الخميس, نوفمبر 21, 2024

شمال شرق سوريا: إعلاميون “رهائن” للخلافات السياسية

تقرير لـ سوريون من أجل الحقيقة والعدالة:

بتاريخ 10 حزيران/يونيو 2024، أقدمت أجهزة أمنية يُعتقد أنها مرتبطة بـ”الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا” على اعتقال إعلامية كردية سورية واقتيادها إلى جهة مجهولة، وهو ما وصفه نشطاء محليون بـ”انتهاك غير مسبوق”.

المحتجزة “بيريفان إسماعيل”، هي إعلامية في المجلس المحلي لمدينة عامودا، التابع لـ”المجلس الوطني الكردي/ENKS” في المدينة، الواقعة شمال محافظة الحسكة، وتمّ اعتقالها بعد أن داهمت مجموعة أمنية لم تصرح عن نفسها منزلها في مدينة عامودا وصادرت هاتفها، فيما أشارت مواقع إعلامية سورية معارضة وجهات محلية إلى أن الجهة المتورطة بعملية الاعتقال تتبع لـ”حزب الاتحاد الديمقراطي” (PYD)، الذي يشكل “العصب الرئيسي” للإدارة الذاتية.

وفي بيانٍ صدر بتاريخ 11 حزيران/يونيو 2024، ندد “المجلس الوطني الكردي” المنضوي سياسياً تحت لواء “الائتلاف السوري المعارض” ومقره تركيا، بعملية اعتقال بيريفان وفواز صالح بنكو، عضو في المجلس وفي الهيئة القيادية لـ”حزب الوحدة الديمقراطي الكردستاني”، الذي اقتيد إلى جهة مجهولة بعد أن داهمت قوة أمنية منزله في مدينة عامواد بتاريخ 10 حزيران/يونيو أيضاً.

كما أدان المجلس الفعل الذي وصفه بـ”الانتهاكات الممنهجة” وخاصة في ظل اعتقال امرأة، وقال بأنّها “سابقة خطيرة تصعيدية“. محملاً “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) و”حزب الاتحاد الديمقراطي” (PYD) ما يترتب على الاعتقالات من تداعيات. كما نوّه المجلس أيضاً، أن الاعتقالات تمت “تحت تهديد السلاح وسط ترهيبهم لذوي المخطوفين وسكان الحي”.

حادثة اعتقال “بيريفان” لم تكن الوحيدة خلال الأشهر الستة الفائتة، حيث رصدت “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” اعتقالات بحق ثلاثة صحفيين وإعلاميين آخرين في المنطقة، هم على صلة مباشرة بالمجلس الوطني الكردي، أو أعضاء في إحدى الأحزاب التي يشتمل عليها. طالت الاعتقالات الصحفي راكان أحمد، والإعلاميَين أحمد صوفي ومروان محمد (المعروف بمروان لياني).

تشابهت ظروف الاعتقال في الحوادث الأربعة، حيث قامت بالاعتقال جهات مسلحة وملثمة لم تعرف بنفسها، ولم تبرز مذكرات اعتقال قانونية أو تبين التهم الموجهة ضد الصحفيين، واقتادت أربعتهم إلى وجهات مجهولة، فيما ألقت عائلات المعتقلين اللوم على جهات مختلفة مرتبطة بالإدارة الذاتية.

وتشكّل هذه الاعتقالات خرقاً للبند الثاني من المادة 10 في اللائحة التنفيذية لقانون الإعلام  رقم (3) لعام 2021، والذي تمّت المصادقة عليه بتاريخ 18 أيار/مايو 2021، من قبل المجلس العام في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، والذي ينص على أن “حرية الإعلامي مصانة في القانون، ولا يجوز أن تكون المعلومة أو الرأي الذي ينشره سبباً في اعتقاله أو المساس بحريته”.

تعكس هذه الاعتقالات تدهور حالة الحريات في شمال شرق سوريا الذي تسيطر عليه “الإدارة الذاتية”، بما في ذلك حرية الصحافة والرأي والتعبير والانتماء السياسي والحزبي، وسط انتقاداتٍ متصاعدة لأداء مؤسساتها في قطاعات مختلفة، لاسيما ذات الأثر المباشر على الظرف المعيشي للسكان، وكان أحدثها احتجاجاتٍ شعبية واسعة في كل من الحسكة وديرالزو والرقة إثر “أزمة تسعير القمح“، تزامناً مع استهدافات تركية ممنهجة للبنية التحتية التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين.  وفيما تدل الاعتقالات التعسفية على انكماش الفضاء المدني في المنطقة، تظهر أيضاً كيف أن الصحفيين/ات والإعلاميين/ات في شمال شرق سوريا معرضين/ات لأن يكونوا ضحايا للتوتر السياسي الحزبي المحلي، الذي يسود العلاقة بين الإدارة الذاتية، و”المجلس الوطني الكردي-سوريا”، أو حتى “رهائن” لتوترات هذين الطرفين العابرة للحدود، إلى إقليم كردستان العراق.

حيث تظهر المعلومات الواردة في إفادات عدد من المصادر المحلية في هذا التقرير، أن اثنين من الإعلاميين المعتقلين على الأقل يجري احتجازهم كـ”رهائن”، إلى حين الإفراج عن الصحفي سليمان أحمد المحسوب على الإدارة الذاتية، المعتقل لدى حكومة إقليم كُردستان العراق، والتي تمول وتدعم “المجلس الوطني الكردي-سوريا”.

في هذا التقرير الموجز، تكشف “سوريون” عن تفاصيل اعتقال ثلاثة إعلاميين، بالإضافة إلى حالة اعتقال رابعة طالت هسام هسام (المعروف باسم هسام دورسن)، وهو عضو في أحد أحزاب “المجلس الوطني الكردي”، ومدى ارتباطها بقضية الصحفي سليمان أحمد، الذي تجري محاكمته حالياً من قبل السلطات في إقليم كردستان العراق، متهمة إياه بأنه يعمل لصالح “حزب العمال الكردستاني” (PKK).

يستند التقرير إلى مقابلاتٍ، أجرتها “سوريون” عبر الانترنت مع خمسة مصادر محلية، شملوا أقارب أو أصدقاء للصحفيين والإعلاميين المعتقلين، بما في ذلك مصدر مقرب من عائلة الصحفي “سليمان أحمد”.

أجريت المقابلات الخمسة باللغة الكردية، عبر الانترنت من خارج سوريا باستخدام تطبيق تواصل آمن. واطلعت المصادر على الطبيعة الطوعية للمقابلة وطرق استخدام المعلومات التي شاركوها، ومن ضمنها نشر هذا التقرير، خلال أخذ موافقاتهم المستنيرة، فطلبوا جميعهم عدم الشكف عن هوياتهم أو أي تفاصيل قد تدل عليها، خوفاً من عمليات انتقامية قد تطالهم أو عائلاتهم من قبل السلطات في شمال شرق سوريا، وعليه استخدمت “سوريون” أسماء وهمية للدلالة عليهم.

أربعة إعلاميين مختفين قسراً:

تشارك “بيريفان إسماعيل”، الإعلامية التي اعتقلت في حزيران/يونيو، مصيرها المجهول، مع الإعلامي “أحمد الصوفي”؛ ففي تاريخ 2 نيسان/أبريل 2024، اعتقل أحمد مراسل سابق لقناة “آرك – ARK”  الكردية، على طريق “عين ديوار”، واقتيد إلى جهة مجهولة، فيما كان متجهاً نحو  مدينة المالكية/ديريك لحضور عزاء مع أفراد من العائلة وأصدقاء. ويقع الطريق المذكور في منتصف المسافة بين المدينة وقرية عين الخضراء/بانه قصر حيث يعيش أحمد.

سرد ريناس محمد،[1] أحد الأصدقاء الذين رافقوا أحمد، تفاصيل عملية الاعتقال:

“كنا متوجهين نحن مجموعة أشخاص بسيارتين إلى عزاء في ريف مدينة ديرك (المالكية)، وخرجنا معاً (…) وبعد أن اجتزنا حاجز “الأسايش” (قوى الأمن الداخلي في الإدارة الذاتية، ويبعد حوالي 1.5 متراً عن المدينة)، كانت هناك سيارة فان بيضاء تبعد عن الحاجز مسافة 100 متر أو أقل (…) لم يكونوا يوقفون أي سيارات، إلا حينما تقدمت السيارة التي كانت تقل أحمد صوفي، حيث تقدم عدة أشخاص (حوالي أربعة) واعترضوها وسط الشارع”.  

أضاف ريناس أن المجموعة طالبت ركاب السيارة بإبراز هوياتهم، وطالبوا أحمد بالنزول بعد أن تفحصوا هويته:

“ونحن تقدمنا نحوهم حينها. وسألتهم: “لماذا تعتقلونه؟” فقال لي أحد هؤلاء الاشخاص الملثمين: “نحتاجه في عمل ما”، فعدت إلى سؤاله، بأنها ليست المرة الأولى التي تعتقلونه فيها، فرد علي بحدة: “هذا عملنا وإن تقدمتم خطوة أخرى سترون ما لا يعجبكم رجاء دعونا نمارس عملنا.” وتحدث معنا بلغة كردية. كانوا يرتدون ثياباً صحراوية (عسكرية). فأخذوه إلى سيارة، ولكن لم يكن هناك أي عنف خلال اعتقاله”.

قال ريناس أنهم تتبعوا السيارة التي أقلت أحمد إلى أن اختفت في أحد الشوارع الفرعية، وأن العناصر على حاجز “الأسايش” لم يتدخلوا خلال عملية الاعتقال، مضيفاً أن العائلة لا تعرف هوية الجهة التي قامت بالاعتقال على وجه التحديد أو مكان اعتقال أحمد.

غير أن العائلة ترجّح بشدّة أن تكون الجهة المسؤولة على ارتباط بـ”حزب الاتحاد الديمقراطي” (PYD)، التابع للإدارة الذاتية، لاسيما وأن حادثة الاعتقال هذه ليست الأولى بحق أحمد، وإنما السابعة. ووفقاً لريناس، احتجز أحمد في إحدى المرات لمدة ستة أشهر، وفي أخرى لمدة أربعة أشهر، ولما يقرب من الثلاثة أشهر في المرة قبل الأخيرة، قضاها في منفردة مساحتها متر مربع واحد.

وفي بيانٍ صدر يوم الحادثة، أدان “المجلس الوطني الكردي-سوريا” الاعتقال، واعتبره “استمراراً لسلسلة من الانتهاكات التي يمارسها مسلحوا حزب الاتحاد الديمقراطي ضد الحريات الإعلامية والسياسية في مناطق سيطرته، سعياً منه لإسكات أي صوتٍ ينتقد ممارساته بحق الأهالي وفشله السياسي والإداري“.

وكذلك أدانت “شبكة الصحفيين الكُرد السوريين” اعتقال أحمد في بيانٍ، أكدت فيه “على ضرورة توفير بيئة مناسبة للعمل الصحفي واتخاذ الإدارة الذاتية وأجهزتها الأمنية إجراءات تساهم في تعزيز الحق في حرية الرأي والتعبير وحرية الإعلام وغيرها من حقوق الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام”.

وفي صبيحة 1 نيسان/أبريل 2024، اعتقل مروان محمد (المعروف بمروان لياني)، إعلامي مستقل في المجلس المحلي التابع للمجلس الوطني الكردي في بلدة معبدة/كركي لكي. جرت عملية الاعتقال فيما اتجه مروان إلى عمله، فهو يملك محل ألبسة رجالية، قريب من منزلة في البلدة ذاتها.

روى شيار حسن،[2] أحد أقارب العائلة، تفاصيل عملية الاعتقال من قبل ملثمين، انتظروا مروان في سيارة “فان” بيضاء اللون على رأس الشارع حيث يقع منزله:

“أخبر الجيران والد (مروان)، أن تلك السيارة كانت متوقفة قبل اعتقال مروان بنحو ساعة. وكان العناصر ملثمين (نحو خمسة أشخاص) يرتدون الزي العسكري ويركبون سيارة فان بيضاء، وقد اعترض مروان على الصعود معهم في السيارة، إلا انهم أجبروه على الصعود، بعد أن قاموا بربط يديه”.

علمت العائلة أن مروان نقل إلى مدينة رميلان بدايةً، ولكنهم لم يتمكنوا بعدها من الحصول على أي معلومات إضافية تكشف عن موقع احتجازه الحالي.

فيما وجه “المجلس الوطني الكردي” أصابع الاتهام إلى “مجموعة مسلحة تابعة لـPYD” في بيانٍ ندد فيه بعملية الاعتقال، والتي تأتي “استمرارا للممارسات الترهيبية بحق انصار ومؤيدي المجلس الوطني الكردي وانتهاج سياسة كم الافواه وقمع الرأي الآخر”.

من الجدير بالذكر، أن أجهزة أمنية تابعة للإدارة الذاتية، سبق وأن اعتقلت شقيق مروان، الإعلامي “برزان لياني”، المقيم في إقليم كردستان العراق حالياً، بشكلٍ متكرر، على خلفية نشاطه الإعلامي والسياسي، كعضو في المجلس الفرعي في “الحزب الديمقراطي الكُردستاني – سوريا”.

وفي شهر رمضان، بتاريخ 29 آذار/مارس 2024، داهمت مجموعة مسلحة مؤلفة من 15 عنصراً ملثماً منزل الصحفي “راكان أحمد”، مراسل وكالة “نودم روج آفا” (Nûdem)، في بلدة معبدة/كركي لكي التابعة لمحافظة الحسكة، واقتادته إلى جهة مجهولة، وفقاً لمنصور حسين،[3] أحد أقارب الصحفي، الذي نقل تفاصيل عملية الاعتقال عن العائلة.

قال منصور أن عملية الاعتقال حدثت قبل خمس دقائق على موعد الإفطار وأن العناصر لم يسمحوا لراكان بتناول الطعام أو شرب الماء حتى، رغم محاولة العائلة إقناعهم بذلك، مضيفاً:

“دخلوا بطريقة عنيفة، وصادروا (7 موبايلات) كانت في البيت، كما صادروا حاسوبه الشخصي، وقيدوا راكان (…) وبقوا يفتشون المنزل وبعثروا جميع الأغطية والبطانيات خلال التفتيش. كما فتشوا تحت السجاد وداخل الخزن ولم يدعوا مكاناً دون تفتيش، وغادروا بعد نحو 10 دقائق من الإفطار. ولا نعلم أين (راكان) الآن”.

روعت عملية الاعتقال أطفال راكان الخمسة، فقد ظل ابنه الأصغر يبكي حتى ساعات الصباح، فيما باتوا جميعهم “يخشون فتح الباب عندما يقرع الجرس”، بحسب منصور الذي قال إن “تعامل العناصر كان سيئاً للغاية”، ذلك أن:

“ابن (راكان)، وعمره نحو 15 عاماً، عندما فتح لهم الباب، وضع أحدهم يده في رقبته بعنف وقال له أين هو والدك”.

بحسب وصف منصور، استخدم العناصر اللغة الكردية، ارتدوا ملابس سوداء، حملوا كاميرات، ورفضوا التعريف عن أنفسم عند سؤال العائلة، مضيفاً أنهم وجهوا بنادقهم نحو بعض الجيران الذين خرجوا لمشاهدة ما حدث، وطالبوهم بالعودة إلى منازلهم.  لاحقاً، وردت العائلة معلومات تفيد بأن المجموعة المسؤولة عن الاعتقال تتبع للإدارة الذاتية، وأنها قد تكون مرسلة من قبل الاستخبارات أو “مكتب الأمن القومي”.

وبالإضافة إلى عمله مراسلاً، راكان عضو في الهيئة الفرعية لـ “الحزب الديمقراطي الكردي السوري” (PDK-S)، وهو أحد أحزاب “المجلس الوطني الكردي-سوريا”.

وكانت “شبكة الصحفيين الكُرد السوريين” قد أصدرت بياناً، أدانت فيه اعتقال “راكان”، “بوصفها انتهاكاً لحقوقه الإنسانية والصحفية، خاصةً وأنه يعمل مع وكالة مرخصة، ومعروفة لدى السلطات المحلية ودوائر الإعلام”.

الإعلاميون/ات “رهائن” للخلافات السياسية؟

تداولت حسابات محلية مختلفة في موقع “فيس بوك”، منها “نشطاء التواصل الاجتماعي” منشوراً، ورد فيه أن ثلاثة أعضاء من “المجلس الوطني الكردي-سوريا” في مدينة ديريك/المالكية، قيد الاحتجاز من قبل جهات غير معروفة، وأنه “يقال أنه سيتم الإفراج عنهم، في حال اللإفراج عن الصحفي سليمان أحمد”، الذي يعمل مراسلاً مع وكالة “روج نيوز” والمعتقل تعسفياً من قبل سلطات إقليم كردستان منذ 25 تشرين الأول/أكتوبر 2023.

وأرفقت بالمنشور صوراً للأعضاء الثلاثة، وهم: أحمد صوفي، هسام هسام، ومروان لياني.

الصورة رقم (1)-لقطة شاشة للمنشور الذي يتناول خبر اعتقال ثلاثة أعضاء من “المجلس الوطني الكردي-سوريا”. المصدر: صفحة “كوباني الخبر“.

يقول ريناس أن عائلة أحمد صوفي اطلعت على المنشورات، وأن “اللافت هو أن صورة هؤلاء المعتقلين الثلاثة تبدو حديثة، وهي ذاتها الثياب التي كانوا يرتدونها يوم اعتقالهم وفق ما عملنا من ذويهم“، مضيفاً أن العائلة تعتقد أن هذه المنشورات “رسائل من صفحات تابعة لهم (الإدارة الذاتية)، يرسلونها لكي لا يتحملوا المسؤولية بشكل مباشر”.

بخلاف عائلة “صوفي”، وصلت عائلة “هسام هسام”، وهو عضو اللجنة المنطقية لحزب الشعب الكردستاني-سوريا، أحد أحزاب “المجلس الوطني الكردي-سوريا”، معلومات تؤكد ارتباط اعتقال هسام بقضية الصحفي “سليمان الأحمد” المحتجز في العراق، وفقاً لوليد ناصر،[4] أحد المقربين من العائلة.

بتاريخ 1 نيسان/أبريل 2024، أقدمت جهة مجهولة على “اختطاف” هسام (المعروف كهسام دورسن) في مدينة المالكية/ديريك حوالي الساعة 12 مساءً. يقول وليد:

“قامت سيارتان تحملان عناصر مسلحة ملثمة، باختطاف هسام وأحد أقاربنا (رودي صالح هسام). ووضعوا كل واحد منهم بسيارة. وبعد ساعة تم إطلاق سراح رودي، ولكن تم اختطاف هسام مع سيارته”.

أكد وليد أن العائلة على يقين من أن الجهة المسؤولة على ارتباط بـ”حزب الاتحاد الديمقراطي” (PYD)، في الإدارة الذاتية، مضيفاً أن العائلة حصلت على معلومات من مصدر موثوق تقول أن:

“هسام وعدد أخر من الصحفيين، رهائن لحين إطلاق سراح مراسل وكالة روج نيوز سليمان أحمد المعتقل في إقليم كردستان”.

وصلت عائلة “مروان لياني” معلومات مشابهة، تفيد بأنه “اعتقل كرهينة، حتى تقوم حكومة إقليم كردستان بالإفراج عن شخص إعلامي اسمه سليمان أحمد”، وفقاً لشيار، الذي أضاف:

“تحرك شخص من معارفنا وسأل عن مروان، وعن سبب اعتقاله، فقالوا له: “مروان عندو أخ بكردستان خلي يحرك حاله مشان كردستان يفرج عن سليمان أحمد”. 

وكانت السلطات في إقليم كردستان العراق قد اعتقلت الإعلامي السوري الكردي “سليمان أحمد”، والمقيم في الإقليم منذ عام 2018، على معبر سيمالكا- فيشخابور/بيشخابور الحدودي، التابع لمحافظة دهوك، أثناء عودته من زيارة إلى حلب، شمال سوريا، حيث تقيم عائلته المهجرة من عفرين، بحسب موفق العبد،[5] أحد أقارب الإعلامي.

قال موفق، أن عائلة سليمان حاولت التواصل مع سلطات الإقليم للاستفسار سبب اعتقاله لكنها لم تتلق أي رد، مضيفاً أن سليمان تواصل مع شقيقه المقيم في ألمانيا مرة واحدة فقط منذ اعتقاله، وأن مدة المكالة “لم تبلغ الدقيقتين”، أخبره خلالها سليمان أنه بحاجة لتوكيل محامٍ ليعرف أسباب الاعتقال. أضاف موفق:

“بحسب وكالة روج نيوز، سليمان كان مقبوع ضمن سجن انفرادي وتعرض للتعذيب، دون التطرق لنوع التعذيب، إن كان نفسياً أم جسدياً. لاحقاً، علمنا من (مصادر) في السليمانية أنه تعرض لتعذيب جسدي”.

وفي تقرير صدر في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2023، طالبت “لجنة حماية الصحفيين” السلطات في الإقليم بالكشف عن مكان اعتقال سليمان، منوهةً أنه “من غير المقبول أن يواجه الصحفيون في كردستان العراق جميع أنواع المضايقات بشكل مستمر، بدءاً من الاعتقالات غير القانونية وحتى الاعتداءات الجسدية. وينبغي للسلطات الكردية العراقية أن تسمح للصحفيين بالعمل بحرية ودون خوف من الانتقام”. حيث أكدت عائلة سليمان للجنة أنه امتلك جميع الأوراق القانونية اللازمة ولم يتعرض للاعتقال من قبل.

فقد ادّعت مديرية الأمن (الأسايش)، المسؤولة عن أمن الحدود في محافظة دهوك، في بيان عن عملية الاعتقال، أنها ألقت القبض على سليمان لأنه “كان يتجول بشكلٍ سريّ وغير قانوني لصالح حزب العمال الكوردستاني، لذا تم إلقاء القبض عليه، كما اعترف أثناء التحقيق بأفعاله”، وأن ايقافه  “ليس له أي علاقة بالعمل الصحفي”. هذا وتصنف سلطات الإقليم و”الحزب الديمقراطي الكردستاني” وكالة “روج نيوز”، التي يعمل معها سليمان، على أنها موالية لحزب العمال الكردستاني (PKK).

وفي بيانٍ صدر بتاريخ 30 حزيران/يونيو 2024، أعربت وكالة “روج نيوز” عن قلقها إزاء بدء الجلسة الأولى من محاكمة سليمان، في محافظة دهوك بعد مرور 250 يوماً على “اختطافه من قبل حزب الديمقراطي الكردستاني”، منوهةً أنه “في خرق للقوانين المحلية والوطنية، تمكن محاموه من لقائه للمرة الأولى بعد 211 يوماً من اعتقاله، وفقاً للمادة 123 من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي لعام 1971”.

من الجدير بالذكر أنّ “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” وثقت في تقريرٍ صدر عام 2021، حادثة مشابهة، حيث قامت أجهزة أمنية تتبع للإدارة الذاتية باعتقال عدد من نشطاء وإعلاميين من أعضاء “الحزب الديمقراطي الكُردستاني”، كردٍ من (الإدارة) على احتجاز ممثلين لها من أعضاء من “حزب الاتحاد الديمقراطي” من قبل حكومة إقليم كُردستان العراق التي تمول وتدعم حزب PDK-S والمجلس الوطني الكردي في سوريا.

من الأهمّية بمكان الإشارة، إلى أن الاعتقالات التي أقدمت عليها السلطات المحلية في شمال شرق سوريا وكذلك في إقليم كردستان العراق تشكل خرقاً لجملة من مواد الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، التي تنص على عدم جواز تعريض أي شخص للإخفاء القسري، أو التذرع بأية ظروف استثنائية (المادة 1)، ومواد العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والتي تضمن حماية الصحفيين من الاعتقال التعسفي (المادة 9) والتعذيب (المادة 7)، وكذلك حقهم في محاكمة عادلة (المادة 14).

_________________________________________________________________________________________________________________________

[1] تم استخدام اسم مستعار بناءً على طلب المصدر خلال مقابلة عبر الإنترنت، أجراها الباحث الميداني في “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” بتاريخ 3 حزيران/يونيو 2024.

[2] تم استخدام اسم مستعار بناءً على طلب المصدر خلال مقابلة عبر الإنترنت، أجراها الباحث الميداني في “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” بتاريخ 10 أيار/مايو 2024.

[3] تم استخدام اسم مستعار بناءً على طلب المصدر خلال مقابلة عبر الإنترنت، أجراها الباحث الميداني في “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” بتاريخ 3 حزيران/يونيو 2024.

[4] تم استخدام اسم مستعار بناءً على طلب المصدر خلال مقابلة عبر الإنترنت، أجراها الباحث الميداني في “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” بتاريخ 6 حزيران/يونيو 2024.

[5] تم استخدام اسم مستعار بناءً على طلب المصدر خلال مقابلة عبر الإنترنت، أجراها الباحث الميداني في “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” بتاريخ 25 أيار/مايو 2024.

 

المصدر: سوريون من أجل الحقيقة والعدالة

شارك هذه المقالة على المنصات التالية