عندما يصل الأمر بالقطيع إلى عبادة الزعيم والقائد، حينها يفقد الشخص ادميته وإنسانيته تماماً ليتحول إلى روبوت مبرمج وذلك من خلال ما يسمى ب”غسيل الدماغ” حيث يوضع في تلافيف دماغه عقائد خاصة بالطائفة والدين أو الحزب والجماعة بحيث يقوم بسلوك جماعي مشابه، كما في حال الروبوتات عندما تحمل ببرنامج واحد بحيث تقوم جميعها بوظائف مشابهة، بل مطابقة دون أي اعتبارات أو ميزات خاصة بها! وهكذا يصبح سلوك الفرد داخل القطيع حيث تجد مواقف كل أفرادها مشابهة تجاه أي قضية وشخص بحيث تصل الأمور بهم إلى فقدان شخصيتهم لصالح الزعيم والجماعة دون أن تميزهم طبائعهم الفردية الإنسانية.

وتأكيدًا على ذلك هو ما نراه من مواقف أفراد الطائفة الواحدة أو حتى الأحزاب حيث الجميع ينتظر قرار الحزب والقائد وحينها يصبح “نصًا مقدسًا” لدى الجميع، بل يصل الأمر بهؤلاء -أفراد القطيع- أن يصبح الولاء الوحيد للقائد والجماعة بحيث إن تضادت مصالح أحد أقرب الناس منه؛ أخيه، أبيه أو أي فرد آخر من عائلته حتى ابنه مع مصالح جماعته وقائده، تراه ينحاز ودون تفكير للجماعة والزعيم. وقد صدمت ببعض المشاهد وأنا أتابع بعض الأفلام الوثائقية عن هذه الظاهرة؛ ظاهرة الطوائف الدينية المتطرفة، ومنهم طائفة دينية كورية باسم “حديقة الأطفال والطريق إلى الجنة” حيث الأم تشارك في ضرب وقتل جماعي لابنتها مع أفراد جماعتها، كون زعيمة الطائفة زعمت؛ بأنها -أي البنت المراهقة- أساءت للطائفة وخانت عقائدها! وكذلك أم أخرى تتستر على جريمة القتل الجماعي لطفلها البالغ سبع سنوات، كون الزعيمة أدعت أن الشيطان دخل جسده!!

طبعاً قد يقول قائل؛ بأن هؤلاء متطرفين مجانين، لكن أعتقد أن الحالة القطيعية واحدة لدى الجميع، ولا يقتصر على تلك الطوائف المتطرفة، وإن اختلفت الدرجات؛ ففي إحدى متابعاتي لما يسمى بتكوين “الجيش العقائدي” لدى النظام السوري وعلى شاشة القناة السورية، يسأل المذيع أحد الجنود مختبرًا طاعة الجندي ل”القيادة الحكيمة”؛ بأن إذا أهله رفضوا إطاعة هذه القيادة فهل سيذهب ليحاربهم؟ فيجيب الجندي وبكل فخر؛ بأنه بالبداية سيطلب منهم الطاعة للحكومة والقيادة ولكن إذا رفضوا نعم سيطيع أمر القيادة ويحاربهم؛ أي يقتلهم! وهكذا أعتقد بأن عموم الطوائف والجماعات العقائدية الدينية والسياسية لا تختلف كثيراً عن مثل هذه الجماعات المتطرفة، أمثال “داعش” وصولاً للأحزاب الثوروية حيث لا تختلف عن بعضها إلا ربما بدرجة العنف والخنوع للجماعة و”القائد الأوحد المفدى”.

نعم وللأسف هذه الجماعات والطوائف والأحزاب تُخرج روبوتات وربما وحوش بشرية وذلك بعد أن تسلبهم ادميتهم وإنسانيتهم وللأسف.

​ 

بير رستم

شارك هذه المقالة على المنصات التالية