السبت, يناير 11, 2025

 “كوردستاني نوێ: حكاية صحيفة وذاكرة ثقافية مع مام جلال”

أ.م.د. ژینۆ عبدالله- جامعة السليمانية

في عام 2004، بدأت رحلتي مع صحيفة “كوردستاني نوێ”، أحد أعمدة الإعلام الكردي، وذلك بفضل الزميل والصديق الصحفي المخضرم سوران علي، استمرت هذه التجربة حتى أواخر عام 2010، حيث شعرت أنني كنت محظوظًا بالعمل في هذه الصحيفة التي كانت بمثابة مدرسة إعلامية ليّ، تعلمت من خلالها أسس الصحافة المهنية، بداية من كتابة الأخبار والتحقيقات الصحفية، إلى إجراء المقابلات وتحليل الأحداث، وهو ما شكَّل أساسًا متينًا لمسيرتي الإعلامية.

القيادة الريادية لرئيس التحرير
لا يمكنني الحديث عن تلك التجربة دون الإشارة إلى الدور الريادي والقيادي لكل من رئيس التحرير آنذاك، كاوە محمد، ونائب رئيس التحرير، الدكتور شيركو مەنگۆری، كانا مثالًا للقيادة الصحفية الحكيمة، حيث رسَّخا قيم العمل الجماعي والإبداع داخل المؤسسة. بفضل رؤيتهما وحسن إدارتهما، تمكنت الصحيفة من ترسيخ مكانتها كواحدة من أهم المنصات الإعلامية الكردية.

نشأة الصحيفة ودور الرئيس مام جلال
تأسست صحيفة “كوردستاني نوێ” بأمر من الرئيس مام جلال في 12 يناير 1992، في ظل ظروف اقتصادية وأمنية صعبة. كانت هذه الخطوة تعبيرًا عن رؤية مام جلال الثاقبة لأهمية الإعلام في بناء المجتمع وتعزيز الهوية الوطنية. أدرك مام جلال أن الصحافة هي ركيزة أساسية لنشر الوعي والثقافة، مما جعله يتابع الصحيفة يوميًا ويقدم آراءه وتعليقاته لتعزيز محتواها وتطويرها.

الرئيس مام جلال: قائد ومحب للثقافة
تميز الرئيس مام جلال بحبه العميق للثقافة والإعلام، كان دائم الاطلاع على الثقافة العربية والعالمية، مما ساعده على تقديم رؤى ثقافية وإعلامية غنية ومتنوعة، كانت علاقته بالمثقفين والإعلاميين علاقة دعم وتقدير، حيث كان يسعى دائمًا لتعزيز دورهم في المجتمع. هذا الحضور الثقافي لمام جلال شكَّل مصدر إلهام للعديد من العاملين في الصحيفة.

نجاح “كوردستاني نوێ”
حققت “كوردستاني نوێ” نجاحًا كبيرًا كأول صحيفة يومية تصدر بعد انتفاضة 1991. كان هذا النجاح ثمرة للرؤية الحكيمة للرئيس مام جلال والدعم المستمر الذي قدَّمه للصحيفة. حتى الآن، صدر أكثر من 9000 عدد من الجريدة، مما يعكس استمراريتها وتأثيرها الكبير في المشهد الإعلامي الكردي.

التحول الرقمي
في ظل التطورات التكنولوجية، يمكن للجريدة أن تطور منصة رقمية قوية تجمع بين السرعة في نقل الأخبار وعمق التحليل الصحفي.
إضافة محتوى متعدد الوسائط، إدخال الفيديوهات والبودكاست لتحليل الأحداث واستضافة الشخصيات البارزة.
توسيع دائرة التغطية، التركيز على القضايا الإقليمية والدولية لتوسيع قاعدة القراء.
الاستفادة من التجارب العالمية، مثل الصحف الكبرى كـ”واشنطن بوست” و”نيويورك تايمز” في دمج التكنولوجيا مع الصحافة التقليدية.
إطلاق برامج تدريبية، لتأهيل صحفيين شباب لضمان استمرارية الأداء المهني المتميز.

مستقبل الصحافة الورقية
على الرغم من تحديات العصر الرقمي، أؤمن بأن الصحافة الورقية لا تزال قادرة على البقاء والابتكار. يجب على “كوردستاني نوێ” الاستفادة من التكنولوجيا لتعزيز تواجدها الرقمي، مع الحفاظ على جودة المحتوى الورقي الذي يمثل جزءًا من التراث الإعلامي الكردي.

“كوردستاني نوێ”
“كوردستاني نوێ” ليست مجرد صحيفة، بل هي جزء من ذاكرة النضال الكردي وصوت الشعب، أعتبر عملي فيها محطة مهمة في حياتي المهنية، وأدعو لاستمرار تطورها لتكون نموذجًا للإعلام الناجح في المنطقة، مستفيدة من تراثها الغني ومتبنية لأحدث التطورات التكنولوجية لضمان استمراريتها وتأثيرها.
“جدير ذكره أن هذه الصورة تجمعني وزملاء آخرين مع الرئيس مام جلال وحينها كنت موفدًا للجريدة، وفي مقال آخر سأروي قصة أقوال مام جلال.”

شارك هذه المقالة على المنصات التالية