الثلاثاء, سبتمبر 17, 2024
آراء

خيوط المصالح والسلام

بقلم: د. محمود المسلط

المنطقة تشهد تحركات سياسية واقتصادية وعسكرية في ظل غياب شبه تام للسوريين على الساحة السياسية الإقليمية والدولية. زيارات ومؤتمرات ولقاءات هدفها إيجاد حلول وتفاهمات في ظل الظروف الراهنة المعقدة والتحديات التي تواجه المنطقة بشكل عام.

مصالح الدول الكبرى تبقى هي الأساس في إيجاد الحلول السياسية لجميع القضايا والأزمات. العيون على البيت الأبيض ومَن هو الرئيس القادم. الرهان على الانتخابات الأمريكية يبقى المحور الرئيسي للمتغيرات القادمة.

المنطقة تواجه العديد من التحديات: الحرب الإسرائيلية الإيرانية في غزة أو في اليمن أو في لبنان، الحرب بين روسيا وأوكرانيا، والحرب السودانية التي غاب العالم عنها. الملف النووي الإيراني تم التغاضي عنه تماماً في هذه المرحلة، ولم يعد الهاجس الرئيسي لدول المنطقة وإسرائيل.

تساؤلات عديدة تطرح نفسها؛ كيف ستكون خارطة الطريق القادمة للمفاوضات بين الدول العربية وإسرائيل؟ هل سيكون هناك دور لإيران في عملية التفاوض والسلام؟ ما هي صفقة القرن الجديدة وهل ستكون إيران جزءاً منها؟ أين تركيا من هذه الصفقات الاقتصادية والسياسية؟

فيما يخص الوضع السوري، هل لقاء الأسد مع الرئيس التركي سيُحدِث تقدماً في الأزمة السورية؟ إن تم انسحاب تركي كامل أو جزئي من الشمال السوري وفق تفاهمات دولية أو إقليمية متفق عليها – وأنا أشك في المنظور القريب بهذا الأمر لأنه يتطلب كثيراً من التفاهمات والحوار والمفاوضات – فهناك قضايا عديدة يجب معالجتها: اللاجئين، القضايا الأمنية، ضبط الحدود والمعابر، والفصائل المتشددة المنتشرة في جميع المناطق المحتلة.

تركيا تبحث عن مخرج سياسي جديد لأزمتها الداخلية، ولذلك تنشط دبلوماسياً لتكون شريكاً استراتيجياً في المرحلة القادمة. تدرك تركيا تماماً أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تسمح بأي صراعات جديدة في منطقة شرق الفرات حتى وإن كان هناك انسحاب عسكري للتحالف الدولي.

الزيارة التي قام بها الرئيس الأسد إلى موسكو لها أبعاد ودلالات. إن علاقة بوتين الخاصة بالرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي حاول في أكثر من مناسبة إنهاء حكم الأسد، عجَّلت من قبول الأسد بالشروط الروسية القديمة الجديدة وإبداء رغبة ومرونة من النظام في إيجاد مخرج للأزمة السورية.

كان لموقف النظام السوري من حرب غزة والدور الإيجابي الذي اتخذه من عدم الانخراط في هذه الحرب العامل الرئيس في تهيئة الظروف المناسبة لتكون دمشق هي أساس الحل والعقد بهذه المرحلة.

لا شك أن المواجهة بين إسرائيل وإيران على ساحة حزب الله أمر خطير للغاية، ولكن قرار الحرب في لبنان ليس عند إيران ولا حزب الله ولا روسيا ولا النظام؛ القرار في إسرائيل. اليوم لروسيا وإيران الدور الأكبر في وجود وثبات النظام السوري من خلال المساهمة العسكرية والسياسية لبقاء الرئيس السوري بشار الأسد. وأيضاً التفاهمات الأمريكية الإسرائيلية التي لم تعد بحاجة إلى شريك بديل عن نظام الأسد في هذه المرحلة.

نطالب بالحوار السوري – السوري لأننا نريد بناء النظام السياسي السوري بشكل عام على أساس التفاهمات التي ترضي جميع الأطراف بما يضمن حقوق جميع المكونات السورية ويضمن وحدة واستقرار سوريا أرضاً وشعباً. يجب أن تقوم الولايات المتحدة والدول الفاعلة في هذا الملف بدور محوري وفعال في إيجاد حلول مناسبة للأزمة السورية وإيجاد أرضية مناسبة لإطلاق الحوار السوري – السوري.

إن هذه المرحلة تعتمد على إيجاد بيئة مناسبة للحوار وأرضية للتفاهمات السياسية بين السوريين أنفسهم من خلال تقديم وتهيئة الظروف وتذليل العقبات أمام النخبة السياسية السورية ليجلسوا على طاولة سورية ويرسموا خارطة طريق للخروج من الأزمة السياسية.

ترسيخ الأمن والاستقرار بالمنطقة ينطلق من الحوار السوري – السوري وإيجاد علاج حقيقي للأزمة السورية التي أنهكت سوريا اقتصادياً وعسكرياً واجتماعياً. ليس لنا خيارات سوى الحوار السوري – السوري الذي أراه اليوم فرصة كبيرة وليس تنازلاً.

السلام الدائم ليس إنجازاً واحداً ولكنه بيئة والتزام. إنّ السلام كالحرب، معركة لها جيوش وحشود وخطط وأهداف. والثقة بالنفس معركة ضد كل مضاعفات الهزيمة. أنا كلّي ثقة، ثقة بالله تعالى وثقتي بالشعب السوري، لأننا شعب صاحب تاريخ وحضارة. اليوم نرى في العالم حروباً ومعارك مختلفة، ونحن جزء من هذا العالم، نخوض معركة ذات أبعاد وأشكال مختلفة.

د. محمود دحام عبد العزيز المسلط

الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية

المصدر: مسد

الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين

شارك هذه المقالة على المنصات التالية