بير رستم
بقناعتي من حقنا جميعاً كسوريين هو أن نحتفل بسقوط الديكتاتورية في سوريا؛ نعم سقوط الديكتاتورية والاستبداد وحكومة الشخص والحزب والأيديولوجيا الواحدة والتي عاشها السوريين لأحقاب وعقود طويلة في ظل نظام عروبي بعثي أمني بوليسي مافيوي عائلي أسدي حيث كانت أشبه بمعتقل ورجل المخابرات هو سيدها وسجانها وها أنتهت بسقوط وهروب الجبان الأهبل من البلد بعد أن أتت بها نظام الوراثة كأتفه شخص ممكن تسليمه قيادة البلد، وهذه كانت نظرتي له دائماً، لكن ذاك ليس حديثنا وإنما سقوط وإنتهاء الاستبداد كنظام سياسي في سوريا والمنطقة عموماً حيث المرحلة لا تقبل عودة الأنظمة الشمولية وذلك مهما حاول البعض إعادتها بأيديولوجيات أخرى ولذلك قلنا سقطت الديكتاتورية وليس فقط الديكتاتور، وكلنا نتابع مفرزات المرحلة حيث بات صوت المكونات السورية يتعالي وهي تطالب بحقوقها، بينما في الماضي كان موت وصمت القبور!
ربما يجدها البعض نوع من المبالغة والتفاؤل أو نوع من “مسح الجوخ” للسلطة الجديدة، وإن قولي لهؤلاء وبإيجاز؛ إنني لست بحاجة لذلك كوني خارج البلد ولا أفكر بالعودة والبلد بهذا الحال وبالتالي لست بحاجة لمراضاة أحد وذلك على إفتراض أن القضية تتعلق بالمصلحة الشخصية، كما هي العادة وللأسف عندما نريد الإساءة بالظن في نوايا الآخرين، ولذلك أعيد وأقول: نعم إنتهينا من الاستبداد حيث لن يكون بمقدور أي طرف إعادة نظام مستبد آخر وبذلك فقد أنجز السوريين نصف حريتهم واستقلالهم وذلك بهروب الجبان الفارّ بعد أن تسبب بدمار البلد ولكن هذا الاستقلال وبالرغم من فرحنا به عموماً، إلا إنه ما زال ناقصاً، كون ما زالت ذهنية الاستبداد موجودة في العقلية المجتمعية السورية والشرقية عموماً وللتخلص منها لا بد من إنهاء الفصائلية الميليشياوية وبناء الدولة السورية على أسس دستورية وطنية تجعل كل مكونات البلد شركاء بها!
وهكذا فإننا كسوريين أنجزنا نصف الإستقلال ومن حقنا الاحتفال والفرح بها وبأن لا عودة للاستبداد ونظام القمع ولكن ولاستكمال الفرحة؛ يلزم إنهاء احتلال الفصائل الميليشاوية، وبدعم خارجي، لمناطق سورية وتشكيل جيش وحكومة وطنية تضمن أمن وحقوق مختلف المكونات السورية. للعلم؛ تحقيق المنجز السياسي الوطني سيأخذ وقتاً أطول؛ بمعنى وصول السلطة الحالية لدفة الحكم في سوريا لا يعني أن هذا النظام هو البديل الوطني، بل هي بداية لتأسيس مرحلة جديدة قائمة على التشاركية والتعددية الثقافية والاجتماعية والسياسية والمؤسف أن الكثير منا يقع في مغالطة كبيرة وذلك عندما يقارن السلطة الحالية بالحكومات السابقة ويعتبر كأن ما تحقق في سوريا هو نهاية الأمور وليس هي نقطة البداية في تحولات سياسية هائلة في مستقبل البلاد وبأن لا يمكن للقوى المجتمعية الداخلية ولا القوى الخارجية سوف تسمح بإعادة الاستبداد والديكتاتورية.
بإيجاز نقول؛ أنتهينا من الديكتاتورية، لكننا لم ننتهي من الديكتاتوريين بعد حيث يلزمنا فترة زمنية لإعادة تشكيل وعي سياسي وطني حر وديمقراطي وذلك من خلال اجبار الجميع في الاتفاق على دستور للبلاد يضمن حقوق كل المكونات السورية.
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd-online.com/?p=80975




