حَراك مكثّف نحو الأكراد: طريق «التسوية» ليست معبّدة
محمد نور الدين
تتسارع المساعي المتعلّقة بحلّ المسألة الكردية في تركيا وسوريا معاً، وسط تباينات حادّة في المواقف، في وقت كرّر فيه وزير الخارجية التركي، حاقان فيدان، القول إن «حزب العمال الكردستاني» يمثّل «خطراً على تركيا كما على كل دول المنطقة»، داعياً «الإرهابيين الأكراد في سوريا» إلى أن يغادروها. وفي تحريض علني ضدّ السوريين من غير السنّة وأيضاً الأكراد، قال فيدان إن بلاده «كما لم تتردّد في احتضان اللاجئين السوريين والوقوف ضدّ نظام الأسد الظالم الذي أجبر السنّة والعرب على ترك أراضيهم، فهي لن تتردّد اليوم أيضاً في أن تمحو الإرهابيين (الأكراد) من سوريا»، لكنها «تنتظر المجتمع الدولي ليساعد في هذا الأمر»، بحسب الوزير.
ووفقاً للباحث آيدين أونال، في صحيفة «يني شفق»، فإن رئيس الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، أبلغ وفداً ممثِّلاً لـ»قسد» التقاه في دمشق، بأنه «ليس هناك من خيار أمام الأكراد سوى تسليم سلاحهم»، وهو ما يتّفق مع وجهة النظر التركية. ورأى الكاتب أنه «أمام الأكراد فرصة لكي يكونوا جزءاً من النظام الجديد ومن القوات المسلحة، في إطار سوريا الموحّدة»، مضيفاً: «يمكن القول إن نهاية حزب العمال الكردستاني قد اقتربت». وفي موقف حاد ممّا يجري، اعتبر الكاتب الموالي للسلطة أنه «لا حاجة إلى أن يخرج (عبد الله) أوجالان من السجن، ولا إلى أن يوجّه نداءً، ولا حاجة أصلاً إلى كلّ ما يحكى عن عملية سلام جديدة مع الأكراد. فيَدُ تركيا قوية، وتستطيع حلّ المشكلة الكردية بألف طريقة».
أما بالنسبة إلى الحراك الكردي في الداخل التركي، فإنه بعد اللقاء الذي جمع وفداً من «حزب الديموقراطية والمساواة» الكردي، مع زعيم «الكردستاني» المعتقل، عبد الله أوجالان، وإبداء هذا الأخير استعداده لتوجيه «رسالة إيجابية» بالنسبة إلى حلّ المشكلة، زار الوفد المؤلف من النواب: سري ثريا أوندير وبروين بولدان (اللذين التقيا أوجالان في السجن)، وأحمد تورك، زعيم «حزب الحركة القومية»، دولت باهتشلي، على أن تتبع هذا اللقاء زيارات إلى سائر أحزاب البرلمان، وفي مقدمها «حزب الشعب الجمهوري» المعارض، والذي قال أوجالان إن أفكاره يمكن أن تسهم بشكل قوي في الحلّ.
وفي خطوة مهمّة أيضاً، ذكر الكاتب المعارض المعروف، فكرت بيلا، في موقع «خلق تي في»، أنه «بعد إتمام الحزب لقاءاته مع الأحزاب التركية، سيقوم بزيارة ثانية إلى أوجالان في سجنه، ومن ثم سيذهب إلى روجافا في سوريا، ليتباحث مع قادتها حول مستقبل الوضع في تلك المنطقة». ووفقاً للكاتب، فإن نائب ديار بكر عن «العدالة والتنمية»، غالب أنصار أوغلو، قال إن «الدعوة إلى تسليم السلاح ستُوجَّه إلى حزب العمال بعد احتفالات النوروز، في 21 آذار المقبل».
وعن لقاء باهتشلي مع النواب الأكراد، قال الكاتب إسماعيل صايماز إنه كان «إيجابيّاً»، وإن أحمد تورك أهدى باهتشلي مسبحة من حجر الكهربار. ونقل الكاتب عن أعضاء الوفد الكردي، قولهم إن «باهتشلي كان يستمع باهتمام إلى ما قاله أوجالان، وقد رسم إطاراً إيجابيّاً بقوله: لقد حان الوقت لحلّ هذه المسألة. واعتبر وفد الأكراد أن كون مبادرة الحلّ جاءت من جانب باهتشلي، فذلك يمثّل عاملاً مساعداً، وربّما الآن ثمة فرصة أخيرة للحلّ، لأن التطوّرات والمخاطر في الشرق الأوسط تتكاثر. وبحسب الوفد، فإن هذا التقييم ليس خاصاً فقط بالحزب، بل بأوجالان الذي يقول إن الفرصة قد لا تتكرّر في وقت آخر». ووفق صايماز، «قال الوفد إن موقف كل قادة الحركة الكردية يحمل القلق من مواقف السلطة. ولكنهم يثقون بأوجالان».
من جهته، قال القيادي البارز في «العمال الكردستاني»، جميل بايق، لصحيفة «يني أوزغور بوليتيكا»، إن «السلطة التركية، ولا سيما دولت باهتشلي، تحاول أن تعطي انطباعاً بأن أشياء إيجابية تحدث، لكن الواقع غير ذلك تماماً. فلا اعتراف بالقضية الكردية، وحزب العمال الكردستاني هو عدو. وهذا يظهر استمرار سياسة إنكار وإبادة عمرها مئة عام. لذلك، نحن نخوض حرباً قاسية. ومع ذلك، فإن الدولة التركية يتحتّم عليها أن تتوجّه إلى القائد آبو، وتتحاور معه». وأضاف أن «حزبَي العدالة والتنمية والحركة القومية لم يتخلّيا عن ذهنية الإبادة. هما كما في الأمس، يريدان اليوم تصفية القضية الكردية. ومنذ التغيير في سوريا، والجيش التركي يشنّ عمليات عدوانية على منطقة روجافا. هدف تركيا واضح وهو احتلال روجافا وتصفية الإدارة الذاتية. لكن الشعب الكردي سيقاوم حتى النهاية».
وأشارت الصحيفة إلى أن «عيون تركيا هي على الموارد النفطية والغاز الطبيعي في حقول رميلان وعمر وكونيكو في دير الزور في منطقة روجافا. كذلك، فإن روجافا فيها ثلاثة سدود كبيرة، هي الفرات والبعث وتشرين. كما أن 70% من القمح السوري، و40% من القطن والذرة والبقول تنتج في المنطقة». ولروجافا، وفق الصحيفة، أهمية كبرى، «أولاً لمحاربة داعش بين سوريا والعراق، وثانياً لتركيا لأنها تشكّل تهديداً لها، وثالثاً لأن فيها مخيمَي الهول وروج اللذين يضمّان أكثر من 40 ألف داعشي، كما أن هناك 8 آلاف معتقل في السجون من خمسين دولة». ولفتت إلى أن «رؤية الإدارة الذاتية مختلفة جداً عن رؤية دمشق في ما خصّ طبيعة الإدارة السياسية والتعليم وغير ذلك. ووقوف تركيا إلى جانب دمشق لمواجهة الإدارة الذاتية يجعل الأمور أكثر تعقيداً».
المصدر: الأخبار اللبنانية
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=59526