراف بإرادة المرأة بالعمل والعيش معها، وتعاون مع النساء في جهود البناء الاجتماعي وفي مرحلة تأسيس وحدات حماية المرأة (YPJ) أيضاً. كان رفيق درب المرأة الحرة، ولم يتعامل قط مع تحريرها بطريقة تقليدية، بل أصبح رفيق درب المرأة الحرة.

بالإضافة إلى جميع صفاته الثورية، تميّز الرفيق صوفي كقائدٍ بشخصيته الأممية، فخلال النضال ضد داعش، انضمّ مئات الأصدقاء الأمميين من جميع أنحاء العالم إلى نضالنا، تواصل الرفيق صوفي شخصياً مع كل رفيق أممي، ساعياً إلى تمكينه من المشاركة بشكل أقوى في النضال. لقد استشعر الواقع الاجتماعي والسوسيولوجي الذي انبثق منه كل رفيق، مخاطباً قلوبهم بفعالية.

ترك الرفيق صوفي بصماته على نضالنا بكل معنى الكلمة، وفي عقولنا وقلوبنا، رائداً وقائداً نموذجياً في البناء الاجتماعي والعمل العسكري. كان ثائراً، أقواله وأفعاله واحدة وذو مسيرة ثورية مستقرة. كان ذو شخصية اجتماعية بارزة. لم يتنازل أبداً عن حماسته وشغفه بالحياة، ولم يتوقف أبداً عن التطور الفكري. كان دائماً يقرأ ويثقف نفسه ويثقف رفاقه.

أصبح معلماً لكل رفيق عمل معه. كان مثقفاً ويناقش دائماً زملائه، ويقرأ باستمرار. يبحث في كل موضوع يهمه. بفضل هذه السمات، التي أصبحت أسلوب حياته، أصبح اشتراكياً حقيقياً. إلى جانب التزامه الراسخ بالقيم التي اُسست، كان يسعى دائماً وراء الجديد، ولم يتعب أبداً. كان أيضاً شخصية نموذجية في عمله الفكري والبدني، ولم يتقيد بأي قالب، كان دائماً نشيطاً. عاش كل لحظة من أجل النضال. كان هو وزملاؤه يعملون بروح الفريق الواحد.

كان قائداً اشتراكياً، يمارس أسلوب الإدارة الجماعية، ولم يُصرّ على رأيه الخاص، بل كان يُقدّر آراء كل رفيق تقديراً كبيراً. كانت المعنويات أساس لديه، وكان يُقدّر الأدب والفن وإبداعات النضال تقديراً كبيراً. كان داعيةً حقيقياً، وخطيباً مفوهاً، يعرف تماماً ما يقول وكيف يقوله. تبنى فلسفة الحياة في كسب كل من التقى به ويضمه إلى النضال. ترك أثراً لا يُنسى في كل من التقى به وعرفه، حتى إنه حفر لنفسه مكانة في عقول الناس وقلوبهم، بتواضعه وصدقه وإخلاصه وقيمه الأخلاقية الثورية، أصبح قائداً نموذجياً في كل بيئة صادفها.

ترك لنا رفيقنا القائد العظيم نور الدين صوفي إرثاً ثورياً عظيماً. بنضاله سطر اسمه في التاريخ على امتداد أجزاء كردستان الأربعة ضد سياسات الإبادة والإبادة المرتكبة بحق شعبنا. كان قائداً ورفيقاً وثورياً لن ننساه أبداً.

نُخلّد ذكرى جميع مناضلي الحرية الذين استشهدوا في نضالنا من أجل الحرية، ونخصّ بالذكر نور الدين صوفي، الذي قاد ثورة روج آفا، التي مهّدت الطريق لنظام شمال شرق سوريا، حتى يومنا هذا.

نُقدّم تعازينا لعائلتي نور الدين صوفي والكريلا المناضل بختيار غابار، الذي استشهد معه، ولجميع أبناء شعبنا. نعاهدكم على مواصلة الإرث الثوري الذي خلّفه لنا الشهداء، وقيادة نضال الحرية نحو النصر