من المصافحة الى المشادة: اللقاء المتشنج بين ترامب وزيلينسكي
سار كل شيء على ما يرام عندما خرج الرئيس الأميركي دونالد ترامب لاستقبال نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض، لكن في الداخل، ساءت الأمور بشكل مفاجئ وبسرعة مذهلة.
خلال دقائق معدودة، تحول الاستقبال التقليدي للصحافيين لالتقاط الصور وطرح بعض الأسئلة في المكتب البيضوي قبيل اجتماع كان يفترض أن يكون خطوة على طريق السلام بين أوكرانيا وروسيا، إلى مشادة حادة تركت مصير كييف معلقا.
على رغم التوترات بعد تقارب ترامب الأخير مع روسيا ووصفه زيلينسكي بـ”الديكتاتور” الأسبوع الماضي، أبقى الرئيسان على نقاش ودي خلال الدقائق الأربعين الأولى من لقائهما.
لكن ترامب وزيلينسكي اللذين كان كل منهما شخصية تلفزيونية خلال مسيرته، يعرفان كيفية التلاعب بالكاميرا. عند مدخل البيت الأبيض، تصافحا، وأدلى ترامب، النجم السابق لتلفزيون الواقع، بتعليق ساخر لكن بلطف على ملابس زيلينسكي الذي يعتمد زيا شبه عسكري منذ بداية الغزو الروسي لبلاده.
أما زيلينسكي، الكوميدي السابق الذي كان يزور واشنطن لتوقيع اتفاق تستثمر بموجبه واشنطن المعادن النادرة في بلاده، والحفاظ على دعمها في مواجهة موسكو، أبقى النبرة هادئة أثناء تلقي الأسئلة جلوسا في مكتب نظيره.
لكن اللقاء تبدّل جذريا وسريعا، وتحّول الى مشهد لم يعتده المكتب البيضوي على امتداد تاريخ استضافة الرؤساء الأميركيين للقادة الأجانب.
– “لا تقل لنا” –
أشعل نائب الرئيس الأميركي جاي دي فانس الجالس الى يسار ترامب، الشرارة.
ومع تنامي دوره كرأس حربة ترامب في مهاجمة الخصوم والحلفاء على السواء، اتهم فانس زيلينسكي بعدم “الامتنان” للدعم الأميركي عندما شكك الزعيم الأوكراني في دعواته لاعتماد “الدبلوماسية” مع موسكو لانهاء الحرب.
وقال فانس “أرى أنه من غير اللائق من جانبك أن تأتي إلى المكتب البيضوي وتحاول المجادلة بهذا الأمر أمام وسائل الإعلام في الولايات المتحدة”.
ومع احتدام النقاش، سأل زيلينسكي فانس عما إذا كان قد زار أوكرانيا سابقا، ما دفع الأخير لاتهامه بغضب بتنظيم “جولات دعاية” في بلاده.
بعد ذلك، تدخّل ترامب في النقاش.
وعندما قال زيلينسكي إنه على الرغم من أن محيطا يفصل بين الولايات المتحدة وأوروبا، فإن واشنطن “ستشعر” في المستقبل بما تعانيه كييف حاليا، ردّ ترامب بغضب وبصوت مرتفع “لا تعرف ذلك. لا تقل لنا ما الذي سنشعر به… لا تقل لنا ما الذي سنشعر به”.
النص كاملاً لجدال الرئيس ترامب والرئيس زيلينسكي ونائب الرئيس فانس بالمكتب البيضاوي
فانس: الطريق إلى السلام هو الانخراط في الدبلوماسية. لقد جربنا طريق بايدن، من خلال التباهي والتظاهر بأن كلمات رئيس أمريكا أكثر أهمية من أفعاله
زيلينسكي: وقعت مع بوتين اتفاقية وقف إطلاق النار إلى… pic.twitter.com/gqMGLqOFWk
— 🇺🇸محمد|MFU (@mfu46) February 28, 2025
ترامب قام بدفع الرئيس الأوكراني زيلينسكي جسديًا، أثناء جدالهم المحتدم بالمكتب البيضاوي بالبيت الأبيض : pic.twitter.com/uZ8JXwF2aV
— 🇺🇸محمد|MFU (@mfu46) March 1, 2025
الرئيس ترامب والرئيس زيلينسكي بالمكتب البيضاوي اليوم pic.twitter.com/dYh0o9tKIL
— 🇺🇸محمد|MFU (@mfu46) February 28, 2025
بعد ذلك، خرجت الأمور من عقالها.
فكل التوترات المتراكمة مذ تحدث ترامب إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 12 شباط/فبراير، طفت الى السطح، وليس خلف أبواب موصدة، بل في وضح النهار وأمام وسائل الإعلام، بما في ذلك وكالة فرانس برس.
وقال ترامب لزيلينسكي “أنت تجازف بحياة ملايين الأشخاص، تجازف بحرب عالمية ثالثة، وما تقوم به ينم عن عدم احترام لهذا البلد”، في إشارة الى الولايات المتحدة التي جعلها الرئيس الجمهوري أولوية في سياسته.
وبينما بدت معالم الغضب واضحة على وجهه، رفع ترامب إصبعه في وجه زيلينسكي تزامنا مع ارتفاع صوت الرئيس الأميركي وزيادة حدة نبرته. وفي لحظة معينة، قام بإزاحة ذراع زيلينسكي برفق بينما كان يوضح له إحدى النقاط التي يدلي بها.
– “لحظة تلفزيونية جيدة” –
وجد زيلينسكي نفسه في ما يشبه المكمن، وواصل محاولة التعبير عن وجهات نظره بينما كان ترامب ينتقده.
وتوجه الرئيس الأوكراني الى نائب الرئيس بالقول “تظن أنه لو تحدثت بصوت عال عن الحرب…”، ليسارع ترامب الى التدخل قائلا “هو لا يتكلم بصوت عال”.
وعندما سأل زيلينسكي مضيفه اذا ما كان في إمكانه الرد على ما يقولانه، رد ترامب “كلا، كلا، لقد تكلمت كثيرا. بلادك في مأزق كبير”.
ثم شرع ترامب في الإدلاء بسلسلة من الملاحظات على الدعم الأميركي لأوكرانيا، والذي سبق له أن انتقده في عهد سلفه الديموقراطي جو بايدن.
ووصل به الأمر الى حد الإعراب عن تضامنه مع الرئيس الروسي.
وقال ترامب لزيلينسكي “دعني أخبرك، بوتين مرّ بالكثير معي، لقد عانى من مطاردة مزيفة”، في إشارة الى تحقيق خلال ولايته الأولى بشأن التواطؤ مع روسيا في حملته للانتخابات الرئاسية الأميركية في العام 2016.
ومع تواصل المشادة لنحو خمس دقائق، قام المصوّرون بالتقاط الصور والفيديو من دون توقف، بينما قام المراسلون الصحافيون بالكتابة على هواتفهم وأجهزتهم بشكل محموم، في حين لم تجد دبلوماسية أوكرانية في واشنطن مفرا سوى في تغطية وجهها بيدها.
– وجه السفيرة الأوكرانية في أمريكا أثناء الهوشة بين ترامب و زيلينسكي 😂 https://t.co/He4xoljZD8 pic.twitter.com/NROEQy1vZO
— The President (@0President) February 28, 2025
وقال ترامب لزيلينسكي “لكن عليك أن تتوصل إلى اتفاق وإلا سننسحب” مضيفا “لا تملك أي اوراق للمساومة”، قبل أن يطلب وقف اللقاء وإخراج الصحافيين.
وبعد قرابة ساعة، غادر زيلينسكي البيت الأبيض، بينما تمّ إلغاء توقيع اتفاق المعادن والمؤتمر الصحافي الذي عادة ما يعقد بعد اللقاء.
ولقيت المشادة صداها في موسكو، حيث أشادت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا بتحلّي ترامب بـ”ضبط النفس” بعدم ضرب زيلينسكي.
لكن ترامب المعروف بأسلوبه السياسي الاستعراضي، كان يفكر بأمر آخر، اذ قال مع إخراج الصحافيين من المكتب “لحظة تلفزيونية جيدة. ما رأيك؟”.
المصدر: أ ف ب
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=63823