الإعلامي : فؤاد عثمان
سلامي وأشواقي يا غاليتي
أتدري من أين أكتب لكِ رسالتي هذه؟
أكتبها في وطنٍ ليس لي
في وطنٍ بياضُ قممه كشيب رأسي
صفاؤه كصفاء قلوب أهله
كنقاء مياه العيون
التي تجري كجريان دمي في جُرحي
نعم
يا ابنتي العزيزة
أنا في وطنهم
وليس وطني
أوهمونا عندما قالوا لنا
قبل مجيئنا إلى هنا
عندما أرسلونا
قالوا لنا في الوهلة الأولى
إنكم ذاهبون لقتال الكُرد الكفار
تحت اسم الأنفال
قالوا إنكم منتصرون لا محالة
لأنكم تدافعون عن أرض الوطن
هكذا قالوا لنا وأوهمونا
لكن أي وطنٍ هذا يا عزيزتي؟
نعم، وطنهم وليس وطنهم
قاتلناهم في عقر دارهم
نعم، قاتلناهم
في بيوتهم
في أوطانهم
وديارهم
لم نكن نشفق على أطفالهم
ولا على شيوخهم
وحتى لم نرحم معوّقيهم
هكذا أوهمونا بها عن الأنفال
عرق البيوت… وقتل الأطفال
استحيينا النساء
اجتثثنا جذور الأشجار
هدمنا العيون والآبار
ابنتي الغالية
في الوقت الذي أكتب لكِ رسالتي هذه
والدم ينزف من جسدي
وأتنفس آخر أنفاسي
وأنا أنظر إلى جرحي الذي في بدني
أتأمل ما حولي وأتمعن
وأقول لنفسي
يا ترى لماذا جئنا؟
لماذا قاتلنا وسفكنا الدماء بلا رحمة
ها هنا
في الوطنِ الذي ليس لنا
بل أوطان أجدادهم
جئنا لِمحو هويتهم
ونجتث جذورهم من الوجود
آه يا ابنتي الغالية
كم أنا نادمٌ عمّا قمت به
قتلناهم ظلمًا وغدرًا
كل ما قالوا لنا كان كذبًا وبهتانًا
زيّنوا لنا الأوهام
فالكُرد ليسوا كفارًا كما قالوا لنا
أوطانهم معمورة بالأخيار
حتى قراهم
لا تخلو من المساجد كقرانا
وتعلو كلمة الله فيها أكثر مما لدينا
اسمعيني جيدًا يا عزيزتي
عندما تصلكِ رسالتي هذه
أعلني
اكتبي
اصرخي بأعلى صوتك
كي يسمعكِ الناس
قولي لشباب بلدي
احذريهم
لا يأتون إلى هنا
لا يُوهَمون كما وُهِمنا…
للقتال وسفك الدماء
حرب الظلم والاغتصاب
وهتك الأعراض
وقتل الإخوان
لأن هذه الحرب ليست دفاعًا عن الوطن
لأن وطنهم هذا، وليس وطننا كما قالوا لنا
أوهمونا عندما قالوا لنا
عن الأنفال… عن الأنفال
—
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=67456