الخميس, سبتمبر 19, 2024
آراء

غاب الأسد وحضر القذافي .. بشار جرار، يكتب من واشنطن عن قمة تونس  

بحفظ الله ورعايته غادروا تونس إلى “أقطارهم” على اعتبار أن أدبيات “البعث” ومنتسبي أمثاله من الأحزاب القومية العربية تتعامل مع الوطن الواحد كدائرة لا يكتمل بدرها إلا باكتمال أقطارها. 

على خلاف ما استبشر به محسنو الظن، استمر تغييب “القطر” السوري عن الدائرة العربية في تونس التي صارت بقرار عربي يوما من الأيام مقرا لجامعة الدول العربية احتجاجا على انفراد “القطر” المصري بقرار صنع السلام مع إسرائيل.

ورغم التغييب القسري لزعيم “الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى” إلا أن ذكراه ما زالت حاضرة في السخرية من القمم، سخرية لا تقل قسوة من هجائية مظفر النواب الشهيرة وبصوته الرخيم “قمم” مع مدّ الميم الأولى توكيدا للشتائم “السوقية” التي ذخرت بها قصيدته الشهيرة – رحمه الله – والمرفوضة طبعا لأي كان، فما بالكم بمن هم في منزلة الأجداد والآباء والأشقاء الكبار من القادة والمسؤولين العرب.

كان القذافي -غفر الله له ولنا جميعا- يشغل الرأي العام بحضوره أو عدمه، وفي الحالين كان ضالة صحافة الإثارة المنشودة في صنع خبطات صحافية لا أقول سبقا صحافيا بقدر ما هي تقليعات ما زالت تضحكنا وتبكينا في آن.

 تذكرت من قصص القذافي الطريفة حرقه للبيان الختامي على الهواء مباشرة لإحدى القمم العربية بالنص الحرفي لا المعنى الكلي عندما دلل أمام الرأي العام على أن لا طائل من اجتماع العرب كونه كل ما ستتمخض عنه القمة كلام في كلام تتم صياغته بعناية بما يرضي الدول الأكثر نفوذا لدى الأمانة العامة للجامعة. 

وبعيدا عن جلد الذات، يدافع القائلون بضرورة الإبقاء على المتهالك من هيكل الجامعة بالقول: ما كان بالإمكان أفضل مما كان. والجانب المضيء تحقق على الأقل بدورية انعقاد القمم وخلوها من الشتائم والجلسات المغلقة الحقيقية في زمن “الآبل ووتش” الساعة الأميركية الذكية القادرة على البث المباشر وكشف المستور..

قمة آذار تنتهي -بحكم دوران الأرض وقمرها والشمس- بنيسان، ولأول نيسان من كل عام كذبته الجديدة! فمن غير المعقول أن تنطلي الكذبة نفسها على الناس إلا أن كانوا بحق حمقى، ومن هنا اكتسبت كذبة نيسان بالإنجليزية اسم نيسان الحمقى أو لعله النسيان الذي يحيلنا إلى حمقى إن صدقنا كذبة الأمس! هل أنبئكم بآخر “كذبة”: الأسد غاب وحضر القذافي قمة تونس! كل نيسان و”بلاد العرب أوطاني” بخير. كل عام والقدس والضفة والجولان ولواء الاسكندرونة وعفرين وسبتة ومليلة وجزر أبو طنب الكبرى والصغرى وأبو موسى بخير!

*هذا المقال بقلم بشار جرار، متحدث ومدرب غير متفرغ مع برنامج الدبلوماسية العامة – الخارجية الأميركية، وله مقالات رأي في موقع CNN  العربية بشكل دوري.

 

خاص “تموز نت”

الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين

شارك هذه المقالة على المنصات التالية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *