الإثنين, فبراير 3, 2025

عن حملة التحريض ضدَّ الكرد

طلال محمد

تسعى تركيا بكلِّ ما أوتيت من أدواتٍ ووسائل وطرق، منذ بدايةِ الثورةِ السوريّة ولغايةِ هذه اللحظة، إلى بثّ الفتنِ ونشرِ خطاب الكراهية والتحريض، فضلاً عن نشرِ الأكاذيبِ والشائعاتِ وتحريفِ الحقائق وتزييفِ الصورِ والأقوال،  كجزءٍ من الحربِ النفسية التي تنفّذها، عبر وسائل الإعلام ومنصّات التواصلِ الاجتماعي، ضدَّ شعوب ومكّونات شمال وشرق سوريا، للتأثيرِ في معنوياتها، وتغييرِ قناعاتها واعتقاداتها، وإحداثِ نوعٍ من الشرخِ في العلاقاتِ الرابطةِ بين هذه المكوّنات وإدارتها الذاتيّة وقواتها العسكريّة والأمنيّة المتمثّلة بقوات سوريا الديمقراطيّة وقوى الأمن الداخليّ.

ومع كلِّ تطوّرٍ شهدته مناطقُ الإدارة الذاتيّة، خلال الأعوامِ الفائتة، زادت تركيا من حدّةِ حربها النفسيّة ضدَّ المنطقة، سواءً عبر إعلامها الرسميّ والمنصّات التابعة لها بشكلٍ مباشر أو عبر إعلام ومنصّات المرتزقة الذين يُطلقون على أنفسهم اسم “الجيش الوطنيّ السوريّ”، بمساعدةِ قطيعٍ كبيرٍ من الذباب الإلكترونيّ إلى جانبٍ قطعانٍ من الموالين لهؤلاءِ المرتزقة والذين يردّدون كالببغاوات خطابات تركيا وشعاراتها وأكاذيبها وشائعاتها واتهاماتها، بغية تشويه صورة الإدارة الذاتيّة وقوات سوريا الديمقراطيّة، والتأثير- وفقاً لهذه الصورة- في الرأيين العامين الداخليّ والخارجيّ.

مع سقوطِ النظامِ السوريِّ وتوليّ هيئة تحرير الشام بزعامة “أحمد الشرع” القيادة في دمشق، أضحت تركيا وقطعانها من المرتزقة والموالين لها من السوريين، أكثر شراسةً ووقاحةً في إشاعةِ الأكاذيب وإحداث الفتنِ ونشر الكراهية والتحريض ضدَّ مناطق شمال وشرق سوريا، وبالتحديد ضدَّ الشعب الكُردي، فما أن يتم نشر أي خبر عن مناطق الإدارة الذاتيّة على وسائل الإعلام ومنصّات التواصل الاجتماعيّ، حتى تبدأ هذه القطعان بالهجوم وتنفيذ حملة الكراهية والتحريض ضدّ الكرد.

لقد وصلت هذه الوقاحة مؤخراً إلى مستوى تزوير تصريحاتٍ باسم القيادة في دمشق أو تحريفها وإخراجها من سياقها الحقيقي، متضمّنةً تهديدات مباشرة ضدَّ الكرد وقوات سوريا الديمقراطيّة ومناطق الإدارة الذاتيّة، في محاولةٍ لجرّ الطرفين إلى حالة التوتّر والصدام، في الوقت الذي يسعى فيه الطرفان إلى الحوار والتفاوض بالطرق السلمية بعيداً عن العنف والسلاح وإراقة الدماء، ما يشير بوضوح إلى أن تركيا وقطعانها لا يريدون حدوث أي نوع من التوافق أو التفاهم بين قيادة قوات سوريا الديمقراطيّة وقيادة دمشق، وإنما جرّ البلاد إلى حربٍ واسعةٍ جديدة لن يستفيد منها سوى تركيا على حساب السوريين ودمائهم.

ما نريد قوله هنا هو أنه يجب على السوريين أن يدركوا أن حملة التحريض والكراهية التي تديرها الغرف المظلمة التركية ضدَّ الشعب الكردي، لا تخدم سوريا ومستقبلها في شيء، وإنما تعدُّ استكمالاً لمخططات تركيا الرامية إلى بسط السيطرة. عليهم أن يدركوا أن قضاياهم ومشاكلهم الداخليّة لابدَّ أن تُحلّ داخلياً عبر التفاوض والحوار بعيداً عن الإملاءات الخارجيّة. عليهم أن يدركوا أن سوريا لجميع السوريين وأن أيّ إقصاء لأيّ مكوّن إنما يعيد سوريا إلى خانة الاستبداد والتفرّد والتسلّط . على السوريين أن يفكّروا “بطريقةٍ سورية” لأجل مستقبل سوريا الجديدة.

 

شارك هذه المقالة على المنصات التالية