الخميس, يناير 30, 2025

حين يحارب الكورد الإرهاب وتصنعه تركيا من جديد!

د. محمود عباس

الفرق بين تعامل الكورد، الحكومة السورية الانتقالية، وتركيا مع داعش: من يحاربها ومن يدعمها ويسخرها لمصالحه؟

1- الكورد: حاربوا ولا يزالون يحاربون داعش والمنظمات الإرهابية والمتطرفة، بهدف القضاء عليها وحماية المنطقة والعالم من جرائمها.

2- هيئة تحرير الشام (الحكومة السورية الانتقالية): تدّعي أنها لن تسمح لداعش بالتمدد أو العودة، لكن ليس عبر محاربتها، بل بامتصاص عناصرها واحتضان خلاياها. بنيتها الداخلية، التي تضم متطرفي النصرة وعناصر داعش الهاربين بعد خسارتها، تجعلها بيئة ملائمة لانضمامهم، وذلك تحت غطاء تشكيل “الجيش الوطني السوري”، الذي يتم عبر انضمام طوعي وليس تجنيدًا إجباريًا، مع عدم فرض قيود واضحة حتى الآن من حيث العمر أو الخلفية الأيديولوجية، ولا يستبعد أن يتم تشكيل فرقة خاصة بهم تكون تابعة لوزارة الدفاع اسما، وتعبث لأهدافها، مثلما تجرم اليوم المجموعات التابعة لهيئة تحرير الشام في مناطق حمص واللاذقية والساحل السوري.

3- تركيا: تقدم نفسها لأمريكا ودول التحالف على أنها مستعدة لمحاربة داعش، بشرط حل قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والقضاء على الإدارة الذاتية. لكنها في الواقع كانت ولا تزال تسخّر التنظيم لخدمة أجنداتها، إذ قدمت لهم السلاح والدعم اللوجستي.

 كما وجمعت الهاربين منهم في منظمات تحمل أسماء السلاطين العثمانيين، مثل “الحمزات” والعمشات”، إلى جانب “الجيش السوري الحر” وغيره. استخدمتهم كمجموعات مرتزقة وأرسلتهم إلى ساحات معاركها في ليبيا وأذربيجان لمحاربة أرمينيا. وهم الآن يُستخدمون ضد القوات الكوردية وقسد في سد تشرين، منبج، وجسر قره قوزاق.

وهي بذلك تدفع بشرائح ضالة من الشعب العربي السوري، مستعينة بمرتزقة وتكفيريين من خارج سوريا، لمحاربة الكورد، وهم المكون الثاني في الوطن، تحت ذريعة محاربة الإرهاب ومنع تقسيم سوريا، في الوقت الذي تتجاهل فيه هذه المنظمات أنها تحارب أبناء الوطن السوري أنفسهم. وفي المقابل، تغض الطرف عن عرابها تركيا، التي تحتل جزءًا من الوطن السوري وتعبث بمقدراته، مستهدفة تصفية القضية الكوردية وإبقاء سوريا ضعيفة وممزقة، لضمان هيمنتها على مقدراتها وفرض إملاءاتها، بحيث تظل سوريا دولة تابعة لها.

في هذا الواقع الذي تخلقه تركيا، البيئة مهيأة لعودة داعش، حتى لو كان تحت مسميات مختلفة، وهو ما يشكل خطرًا على العالم، وعلى الشعب الكوردي، وأمن أمريكا وأوروبا وإسرائيل. هؤلاء المتطرفون سيواصلون جرائمهم بأوامر من عرابهم، تركيا، التي ستوظفهم لتمرير أجنداتها وفرض مصالحها على الشرق الأوسط. العالم شهد تجربة مماثلة عندما انسحب داعش من مدينة الباب وجرابلس، وسلمها لأدوات تركيا الحالية دون أي مقاومة، باستثناء فرد واحد سقط من شاحنة صغيرة (بيك آب). تلك الجماعات التي ورثت داعش لم تطلق طلقة واحدة، لكنها اليوم تجرم وتعبث في عفرين تحت الاحتلال التركي.

هل من المنطقي أن تقتنع قوى التحالف، وأمريكا، ودول الشرق الأوسط بوعود تركيا، بعد كل التجارب التي أثبتت دعمها لداعش؟ المنظمة التي أخلت سبيل طاقم القنصلية التركية عام 2014م بعدما قبضت عليهم واحتجزتهم في مدينة الموصل لأيام، وكان الطاقم الوحيد الذي لم يتم التعرض لهم والمساس بهم، بل سلمتهم في مدينة الباب إلى حكومتهم، على أسس اتفاقية سرية تمت بينها والمنظمة، ومنها مهاجمة القوات الكوردية في شمال وغرب كوردستان، ومن ذلك الحين فتحت مطاراتها وموانئها لجميع عناصر داعش القادمين من أصقاع العالم، وفتحت لهم معسكرات تدريب، ورافقت قواتها الأمنية عناصر التنظيم إلى داخل سوريا والعراق.

مصالح الدول المعنية وأمن شعوبها تفرض عليها مواجهة تركيا بالحقيقة، وعدم التنازل لشروطها أو تصديق وعودها. التصريحات الصادرة عن الحكومة السورية المؤقتة، التي نواتها “النصرة”، الحليفة السابقة لداعش، تكشف بوضوح أن التهديد لا يزال قائمًا.

لحماية شعبها ومدنها، يجب على الدول المعنية دعم القوات الكوردية، وقوات قسد، والإدارة الذاتية، والاعتراف بها سياسيًا كمنطقة فيدرالية ضمن سوريا لا مركزية. يجب أن تكون لهذه المنطقة قواتها الخاصة، كجزء من وزارة الدفاع السورية، لكنها مستقلة إداريًا في منطقتها، فهي الوحيدة التي تملك الإرادة الحقيقية لمحاربة الإرهاب والتطرف، سواء كان أدوات لتركيا أو إيران، إيمانًا منها بحماية الوطن وشعبها، ومعهما شعوب سوريا والعالم.

الولايات المتحدة الأمريكية

29/1/2025

شارك هذه المقالة على المنصات التالية