مهجّرو سري كانيه.. أمل بالعودة الآمنة رغم المعاناة

على الرغم من المعاناة اليومية للمهجرين قسراً من سري كانيه (رأس العين) المحتلة وريفها في مراكز الإيواء، إلا أنهم ما زالوا يواصلون الكفاح بطرق مختلفة، إيماناً منهم بأن العودة إلى ديارهم المحتلة قادمة لا محالة.

في أحد مراكز الإيواء في مدينة تل تمر بمقاطعة الجزيرة، والتي تحتضن المهجرين قسراً، تجلس خولة العبد العزيز، المهجرة قسراً من قرية العريشة التابعة لريف مدينة سري كانيه المحتلة. عيناها تلتقط تفاصيل الغرفة الضيقة، بينما يلفظ قلبها حنيناً لأرض تركتها قسراً.

خولة التي تعيش في عقدها الرابع، واحدة من آلاف النساء اللواتي اضطررن لمغادرة منازلهن بعد احتلال قراهن من قبل دولة الاحتلال التركي ومرتزقتها، هرباً من الجرائم التي ارتكبت بحقهم.

التهجير القسري في منتصف الليل

تروي خولة تفاصيل اللحظات الأولى لتهجيرها القسري، قائلةً: “في مساء الـ 14 من تشرين الأول عام 2019، بدأ القصف يقترب من قريتنا، والقذائف تسقط بغزارة، حينها لم يكن أمامنا سوى الرحيل، حملت أطفالي، ولم أتمكن من أخذ أي شيء من المنزل، كل شيء أصبح وراءنا، كل سنوات حياتنا هناك، اختزلت في ذكريات موجعة”.

وتصف خولة الطريق الطويل إلى تل تمر، والظلام الذي لف الرحلة الليلية، والأطفال المتعبين والمتأثرين، بالصدمة وتقول: “كان أصغر أبنائي يبكي من الخوف، والآخرون يسألون لماذا تركنا المنزل، لم أجد جواباً سوى أن أعدهم بأننا سنعود قريباً”.

غرفة صغيرة في مدرسة تحولت إلى مركز إيواء

وصلت خولة مع زوجها عبد الحميد الخلف، وأطفالها السبعة “ثلاث فتيات، وأربعة فتيان”، إلى مدرسة مصعب بن عمير في تل تمر التي تحولت من مدرسة إعدادية إلى مأوى جماعي للمهجرين قسراً من مدينة سري كانيه المحتلة وقراها، يوفر أساسيات الحياة مثل الطعام والماء والرعاية الصحية، لكنة مكتظ بالأسر المهجرة، ما يجعل الحياة اليومية تحدياً كبيراً.

وتعيش كل عائلة في غرفة من غرف المدرسة لا تتجاوز مساحتها 30 متراً مربعاً، وتقول خولة: “الغرفة ضيقة جداً، ومزدحمة، لكن رغم كل شيء وجودنا معاً هو مصدر قوتنا، نحاول أن نضحك، حتى لو كان البكاء خلف كل ضحكة”.

تحويل الألم إلى كفاح

وعلى الرغم من الأمان الذي تعيشه في مركز الإيواء، إلا أن خولة وأفراد أسرتها يواجهون صعوبات يومية مستمرة، مثل نقص الغذاء والملابس، وضيق المساحة، والاعتماد على المساعدات المحدودة، ما يجعل حياتهم مليئة بالتحديات.

ولكن رغم الظروف القاسية، لم تستسلم خولة لليأس، بدأت بمساعدة زوجها عبد الحميد، بتنظيف الخضار، وترتيبها، بينما يقوم زوجها ببيعها في السوق الشعبي وسط المدينة ليؤمن مصاريف العائلة، ويوفر دخلاً لأسرته.

وتقول: “كل عمل أقوم به، مهما كان بسيطاً يمنحني شعوراً بالقوة، ويخفف عني شعور العجز أمام كل ما فقدناه”.

التهجير القسري والأطفال

ويُعد الأطفال والنساء الأكثر تأثراً بالتهجير القسري، وفي السياق تتحدث خولة عن أطفالها قائلةً: “أرى الحزن في عيونهم، أسمع الأسئلة عن منزلنا القديم، وعن المدرسة التي تركوها، أحاول أن أمنحهم شعوراً بالأمان، لكن الحقيقة أن التهجير القسري ثقيل على قلب كل طفل”.

وتحاول خولة أن تضفي على أيامهم لمسات من الفرح، فتلعب معهم، وتروي لهم قصصاً عن قريتهم، وأرضهم، لتظل ذكرياتهم حية ولترسخ لديهم الأمل بالعودة.

دعم محدود

وتشير خولة إلى الدعم المحدود المقدم للمهجرين قسراً من قبل بعض المنظمات الإنسانية في تل تمر، من مساعدات غذائية وتعليمية، لكنها تعتبر أن ذلك لا يغطي الاحتياجات اليومية، وتؤكد أنهم بحاجة إلى برامج تأهيل وتأمين فرص عمل، حتى يتمكنوا من الاستقرار بكرامة لحين العودة.

الصمود مستمر

ومع غروب الشمس، ينتهي يوم خولة في مركز الإيواء، لكنها تعرف أن الغد سيبدأ من جديد مع تحديات جديدة، ولكنها تبقى متشبثة بأمل العودة الآمنة إلى المنزل والقرية المحتلة بعيداً عن الاحتلال.

ANHA

Scroll to Top