صلاح بدرالدين
توطئة تاريخية
كان لدينا في ( حزب الاتحاد الشعبي – سابقا ) تصور مبكر واضح بشان تعزيز العلاقات القومية على مستوى بلدان المنطقة التي يتوزع فيها الكرد ، ويعود ذلك الى مفهومنا العلمي والموضوعي للمسالة القومية ، واستنادنا الى دروس تجارب الحركات الكردية السياسية ، والمسلحة ، والثقافية منذ الإمبراطورية الثمانية ، مرورا بمرحلة التقسيم الاستعماري ، وانتهاء بتشكل الدول الحديثة المستقلة ، كما ان متابعتنا المعرفية لظهور ، وتاثير ، ثم افول لحركات القومية العربية البعثية منها والناصرية ، واستفادتنا من تجربة الثورة الفلسطينية قد جعلتنا الحصول على دروس ثمينة لمسار الحركة القومية بالمنطقة ، وانتصاراتها ، واخفاقاتها ، ومآلاتها ، وكيفية التعامل مع متطلباتها التغييرية .
ولااخفي ان قسطا من دوافعنا في البحث عن علاقات قومية اخوية ، من دون تدخل او هيمنة عائدة الى اصرارنا على صيانة الشخصية الوطنية الكردية السورية ، والحفاظ على قرارنا الوطني المستقل ، وقطع الطريق على محاولات ابتلاعنا كاقل السكان عددا مقارنة بالاجزاء الأخرى .
انطلقنا في بداية بحثنا عن تحقيق مانصبو اليه في هذا المجال من الوثيقة التي اقرتها قيادتنا بعد الكونفرانس الخامس عام ١٩٦٥ تحت عنوان : ( الجبهة الديموقراطية الكردستانية ) ، والتي تحتوي على التفاصيل التنظيمية ، والاجرائية ، وآليات العمل المشترك ، على قاعدة التنسيق وليس الدمج ، والحفاظ على الخصوصية .
البداية كانت بعد نكسة عام ١٩٧٥ بكردستان العراق
شكلت ثورة أيلول ١٩٦١ بكردستان العراق بقيادة الزعيم الراحل مصطفى بارزاني ، عنوان انبعاث الحركة الكردية من جديد في جزء مهم من كردستان التاريخية بعد عقود من النكسات ، والتراجعات ، والجمود ، وعندما حصلت النكسة عام ١٩٧٥ بعد تامر نظامي الشاه الإيراني ، وصدام حسين بوساطة الدكتاتور الجزائري هواري بومدين ، وتواطؤ المجتمع الدولي ، تلقى الكرد ضربة موجعة ، وتراجع ذلك الصعود ، وافل نجم الحركة الكردية حتى تردد على السنة الكثيرين وفاة الحركة الى الابد ، وفي تلك الأيام الحزينة ، حاولنا التخفيف من وقع الحدث ، فانشانا – رابطة كاوا للثقافة الكردية – في قلب عاصمة النهوض العربي – بيروت – واصدرنا عشرات الكتب معظمها حول كردستان العراق وكفاح شعبه ، ثم تواصلنا مع العديد من أحزاب ، ومجموعات الحركة الكردستانية والتي تعتبر جديدة ، وحديثة العهد ، وذات التوجه اليساري على الاغلب ، واستطعنا كحزب الاتحاد الشعبي خلال عام من لم شمل الأحزاب والمجموعات التالية : الحزب الاشتراكي الكردستاني – العراق ( د محمود عثمان وعدنان مفتي ، ) ، حركة كوك – تركيا ( دارا بلك ) ، الحزب الطليعي لعمال كردستان – تركيا ( سعيد ) ، الجناح الشرعي لحزب – كازيك ( آزاد مصطفى ) – العراق ، حزب استقلال كردستان – ايران ( امير قاضي ) ، والتقينا عشرات المرات ، وتوافقنا على برنامج مشترك حول تحقيق حوار سلمي بين كل الأطراف والتيارات الكردية ، وحينها كانت الأحزاب ( الكبيرة ) غائبة عن الساحة تعاني الانقسام ، والتشرذم ، واستطعنا بناء علاقات الصداقة مع العديد من القوى الديموقراطية والتقدمية بالمنطقة ، وبعد مرور عدة أعوام استعادت الأحزاب الكبيرة دورها ، وظهر – حزب العمال الكردستاني – تركيا ، وشهدت العلاقات الكردية الكردية أسوأ مراحلها ، ونشبت الحروب والمواجهات ، واندلع اقتتال الاخوة ، وكان ل – ب ك ك – الدور الأكبر في تسعير المواجهات بين الكرد في مختلف الأجزاء .
المرحلة الجديدة بدات باجتماع سري رش
على الصعيد العملي وللمرة الأولى عقد اجتماع تمهيدي في مكتب الأخ مسعود بارزاني في – سري رش – ( ٢١ – ٤ / ١٩٩٧ ) بين ممثلي ثلاثة أحزاب ( الحزب الديموقراطي الكردستاني – العراق ) ومثله كاكة مسعود بارزاني ، والشهيد سامي عبدالرحمن ، و( حزبي ديموقراطي كوردستان – ايران ) ومثله : الاخوة – ملاحسن زادة ، وحسن سيفي ، و ( حزب الاتحاد الشعبي الكردي في سوريا ) ومثله صلاح بدرالدين ، واهم ماتوصل اليه الحضور : ١ – الدعوة لعقد مؤتمر قومي كردستاني من جميع القوى السياسية الكردستانية ، ٢ – وضع خطة العمل والاليات التنفيذية ، ٣ – تسمية لجنة مشتركة من كل من – هوشيار زيباري ، وصلاح بدرالدين ، وتتوسع كلجنة تحضيرية تضم ممثلي كل الأجزاء للاشراف على المؤتمر المنشود ، ٤ – تتشكل بعد ذلك لجنة العلاقات القومية من المسؤولين الأوائل للأحزاب ، ٥ – تحديد الاجتماع القادم في ٢٥ / ٨ / ١٩٧٩ .
عقد اجتماع للمتابعة في – بون – المانيا . من ممثلي خمسة أحزاب من أجزاء كردستان الأربعة ، وقدم ممثلو الاتحاد الشعبي برنامجهم – الجبهة الديموقراطية الكردستانية – وتمت مناقشات واسعة ، ولكن للأسف توقف العمل بهذا الصدد من جانب الأحزاب ( الكبرى ) لاسباب لم تعلنها حتى اليوم .
بين الامس واليوم
طوال العقود الأخيرة لم يطرأ أي تطور إيجابي في موضوع العلاقات القومية ، بل شهدت مواجهات دموية مستمرة حتى الان ، وحتى اللحظة ليس هناك مشاريع ، او برامج ، او مبادرات جادة ، وعملية ، ومدروسة من جانب أي طرف كان مطروحة علنا حيال العلاقت القومية بين الحركات السياسية في البلدان الأربعة ، في حين ان المسار الفعلي يشي بوجود نزعات الهيمنة الحزبية من هذا الطرف او ذاك ، وتبقى الحركة السياسية الكردية السورية الحلقة الأضعف ، حيث قرارها مصادر ، ولكن بعد سقوط الاستبداد ، وحل حزب العمال الكردستاني – تركيا ، والتطورات الجارية بسوريا والمنطقة عموما هناك افاق مشجعة من اجل تجديد الحركة الكردية السورية ، وإعادة بنائها من جديد من خلال المؤتمر الكردي السوري الجامع الذي وضع حراك ” بزاف ” الى جانب الوطنيين المستقلين ، على كاهلهم إتمام هذه المهمة الوطنية النبيلة ، نعتقد ان الازمة بين اطراف العمل القومي الكردي في مختلف الأجزاء ، والتي تعجز عن معالجتها ، حالت دون قيام الكرد باي دور فيما يجري بهذه المنطقة ، فهل ستبقى الأمور راكدة وسائرة نحو الوراء ، ام لابد من حصول التغيير المطلوب ، ومرور الاخرين أيضا بنفس مسار – ب ك ك – : الفشل ومغادرة المسرح ، والبناء من جديد .
ان القسم الأكبر من أسباب الحل الاضطراري ل – ب ك ك – وجوانب ازمته الداخلية ، لايقتصر على هذا الحزب فقط بل يشمل جميع الأحزاب الكردية في الأجزاء الأربعة بشكل واخر ، وعلى قيادات تلك الأحزاب ان لاتغالي كثيرا في التفاؤل المصطنع ، وسلوك طريق الناي بالنفس عن ماحصل ل ب ك ك ، فامراض الحزب المنحل منتشر في أجساد وهياكل الأحزاب الأخرى ، ولن تنجو من تفاعلات الزلزال ، وعليها البدء بالتغيير ، وإعادة النظر في كل شيئ ، وعلى جميع الأصعدة الفكرية ، والتنظيمية ، والثقافية ،والسياسية وفي المقدمة شكل وطبيعة العلاقات القومية غير المتوازنة الان ، والبعيدة عن الديموقراطية .
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd-online.com/?p=68977