سبل حماية وأحياء المواقع التأريخية-  للدكتور مسعود مصطفى الكتاني (مدرسة قوبەهان) ، – الجزء الرابع والاخير : – خديجة مسعود كتاني

سبل حماية وأحياء المواقع التأريخية

من (سلسلة تأريخ بادينان العمادية ) للدكتور مسعود مصطفى الكتاني (مدرسة قوبەهان) ، إحدى أهم المآثر التأريخية

الجزء الرابع والاخير :

صقل الورق (الكاغد)

كان الكاغد يأتي مستوردا من طرف الصين منذ القدم ، ومن أوربا في القرون الوسطى ، عن طريق موانئ البحر المتوسط و اسطمبول كتجارة رائجة في عاصمة العثمانيين وفي الدول الاسلامية والاوربية ٠ على شكل شدات (بند) من قطع ثخينة لينة نوعا ما غيرمكبوسة تتخللها فجوات هوائية بأبعاد (٣١،٣ * ٢١،٧سم) بدليل مخطوط لدينا ضمن الارشيف يعود ل ( ١١٨٥هجرية ) بهذه الابعاد وبأبعاد أكبر بضعفين تستعمل لاغراض رسمية مثل صحيفة أعمال للموظف ، وجداول لأوامر رسمية من الجهات العليا في اسطمبول ، بغداد أو القاهرة في زمن العثمانيين ٠ ولم تكن متوفرة في كل مكان إنما في المدن الكبيرة مثل الموصل ، بغداد ، النجف ، حلب ، اسطمبول ، أصفهان ، دمشق ، القاهرة

وان ، بتليس ، وبيروت ، المغرب حيث (جامعة أم القرى) والحرمين الشريفين ومدن كثيرة أخرى ٠

وكان يحصل عليها الطالب بالشراء أو كهدية من الامراء والعلماء أوأهل الخير والاغنياء ٠

ولم تكن قطعة الكاغد صالحة للاستعمال مباشرة بل توضع الورقة على لوح خشب أوعلى حجر مسطح أملس

وتصقل بحجر (مصقول) بامراره على سطح الورق مع الضغط يمينا ويسارا ومن الاسفل للاعلى بحيث تثبت بيد واحدة وتصقل بالاخرى٠ وتسمى باللغة الكردية (کوتنە ، ڤەهەسین ، مالنجدان) تجرى العملية بشكل منتظم بحيث تتداخل الالياف مع إضافة مادة لاصقة خفيفة غير مركزة و قليل من الماء لمنحها نسبة من الرطوبة تسهل عملية تداخل الالياف

وتجرى العملية من الطرفين لعدم فسح المجال لحبر الكتابة بالنفاذ الى الورق لأن الكتابة تتم على الوجهين ٠ سواء في المخطوطات (الكتب) آنذاك أو الكراسات ، الرسائل ، أو الهوامش ٠

وكانت تستخدم الألوان لزيادة (المتانة) وإضفاء الجمالية ، ويصبح الورق أكثر مطاوع للتجليد وتقلل من النفاذية وهذا النوع كان يستخدم للكتب الأدبية والدينية ودواوین الشعر ٠

عمل صمغ اللصق للأوراق والكتب والكراسات من الاصماغ المتوفرة :

١-الاصماغ تجمع من الافرازات الصمغية والتي تنجم عن الاصابات الحشرية الفطرية كرد فعل وقائي للاصابة على أشجار الانجاص ، الخوخ ، الكوجة ، المشمش ، واللوز ، هذه الاشجار تفرز الصمغ اللاصق بكثافة٠ وذلك بجمع الصمغ من قشرة الشجرة ووضعها في الشمس لتجف وتدق في الهاون لتنعم وتنخل وتغلى مع كمية مناسبة من الماء حتى تذوب  وتستخدم بعد أن تبرد٠

٢- وتصنع أيضا من نبات بصيلي يسمى (طيلك) : تهرس وتغلى مع قليل من الماء تخض ، تبرد وتستخدم ٠

٣- من نشأ الحنطة ، يوضع الحنطة في الماء لكي تنتفخ الحبوب تماما وتتشقق القشرة ويتم التخلص من الماء ، وتهرس باليد وتنخل وترمى النخالة ، يعجن النشا مع الماء حتى يصبح أملس وخفيف وصالح للاستعمال ٠

ليالي الجمع والمناسبات الدينية في هذه المدارس وخاصة المدرسة الجامعة (قوبا)

كانت ليالي الجمع والمناسبات الدينية فرصة سانحة للاستراحة والمناظرات الشعرية والفقهية والنكات للطلبة والمدرسين

إضافة للشعر الغنائي والمدائح العذبة لساعات متأخرة من الليل بحضورالاهالي ، الوجهاء والشخصيات من مختلف أرجاء كردستان في الدولة العثمانية ومن كردستان ايران وكانت المدائح والشعرالغنائي تلقى باللغة الكردية ، العربية ، الفارسية والتركية وكان الشعراء والمداحين على شكل مجموعتين مجموعة تبدأ بالبيت الاول الصدر والعجز والمجموعة الثانية

تبدأ البيت الثاني وهكذا وكان تناغما رائعا لاصوات شجية ومقتدرة٠ ويوزع عصير الدبس والفواكه ، العسل ، واللبن مع المكسرات والفواكه المجففة٠

كانت تحتفل بهذه الليالي والمناسبات عند إنهاء الدراسة لبعض الطلبة ، ومنحهم إجازات علمية من هذه المدرسة و بقية المدارس لجميع مناطق كردستان ٠ وتقام أراجيز شعرية لكثير من شعراء العرب وايران أمثال (حافظ الشيرازي وسعدي وشمس التبريزي ) أكثر الاحيان كانت تخصص غرفة خاصة للنساء بكامل حجابهن لسماع المدائح سواء في بهدينان ، بوطان  وصوران .

بعض الابيات للشعرالغنائي (المدائح) لهذه المدرسة:

جد بلطفك يا إلهي من له زاد قليل     مفلس بالصدق يأتي عند بابك يا جليل

ذنبه ذنب عظيم فإغفر الذنب العظيم   إنه شخص غريب مذنب عبد ذليل

قف بالمنازل وإطلب أطلالًا            وسل الربوع الدارسات سؤالا

رضاك خير من الدنيا وما فيها        وانت للنفس أشهى من تمنيها

الله يعلم أن الروح قد تلفت               شوقا اليك لكني أسليها

الزيارات

كانت تجري الزيارات من قبل الاقرباء والشخصيات كالأمراء ورؤساء العشائر والشخصيات الدينية والعلمية من خارج بهدينان لهذه المدارس (وهذه النصوص القديمة تم الحصول عليها من دار المخطوطات في بغداد) كانت أكثرهذه الشخصيات تتفقد أحوال المدرسة الجامعة طلابها ، مدرسيها أحوالها المعيشية ، الاقتصادية ، العلمية ، الاجتماعية لعمل وتقديم اللازم دعما لهذه المؤسسة الدينية العلمية ٠ وهذه المخطوطة تعود الى أكثر من مائتي سنة بقلم (إسماعيل أفندي حيدراني زاده) يؤكد على مقابلة طلاب العلم للوجهاء كرؤساء العشائر ، الشيوخ ، الأمراء لتقديم مساعدات نقدية وكان هذا عرف مألوف لتلك الحقبة بشكل عام في جميع هذه المدارس سواء في كردستان ودول إسلامية أخرى ٠

نبذة عن ما يقرأ من قبل طلاب العلم أمام المسؤولين الوجهاء طلبا للمساعدة ، (بعض الاسطر حول أسلوب المخاطبة)

بسم الله الرحمن الرحيم

(حمدا يا جاعل الظلمات والنور ، يا باسط الظل والحرور، وشكرا لك يا خالق االارزاق ، يا مبدع العامل على الاطلاق ، أنت الشاهد في العين ولايشاهدك العين لقد أخرجت الموجودات من ظلمة العدم وخلقت الموجودات الممكنات بلا سبق مادة من كتم العدم قد ظهرت بقدرتك الموجودات في الطول والعرض وذكر مصداق آياتك الكريمة ٠ أما نحن فنخص الهداية بالادعية المقرونة بالتعظيم والاثنية المستطابة المشحونة بأنواع التفخيم حضرة من هو صدر الافاضل ومفخرالاماجد والأماثل …الخ

التدريس والدراسة ومراسيم إنهاءها

كان النظام الدراسي وتسلسل المناهج والكتب متشابة تقريبا في كافة مدارس بهدينان ، سواء في القرى أو المدن وفي مدرسة (قوبهان) التي كانت تلقب بمدرسة السلطانية تيمنا باسم بانيها (الأمير سلطان حسين بك ابن الأمير حسن بك) ٠ وكذلك في مدن ايران ، آسيا الصغرى والدول العربية الإسلامية ٠ شوهدت هذه الأسماء في عدد من الخطوطات خلال بحثنا في مئات المخطوطات العائدة للمدارس العلمية الكردية في المتحف الوطني ببغداد والمجمع العلمي العراقي ومخطوطات المكتبات الخاصة في البيوت الكردية العلمية ومكتبة الأوقاف العامة تقع مخطوطاتها ضمن (١١) مجلد للأستاذ سالم عبد الرزاق وغيرها في مدينة الموصل ٠

وكانت قوبهان بمستوى المدارس الدينية العلمية الأكثر شهرة في العالم الإسلامي لذلك الوقت من حيث المستوى العلمي ، العلماء ، المدرسين ، الدروس ، والمناهج ٠ كانت المرحلة العلمية للطالب تحدد كالآتي ( طالب علم وسط أو متقدم = سوخته فقي = فەقە ، ملا مستعد ، ملا) ، إذ كان يتدرج  ابتداءا من دراسة الكتب والمواد السهلة من مختلف علوم اللغة العربية ، الفقه الإسلامي ، الحديث الشريف ، المنطق ، الفلك ، الهيئة ، الفلسفة ، الادب ، علم الكلام ، الحساب ، الهندسة

علم الوضع ، اللغة الفارسية ، العقائد ، أصول الخط العربي ٠ هكذا يتدرج الطالب الى الأصعب والاصعب لحد أعتاب الشهادة العلمية وإختتام الدراسة والتأهل للحصول على الاجازة ٠ والحصول على الاجازة العلمية  لها مراسيمها بين الطلبة والمدرسين بحضور العلماء والملالي ، الأهالي والوجهاء وربما الامراء أو النواب لتقديم التهاني والمكافات ٠وقد يترشح عدد من الطلاب في نفس الوقت وتجري المراسيم في قاعاة خاصة في المسجد الجامع على هيئة مجالس وكل طالب مرشح يجلس الى جانب استاذه مرتديا العمامة البيضاء والجبة ، ويقرأ (المدرس الأول) الكلمة والمحضرالاولي لحفل الانتهاء من الدراسة والحصول على الاجازة ٠ إضافة للهدايا وأنواع من الحلوى من المكسرات والعسل الطبيعي بتقنيات شعبية لذيذة ترسل من قبل أهالي الطلبة ، كل مدرس يقرأ في المحضر سيرة طالبه العلمية ويختمها بقرار منح الاجازة وتقرأ الفاتحة مصافحا طالبه مع تهاني المجلس والدعاء للمتخرجين بالخير والتوفيق ٠

الانارة والضوء في الليل

في كل الادوارالتأريخية للشعوب في العالم استخدمت الانارة في الليل سواء من قبل العامة أوالمؤسسات العلمية والدينية  للتنقل في القرى وتفقد حالة الحيوانات في الحضائر والاسطبلات وفي الحوادث ، وإزالة الثلوج عن السطوح في الليالي  المثلجة ، التزاور وكانت تستعمل الوسائل البدائية المتاحة منها :

١-شموع الشحم وتصنع من (شحم الحيوانات ) وفتيلة قطنية رفيعة في وسط الشمعة لاتختلف عن الشموع الحالية من حيث الشكل ٠

٢- ضوء نار المواقد والحطب وبشكل خاص في بيوت القرى وبيوت العامة في المدن

٣- فتيل شمع النحل وهو عبارة عن حزمة من الخيوط القطنية الطويلة المبرومة تطمس في الشمع المذاب بالحرارة الخفيفة على النار في صحن أو إناء فيتداخل الشمع المذاب مع الفتيل مكونة طبقة شمعية بسمك بضع مليمترات

ويخرج من الوسط الشمعي الحر ويترك لكي يبرد ويجمد الشمع على الخيوط القطنية ، ويضغط على الخيوط بشكل منتظم لتتماسك مع الشمع وبهذا يكون جاهز للاشعال والاضاءة ويستخدم للتنقل من مكان لآخر في الليل ، وتطفأ حال الوصول

وتوضع في الجيب٠

٤- المشاعل من أغصان الأشجار والشجيرات وتسمى (خەتیرە) أو( نەدیر)

وأهم النواع المستخدمة :

أحزوب الخنزير = (کێرات) باللغة الكردية  وتكثر فيها الالياف ، وتعمل حزمة من أغصانها مشدودة الى بعض بتحكم

وتكون جاهزة لاضرام النار فيها والحصول على الضوء ، في نفس الوقت وكانت تستخدم على الاغلب في القرى لادارة الماشية والدواب في الليل ودق الحبوب أو وتصليح السقوف وتكملتها ونقل التربة وتثبيتها بالمدق تسمى باللغة الكردية (ئآخەبان)

ب ـ أغصان الصنوبر (Pinus)

بنفس الطريقة السابقة ويستخدم الصنوبرلانه يحتوي على الزيت والمواد الراتنجية الصمغية وتعد من المخروطيات

أوراقها أبرية وقشرتها قابلة للاشتعال فضلا عن إنبعاث رائحة عطرية زكية بسبب إحتراق الصمغ وإنبعاث زيوت عطرية ٠ وتدخل الآس (ميتك myrtus ) أيضا في صناعة الصمغ ٠ في حالة المشاعل اليدوية تكون الحزمة أرفع

٥- شموع الزيت وتستخلص من أنواع الزيوت ، مثل زيت الزيتون ، زيت السمسم ، زيت بعض النباتات مثل العصفر (القرطم) ، زيت بذور القطن وغيرها من المحاصيل الزيتية ٠ وكانت هذه الزيوت تستعمل في الديوانخانات

والمجالس والمناسبات العامة أي لاضاءة مساحات واسعة ٠ كان الزيت أيًا كان يوضع في إناء عميق وتوضع مجموعة من الخيوط القطنية (الفتائل) بداخل الزيت وتشعل جميعها في ذات الأيناء لزيادة قوة الإضاءة ، وتتميزهذه الطريقة بقلة الانبعاثات الكاربونية وتم استخدامها في قصورالامارة والاغوات ومدرسة (قبهان) والمدارس الأخرى وخاصة ليالي العطل والمناسبات.

بهذه الوسائل البسيطة تم مسايرة الحياة وتأمين الاحتياجات ورسم ملامح الحضارة لتلك الحقب التي لاتخلوا من الابداع الفكري بكل جوانبه رغم الصعاب وكان الانسان ليثبت وجوده في مناحي حياة مجتمعات ذلك الزمان وهذه المدارس ماهي الا الحاضنة التي مهدت الطريق المتاح لخطوات هؤلاء المفكرين والمبدعين ٠

التمويل المصاريف والتكاليف

كانت لهذه المدارس سواء في العمادية أو قرى ومدن بهدينان الأخرى حصة من أملاك ، بساتين وقرى ومن حاصلاتها ومنتوجاتها ٠ كان الأهالي يشتركون في مساعدة الطلاب بتقديم الخبز البيت ووجبات غذاء وكذلك الحلويات في المناسبات

أوقاف مدرسة قبهان

من أوقاف قبهان ضرائب على القرى والبساتين وعلى اليهود والمسيحيين حيث الكنائس والاديرة ويمكن تبيان المعلومات بالخصوص على نسخة المخطوط المصورعلى صفحة رقم (١٧٣من كتاب قوبهان) ، من مجلة مخطوطات العمادية لبيت

المفتي أودعها السيد ملا محمد شكري في المتحف العراقي في سبعينيات القرن الماضي والمخطوطة في الفقه الشافعي للامام النووي ٠ وقد إطلعنا على جميع هذه المخطوطات عام ١٩٩٢ والتفاصيل وتثبيت الظرائب من قبل الأمير البهديني قباد خان إبن أبي سعيد سيدي خان٠ والتي توضح الضرائب المستلمة من جميع المناطق والقرى التي تدخل ضمن أوقاف (قوبا)٠

مكتبات حول العالم تتضمن مخطوطات تعود لمدرسة قوبهان أو منطقة بهدينان تدور حول تأريخ هذه المنطقة ) نذكر بعضا منها:

١-المكتبة الوطنية في باريس

٢-المكتبة الوطنية في فيينا – القصور الملكية الشتوية

٣- مكتبة الدولة – برلين

٤- دار الكتب المصرية – القاهرة ومكتبة متحف القاهرة

٥- الخزانة العامة في الرباط بالمغرب

٦- الخزانة الظاهرية في دمشق

٧- مكتبة الفاتيكان

٨- فهرس دار الكتب المصرية

٩- المكتبة القادرية العامة في الحضرة الكيلانية ببغداد

١٠- مكتبة جامعة كمبردج لندن -المخطوطات بريطانيا

١١- مكتبة جامعة لندن – المخطوطات بريطانيا

١٢- مكتبة المتحف البريطاني لندن المخطوطات بريطانيا

١٣- مكتبة جامعة الازهر المخطوطات القاهرة

١٤- مكتبة جامعة ليدن هولندة

١٥- دار المخطوطات المتحف العراقي بغداد

١٦- المكتبة الوطنية مدريد اسپانيا

١٧- مكتبة جامعة يايل Yale في نيوهافن بالولايات المتحدة الامريكية

١٨- معهد التراث ب حلب و مكتبة معهد التراث العلمي العربي في حلب

١٩- معهد المخطوطات العربية للجامعة العربية

٢٠- مكتبة المخطوطات التابعة للاوقاف العامة بالموصل العراق

٢١- المتحف الملكي السعودي -المخطوطات

٢٢- المتحف الوطني اليمني – قسم المخطوطات

٢٣- المتحف الوطني في الكويت والامارات العربية والبحرين وعمان

٢٤- المتحف الوطني في طهران قسم المخطوطات

٢٥- دور المخطوطات في ليننگراد وموسكو ، يريڤان ، وتفليس

٢٦- دار الخطوطات للمتحف الوطني السوري دمشق

٢٧- المتحف في استانبول دار المخطوطات

٢٨- دارالمخطوطات في بيروت

رغم أن مدرسة ( قوبهان) مأثرديني ومركز إشعاع علمي تأريخي ، في إمارة صغيرة ضيقة مقارنة بدولة كبيرة من ناحية الصلاحيات والواردات بعكس الولايات الأخرى للدولة العثمانية أوالدول الأخرى مثل العراق ، مصر، المغرب ، سوريا  فحتما تحظى تلك المؤسسات العلمية الدينية في تلك الدول باهتمام وعناية كبيرين مقارنة بواردات إمارة بهدينان المحدودة والتي كانت تعتمد على قرار ومزاج الأمير وإطار أهل الخير والصلاح رغم دورها الفاعل والمشرف في نشر العلم والثقافة في تلك الحقبة الزمنية ٠إذا قرنا مدرسة (قوبا) بجامعة الازهر في إداء دورها المؤسسي من تخريج علماء

متمكنين وحجم الطلاب والمدرسين والخريجين بالنسبة لمساحة الامارة ونفوسها مقارنة بمساحة مصر ونفوسها يكون الوضع في بعض العهود أفضل أو متشابها ٠

أجرى المؤلف الكتاني مقارنة بين بناية المدرسة المستنصرية القديمة ومدرسة قبهان في العمادية ، لاتوجد الا إختلافات طفيفة ،  من حيث عقد المدخل الرئيسي في المدرسة المستنصرية عقد الباب أربعة عقود غوطية متداخلة وفي قبهان عقدة غوطية واحدة ، عدد الغرف للطلبة في الطابق الأرضي أقل بقليل في قبهان مقارنة بالمستنصرية ٠ الغرف في طرفي الاجنحة الرئيسة في الواجهة من الجانبين طابقان على بعضها متشابهة تماما  في المدرستين ٠الطابق الكبير للرواق الرئيسي عريض الواجهة غوطية العقدة (القوس) وعديمة الاحواض المائية في المستنصرية ٠ في قوبا الطابق الحجري الرئيسي عالية العقدة غوطية وتتضمن حوضان ماء والثالث يجري الماء فيه من الخارج عبر الجدار الخلفي في برابح فخارية مدفونة٠في المستنصرية المواد البنائية من الطابوق الأصفرالطين المفخور مادة الربط الجص مخلوط مع الطين ٠ في قوبهان مواد البناء الحجارة والحلان الابيض ومادة الربط هي النورة والجص والطين وعقدة المدخل الرئيسي فقط من الطابوق الاحمر٠

في المستنصرية التدريس ، الدراسة ، الطلاب ، الطعام ، الكادر والطلاب من أسقاع مختلفة ، في قوبهان النظام نفسه ٠

في المستنصرية منارتان في قوبهان استطعنا العثورعلى بقايا منارة واحدة ٠

دور التدهور وأسبابها

تهدم وتدهور جدران وسقوف وقبب المدرسة الجامعة (قبهان) مع مرفقاتها حالها حال الكثير من الدول العربية وغير العربية  كانت لها تلك المدارس في الماضي لكنها غدت أطلالا ، بينما الكثير منها في دول ما باقية شاخصة ومستمرة في تأدية دورها الديني ، الثقافي ،الحضاري التأريخي ، التراثي والسياحي في نفس الوقت ٠ أنما مدرسة قوبهان لم تصمد لحد الان لاسباب هي :

القلاقل والاضطرابات السياسية المتعاقبة أدت الى إهمال صيانتها ودعمها بحيث تركت تحت رحمة عوادي الزمن فضلا عن أطماع شخصية لتصفية أملاك تلك المؤسسات ٠
الإهمال الذي طال هذه المؤسسات وعدم متابعة تنفيذ الخطة السنوية التي تضمن سلامة البناء وخاصة السقوف

من حيث صقلها وشدها (بالحادل) وشد الحافات بالمضرب الخشبي وإزالة الثلوج لعدم نفاذ الماء داخل البناء والحفاظ على الجدران من الرطوبة والتخلخل ٠

هجرة أصحاب البساتين وسكنة الروبار (وادي عمادية وسولاف) ومن ضمنها ( شقلفات) التي تحوي مدرسة قوبا خارج المنطقة سعيا وراء العيش والأمان وانقطاع الدعم المادي والمعنوي
ضعف حكم الامارة وانشغالهم بالمشاحنات السياسية داخل الاسرة والتشبث بالمصالح الشخصية الضيقة وإهمال

القضايا الوطنية والعامة ومنها إهمال المدارس بشكل عام ٠

 

ما الذي يملكه أردوغان لكسب الانتخابات؟

أثبت العام الماضي لحلف الناتو أن تركيا هي العضو الأكثر إرباكاً للحلف. بالنسبة لأعضاء «الناتو» الآخرين، وحّدت الحرب الروسية في أوكرانيا الحلف ضد عدوٍ مشترك ومهّدت الطريق لتوسيعه. ومع ذلك، فإن تركيا، وعلى الرغم من كونها عضواً فيه، حافظت على علاقاتٍ ودية مع روسيا، كما عرقلت انضمام  السويد وفنلندا إليه.
في غضون ذلك، أشارت الحكومة التركية إلى أنها قد تبدأ غزواً برياً جديداً لشمال سوريا لمواجهة الكرد، حلفاء الولايات المتحدة، الذين يسيطرون على تلك المنطقة. وحتى مع قيام تركيا بإصلاح العلاقات المتوترة مع العديد من الدول في الشرق الأوسط، استمرت في علاقاتها المتوترة مع الاتحاد الأوروبي ووجهت تهديداتٍ جديدة إلى  اليونان. كذلك وربما بشكلٍ غير متوقع وبعد أعوامٍ من السعي لتقويض النظام السوري، بدأت أنقرة تقارباً مع دمشق بوساطة روسية.
يواجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أصعب انتخابات في حياته السياسية في مايو/أيار المقبل، إذ أصبحت السياسة الخارجية وسيلةً فعالة لصرف انتباه الناخبين عن الأزمات الداخلية. بعد أعوامٍ من سوء الإدارة الاقتصادية، بلغ معدل التضخم في تركيا ذروته بنسبة 85 في المئة في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، وانخفض إلى حدٍ ما إلى 64 في المئة في ديسمبر/كانون الأول. وتعتبر هذه النسبة أعلى معدل تضخمٍ في أوروبا. تتضاءل احتياطيات تركيا من العملات الأجنبية، وتواجه عجزاً متزايداً في الحساب الجاري، فيما يتزايد استياء الشعب التركي من وجود 3.6 مليون لاجئ سوري. يتزامن ذلك مع ضجر الشعب التركي من حكم أردوغان على نحوٍ استبدادي لمدة 20 عاماً. جيلٌ كامل لم يعرف أي قائدٍ آخر.
يوجّه أردوغان كامل اهتمامه نحو الانتخابات. فبعد عشرين عاماً من الحكم من دون منازعٍ إلى حدٍ كبير، ستترتب على الهزيمة تداعياتٍ خطيرة له ولعائلته وأعوانه والعديد من القادة في حزب العدالة والتنمية الذي ينتمي إليه والذين استفادوا شخصياً من حكمه ومن المحتمل أن يواجهوا المحاكمة. قد يشكل فوز المعارضة شكلاً من أشكال تغيير النظام، بالنظر إلى أن قادتها يدعمون استعادة النظام البرلماني في تركيا وتقليص السلطات الرئاسية. يشعر أردوغان بالضعف لدرجة أنه استخدم المحاكم لمحاولة منع مرشحٍ معارض منافس له، وهو عمدة اسطنبول أكرم إمام أوغلو، من الترشح، وهي خطوةٌ متطرفة يمكن أن تأتي بنتائج عكسية في نهاية المطاف.
تشير استطلاعات الرأي الحالية إلى أن أردوغان وحزب العدالة والتنمية قد يخسران الانتخابات. بالنسبة إلى أي زعيمٍ آخر، فإن مثل هذه المستويات من عدم الشعبية والضيق الاقتصادي قد تؤدي إلى هزيمةٍ مؤكدة. لكن أردوغان معروفٌ بإصراره وقدرته على الفوز بالانتخابات. ونظراً لمدى تعرضه للخطر، فمن المرجح أن يستخدم أي وسيلةٍ لتجنب الهزيمة. وبالتدقيق في تحركاته الأخيرة في السياسة الخارجية، فإن لديه أيضاً العديد من الأوراق للعبها، وقد يسعى إلى صنع أزمة، بما في ذلك مع الغرب، لقلب المزاج المحلي لصالحه. لذا، يجب أن تستعد أوروبا والولايات المتحدة لمثل هذا التطور لتقليل الضرر المحتمل إلى الحد الأدنى ويجب أن يكون لديهما استراتيجية لمواجهته.
خوف مرتقب
ما يقلق أردوغان، هو عدم القدرة على التنبؤ بالسياسات الداخلية في وقت الصدمات الجيوسياسية والصراع بين روسيا والغرب. تعتبر علاقات تركيا مع الجيران والحلفاء والمنافسين مفيدةً للتعويض عن أوجه القصور المحلية، وفي مقدمتها الحالة الكارثية للاقتصاد التركي. وعلى الرغم من أن سوق العمل قوي نسبياً، إلا أن ارتفاع معدل التضخم يرجع جزئياً إلى إصرار أردوغان على خفض أسعار الفائدة بدلاً من رفعها. وكما صرح وزير المالية التركي نور الدين النبطي، فإن التعايش مع التضخم أفضل من الركود الناجم عن زيادات المصرف المركزي التقليدية في أسعار الفائدة. هذا ما أطلق عليه النبطي «النموذج التركي»، والذي يدّعي، بأسلوبه الخرافي، أنه ليس ناجحاً على نطاقٍ واسع فحسب، بل إنه أيضاً موضع حسدٍ بقية العالم.
تشير سياسات المصرف المركزي غير الملتزمة إلى سيطرة أردوغان على المؤسسات المستقلة (بالاسم فقط). على مدى العقد الماضي عزز أردوغان سلطته من خلال تقويض أو القضاء على استقلال كل مؤسسةٍ تركية مهمة مثل الجامعات، الغالبية العظمى من وسائل الإعلام، الجيش، الحكومات المحلية، والأهم من ذلك القضاء الذي استخدمه كسلاحٍ ضد خصومه. والسجون التركية مليئة بالسياسيين المعارضين والصحافيين والأكاديميين وقادة المجتمع المدني، مثل عثمان كافالا وأي شخصٍ يعارض أردوغان. لم يعد هناك حتى مظهرٌ من مظاهر سيادة القانون.
على الرغم من جهوده لإلقاء اللوم في مشاكله الاقتصادية على جهاتٍ خارجية، غالباً الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، أصبحت يد أردوغان الممدودة في كل مفاصل الدولة سبباً لإلقاء اللوم عليه من قبل الشعب التركي في المشاكل التي تعاني منها البلاد. في الوقت نفسه، تزايدت الأخطاء في البلاد بعد أن أحاط أردوغان نفسه بمؤيدين مستعبدين بدلاً من صانعي السياسة المخضرمين.
لقد تحدى ائتلاف المعارضة المكون من ستة أحزاب التوقعات وتمكن من تقديم جبهة منضبطة نسبياً. من الناحية النظرية، ينبغي لقوتهم الموحّدة، والتي تُعتبر حالة جديدة في المشهد السياسي التركي المجزأ عادةً، أن تحظى بما يكفي من الناخبين لهزيمة أردوغان. في أواخر يناير/كانون الثاني، أطلقت المعارضة رؤيتها الموحدة، لكنها لم تتفق بعد على مرشحٍ رئاسي. يريد زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كيليجدار أوغلو، أكبر حزبٍ معارض، بشدة أن يكون المرشح. لكنه أضعف الطامحين، ومن المرجح أن يخسر أمام أردوغان، إذ يفتقد الكاريزما.
القضاء أداة جديدة
اتخذ أردوغان خطواتٍ لتهميش إمام أوغلو، وهو عضو في حزب الشعب الجمهوري. ووفقاً لاستطلاعات الرأي، هو واحد من اثنين من السياسيين المعارضين الجدد، والآخر هو رئيس بلدية أنقرة  منصور يافاش، ممن بإمكانهما هزيمة أردوغان في انتخاباتٍ عامة. لكن في ديسمبر/كانون الأول، حُكم على إمام أوغلو بالسجن لأكثر من عامين بتهمٍ ملفقة تتعلق بـ«إهانة» المجلس الأعلى للانتخابات. ومن الملفت أن أردوغان يستخدم التكتيكات ذاتها التي استُخدمت لمحاولة منع صعوده إلى السلطة، إذ أُدين قبل عقدين من الزمان ومُنع من تولي منصبه عندما فاز حزبه في انتخابات عام 2002. على الرغم من معارضة الرئيس آنذاك، فتح تعاون حزب العدالة والتنمية وحزب الشعب الجمهوري الطريق لتغيير الدستور لكي يصبح أردوغان عضواً في البرلمان ثم رئيساً للوزراء.
ستمنع إدانة إمام أوغلو، في حال تأكيدها من قبل محكمة محلية ثم محكمة الاستئناف العليا، من الترشح ضد أردوغان للرئاسة أو لمنصب رئيس البلدية الحالي في 2024. وللتأكد من عدم تمكن إمام أوغلو من الخروج من السجن، رفعت وزارة الداخلية قضيتين جنائيتين أخريين ضده، إحداهما بتهمة دعم الإرهاب. يأمل أردوغان من خلال القضاء على إمام أوغلو أن يُظهر كيليجدار أوغلو الذي يمكن التغلب عليه كمرشحٍ للمعارضة التي ليس لديها استراتيجية بديلة وتفضّل الخلاف على من تختار كمرشح.
بالإضافة إلى افتقاده لخصمٍ واضح، بدأ أردوغان موسم حملته الانتخابية بميزتين آخرتين. فهو يتحكم بشكلٍ كامل في الدولة ومواردها، والتي يمكنه استخدامها متى شاء لدعم إعادة انتخابه. وهو يهيمن بشكلٍ كامل على كل مفاصل الدولة. في الوقت الحالي، يحاول كسب الوقت والقيام بخطوات تخدمه تستنزف أساساً خزينة الدولة، إذ تنازل عن ديون حوالى خمسة ملايين مقترض تركي، وأصدر تعليماته إلى المصرف المركزي لتقديم ائتمانٍ إلى قطاعاتٍ مثل البناء يعتقد أنها ستساعده على تحقيق أهدافه بشكلٍ أفضل. ومع انهيار الليرة التركية، أدخلت الحكومة مخططاً للودائع يشجّع المدخرين على التحول من الدولار إلى الليرة من خلال الوعد بتعويضهم عن خسائرهم في العملات الأجنبية، ما يزيد العبء علىالحبوب ا الخزانة بشكلٍ كبير. ومنح أردوغان مؤخراً التقاعد المبكر لأكثر من مليوني مواطن.
تعتبر البلديات التي يسيطر عليها حزب العدالة والتنمية قناةً مهمة لأردوغان لتوزيع الامتيازات وجعل السكان يعتمدون عليه. على النقيض من ذلك، في المدن الكبيرة التي لا يسيطر عليها حزب العدالة والتنمية، تبذل الحكومة المركزية كل ما في وسعها لتقويض السلطات المحلية. يتضح هذا بشكلٍ خاص في اسطنبول التي يعيش فيها إمام أوغلو، والتي يبلغ عدد سكانها 20 مليون نسمة. في 2021-2022، على سبيل المثال، عمل أردوغان من دون تقديم أي تفسيرٍعلى قرارٍ يسمح لبلدية إسطنبول بالحصول على الأموال التي وافق عليها البرلمان الوطني لاستبدال أسطولها المتهالك من الحافلات العامة.
في الواقع، كما توضح محاكمة إمام أوغلو، يبقى القضاء أهم أداة لأردوغان الذي بدأ باستخدامه منذ عام 2013، وتسارعت وتيرته بعد الانقلاب الفاشل عام 2016، إذ سُجن آلاف الصحافيين والأكاديميين وأعضاء المعارضة الذين تجرأوا على التفوه بانتقاداتٍ تجاه الحكومة. وبات من الممكن  أن يُسجن أي شخص بسبب عمله في مجلة أو بسبب تغريدة تم إرسالها منذ سنوات تم «إحياؤها» فجأة. في 2020 وحده ، فتحت الحكومة 31 ألف تحقيق في جريمة «إهانة الرئيس». منذ أن أصبح أردوغان رئيساً في 2014 ، تم إجراء 160 ألف تحقيق من هذا القبيل.
استهدفت الدولة بشكلٍ علني بعض الأحزاب السياسية، خاصةً حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للكرد. جاء هذا الحزب اليساري في المركز الثالث في انتخابات 2018، إذ حصل على ما يقرب من ستة ملايين صوتٍ يمثل 11.7 في المئة من إجمالي الأصوات المدلى بها. وفي حين أنه يجذب الناخبين التقدميين في جميع أنحاء البلاد، فإن الحزب يركّز في المقام الأول على مخاوف المواطنين الكرد في تركيا. على هذا النحو، وضعه أردوغان قيد أنظاره لأعوامٍ.
وضع صلاح الدين دميرتاش، الزعيم الكاريزمي لحزب الشعوب الديمقراطي، في السجن منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2016، وتم إلغاء الحصانة البرلمانية للعديد من أعضائه البرلمانيين وسُجنوا بسبب «دعم الإرهاب»، وهي تهمةٌ عامة تفسّرها السلطات بحرية. وبالمثل، في يناير/كانون الثاني، جمّدت المحكمة الدستورية الأموال المقدمة من الدولة لحزب الشعوب الديمقراطي على أسسٍ زائفة بأن الحزب يدعم الإرهاب. تدرس المحكمة ما إذا كان سيتم حظر الحزب لأسبابٍ مماثلة. ورفضت المحكمة طلب الحزب تأجيل الحظر إلى ما بعد الانتخابات. وعلى الرغم من أن تحالف المعارضة لم يدعو حزب الشعوب الديمقراطي للانضمام إلى صفوفه، فإن أنصار الحزب سيصوتون ضد أردوغان. إن حظر حزب الشعوب الديمقراطي سيعني مزيداً من الارتباك ويضمن أن عدداً أقل من مؤيدي الحزب، أي ما يقرب من 10 في المئة من الناخبين، سيذهبون إلى صناديق الاقتراع. ومنذ عام 1993، تم إغلاق حوالى خمسة أحزاب مؤيدة للكرد.
استخدام السياسية الخارجية
من غير الواضح ما إذا كانت جهود أردوغان لضرب المعارضة ستنجح هذه المرة. وعلى الرغم من أن سيطرته الكاملة على المؤسسات التركية سمحت له بتغيير المشهد السياسي كما يشاء، إلا أن سعيه وراء السلطة جعله يرتكب أخطاءً كبيرة. على سبيل المثال حينما خسر حزب العدالة والتنمية الانتخابات البلدية في اسطنبول في 2019، تدخل أردوغان وأجبر الجميع على إعادة الانتخابات. إلا أن الناخبين أهانوه بإعادة انتخاب إمام أوغلو الفائز سابقاً بهامشٍ أكبر.
من السابق لأوانه تقييم رد الفعل الشعبي على إدانة إمام أوغلو والحظر المتوقع لحزب الشعوب الديمقراطي.  قام إمام أوغلو أثناء انتظار عملية الاستئناف بجولةٍ في البلاد وخاطب حشوداً كبيرة. عندما تم حظر آخر حزب مؤيد للكرد في 2009، وهو إجراء عارضه أردوغان حينها، أدى ذلك إلى اضطراباتٍ شديدة. بالنظر إلى الفعالية غير المؤكدة لمثل هذه التكتيكات، قد يسعى أردوغان إلى حشد الدعم بوسائل أخرى، بما في ذلك السياسة الخارجية.
بالنسبة إلى رئيسٍ شعبوي سلطوي مثل أردوغان، تعمل السياسة الخارجية كأداةٍ مهمة للحفاظ على الذات. ساعد موقع تركيا المهم بين روسيا والشرق الأوسط والغرب على دعم دور تركيا في التوسط في الرفع الجزئي للحصار الروسي للموانئ الأوكرانية والسماح لشحنات الحبوب الأوكرانية بالوصول إلى الأسواق في العالم النامي، حيث بدأت مطالب من مساعديه بمنحه جائزة نوبل للسلام.
التزمت المعارضة السداسية الخط نفسه إزاء تصريحات أردوغان المتعلقة بالسياسة الخارجية الأخيرة، سواءً كانت بشأن منطقة بحر إيجة والبحر الأبيض المتوسط أو الولايات المتحدة وسوريا والكرد. ولم تطعن أحزاب المعارضة في تحوله الأخير في العلاقات مع دول الشرق الأوسط مثل مصر وإسرائيل والسعودية والإمارات أو علاقاته الدافئة بروسيا. كذلك، تفاوضت أنقرة على صفقاتٍ مقايضة بقيمة 28 مليار دولار مع الصين وقطر وكوريا الجنوبية والإمارات لتعزيز احتياطيات النقد الأجنبي. استضاف أردوغان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بعدما اتهمه في وقتٍ سابق بالأمر بقتل الصحافي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول، مقابل وديعة بقيمة 5 مليارات دولار في المصرف المركزي التركي، فيما وصف الخبير الاقتصادي تيموثي آش ذلك بـ«الاستسلام غير المشروط».
في تناقضٍ صارخ مع مقاربته لروسيا والسعودية والإمارات، يميل أردوغان إلى أن يكون أكثر عدوانيةً مع حلفائه الغربيين. لذلك، لا يفوت أبداً أي فرصةٍ لإلقاء اللوم عليهم في جميع المشاكل التي تعاني منها البلاد، من حالة الاقتصاد إلى انقلاب 2016، والذي ادعى أن الولايات المتحدة متورطة فيه.
في غضون ذلك، وضع أردوغان الأساس لتحركاتٍ تركية محتملة على عدة جبهاتٍ أخرى. تنافست تركيا واليونان على مر الأعوام على قضايا مثل المياه الإقليمية ووضع جزر بحر إيجة واكتشافات الغاز. وهدد أردوغان اليونان مرتين مؤخراً، قائلاً: «يمكننا أن نأتي فجأةً ذات ليلة» و«اليونان تخشى صواريخنا»، وجدد تهديده ببدء غزوٍ بري ضد حلفاء واشنطن الكرد في سوريا.
براغماتية غير مسبوقة
أظهرت سياساته بشأن أوكرانيا وروسيا البراغماتية التي يتمتع بها. فمع سعيه لنيل المديحٍ على صفقة الحبوب الأوكرانية ولتوفيره طائراتٍ من دون طيار لأوكرانيا أثبتت فعاليتها في ساحة المعركة، ساعد موسكو، بغض النظر عن التحذيرات الأميركية، على التهرب من العقوبات الغربية وتخفيف أضرارها على الاقتصاد الروسي. من المسلّم به أن العلاقات الروسية- التركية معقّدة ومتشابكة على مستوياتٍ عديدة. لكن تساعد هذه التحركات لمساعدة بوتين الرئيس التركي أيضاً. فتدفق الروبل على الخزائن التركية، سواءً من التجارة التي تلتف على العقوبات أو من خلال السياح الروس، يساعد أردوغان في النهاية على دعم الليرة وتمويل واردات الطاقة من روسيا.
أتاحت العطاءات الرسمية التي قدمتها السويد وفنلندا للانضمام إلى حلف الناتو لأردوغان فرصةً لاستعراض عضلاته لانتزاع التنازلات من كلا البلدين مقابل الدعم التركي ولإظهار موقفه المتشدد ضد الغرب للجمهور المحلي. في يناير/كانون الثاني، استغل أردوغان حرق المصحف أمام السفارة التركية في ستوكهولم من قبل متعصبٍ سويدي يميني لرفع مستوى منسوب معارضته للسويد، مهدداً بأنه لن يوافق أبداً على انضمامها إلى الحلف. أدركت السويد وفنلندا أنه سينتظر حتى ما بعد الانتخابات التركية قبل الإقدام على أي خطوةٍ. لكن تكتيكات أردوغان المتشددة أدت بالفعل إلى نتائج عكسية، إذ رفضت السويد تسليم «الإرهابيين الـ 120» الذين طالب بهم. كما أوضح مجلس الشيوخ الأميركي أنه إذا لم توافق تركيا على انضمامهما، لن يتم السماح بمبيعات الأسلحة إلى تركيا، وتحديداً طائرات F-16.
على عكس سياسته الداخلية، تقدّم سياسة أردوغان الخارجية نفسها على أنها مساومة ومحنّكة في ذات الوقت. وبحكم أن الانتخابات المقبلة ليست عادية، فإن احتمال افتعال أزمةٍ خارجية لتجنب الخسارة سيكون كبيراً. سيصرف أردوغان الانتباه عن المشاكل الداخلية ويهمّش المعارضة الهشة، على غرار ما حدث في 2017 عند شراء صواريخ S-400 الروسية، على الرغم من التحذيرات الصارمة المتكررة من واشنطن. وعلى الرغم من أنه لم يفلت من العقاب جرّاء شراء الصواريخ الروسية، إلا أن هذا لن يمنعه من إعادة التجربة في المستقبل، ليس فقط لأن المخاطر عالية للغاية، ولكن لأن تركيا خالية من عملية صنع القرار المؤسسي الرسمي، إذ أن أردوغان هو صاحب القرار الوحيد.
في مواجهة احتمالية اندفاع أردوغان بشكلٍ متزايد مع اقتراب الانتخابات، تحتاج الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى البدء في الاستعداد لما هو غير متوقع من تركيا. ومن بين تحركات أردوغان المحتملة، مواجهة «عرضية» وإن كانت طفيفة مع اليونان في منطقة بحر إيجة والبحر الأبيض المتوسط ومواجهة مع الولايات المتحدة في شمال سوريا، أو بشكلٍ أكثر دراماتيكية: تغيير الوضع الراهن في الجزء التركي من قبرص. فيما يتعلق بقبرص، يمكن أن يتحرك أردوغان لفتح ضاحية فاروشا السياحية للمستثمرين، والتي تعود عقاراتها إلى القبارصة اليونانيين الذين شردهم الجيش التركي الغازي في عام 1974، وهي خطوة تحظرها قرارات الأمم المتحدة. لقد كانت القيادة القبرصية التركية المتشددة تلمّح بالفعل إلى هذا الاحتمال. ويمكنه أيضاً أن يعد بأنه، بمجرد إعادة انتخابه، سيعمل على إجراء استفتاءٍ على استقلال الجانب التركي من الجزيرة.
هناك عاملٌ آخر غير ظاهرٍ في المعادلة وهو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. سعى أردوغان في عددٍ من المناسبات للحصول على ضوءٍ أخضر من الرئيس الروسي لتنفيذ عملياتٍ كبيرة في سوريا ضد الكرد، لكن بوتين لم يوافق. اليوم، توجد شكوكٌ حول تورط روسيا في حوادث حرق القرآن الأخيرة، كما ألمح وزارة الخارجية الفنلندية، ما يعني أن موسكو قد تقرر تحريك الغطاء من خلال إعطاء تركيا الضوء الأخضر في سوريا.
لدى أيٍ من هذه التحركات القدرة على إثارة أزماتٍ أكثر حدة في التحالف الأميركي- التركي والعلاقات التركية الأوروبية وداخل حلف الناتو. لكن العلاقات الأميركية- التركية معقّدة وواسعة النطاق. تعمل الحكومتان بشكلٍ يومي وعلى نطاقٍ واسع مع بعضهما البعض على جميع المستويات. بقدر ما قد تحتاج واشنطن إلى تركيا، فإن أنقرة تعتمد بشكلٍ أكبر على الولايات المتحدة. يجب على واشنطن أن تتعامل مع أردوغان بشكلٍ مباشر، متجاوزةً المحاورين مثل وزير الخارجية الذي لا يتمتع بنفوذ يذكر. أردوغان مجازف، لكنه سيجد صعوبة في تجاهل رسالةٍ واضحة من الولايات المتحدة تحدد العواقب التي قد يواجهها إذا اختار القيام بمواجهة.
المصدر:فورين بوليسي

The post ما الذي يملكه أردوغان لكسب الانتخابات؟ first appeared on المركز الكردي للدراسات.

​ 

المصدر: المركز الكردي للدراسات

دراسة: تجارب سريرية ناجحة لعلاج جديد لكوفيد من جرعة واحدة

رغم ابتعاد كوفيد عن عناوين الصحافة الرئيسية، إلا أن تطوير خيارات علاج جديدة يظل أمرًا بالغ الأهمية، خاصة في مواجهة المتحورات الجديدة، كما قال جيفري غلين أستاذ علم المناعة في جامعة ستانفورد، والمؤلف المشارك للدراسة المنشورة في مجلة “نيو إنغلند جورنال أوف ميدسين” (NEJM).

 

Read More