د. أحمد الخليل
المصطلح أولاً
نقصد بمصطلح (التراث الإسلامي) كل ما ينتمي إلى العهود الإسلامية على صعيد الدين (قرآن، تفسير، حديث، فقه، تصوف)، والتاريخ، والجغرافيا، والعلوم (طب، هندسة، رياضيات، فيزياء، كيمياء)، والفكر، والفلسفة، والأدب (شعر، نثر)، والفن (رسم، موسيقا، غناء). والمقصود بـ (العهود الإسلامية) هو الزمن الذي يبدأ بظهور الدعوة الإسلامية حوالي سنة (610 م)، وينتهي مع سقوط الدولة العثمانية، وقيام الزعيم التركي مصطفى كمال (آتاتورك) بإلغاء منصب الخلافة سنة (1924 م).
إذاً فالفترة التي تشملها (العهود الإسلامية) تمتد على ثلاثة عشر قرناً من الزمان، وطوال هذا الزمن المديد كان الشعب الكردي – وما زال- أحد الشعوب الإسلامية، إنه ربيب التراث الإسلامي، ومن أبرز المساهمين في صناعة هذا التراث؛ كان منه الصحابي، والتابعي، والمفسّر، والمحدّث، والفقيه، وشيخ الإسلام، والصوفي، والمفكر، والفيلسوف، والطبيب، والمهندس، والمؤرخ، والجغرافي، وعالم الطبيعة، والأديب، والناقد، والشاعر، والموسيقي، والمغنّي، وكان منه السلطان، والملك، والأمير، والوزير، والوالي، والقائد العسكري، والمقاتل.
وبتعبير آخر: إن الشعب الكردي لم يكن قطّ خارج التاريخ الإسلامي، ولا خارج الجغرافيا الإسلامية، بل كان على الدوام في صميم كل منهما، فماذا قيل عن أصله في التراث الإسلامي؟ ومن أية زاوية جاء الحديث عن ذلك؟
اللقاء العربي الكردي
وقبل استعراض ما جاء في مصادر التراث الإسلامي حول (أصل الكرد)، ثمة حقيقة جديرة بالانتباه؛ وهي أن الكرد هم من أوائل الشعوب التي التقى بهم العرب المسلمون، أيام الفتوحات، في الجبهة الشرقية، ولعل الأمر يصبح أكثر وضوحاً إذا علمنا أن معركة القادسية سنة (15 هـ) بين العرب المسلمين والفرس جرت على تخوم كردستان، وأن معركة جَلُولاء سنة (16 هـ) ومعركة نَهاوَنْد سنة (19 أو 20 هـ) دارتا في صميم الأرض الكردية، وكانت هذه المعارك حاسمة في إسقاط الإمبراطورية الفارسية.
وهذا يعني أن العرب المسلمين عرفوا الكرد في وقت مبكّر جداً من القرن الأول الهجري (السابع الميلادي)، وصحيح أن الكرد كانوا تابعين، قبل الإسلام، للدولة الساسانية، وأنهم كانوا من أتباع العقيدة الزردشتية كالفرس، لكنهم كانوا شعباً له خصوصيته القومية، وكانوا معروفين باسمهم القومي (كرد، أكراد)، والدليل على ذلك أن المصادر الإسلامية سمّتهم باسمهم حينما قاوموا الهجوم العربي، أو انضموا إلى الثورات التي كانت تنفجر في وجه الفاتحين العرب، وإليكم الخبرين الآتيين:
v ” غزا عُتْبة بن فَرْقَد شَهْرَزُور والصامغان، ففتحها بعـد قتال على الجزية والخراج، وقتل خلقًا من الأكراد ” (تاريخ ابن خلدون، ج 4، ص 982).
v ” اجتمع إلى عمر [= ابن الخطاب] جيش من المسلمين، فبعث عليهم سَلَمة بن قيس الأَشْجَعي، ودفعهم إلى الجهاد على عادته، فلقوا عدواً من الأكراد المشركين، فدعوهم إلى الإسلام والجزية فأبوا، وقاتلوهم، وهزموهم، وقتلوا وسبوا، وقسّموا الغنائم ” (تاريخ ابن خلدون، ج 4، ص 993).
وقد جرى هذان الحدثان زمن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب: جرى الأول سنة (22 هـ)، والثاني سنة (23 هـ)، أقول: رغم الوقت المبكّر الذي عرف فيه العربُ المسلمون الشعبَ الكردي نجد في مصادر التراث الإسلامي أخباراً عن أصلهم هي غامضة تارة، ومتناقضة تارة أخرى، وغريبة تارة ثالثة، وصحيح أن بعض تلك المصادر أخذ في مواضيع كثيرة بالخرافات، وأنزل الأساطير منزلة الحقائق الدامغة، وخلط بين الحقيقة والوهم، ونقل المعلومات تحت بند (قال الناس، وقيل، وقالوا، منهم من زعم)، من غير تحكيم للعقل والمنطق في معظم الأحيان؛ لكن مع ذلك فإن بعض ما جاء فيها حول (أصل الكرد) أمر يثير العجب حقاً.
وإليكم أشهر ما جاء في هذا المجال.
في مجال التاريخ
قال المسعودي في (مروج الذهب، ج 2، ص 122 – 123):
” وأما أجناس الأكراد وأنواعهم فقد تنازع الناس في بدئهم؛ فمنهم من رأى أنهم من ربيعة بن نزار بن مَعَدّ بن عدنان، انفردوا في قديم الزمان، وانضافوا إلى الجبال والأودية، ودعتهم إلى ذلك الأَنَفة، وجاوروا مَن هنالك مِن الأمم الساكنة المدنَ والعمائرَ من الأعاجم والفرس، فحالوا عن لسانهم، وصارت لغتهم أعجمية، ولكل نوع من الأكراد لغة لهم بالكردية.
ومن الناس من رأى أنهم من مُضَر بن نزار، وأنه من ولد كُرْد بن مَرْد بن صَعْصَعَة بن هَوازِن، وأنهم انفردوا في قديم الزمان لوقائعَ ودماءٍ كانت بينهم وبين غَسّان.
ومنهم من رأى أنهم من ربيعة ومُضَر، وقد اعتصموا في الجبال طلباً للمياه والمراعي، فحالوا عن اللغة العربية لما جاورهم من الأمم.
” ومن الناس من ألحقهم بإماء سليمان بن داود عليه السلام حين سُلب ملكَه، ووقع على إمائه المنافقات الشيطان المعروف بالجَسَد، وعصم الله منه المؤمنات أن يقع عليهن، فعلق منه المنافقات، فلمّا ردّ الله على سليمان ملكَه، ووضع الإماءُ الحواملُ من الشيطان، قال: اكردوهن إلى الجبال والأودية. فربّتهم أمهاتهم، وتناكحوا، وتناسلوا، فذلك بدء نسب الكرد.
” ومن الناس من رأى أن الضحّاك ذا الأفواه المقدَّم ذكره في هذا الكتاب، الذي تنازعت فيه الفرس والعرب من أيّ الفريقين هو، أنه خرج بكتفيه حيّتان، فكانتا لا تُغذَّيان إلا بأدمغة الناس، فأفنى خلقاً كثيراً من فارس، واجتمعت إلى حربه جماعة كثيرة وافاه أفريدون بهم، وقد شالوا راية من الجلود تسمّيها الفرس درفش كاوان، فأخذ أفريدون الضحّاك وقيّده في جبل دُنْباوَنْد على ما ذكرنا، وقد كان وزير الضحّاك في كل يوم يذبح كبشاً ورجلاً، ويخلط أدمغتهما، ويطعم تَينك الحيّتين اللتين كانتا في كتفي الضحّاك، ويطرد من تخلّص إلى الجبال، فتوحّشوا وتناسلوا في تلك الجبال، فهم بدء الأكراد، وهؤلاء من نسلهم، وتشعّبوا أفخاذاً، وما ذكرناه من خبر الضحّاك فالفرس لا يتناكرونه، ولا أصحاب التواريخ القديمة والحديثة “.
وأضاف المسعودي (مروج الذهب، ج2، ص 124):
” وما قلنا عن الأكراد فالأشهر عند الناس، والأصحّ من أنسابهم أنهم من ولد ربيعة بن نزار “.
وقال المقريزي في (كتاب السلوك، ص 22 – 23):
” الأكراد ينسبون إلى كُرْد بن مَرْد بن عمرو بن صَعْصَعة بن معاوية بن بَكْر بن هَوازِن. وقيل: هم من ولد عَمْرو مُزَيْقِياء بن عامر ماء السماء. وقيل: إنهم من بني حميد بن طارق الراجع إلى حميد بن زهير بن الحارث بن أَسد بن عبد العُزّى بن قُصَيّ بن كِلاب. وهم قبائل: منهم الگُورانية بنو گوران، والهَذْبانية، والبَشْنَوية، والشاهَنْجانية، والسرلجية، واليزولية، والمَهْرانية، والزَّرْزارية، والكِيكانية، والجاك، واللُّور، والدُّنْبُلية، والرَّوادية، والديسنية، والهكّارية، والحَمِيدية، والوركجية، والمروانية، والجلالية، والشَّبَنْكية، والجُوبي. وتزعم المروانية أنها من بني مروان بن الحكم بن أبي العاص. وتزعم بعض الهكّارية أنهم من ولد عُتْبة بن أبي سفيان صَخْر بن حَرْب “.
في مجال الدين
قال الآلوسي في (روح المعاني، ج 25، ص 102 – 103):
” وفي القاموس [= المحيط] الكرد بالضم جيل من الناس معروف والجمع أكراد وجدهم كرد بن عمرو مزيقيا بن عامر ماء السماء. انتهى …، والذي يغلب على ظني أن هؤلاء الجيل الذين يقال لهم اليوم أكراد لا يبعد أن يكون فيهم من هو من أولاد عمرو مزيقيا، وكذا لا يبعد أن يكون فيهم من هو من العرب، وليس من أولاد عمرو المذكور، إلا أن الكثير منهم ليسوا من العرب أصلاً، وقد انتظم في سلك هذا الجيل أناس يقال: إنهم من ذرية خالد بن الوليد، وآخرون يقال: إنهم من ذرية مُعاذ بن جَبَل؛ وآخرون يقال: إنهم من ذرية العباس بن عبد المطلب، وآخرون يقال: إنهم من بني أُميّة، ولا يصح عندي من ذلك شيء، بيد أنه سكن مع الأكراد طائفة من السادة أبناء الحسين رضي الله تعالى عنهم يقال لهم البَرزَنْجية لا شك في صحة نسبهم، وكذا في جلالة حسبهم “.
” وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال: البارز [الجبال] يعني الأكراد …، وأخرج ابن المنذر والطبراني في (الكبير) عن مجاهد قال: أعراب فارس وأكراد العجم، وظاهر العطف أن أكراد العجم ليسوا من أعراب فارس، وظاهر إضافة أكراد إلى العجم يُشعر بأن من الأكراد ما يقال لهم أكراد العرب، ولا نعرف هذا التقسيم وإنما نعرف جيلاً من الناس يقال لهم أكراد، من غير إضافة إلى عرب أو عجم، وللعلماء اختلاف في كونهم في الأصل عرباً أو غيرهم فقيل : ليسوا من العرب، وقيل منهم، قال القاضي شمس الدين أحمد بن محمد بن خلكان في ترجمة المُهلب بن أبي صفرة ما نصه: حكى أبو عمر بن عبد البَر صاحب كتاب (الاستيعاب) في كتابه (القَصْد والأَمم في أنساب العرب والعجم) أن الأكراد من نسل عمرو مزيقيا بن عامر بن ماء السماء، وأنهم وقعوا إلى أرض العجم، فتناسلوا بها، وكثر ولدهم، فسُمّوا: الأكراد، وقال بعض الشعراء في ذلك وهو يعضد ما قاله ابن عبد البَر:
لَعَمْرُك، ما الأكرادُ أبناءُ فارس ولكنه كُردُ بنُ عَمرو بنُ عامر “.
وجاء في ( تفسير الطبري، ج 10، ص 43، وتفسير القرطبي، ج 11، ص 200، وروح المعاني للآلوسي، ج 17، ص 67 – 68):
” الكرد هم أعراب فارس “.
هذا ما جا ء عن أصل الكرد في مصادر المسلمين السنّة.
وأبدى بعض علماء الشيعة اهتماماً بالموضوع أيضاً، فقال الكُلِيني في (الكافي، ج 5، ص 158):
” عن محمد بن يحيى وغيره عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم، عمن حدثه عن أبي الربيع الشامي، قال: سألت أبا عبد الله [= الحسين بن علي] عليه السلام، فقلت: إن عندنا قوماً من الأكراد، وأنهم لا يزالون يجيئون بالبيع، فنخالطهم ونبايعهم. فقال: يا أبا الربيع، لا تخالطوهم، فإن الأكراد حيّ من أحياء الجن كشف الله عنهم الغطاء، فلا تخالطوهم “.
وقأل الكُلِيني أيضاً في (الكافي، ج 5، ص 352، باب من كره مناكحته):
” عن علي بن إبراهيم، عن إسماعيل بن محمد المكي، عن علي بن الحسين، عن عمرو بن عثمان، عن الحسين بن خالد، عمن ذكره، عن أبي الربيع الشامي، عن أبي عبد الله [= الحسين بن علي] عليه السلام: ولا تنكحوا الأكراد أحداً، فإنهم من جنس الجن كشف لله عنهم الغطاء “.
في مجال اللغة
قال الزبيدي في (تاج العروس، مادة كرد):
” الكُرد (بالضم) جيل معروف، وقبائل شتى، الجمع أكراد… واختُلف في نسبهم؛ فقيل: جدّهم كُرْد بن عمرو مُزَيْقِياء، وهو لقب لعمرو، لأنه كان كل يوم يلبس حُلّة، فإذا كان آخر النهار مزّقها لئلا تُلبَس بعده… وهذا الذي ذهب إِليه المُصنّف هو الذي جَزم به ابن خَلِّكان في (وَفَيات الأعيان)، في ترجمة المُهلَّب بن أبي صُفْرة، قال: إن الأكراد من نسل عمرو مُزيقياء، وقعوا إلى أرض العجم، فتناسلوا بها، وكثر ولدهم، فسُمّوا الأكراد. قال بعض الشعراء:
لَعَمْرُكَ، ما الأكرادُ أبناءُ فارسٍ ولكنّهم كُرْدُ بنُ عَمرِو بنُِ عامرِ
هكذا زعم النسّابون.
وقال ابنُ قُتَيْبة في كتاب (المعارف): تَذكر العجم أن الأكراد فَضْلُ طعام بِيُوراسف [= بيوراسب]. وذلك أنه كان يأمر أن يُذبَح له كلَّ يوم إنسانان، ويُتّخَذ طعامه من لحومهما، وكان له وزير يقال له: أَرياييل، فكان يَذبح واحداً، ويُبقي واحداً يَسْتَحْييه، ويَبْعث به إلى جبل فارس، فتوالدوا في الجبال وكثروا.
قال شيخنا: وقد ضعّف هذا القول كثير من أهل الأنساب.
قلت: وبيوراسف هذا هو الضحّاك الماري [= المادي= الميدي]، مَلَك العجم بعد جَمْ بن سليمان ألف سنة. وفي (مفاتيح العلوم) هو معرَّب دَهْ آك؛ أي ذو عشر آفات. وقيل: معرّب أزده؛ أي التِنّين، للسَّلَعَتَين اللتين كانت له. وقال أبو اليقظان: هو كُرد بن عمرو بن عامر بن رَبيعة بن عامر بن صَعْصَعة.
وقد ألّف في نسب الأكراد فاضل عصره العلاّمة محمد أفندي الكردي، وذكر فيه أقوالاً مختلفة بعضُها مصادم للبعض، وخبط فيها خبط عَشواء، ورجّح فيه أنه كُرْد بن كنعان بن كُوش بن حام بن نوح، وهم قبائل كثيرة، ولكنهم يرجعون إلى أربعة قبائل: السُّوران، والكُوران، والكلهور، واللّر. ثم إنهم يتشعّبون إلى شعوب وبطون وقبائل كثيرة لا تُحصى، متغايرة ألسنتهم وأحوالهم. ثم نقل عن (مناهج الفِكَر ومباهج العِبَر) للكُتْبي ما نصُّه: أما الأكراد فقال ابن دُرَيْد في (الجَمْهَرة): الكُرْد أبو هذا الجيل الذين يسمَّون بالأكراد، فزعم أبو اليَقْظان أنه كُرْد بن عَمْرو بن عمرو بن صَعْصَعة. وقال: ابن الكَلْبي هو كُرْد بن عمرو مُزَيْقياء، وَقعوا في ناحية الشَّمال لما كان سيل العَرِم، وتفرّق أهلُ اليمن أيدي سبأ.
وقال المسعودي: ومن الناس من يزعم أن الأكراد من ولد ربيعة بن نزار، ومنهم من زعم أنهم من ولد كُرْد بن كنعان بن كوش بن حام. والظاهر أن يكونوا من نسل سام، كالفُرس، والمعروف منهم السُّورانية، والكُورانية، والعمادية والحَكارية، والمحمودية والبُختية، والبَشْنَوية، والجُوبية، والزَّرْزائية، والمَهْرانية، والجاوانية، والرضائية، والسَّروجية والهارونية، واللُّرية، إلى غير ذلك من القبائل التي لا تُحصى كثرةً، وبلادهم أرض الفارس وعراقُ العجم، وأذربيجان والإربل والموصل.
انتهى كلام المسعودي، ونقله هكذا العلامة محمد أفندي الكردي في كتابه.
قلت: والذي نقل البُلْبيسبيّ عن المسعودي نص عبارته: هكذا تنازع الناس في بدء الأكراد، فمنهم من رأى من ربيعة بن نزار بن بكر بن وائل، انفردوا في الجبال قديماً لحال دعاهم إلى ذلك، فجاوروا الفُرس، فحالت لغتهم إلى العُجْمة، وولد كل نوع منهم لغة لهم كردية. ومنهم من رأى أنهم من ولد مضر بن نزار، وأنهم من ولد كُرْد بن مرد بن صَعْصَعة بن هوازن، انفردوا قديماً لدماء كانت بينهم وبين غسّان، ومنهم من رأى أنهم من ولد ربيعة بن مضر، اعتصموا بالجبال طلباً للمياه والمرعى، فحالوا عن العربية لمن جاورهم من الأمم. وهم عند الفرس من ولد كرد بن إسفنديار بن مَنُوَجْهر. ومنهم من ألحقهم بإماء سليمان عليه السلام، حين وقع الشيطان المعروف بالجَسد على المنافقات، فعلِقن منه، وعُصم منهن المؤمنات، فلما وضعن قال: اكردوهن إلى الجبال…
ثم قال محمد أفندي المذكور: وقيل أصل الكرد من الجن، وكل كردي على وجه الأرض يكون ربعه جنّياً، وذلك لأنهم من نسل بِلْقيس، وبلقيس بالاتفاق أمها جنّية. وقيل: عصى قوم من العرب سليمان عليه السلام، وهربوا إلى العجم، فوقعوا في جَوار كان اشتراها رجل لسليمان عليه السلام، فتناسلت منها الأكراد. وقال أبو المعين النسفي في (بحر الكلام): ما قيل إن الجني وصل حرم سليمان عليه السلام، وتصرف فيها، وحصل منها الأكراد باطل لا أصل له. انتهى.
قلت: وذكر ابن الجوّاني النسّابة … عند ذِكر ولد شالخ بن أَرفخشذ ما نصُّه: والعقب من فارسان بن أهلوا بن أَرم بن أَرفخشذ أكراد بن فارسان جد القبيلة المعروفة بالأكراد، هذا على أحد الأقوال. وأكثر من يَنسبهم إلى قيس، فيقول: كُرد بن مرد بن عمرو بن صَعْصَعة بن معاوية بن بكر بن هَوازن بن منصور بن عِكْرِمة بن خَصَفة بن قيس عَيْلان بن مُضَر بن نزار بن مَعَدّ بن عدنان،… والله أعلم “.
وقال الفيروزآبادي في (القاموس المحيط ، مادة كرد):
” الكَرْدُ … جِيلٌ معروف، الجمع أَكْرادٌ، وجَدُّهُم كُرْدُ بنُ عَمْرٍو مُزَيْقِياءَ بنِ عامِرِ بنِ ماءِ السَّماءِ “.
– – – –
هذا أبرز ما جاء في مصادر التراث الإسلامي حول أصل الكرد.
ونترك أمر مناقشة هذه الأقوال وتحليلها للحلقة الثانية.
المراجع
1. الآلوسي: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، دار الفكر، بيروت، 1978م.
2. ابن خلدون: تاريخ ابن خلدون دار الكتاب المصري، القاهرة ، دار الكتاب اللبناني، بيروت، 1999م.
3. الزبيدي: تاج العروس من جواهر القاموس، المطبعة الخيرية، القاهرة، 1306 هـ.
4. الطبري: تاريخ الطبري، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف، القاهرة، 1967م.
5. الفيروزأبادي: القاموس المحيط،مؤسسة الحلبي وشركاه، القاهرة، 1970 م.
6. الكليني: الكافي، نقلاً من: سيد حسين الحسني الزرباطي: الكورد الشيعة في العراق، ط2، 2007، موقع جلجامش. وكتاب الكافي غير متوافر بين يدي.
7. المسعودي: مروج الذهب ومعادن الجوهر، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، دار الفكر، الطبعة الخامسة، 1973م.
8. المقريزي: كتاب السلوك لمعرفة دول الملوك، نشره محمد مصطفى زيادة، لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة، الطبعة الثانية، 1957م.
وإلى اللقاء في الحلقة الثانية
/ تيريج عفرين / د. أحمد الخليل في 4 – 10 – 2008
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=35460